عصر فقدان الوظائف

قطاعات كبيرة تكبّدت خسارات فادحة خلال السنتين الماضيتين أيضًا، تأثّرًا بالإغلاق العالميّ، مثل قطاع الطيران الذي خسر نحو 7.2 مليار دولار

عصر فقدان الوظائف

(Getty)

كانت تيارا ريتشاردسون، البالغة من العمر 40 عامًا، في ولاية نورث كارولاينا، عندما فقدت هي وحوالي 11 ألف من زملائها وظائفهم. كانت قد قرأت مقالات إخباريّة تحذّر من تسريح الشركات التكنولوجيّة العملاقة للموظفين، إلا أنّها اعتقد أنّ الأمر بعيد عنها، إذ كانت تأمل الاستمرار كمصمّممة محتوى في شركة ميتا، كما جاء في تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة.

ريتشاردسون ليست وحيدة في هذا الأمر، إذ سبقها إلى ذلك مئات آلاف العاملين في مجال التكنولوجيا، حيث أصبحوا عاطلين عن العمل بشكل مفاجئ، وهو توجّه اتّخذته شركات تكنولوجيّة عملاقة، مثل أمازون ومايكروسوفت وتويتر وميتا وغيرها.

وأعلنت اليوم الجمعة، شركة ألفابت المالكة لمحرّك بحث جوجل، عن تسريح 12 ألف موظّف دفعة واحدة، وسوف تطال هذه العمليات، الموظفين في مختلف دول العالم، كما جاء في تقرير نشرته وكالة رويترز.

وقال تقرير العمالة والتوقّعات الاجتماعيّة لعام 2023، والذي صدر خلال الأسبوع، إنّ البطالة من المتوقّع أن ترتفع هذا العام، وسوف تظلّ أعلى بنحو 16 مليونًا عما كان الوضع عليه قبل الأزمة الصحيّة.

وبالنسبة لما جاء في التقرير، فإنّ التباطؤ الحالي سوف يضطرّ العمل لقبول وظائف أقلّ جودة، وبأجور منخفضة، وبساعات عمل أطول، في ظلّ ارتفاع الأسعار والتضخّم الذي يضرب كثير من الدول، بسبب أزمة كوفيد، والحرب الروسيّة على أوكرانيا.

قطاعات كبيرة تكبّدت خسارات فادحة خلال السنتين الماضيتين أيضًا، تأثّرًا بالإغلاق العالميّ، مثل قطاع الطيران الذي خسر نحو 7.2 مليار دولار، وقطاع التصنيع الذي يعمل فيه نحو 4.63 مليون شخص على مستوى العالم، وقطاع البيع بالتجزئة والجملة، بالإضافة إلى قطاع الأغذية والفنادق، والقطاعات التكنولوجيّة بكافة أشكالها.

هل هي أزمة اقتصاديّة فحسب؟

(Getty)

يتحدّث اقتصاديّون وعلماء اجتماع، عن أنّ الأزمة الحاصلة هي أعمق من كونها بسبب كوفيد. خلال السنوات الأخيرة، بدأت الروبوتات بالتسبّب باضطرابات كبيرة داخل السوق العمل، وذلك من خلال تسريح موظّفين واستبدالها بالماكينات والروبوتات.

وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة بريغهام يونغ، إريكل داهلين، وبناء على أبحاث نشر نتائجها في مجلّة "سوسيوس"، فإنّ 14٪ فقط من العمّال يقولون إنّه تمّ استبدالهم بإنسان آلي. وقام داهلين باستطلاع آراء ما يقرب من 2000 من المستطلعة آراؤهم، حول تصوّراتهم عن الوظائف التي يتمّ استبدالها بالروبوتات،

والدراسة، التي نُشرت مؤخراً في مجلة "سوسيوس"، وجدت أن 14% فقط من العمال يقولون إنهم رأوا وظيفتهم تُستبدل بإنسان آلي. لكن أولئك الذين عانوا خسارة وظائف بسبب الروبوت، يبالغون في تقدير تأثير الروبوتات في وظائف من البشر بنحو ثلاث مرات. وأكّدت الدراسة، على أنّ 47٪ من الـ14، قدّروا أنّ 47٪ من جميع الوظائف التي استولت عليها الروبوتات.

وفي دراسة أخرى، أجرتها شركة "سيتركس" للتقنيّة على 500 من قادة ومديري أعمال شركات، أكّدت أنّ الأمر لا يمضي بالاتّجاه الذي يتوقّعه كثيرون. وحتّى عام 2035، ستكون بيئة العمل تحت سيطرة البشر، ولن تحلّ الروبوتات محلّ البشر على الصور التي توقّعتها الدراسات السابقة، سيغيّر الذكاء الاصطناعي من طبيعة الوظائف، لكنّه سيرفع الإنتاجيّة، ودون أن يحلّ مكان البشر.

وفي شهر نيسان/ أبريل 2022، أصدرت شركة "فورستر" تقريرًا، قالت فيه إنّه خلال العشر سنوات المقبلة، ستشغل الأتمتة نحو 11 مليون وظيفة في الولايات المتّحدة فقط، ومن جانب آخر، فإنّ عمليّة الأتمتة هذه، ستخلق نحو 9.63 وظيفة بشريّة، وسوف تكون نسبة الخسارة الصافية للوظائف، هي 1.42 مليون وظيفة.

وحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإنّ معدّل الاعتماد على الآلات سيرتفع، خاصّة من بعد جائحة كورونا، وسوف تقضي الروبوتات والذكاء الاصطناعي على 85 مليون وظيفة على مستوى العالم، بحدود 2025.

وقال مدير تحالف العمل العالمي للذكاء الاصطناعي التابع للمنتدى الاقتصادي، جايانت ناريان، إنّ فقدان الوظائف سيخلق تحدّيات في كلّ من القطاعين الحكومي والخاص، وعلى الصعيد الحكومي، فإنّ الأسئلة تتعلّق بالاستثمار في برامج التعلّم مدى الحياة، وتدريب المواطنين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات…

التعليقات