الذكاء الاصطناعي: أيّ مستقبل ينتظرنا؟

كان الذكاء الاصطناعيّ (AI) أحد أهمّ التطوّرات التكنولوجيّة في القرن الحادي والعشرين، حيث أدّى ظهوره إلى إنشاء آلات ذكيّة يمكنها أداء المهامّ الّتي كانت تتطلّب ذكاء بشريًّا في السابق، مثل صنع القرار والتعلّم وحلّ المشكلات

الذكاء الاصطناعي: أيّ مستقبل ينتظرنا؟

(Getty)

أظهرت نتائج بحث أجراه باحثون من جامعة "برينستون"، أنّ المسوّقين عبر الهاتف والمعلّمين وعلماء النفس والقضاة، هم من بين أعلى الفئات المعرّضة لخطر فقدان وظائفهم، بسبب صعود الذكاء الاصطناعيّ.

وجاء هذا البحث، بعد توسّع انتشار "تشات جي بي تي"، القائم على الذكاء الاصطناعيّ، حيث بدأ كثير من المتخصّصين والمراقبين من التحذير من عواقب صعود الذكاء الاصطناعيّ على مهن ووظائف مختلفة، حيث تمّ تصنيف المسوّقين عبر الهاتف على أنّهم الأكثر عرضة للخطر، وهو ما قد لا يكون مفاجئًَا، إذ إنّ كثير من الشركات تستخدم بالفعل روبوتات المحادثة لأداء هذه المهمّة.

وكان الذكاء الاصطناعيّ (AI) أحد أهمّ التطوّرات التكنولوجيّة في القرن الحادي والعشرين، حيث أدّى ظهوره إلى إنشاء آلات ذكيّة يمكنها أداء المهامّ الّتي كانت تتطلّب ذكاء بشريًّا في السابق، مثل صنع القرار والتعلّم وحلّ المشكلات، وفي الوقت الذي حقّق فيه الذكاء الاصطناعيّ فوائد كبيرة في مختلف الصناعات، مثل الرعاية الصحّيّة والتمويل والتصنيع، إلّا أنّ هناك مخاوف بشأن آثاره الضارّة المحتملة.

ويقول باحثون، إنّ أحد أهمّ الآثار الضارّة للذكاء الاصطناعيّ، تأثيره على التوظيف، إذ يتمتّع الذكاء الاصطناعيّ بالقدرة على أتمتّة العديد من الوظائف الّتي يؤدّيها البشر حاليًّا، ممّا يؤدّي إلى فقدان الوظائف وترسيخ البطالة.

(Getty)

وتشير دراسة أجراها معهد ماكينزي العالميّ إلى إمكانيّة فقدان ما يصل إلى 800 مليون وظيفة بسبب الأتمتّة بحلول عام 2030، وقد يكون لفقدان الوظائف تأثير كبير على المجتمع، ممّا يؤدّي إلى زيادة الفقر وعدم المساواة، وعلاوة على ذلك، فإنّ الوظائف الأكثر تعرّضًا لخطر الأتمتّة هي تلك الّتي تتطلّب مهارات منخفضة وذات أجور منخفضة، ممّا يؤدّي إلى تفاقم مشكلة عدم المساواة في الدخل. وتأثير ضارّ آخر للذكاء الاصطناعيّ بدأ الباحثون يتحدّثون فيه، هو تأثيره على الخصوصيّة، حيث يعتمد الذكاء الاصطناعيّ على كمّيّات هائلة من البيانات للعمل، ممّا يعني أنّ الشركات والحكومات لديها إمكانيّة الوصول إلى مزيد من المعلومات حول الأفراد أكثر من أيّ وقت مضى، ويمكن أن تتضمّن هذه البيانات معلومات شخصيّة، مثل الاسم والعنوان وتاريخ الميلاد، بالإضافة إلى معلومات أكثر حساسيّة، مثل السجلّات الصحّيّة والمعلومات الماليّة وغيرها، إذ يمكن استخدامها لأغراض شائنة، مثل سرقة الهويّة والاحتيال والهجمات الإلكترونيّة، في حال وقوعها في الأيدي الخطأ.

ويشكّل الذكاء الاصطناعيّ أيضًا تهديدًا كبيرًا للأمن، نظرًا لأنّ الذكاء الاصطناعيّ يصبح أكثر تعقيدًا شيئًا فشيئًا؛ حيث من الممكن استخدامه لتنفيذ هجمات إلكترونيّة وأشكال أخرى من الجرائم عبر الإنترنت، وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعيّ لإنشاء رسائل بريد إلكترونيّ تصيد مقنعة أو لأتمتّة عمليّة اختراق كلمات المرور، كما يمكن أيضًا استخدامه لتطوير برامج ضارّة يصعب اكتشافها والدفاع عنها، وقد يكون لذلك عواقب وخيمة فيما يخصّ الجرائم الإلكترونيّة، بما في ذلك الخسارة الماليّة، والإضرار بالسمعة، والاختراق بالمعلومات الحسّاسة.

(Getty)

ويعتبر التحيّز أحد أهمّ التأثيرات التي قد يتسبّب فيها الذكاء الاصطناعيّ، ويقول باحثون، إنّ خوارزميّات الذكاء الاصطناعيّ جيّدة بقدر جودة البيانات الّتي يتمّ تدريبهم عليها، وإذا كانت البيانات متحيّزة أو غير كاملة، فسيكون الذكاء الاصطناعيّ أيضًا متحيّزًا، ويمكن لهذا أن يؤدّي بدوره إلى التمييز ضدّ مجموعات معيّنة من الناس. على سبيل المثال، إذا تمّ تدريب نظام الذكاء الاصطناعيّ على البيانات المتحيّزة ضدّ النساء أو الأقلّيّات العرقيّة، فقد يؤدّي ذلك إلى استمرار هذه التحيّزات من خلال اتّخاذ قرارات غير عادلة أو تمييزيّة.

وحسب دراسات وأبحاث نشرت مؤخرًا، فإنّ الذكاء الاصطناعيّ يثير أيضًا مخاوف بشأن إمكانيّة تطوير آلات فائقة الذكاء، وفي حين أنّ هذا لا يزال بعيد المنال، فإنّ بعض الخبراء يعتقدون أنّه من المحتّم أن يتجاوز الذكاء الاصطناعيّ الذكاء البشريّ في النهاية، قد يكون لهذا آثار كبيرة على المجتمع، حيث يصعب التحكّم في الآلات الأكثر ذكاء من البشر أو تنظيمها، مع وجود خطر بشأن انقلاب هذه الآلات على البشر في مرحلة ما مستقبليّة.

ويقول باحثون، إنّه من أجل التخفيف من هذه الآثار الضارّة، فمن الضروريّ اتّخاذ خطوات لضمان تطوير الذكاء الاصطناعيّ واستخدامه بطريقة مسؤولة وأخلاقيّة، ويتضمّن ذلك تطوير أنظمة ذكاء اصطناعيّ شفّافة وخاضعة للمساءلة وعادلة، كما يعني اتّخاذ خطوات لضمان أنّ أنظمة الذكاء الاصطناعيّ آمنة ومحميّة من الهجمات الإلكترونيّة، وبالإضافة إلى ذلك، من المهمّ التأكّد من تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعيّ على مجموعات بيانات متنوّعة وتمثيليّة لتجنّب التحيّز والتمييز.

التعليقات