أقوى تلسكوب فضائي في العالم يستقر في مسار مداره النهائي بعد عملية إطلاق ناجحة

من المرتقب أن يستقرّ تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي الذي ينتظره علماء الفلك من العالم أجمع منذ ثلاثين سنة في مداره للمراقبة، محمولا بصاروخ "أريان 5" على بعد 1,5 مليون كيلومتر من الأرض، لسبر أغوار الكون بتقنيات هي الأعلى دقّة

أقوى تلسكوب فضائي في العالم يستقر  في مسار مداره النهائي بعد عملية إطلاق ناجحة

التلسكوب "جيمس ويب" (أ ب)

استقر تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي الذي ينتظره علماء الفلك من العالم أجمع منذ ثلاثين سنة، في مداره للمراقبة بنجاح، محمولا بصاروخ "أريان 5" على بعد 1,5 مليون كيلومتر من الأرض، لسبر أغوار الكون بتقنيات هي الأعلى دقّة على الإطلاق.

وانطلق الصاروخ "أريان 5" السبت عند الساعة 14:20 من مركز الفضاء في غويانا الفرنسية حاملا إلى الفضاء التلسكوب "جيمس ويب"، وهي أداة من شأنها إحداث ثورة في مجال مراقبة الكون.

ووضع الصاروخ "أريان 5" بنجاح التلسكوب الفضائي "جيمس ويب" في مسار مداره النهائي، الذي سيبلغه في غضون شهر، على ما أعلن مدير عمليات الإطلاق في مركز الفضاء في غويانا الفرنسية.

وقال جان لوك بواييه، من القاعة الداخلية في مركز التحكم التابع للقاعدة الفضائية في كورو، "انفصل تلسكوب ويب بنجاح، إلى الأمام ويب".

وانفصلت الطبقة العليا من الصاروخ "أريان" بعد 27 دقيقة من إطلاق التلسكوب الذي سيحتاج ما يقرب من شهر للوصول إلى الموقع الخاص به على بعد 1,5 مليون كيلومتر من الأرض.

وقد أُرجئ إطلاق "جيمس ويب" ثلاث مرات، كان آخرها الثلاثاء الماضي. وأعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) أن سبب التأجيل هو "سوء الأحوال الجوية" في مدينة كورو، مشيرة إلى أن "تاريخ الإطلاق الجديد هو 25 كانون الأول/ ديسمبر".

والهدف المنشود من أداة المراقبة الفضائية هذه الأكثر دقّة في التاريخ، هو الإضاءة على سؤالين يشغلان البشرية: "من أين نأتي؟" و"هل نحن لوحدنا في هذا الكون؟".

وتقضي الغاية منه أيضا بسبر أغوار ما يُعرف بـ "الفجر الكوني"، عندما بدأت أولى المجرّات تضيء الكون منذ الانفجار العظيم قبل 13,8 مليار سنة.

وسيتيح التلسكوب العملاق، التعمّق في فهم كيفية تشكّل النجوم والمجرّات ومراقبة الكواكب خارج المنظومة الشمسية التي ما انفكّ العلماء يكتشفون المزيد منها، على أمل العثور على كواكب أخرى مؤاتية للحياة.

وسيكون "جيمس ويب" على منوال التلسكوب "هابل" الذي أحدث ثورة في تقنيات مراقبة الفضاء واكتشف العلماء بفضله وجود ثقب أسود في قلب كلّ المجرّات أو بخار ماء حول الكواكب الخارجية.

ووضعت وكالة الفضاء الأميركية التصاميم الأولى للتلسكوب المعروف اختصارا بـ "جي دبليو إس تي" بعيد إطلاق "هابل" سنة 1990 وبدأ تشييده في 2004 بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية والكندية. ويتميّز هذا الجهاز على أكثر من صعيد.

ومرآة التلسكوب البالغ طول باعها 6,5 أمتار، تجعله أكثر قدرة على الاستشعار بسبع مرّات، ما يتيح له مثلا رصد الأثر الحراري لنحلة على القمر.

ويتمايز "جيمس ويب" أيضا بتقنيته للمراقبة، فتلسكوب "هابل" يجري عمليات المراقبة في ميادين يكون فيها الضوء مرئيا. أما "جيمس ويب"، فهو يسبر موجات غير مرئية للعين المجرّدة من أشعة تحت حمراء متوسطة المدى وقريبة، وهو شعاع يصدر عن كلّ جسم فلكي أو نجم أو إنسان أو زهرة.

والشرط الأساسي لحسن سير عمليات المراقبة في التلسكوب، هو انخفاض الحرارة المحيطة به لدرجة لا تؤثّر على تتبّع الضوء.

لكن عملية إطلاق هذا التلسكوب محفوفة بالصعوبات والتعقيدات.

وقد وُضع التلسكوب "هابل" في المدار على علو يقرب من 600 كيلومتر فوق الأرض. لكن عند هذه المسافة، سيكون "جيمس ويب" غير صالح للاستخدام مع تسخينه من الشمس وانعكاسه على الأرض والقمر.

وسيوضع التلسكوب في مكانه المحدد إثر رحلة تمتد شهرا لمسافة 1,5 مليون كيلومتر من الأرض. وسيحظى بحماية من الإشعاع الشمسي بفضل درع حرارية مكونة من خمسة أشرعة مرنة تبدد الحرارة وتخفض درجتها (وهي 80 درجة مئوية) إلى 233 درجة مئوية دون الصفر عند جهة التلسكوب.

وقد اتخذت وكالة "ناسا" تدابير مشددة لتفادي أي أضرار قد تلحق بالتلسكوب الذي كلّف تطويره ما يقرب من 11 مليار دولار على مدى سنوات طويلة.

ولا بدّ من الانتظار أسابيع عدّة لمعرفة إن كان التلسكوب قابلا للتشغيل، ومن المزمع وضعه في الخدمة في حزيران/ يونيو المقبل.

التعليقات