الزهرة بين الجمال والغرابة

يصل نصف قطر كوكب الزهرة لما يقارب 6052 كم، أي أنه أصغر من نصف قطر الأرض بنسبة 5%، ويبلغ حجمه حوالي 928 مليار كيلومتر مكعب ويبعد عن الكرة الأرضية بمسافة تقدر بحوالي 40 مليون كم. وعلى الرغم

الزهرة بين الجمال والغرابة

(توضيحية - unsplash)

عندما تتأمل السماء ليلا لا بد أن أول سؤال يتبادر لذهنك هو ماذا يوجد بالفضاء الخارجي؟ وكيف وجدت مجرة درب التبانة؟ وبعدها تتساءل عن كواكب المجموعة الشمسية، كيف تشكلت وما هي الفروق التي تميز بين كوكب وآخر؟

وبالتأكيد يأخذ كوكب الأرض والمريخ والمشتري حيّزا كبيرا من تفكيرك لكن حقيقةً يجب أن ينصبّ اهتمامك على كوكب الزهرة الذي سيدهشك بغرائبه وعجائبه وستكتشف عنه ما لم تكن تتوقعه.

كوكب الزهرة هو ثاني كواكب المجموعة الشمسية من حيث البعد عن الشمس بعد عطارد وسادس أكبر كوكب في مجرة درب التبانة، سميّ بالزهرة نسبة لتسميته الرومانية فينوس والتي تعني البياض والحسن والجمال، يعتبر هذا الكوكب ذو اللون الذي يشبه الصدأ وسرعته المدارية البالغة 35.02 كم/ ساعة، أكثر كروية من الكرة الأرضية ويعود ذلك لبطئ دورانه. يعتقد العلماء أن متوسط عمر الكوكب يتراوح بين 150 مليون سنة ويقل عن مليار سنة، وهو يعتبر صغير نسبيا مقارنة مع كوكب الأرض الذي يتجاوز 4.54 مليار سنة.

أول من اكتشف كوكب الزهرة

يعود اكتشاف وجود هذا الكوكب إلى 3000 قبل الميلاد، عندما تمكّن البابليين من رؤية لمعانه ومراقبته ولكن أول من أعطاه اسما كان اليونانيون الذين تمكنوا من رصده ببدايات الصباح، إذ أنه دائما ما يتواجد بالجهة التي تتواجد فيها الشمس ممّا يجعل رؤيته من كوكب الأرض عملية صعبة إلا قبل شروق الشمس مباشرةً أو بعد مغيبها بوقت قصير، إلى أن جاء أول عالم يتمكن من رصد ومتابعة كوكب الزهرة بكل أطواره وتحولاته وهو الإيطالي جاليليو جاليلي عام 1610، ويعتبر أول من حسّن التلسكوب من وضع الشروحات عن كوكب الزهرة وغيرها من الكواكب.

الخواص الطبيعية المثيرة لكوكب الزهرة

يتميّز هذا الكوكب المؤلف من قارتين الأولى تدعى مرتفع عشتار وتقع في الشمال، والثانية تسمى أفروديت وتوجد في الجنوب، ويرمز كلا الاسمين إلى آلهة الحب والجمال، بعدم وجود أقمار تدور حوله لاعتقاد الباحثين أنه تعرض لاصطدام حاد آنفا أدى لفقدانه أقماره.

يصل نصف قطر كوكب الزهرة لما يقارب 6052 كم، أي أنه أصغر من نصف قطر الأرض بنسبة 5%، ويبلغ حجمه حوالي 928 مليار كيلومتر مكعب ويبعد عن الكرة الأرضية بمسافة تقدر بحوالي 40 مليون كم. وعلى الرغم من أنه أصغر من الأرض إلا أن ضغطه أكبر بتسعين مرة من الضغط على سطح الأرض ويساوي تقريبا عند عمق نصف ميل من مستوى سطح البحر.

أمّا عن الرياح فتقدر سرعتها بنحو 724 كيلومتر في الساعة، ممّا يجعلها أقوى من أقوى إعصار سبق أن مر على أرضنا، ولربما كان أكثر ما يثير الدهشة هو أنه ومن خواصّه المميزة المجال المغناطيسي الذي يعتبر شبه معدوم.

نتائج دوران الزهرة الغريب

ها هي حقيقة غريبة أخرى تكشف عن كوكب الزهرة، فإن دورانه البطيء حول نفسه جعل يومه أطول من سنته إذ يعادل اليوم على سطح الزهرة 243 يوما من أيام الأرض بينما تساوي سنته قرابة 224.7 يوما بالمقارنة مع الأرض ولكن ما يثير الريبة أكثر أن هذا الكوكب كما هو الحال مع كوكب أورانوس يدور حول محوره بشكل معاكس لدوران باقي الكواكب حول محورها، فها هي شمسه تشرق من الغرب وتغرب من الشرق.

براكين الزهرة لا تعد ولا تحصى

براكين الزهرة لا تعد ولا تحصى 

لو افترضنا أن على الأرض نفس أعداد البراكين الموجودة على سطح الزهرة لكان على الدنيا السلام، إذ يبلغ عدد البراكين فيها ما مقداره 1600 بركان وهي ما اكتشفت حتى الآن وما خفي أعظم.

كوكب الزهرة يلمع حتى في أحلك الليالي

إذا أمعنت النظر ليلا فلا بد لك من رؤية نجم قريب لامع وذلك بالتأكيد هو كوكب الزهرة ثاني أوضح الكواكب بالنسبة للأرض بعد القمر، ويعود ذلك لكونه براقا للغاية، إذ تبلغ شدة سطوعه الناتجة عن انعكاس كمية كبيرة من ضوء الشمس عنه ما بين (3.8-4.8) إلا أن كل هذا البريق لم يجده شيئا فقد بقي من المستحيل رؤيته من الفضاء الخارجي نتيجة لوجود سحب سميكة وكثيفة تغطي غلاف الجوي.

وجه الأرض الآخر

منذ القدم، كان كوكب الزهرة يلقّب بتوأم الأرض أو الأخت، ويرجع هذا لتقارب حجمي الكوكبين، كما أنهما متشابهان بالتكوين الجيولوجي والغلاف الجوي، إلا أن الغلاف الجوي للزهرة أكثر حرارة لكونه يتكون من أكسيد الكربون، وقد تصل درجة حرارته لنحو 470 درجة مئوية، وكذلك فإن كلا الكوكبين في غلافهما الجوي الكثير من الغيوم، لكن السحب المحيطة بكوكب الزهرة تتكون من حامض الكبريتيك ذو الرائحة الكريهة التي تشبه رائحة البيض الفاسد وتبدأ بالتواجد ما بين (43-28) ميلا، كما أن الضغط والكثافة عند ارتفاع 50 كم يشبه الضغط والكثافة على سطح الأرض.

اختلافات غيرت وجه كوكب الزهرة

اختلافات غيرت وجه كوكب الزهرة

منذ تشكل الزهرة وهو يفتقر لتعاقب الفصول وتنوّعها وذلك نتيجة لعدم تأثير ميل محورها في التغيرات المناخية على الكوكب لكن ما يثير الفضول أن بعض العلماء توقعوا أنه كان مغطى بالمحيطات إلا أن بطء دورانه والضغط ودرجة الحرارة العاليين سببا جفافه، وأيضا ظنّوا أنه كان كوكبا باردا لكن الاحتباس الحراري أدى لارتفاع درجة حرارته حتى أصبح أسخن الكواكب على الإطلاق.

ظاهرة العبور الغريبة

أو كما تدعى بعبور الزهرة، وهي ظاهرة فلكية تنجم عن مرور كوكب الزهرة بين الشمس والأرض، فيظهر الزهرة كما لو أنه بقعة سوداء تعبر الشمس في وضح النهار، وهي من الظواهر نادرة الحدوث حيث تتكرر أربع مرات خلال 243 سنة.

الوصول لسطح كوكب الزهرة

لعلّ أكثر ما جعل جمع المعلومات عن هذا الكوكب محدودا هو عدم قدرة المركبات الفضائية على اختراق غلاف الكوكب الحار بسبب الضغط الذي يستطيع أن يسحق أي مركبة مهما بلغت صلابتها، كما أن الحرارة العالية قادرة على إذابة حتى أكثر المعادن مقاومة للحرارة، إلا أن مركبة المارينر التابعة لـ"ناسا" استطاعت الاقتراب من سطح الكوكب لتكون أول مركبة تستطيع تحقيق ذلك في العام 1962.

مقارنة بين الأختين (الزهرة والأرض)

يظهر هذا الجدول أهم الفروقات بين كوكبنا، وكوكب الزهرة:

الخواص

الزهرة

الأرض

سرعة الرياح

724 كم

408 كم

نصف القطر

6052 كم

6,371 كم

الحجم

928 مليار كم مكعب

1 ترليون كم مكعب

البعد عن الشمس

108 مليون كم

150 مليون كم

السرعة المدارية

35.02 ألف كم

107 آلاف كم

عمر الكوكب

أقل من مليار عام

4.54 مليار عام

عدد القارات

2

7

الأقمار

لا يوجد

1

الضغط

93 بار

1 بار

شدة المجال المغناطيسي

0

0.3 غاوس

جهة الدوران

بجهة عقارب الساعة

عكس عقارب الساعة

عدد أيام السنة

224.7

365 وربع يوم

عدد البراكين النشطة

1600

600

درجة حرارة الغلاف الجوي

470

600 درجة عند 200 كم

لطالما كان اكتشاف الفضاء الخارجي أحد أحلام البشرية، فقد قاموا بالكثير من البعثات لاكتشاف خبايا الكواكب الاخرى ومعرفة حدود مجموعتنا الشمسية، ولعلّ الوصول لكوكب الزهرة كان أعقد هذه العمليات وما زال الحلم مستمرا لإيجاد حلول بديلة تدعو لاستقرار الإنسان إن كان على سطح الأرض أو في الفضاء الخارجي.

التعليقات