الفلك والتنجيم والفرق بينهما

لطالما سعى الإنسان إلى إيجاد وابتداع طرق تمكنه من معرفة المستقبل والتنبؤ بأحداث حياته وحياة الناس المحيطين به قبل وقوعها. وبالرغم من أن الكثيرين لا يؤمنون بصحة التنبؤات والتوقعات المستقبلية إلا أن الكثيرين في الجهة المقابلة يتعاطون مع هذه النشاطات بشكل جدي ويصدقونها وقد يبنون قراراتهم الحياتية واختياراتهم وحتى مشاريعهم العملية عليها.

ما هو علم التنجيم؟ وهل هو علم حقا؟

وبالرغم من تعدد أساليب التنبؤ بالمستقبل التي يستخدمها المختصون يبرز علم التنجيم أو توقع المستقبل عبر حركة النجوم والكواكب ومنه جاء مصطلح "التنجيم". والتنجيم علم زائف أو خرافي (أي أنه غير مبني على التجارب العلمية أو علم غير كامل ولا يعتمد الأساليب العلمية في التوصل إلى نتائجه وإنما يرتكز بشكل أساسي على الاعتقادات والأحاسيس والتأييد من قبل الناس دون الالتفات إلى صحة نتائجه التي يمكن تأويلها حسب هوى العالم أو ملاءمة الوضع).

نرى بذلك أن التنجيم علم غير معترف به من بين العلوم الحقيقية وإنما قد يكون مصطلح مجال أو حقل أو صنعة التنجيم أنسب له. إلا أن كلمة علم تطلق عليه لأن بعض المنجمين قد وضعو أساسيات لعمله يتبعها باقي المنجمون ويدّعون أنها حقيقية ومبنية على أسس علمية.

أصل التنجيم

التنجيم باللغة الإنجليزية هو (Astrology) وأصل الكلمة لاتينية وهي أسترولوجيا وهي مشتقة بشكل مباشر من كلمة نجم (أسترون).

قامت الشعوب القديمة في الصين وبلاد المايا والهند بوضع أسس وأنظمة ثابتة لتوقع الأحداث السماوية كما جرى ممارسة التنجيم من قبل البابليين قبل 1800 من الميلاد. وقد وجدت الدراسات التاريخية آثارا هندية تعود لعام 1400 قبل الميلاد تتمثل بمخطوطة متخصصة بعلم التنجيم. وقد اعتمد المنجمون في حوض البحر المتوسط في العصر الهيليني على نصوص البابليين والفراعنة عن التنجيم ومن هنا نشأت الأبراج في علم التنجيم وانتشرت إلى العالم وخصوصا إلى أوروبا أثناء فتوحات الإسكندر الأكبر.

يعتبر التنجيم في أوروبا مرتبطا بالحكمة الكلدانية التي تعود إلى بلاد الرافدين بالرغم من أن العرب أثناء العصر الذهبي للدول الإسلامية كانوا يمارسون هذا العلم ويعتنون بدراسته وتعليمه حتى أن المخطوطات العربية في هذا المجال جرى تصديرها إلى مختلف بلدان العالم وخصوصا أوروبا.

قد يكون علم التنجيم قد استمر وازدهر بسبب اعتماد الحكام والملوك عبر التاريخ على من يمارسونه لمعرفة خفايا مستقبلهم والاطمئنان على ملكهم وحكمهم. حتى أن هناك أدلة تاريخية وأدبية تشير إلى استشارة أكبر القادة والحكام في التاريخ للمنجمين قبل شن الحروب والحملات العسكرية.

مما لا شك فيه أن علم الفلك يعتمد على ضعف أو خوف في شخصية الإنسان وخصوصا عند وجود أمر يدعو للقلق من المستقبل ومجرياته فيعمل المنجم إما على اطمئنان هذا الشخص إلى ملاءمة الظروف القادمة أو إلى محاولة تدارك الأمور بطريقة أو بأخرى لتغيير أحداث المستقبل.

كيف يعمل علم التنجيم؟

بالرغم من أن علم التنجيم يزعم أنه يتنبأ بأحداث المستقبل أو على الأقل بفترات الأزمات والحظوظ الجيدة للشخص بناء على حسابات قد تتعلق بيوم وساعة وموقع ولادته أو بأحداث حياته الشخصية المنفردة إلا أن العاملين في هذا المجال يقرون باحتمال ورود الخطأ في هذا المضمار ويأكدون أن التنجيم يرسم الخطوط العريضة لمسارات حياة الناس وطباعهم وصفاتهم الشخصية.

من أشهر أنواع التنجيم بدون منازع هو علم الأبراج الذي يقسم الناس بناءً على يوم ولادتهم إلى 12 برج أساسي هي:

في بعض التصنيفات يتم إضافة برج يدعى حامل الثعبان إلى الأبراج الإثني عشر المذكورة في الجدول.

يقول علماء التنجيم أن الأشخاص المولودين في فترة البرج الواحد تجمعهم صفات مشتركة مثل الرومانسية أو الكسل أو الطبع الحاد أو حب المادة أو الإخلاص وغيرها الكثير.

كما يتم تقسيم ساعات اليوم إلى ما يدعى بطالع البرج أي أن الشخص قد يكون من مواليد برج الجوزاء على سبيل المثال ويكون طالعه برج العقرب حسب ساعة ولادته في اليوم. يتحلى هذا الشخص بمعظم صفات برج الجوزاء إلا أن بعض صفات برج العقرب قد تظهر بين الحين والآخر.

التنجيم الحديث

كان علماء الفلك والتنجيم في السابق يعتمدون على دراسة حركة الكواكب والنجوم والأقمار للتنبؤ بالمستقبل وذلك باستخدام مناظير خاصة تبين هذه الحركة التي لا تظهر دائما بالعين المجردة. أما في يومنا هذا فليس من الضروري أن تتقن استخدام المنظار لتصبح منجما بارعا وإنما عليك فقط اتقان استخدام الإنترنت أو برامج التنجيم الالكترونية الحديثة وأن تتقن صنعة الكلام والصياغة التي تجذب الناس من هواة علم التنجيم.

علم الفلك

على عكس التنجيم، يستخدم علم الفلك علوما حقيقية مثل الرياضيات والهندسة والفيزياء والكيمياء لتفسير مختلف الظواهر من حيث أصولها وتكوينها وتطورها الماضي والمستقبلي ويركز على الكواكب والأقمار والنجوم والسدم والمجرات والمذنبات وغيرها من الأجسام الموجودة في الفضاء دون أن يربطها بحياة البشر.

يمكن القول إن علم الفلك بشكل عام يتناول دراسة أي جسم أو ظاهرة أو حركة الغلاف الجوي لكوكب الأرض، أما علم الفلك الكوني أو Cosmology فيتناول دراسة الكون بشكل كلي.

أصل علم الفلك

يعتبر علم الفلك واحدا من أقدم العلوم الطبيعية حيث قام الإنسان منذ قديم الزمان بملاحظة نجوم السماء الليلية. وكان من السباقين في هذا المجال البابليون والإغريقيون والهنود والفراعنة والصينيون وشعب المايا غيرهم الكثير من الشعوب والحضارات.

بالإنجليزية يدعى أسترونومي (Astronomy) وأصل الكلمة إغريقي (أسترونوميا) وهو علم يدرس قوانين حركة النجوم والكواكب ومختلف الأجرام السماوية. علم الفلك علم طبيعي يركز على دراسة الظواهر الفضائية وقوانين الحركة والزمن التي تحكمها.