هل بإمكاننا زراعة النباتات على كوكب المريخ؟

تحتاج النباتات إلى وسط مناسب وظروف ملائمة كي تستطيع النمو بشكل طبيعي، فهي بحاجة إلى الماء وضوء أشعة الشمس وغاز الأوكسجين وغاز ثاني أوكسيد الكربون وعناصر مغذية وحرارة ملائمة لكل نوع من النباتات، لكن زراعة

هل بإمكاننا زراعة النباتات على كوكب المريخ؟

(توضيحية - unsplash)

تحتاج النباتات إلى وسط مناسب وظروف ملائمة كي تستطيع النمو بشكل طبيعي، فهي بحاجة إلى الماء وضوء أشعة الشمس وغاز الأوكسجين وغاز ثاني أوكسيد الكربون وعناصر مغذية وحرارة ملائمة لكل نوع من النباتات، لكن زراعة النباتات على سطح كوكب المريخ تشكل تحديا كبيرا لأنه لا يتوفر سوى غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي لهذا الكوكب، ولا يوجد أي نبات يبقى حيا في هذه الظروف.

لذلك يقوم علماء النبات باستمرار بالبحث عن أساليب علمية لإمكانية زراعة النباتات في الفضاء وعلى وجه الخصوص على كوكب المريخ بسبب تكرار رحلات رواد الفضاء إليه وقضائهم وقتا طويلا في مداره.

ويقدر متوسط درجة الحرارة على كوكب المريخ حوالي 60 درجة مئوية، كما تعتبر تربته كثيرة المحتوى من المعادن الثقيلة التي تؤذي النبات وقليلة المحتوى من العناصر الغذائية.

ما هي البحوث التي قام بها العلماء ليتغلبوا على صعوبات الزراعة في المريخ؟

دراسة امكانية الزراعة في المريخ

قام أحد علماء البيئة الموجودين في جامعة "فاغينينغين" الهولندية واسمه واملينك بإعداد دراسة تخص نمو النباتات على سطح المريخ وعلى سطح القمر، واستغل وجود عينة من تربة المريخ في وكالة "ناسا" وهي محتوية على الكثير من الخصائص التي تتواجد في الفضاء، حيث قام بتجربة على هذه التربة وحلل خصائصها التي نتج عنها افتقارها للعناصر المغذية، ومع ذلك قام بزراعة بعض الخضراوات فيها لكنه لم يتوقع نتائج مرضية لهذه التجربة وشعر بالقلق بسبب وجود عناصر سامة في التربة كالزئبق والزنك والرصاص لأنها تتحلل في الماء ويمتصها النبات وتصبح شديدة السمية عند تناولها.

في نهاية التجربة أصيب عالم البيئة بالذهول لأن الخضراوات نمت بشكلٍ طبيعي ولم تمتص العديد من هذه المعادن الثقيلة، بعد ذلك قام بتحسين التجربة في الأعوام اللاحقة عن طريق إضافة العناصر المغذية والمواد العضوية إلى عينة التربة المريخية وزرع فيها محاصيل متنوعة من بازيلاء وطماطم وفجل وجزر وبطاطا.

ما هو مشروع فيجي؟

قامت عالمة النباتات جويا التي تعمل في مركز بحوث تابع لوكالة الفضاء "ناسا" في ولاية فلوريدا الأميركية بتتبع المسار نفسه وأطلقت عليه اسم مشروع "فيجي" في العام 2014، حيث زرعت عدة أنواع من نبات الخس وهذه الأنواع هي اللفت الروسي الأحمر والملفوف الصيني وخردل ميزونا وأضافت لهم نوعا من الزهور يدعى زينيا، وقد حقق هذا المشروع نجاحا كبيرا، وقد خصصت العالمة قسما من الإنتاج للاختبار والقسم الآخر تناوله رواد الفضاء.

ثم نشرت هذه الباحثة بحثا وثقت فيه بأن الخس الذي زرعته في تربة الفضاء يعتبر صحيا ومغذيا مثل الخضراوات التي أنتجها فريق "فيجي" على تربة الأرض.

الفرق بين مشروع فيجي ومشروع واملينك

يعتبر مشروع "فيجي" مختلفا عن مشروع "واملينك"، إذ أن المحاصيل التي تزرع في مشروع "واملينك" تستخدم تربة المريخ، بينما المحاصيل التي تُزرع في مشروع "فيجي" تستخدم نظام الزراعة المائية وتُزرع في أصص مصنوعة من الطين المجفف والمسامي ليحتفظ بالأوكسجين والماء حول منطقة الجذور ويُضاف لها الأسمدة المغذية للاستفادة من العناصر المغذية، ويتم توفير الضوء لها من المصابيح الكهربائية، كما يقوم رواد الفضاء بإضافة الماء لها بشكلٍ دوري.

وقد صرحت الباحثة غويا بأن مشروع "فيجي" رغم نجاحه الكبير لكنه يستهلك طاقة رواد الفضاء والكثير من وقتهم لقيامهم بإضافة الماء للنباتات مع حذرهم الشديد لكمية الماء التي من الواجب إضافتها، معتبرة أن مشروعها يعد أفضل من مشروع "واملينك" لأن النباتات المزروعة في نظام الزراعة المائية لها القدرة على تغذية رواد الفضاء وتزويدهم بالطعام الصحي والطازج وهم موجودين في الفضاء.

ما هو مشروع زراعة المحاصيل في الظلام الدامس؟

قام بعض العلماء الباحثين الموجودين في جامعة كاليفورنيا وجامعة ريفر سايد وجامعة ديلاوير بتطوير طريقة جديدة من نوعها وهي زراعة بعض المحاصيل في الظلام الدامس بالاعتماد على التمثيل الضوئي الاصطناعي واستخدام نظام كيميائي كهربائي يتكون من خطوتين، ويعمد هذا النظام على تحويل الكهرباء والماء وغاز ثاني أوكسيد الكربون باستخدام محفز نحاسي إلى خلات (أسيتات) والذي يعتبر شكلا من المكونات الرئيسية للخل.

إذ أنَ الكائنات الحية التي تنتج الغذاء تستهلك مادة الخلات لتستطيع النمو في الظلام، ونتيجة التجربة هذه سيصل الباحثين إلى أساليب وطرق جديدة يستخدمونها لزراعة النباتات على كوكب الأرض ومن المحتمل على كوكب المريخ كذلك.

وقد أكد أحد المشاركين في الدراسة من جامعة ديلاوير بأنَه إذا قمنا بالتخلص من ضوء الشمس ولم نعد بحاجة لذلك، فإنَه بإمكاننا أن نقوم بزرع طبقات عديدة من الخضروات أو المحاصيل في نفس الوقت مثلما نقوم بزراعة الفطر، كما أضاف أنَ تربة المريخ قاسية على المزروعات لأنها خالية من المواد العضوية المغذية وذلك على عكس تربة الأرض، كما أنَ كوكب المريخ لا يحصل على كمية كافية من ضوء الشمس بل كمية ضوء أقل عشرات المرات من التي يحصل عليها كوكب الأرض، ولذلك يجب على الباحثين أن يجدوا تقنيات متطورة وحديثة ليقوموا بتحسين معدلات نمو المحاصيل في حال كان الإنتاج وفيرا من المحاصيل على كوكب المريخ الأحمر.

مشروع زراعة المحاصيل في الظلام الدامس

ما هي الصعوبات التقنية التي يواجهها من يحاول الزراعة خارج كوكب الأرض وخاصة على سطح المريخ؟

كما تحدثنا سابقا فإنه من الممكن أن تتم الزراعة داخل المركبة الفضائية كما فعلت الباحثة غويا ضمن بيوت دفيئة أو زجاجية أو ما تسمى بالصوبات، لكن ستواجهنا صعوبات متعددة منها:

  1. من الممكن أن ينخفض وصول الإضاءة إلى بعض أجزاء المريخ لأن هذا الكوكب الأحمر لا يستقبل سوى نصف الأشعة الشمسية التي يستقبلها كوكب الأرض، وفي حال أغلقنا البيوت الدفيئة (الصوبات) فإن الضغط سوف يزداد داخلها وتقل الأشعة الشمسية التي ستصل إلى النباتات المزروعة فيها.
  2. من المحتمل أن تتأثر الكثير من هذه النباتات الموجودة في البيوت الزراعية بانخفاض الجاذبية.
  3. لا يوجد حول كوكب المريخ غلاف جوي عازل يحمي النباتات من الأشعة الكونية مثل الغلاف الجوي الموجود حول كوكب الأرض، لذلك ستتعرض هذه النباتات لكمية كبيرة من الأشعة الكونية وبالتالي يتطلب حمايتها باستخدام بعض الدروع لتقليل أثر هذه الإشعاعات الضارة.
  4. الضغط الجوي المنخفض الذي تنمو النباتات فيه يؤثر سلبا عليها بشكل كبير، لذلك سيضطر رواد الفضاء الذين يشرفون على متابعة هذه النباتات لزيادة الضغط داخل البيوت الدفيئة، وبالتالي سيحتاجون إلى زيادة كمية العناصر الغذائية المضافة لقيامها بعملياتها الحيوية تحت هذه الظروف.

التعليقات