الخطوة الأولى للإنسان على القمر

عام 1966 وبعد 5 سنوات من العمل الدؤوب من قبل فريق علماء ومهندسين دوليين قامت وكالة الفضاء والطيران الوطنية الأميركية (NASA) بإرسال أول رحلة ضمن برنامج أبولو عبر مركبة فضائية بدون طيار لاختبار القدرة

الخطوة الأولى للإنسان على القمر

(توضيحية - unsplash)

في العشرين من تموز/يوليو 1969 وتحديدا في تمام الساعة 22:56 مساء بتوقيت شرقي أميركا قام رائد الفضاء الأميركي، نيل آرمسترونغ، بوضع قدمه على سطح القمر على بعد أكثر من 240.000 ميل عن كوكب الأرض. تتذكر البشرية كلماته التاريخية وهو يخطو خارج مركبة إيغل المخصصة لاستكشاف القمر "إنها خطوة صغيرة لرجل ولكنها قفزة كبيرة للبشرية" وبذلك أصبح نيل آرمسترونغ اسما لن تنساه البشرية بوصفه أول إنسان يطأ سطح القمر.

التنافس الدولي لاستكشاف الفضاء

بدأ دأب الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق إنجازات عظيمة في الفضاء الخارجي مع الرئيس الأميركي الراحل جون إف. كينيدي الذي ألقى خطابا في جلسة مشتركة للكونغرس بتاريخ 25 أيار/مايو 1961 قائلا "أعتقد أن أمتنا يجب أن تلتزم بتحقيق هذا الهدف قبل انقضاء العقد الحالي، بوضع الإنسان على القمر وإعادته سالما إلى كوكب الأرض."

في تلك المرحلة كانت أميركا لا تزال تتبع خطوات الاتحاد السوفييتي في تكنولوجيا الفضاء وقد رحبت أميركا، مجتمعا وحكومة، باقتراح كينيدي حول تحقيق هدف الهبوط على سطح القمر الجريء هذا وسط أحداث الحرب الباردة.

الخطوات العملية لبعثات أبولو

عام 1966 وبعد 5 سنوات من العمل الدؤوب من قبل فريق علماء ومهندسين دوليين قامت وكالة الفضاء والطيران الوطنية الأميركية (NASA) بإرسال أول رحلة ضمن برنامج أبولو عبر مركبة فضائية بدون طيار لاختبار القدرة الهيكلية لمركبة الإطلاق والمركبة الفضائية كذلك.

وفي 27 كانون الثاني/يناير 1976 يذكر التاريخ الكارثة التي حلت في محطة كيب كانافيرال في فلوريدا عندما اندلع حريق ضخم أثناء إطلاق مركبة ساتورن التابعة لبرنامج أبولو ما أدى إلى وفاة 3 رواد فضاء.

بالرغم من هذه الكارثة لم تخمد نار الحماسة لدى آلاف العاملين في ناسا ومضوا في سعيهم للوصول إلى هدفهم الأساسي وهو الهبوط على سطح القمر. ففي تشرين الأول/أكتوبر 1968 قامت رحلة أبولو 7، وهي رحلة أبولو المأهولة الناجحة الأولى، بالدوران حول كوكب الأرض والنجاح بتجربة العديد من الأنظمة المطلوبة للذهاب في رحلة مأهولة إلى القمر والهبوط عليه ثم العودة إلى الأرض.

في شهر كانون الأول/ديسمبر من نفس العام قامت بعثة أبولو 8 بحمل ثلاث رواد فضاء والدوران حول القمر 10 مرات من الجهة البعيدة منه قبل العودة سالمة إلى كوكبنا. وفي آذار/مارس من 1969 قامت بعثة أبولو 9 بتجريب المركبة القمرية حول مدار الأرض. وفي أيار/مايو قامت بعثة أبولو 10 بتجريب مركبة أبولو الفضائية بـ31 دورة حول القمر كتجربة أخيرة قبل مغامرة شهر تموز/يوليو المقررة والتي نجحت بهدفها بالهبوط على سطح القمر ووضع علم الولايات المتحدة الأميركية عليه والعودة إلى الأرض.

نيل آرمسترونغ

نيل آرمسترونغ 

ولد نيل آرمسترونغ في واباكونيتا في ولاية أوهايو في 5 آب/أغسطس من عام 1930. بدأ حب نيل للطيران عندما صعد للمرة الأولى على متن طائرة ركاب وكان في سن السادسة فقط في ذلك الحين. كان نيل حسن السيرة أثناء دراسته وأصبح طيارا مجازا في عيد ميلاده السادس عشر فقط.

كان آرمسترونغ يدرس هندسة الطيران في جامعة بورديو في ويست لافاييت في ولاية إنديانا عندما التحق بالجيش في 1950 أثناء الحرب الكورية والتي خرج منها بثلاث ميداليات شرف. أتم نيل دراسته الجامعية في 1955 وأصبح باحثا مدنيا للجنة الاستشارية الوطنية للطيران ثم التحق بعد ذلك في صفوف وكالة "ناسا". في رصيد نيل آرمسترونغ أكثر من 1.100 ساعة طيران واختبار مركبات خارقة والطائرة الصاروخية (X-15).

آرمسترونغ ووكالة ناسا

التحق آرمسترونغ في صفوف رواد الفضاء في دفعته الثانية عام 1962 وأصبح طيارا قائدا في 1966 وأثبت جدارته بعد أن كان على متن مركبة تعرضت لخطأ فني أدى إلى فقدان السيطرة عليها مؤقتا واستطاع إعادة توجيهها والهبوط اضطراريا في المحيط الهادئ.

كان آرمسترونغ قائد المركبة الفضائية (Eagle) التابعة لبرنامج أبولو التي هبطت على سطح القمر بفضل قيادته السلسة وهو أول إنسان يسير على سطح القمر وكان برفقة رائد الفضاء المرافق له باز ألدرين حيث بقي رائدا الفضاء لمدة ساعتين على سطح القمر يتمان بعض التجهيزات التكنولوجية ويجمعان عينات من التربة والحجارة ويلتقطان صورا لتجربتهما بعد أن وضعا علم الولايات المتحدة الأميركية على القمر.

تمكن رائدا الفضاء من العودة إلى المركبة الأساسية حيث كان رائد الفضاء الثالث في تلك البعثة مايك كولينز ينتظرهما. وتمكن رواد الفضاء الثلاثة من الهبوط في المحيط الهادئ على الأرض في 24 من تموز/يوليو حيث أمضوا 18 يوما في العزل خوفا من وجود ميكروبات غريبة على سطح القمر. بعد ذلك جرى تأكيد أن رواد الفضاء الثلاثة هؤلاء قد بدأوا صفحة جديدة من استكشاف الفضاء ويخلد التاريخ اسمهم إلى الأبد لهذا الإنجاز.

حياة نيل آرمسترونغ العملية بعد العودة من القمر

حياة نيل آرمسترونغ العملية بعد العودة من القمر

بقي نيل آرمسترونغ يعمل في "ناسا" حتى 1971 إلا أنه بعد العودة من رحلة أبولو 11 ابتعد عن الحياة العامة والتزم بالبحث العلمي والإنجازات الأكاديمية. ما بين عامي 1971 إلى 1979 عمل آرمسترونغ كبروفيسور في الطيران في جامعة سينسيناتي في ولاية أوهايو.

بعد عام 1979 عمل آرمسترونغ كمدير أو رئيس مجلس إدارة لعدد من الشركات مثل (Computing Technologies for Aviation) ما بين عامي 1982 و 1992 وفيما بعد في شركة (AIL) والتي تغير اسمها لاحقا ليصبح (EDO Corporation) والتي كانت واحدة من الشركات التي يتعاقد معها الجيش الأميركي لتصنيع المعدات الإلكترونية ما بين 1977 وعام 2002.

بالإضافة إلى ذلك فقد عمل نيل آرمسترونغ ضمن اللجنة الوطنية للفضاء (NCOS) وهي لجنة مهمتها وضع الأهداف المستقبلية لبرامج الفضاء، وعمل أيضا ضمن اللجنة الرئاسية لحادثة مشروع مكوك تشالنجر التي تم تعيينها عام 1986 لتحليل أخطاء السلامة في كارثة تشالنجر.

تلقى نيل آرمسترونغ ميدالية الحرية الرئاسية عام 1969 وميدالية شرف الفضاء من قبل الكونغرس عام 1978 وميدالية الكونغرس الذهبية عام 2009 وتوفي نتيجة مشاكل قلبية في 25 آب/أغسطس من عام 2012 في سينسيناتي في ولاية أوهايو.

التعليقات