قاع المحيطات أكبر موطن للكائنات الحية ويستحوذ على ما يقارب 95% من حيز الكرة الأرضية الحي، ومع ذلك يعتبر واحدا من الأماكن غير المكتشفة بالرغم من جماله وتفرده. في الحقيقة يعرف الإنسان كما ضئيلا جدا من المعلومات عن قاع المحيط وحياته نظرا لمدى عمقه والصعوبات التي يخلقها ذلك للعلماء والباحثين الذين يقول بعضهم إن المعلومات التي لدى الإنسان عن سطح القمر أكبر من معلوماته عن قاع المحيط.
تدعى الـ200 متر السطحية من مياه المحيطات بالمياه المفتوحة وفيها تعيش معظم الحيوانات البحرية التي نعرفها حيث تحتاج إلى ضوء الشمس المنساب إلى هذه الطبقة من الماء. وتحت هذه الطبقة السطحية توجد منطقة الشفق التي تتسرب إليها كمية أقل بكثير من الضوء. وبمجرد أن تقطع عمق 1000 متر يصبح الماء خاليا تماما من الضوء وهذه هي المنطقة التي تعرف بقاع المحيط.
معلومات عن قاع المحيط
قاع المحيط أعمق من ارتفاع جبل إيفرست
مع أن عددا لا بأس به من الناس قد قاموا بتسلق جبل إيفرست وهي أعلى نقطة عن سطح الأرض إلا أن عددا ضئيلا جدا من الناس تجرأوا على خوض غمار قاع المحيطات. تعرف النقطة الأعمق في المحيط باسم (Challenger Deep) وتقدر المسافة من سطح البحر إلى أعمق نقطة فيها بـ11 كم. وإذا ما جرى قلب جبل إيفرست داخل المحيط فسيكون أقرب من هذه النقطة إلى السطح بأكثر من كيلومتر.
تقدر درجة الحرارة في أعمق نقطة في المحيط بأنها فوق درجة التجمد تماما كما يقدر الضغط بأنه 1000 ضعف عن الضغط على السطح ويقطن هذه المنطقة الكثير من الأسماك واللافقاريات.
لدينا خرائط أوضح عن المريخ من خرائط قاع المحيط
وفق الأنباء الصادرة عن وكالة "ناسا" فإن 5 إلى 15% فقط من قاع المحيط قد جرى مسحه بواسطة تقنيات الأمواج الصوتية الاعتيادية وذلك لأن مسح قاع المحيط قد يكون مكلفا من ناحية الوقت والمال. في معظم الحالات يتم إجراء المسح في مسارات السفن لأن البشر يريدون معرفة ما تعبر فوقه السفن هذه وبذلك تكون هذه المسوحات قد غطت مسارات السفن والأماكن القريبة من السواحل.
وقد قام مؤخرا فريق من التقنيين في جامعة أولد دومينيون في فرجينيا بتطوير مجموعة مؤلفة من 12 مركبة مسيرة بإمكانها الغوص تحت الماء بتكلفة 125000 دولار أميركي خصيصا لاستكشاف أعمق أجزاء المحيطات بشكل أسرع وأقل تكلفة من أي شيء قام البشر بتجربته سابقا.
بعض الحيوانات المائية تصدر الضوء
في ظلام المحيط تساعد خاصية البيولومينسية المخلوقات على العيش وهي قدرة بعض الحيوانات والكائنات المجهرية على إطلاق الضوء. تعتمد بعض الأسماك على أجزاء مضيئة من جسمها تتدلى أمام الفم لجذب الفرائس كما أن بعض أنواع الحبار ينفث هذه المادة المضيئة بدلا من الحبر لتضليل الحيوانات المفترسة كما تساعد المواد البيولومينسية بعض القشريات لجذب الذكور في موسم التزاوج.
تعيش الكائنات البيولومينسية على كل أعماق وارتفاعات المياه من السطح حتى القاع ومن المناطق المجاورة للشاطئ حتى وسط المحيط. في أعماق البحار توجد الكائنات البيولومينسية بشكل وافر جدا وبما أن المحيطات شاسعة جدا، قد تكون هذه الكائنات هي أكثر نوع موجود على كوكب الأرض بين كل الأحياء.
أعمق نقطة في المحيط تقع في خندق ماريانا
تقع أعمق نقطة على الكوكب في المحيط الهادي وتحديدا في خندق ماريانا بالقرب من جزر ماريانا ويبلغ عمقها 11 كيلومترا وهناك توجد النقطة التي تحدثنا عنها سابقا (Challenger Deep) نسبة إلى سفينة المسح التابعة للبحرية البريطانية (HMS Challenger) التي قامت برحلتها بين عامي 1872 و 1876 وسجلت للمرة الأولى هذا العمق في هذه النقطة.
تتراوح درجات الحرارة في أعمق منطقة من المحيط بين درجة 1 و 4 سيلسيوس إلا أن ما فاجأ العلماء أن المياه قد ترتفع حرارتها كثيرا أيضا. يعود ذلك إلى وجود ثغرات حرارية على طول خندق ماريانا وتبلغ درجة الحرارة فيها أكثر من 350 درجة إلا أن هذا الأمر ليس مقلقا للبشر أو حتى للسفن لأنه وقبل الوصول إلى مناطق درجات الحرارة هذه سيتولى الضغط العالي تحطيم أي جسم.
أطول حيوانات أعماق المحيط هو قرش جرينلاند (6.4 م)
قد يبلغ طول قروش جرينلاند، التي دائما يتم الخلط بينها وبين القروش البيضاء الكبيرة بسبب الحجم الهائل، حوالي 7.2 م وقد يتجاوز طولها 1400 كغ. تتمتع هذه الحيوانات بشهية كبيرة ويمكنها أن تتناول أي شيء تقريبا من الحيوانات إلا أنها بشكل عام تتغذى على حيوان الحنكليس والفلاوندر وأنواع أصغر من القروش ولا تمانع أن تتغذى على لحوم الحيوانات الميتة الأخرى أو الحيوانات البرية التي تتواجد بطريقة أو بأخرى في المحيط. تتميز قروش جرينلاند بفكها الشبيه بفك خارق وقد وجدت الأبحاث في بطون بعضها جمجمة دب قطبي وحيوان رنة كامل وعظام أحصنة.
المشكلة في أعماق المحيط هي الضغط العالي
كلما غصت 10 أمتار أكثر نحو قاع المحيط يزداد الضغط بقيمة 6.47 كغ ولذلك يلجأ العلماء بشكل عام إلى الغواصات بدون قائد أو المركبات التي يتم التحكم بها عن بعد لاستكشاف المحيط.
يتم قياس أعماق المحيطات باستخدام الـTNT
بالرغم من أن بعض العلماء يشككون بفعالية هذه الطريقة إلى أن عدة خنادق في المحيط الهادئ قد تم تقدير أعماقها باستخدام مادة الـ(TNT) المتفجرة وجرى التوصل إلى أن أعماقها تزيد عن 10000 متر. لقياس أعمق النقاط في المحيطات يستخدم العلماء أصوات الانفجارات حيث يتم رمي مادة الـ(TNT) في الخندق المحيطي وقياس صدى الانفجار من سطح الماء مما يتيح قياس العمق.
أقوى صوت في المحيطات
عام 1997 وأثناء رصد البراكين المائية على سواحل أميركا الجنوبية جرى تسجيل أقوى صوت عبر المحيط ولم يتعرف العلماء على مصدره. مؤخرا جرى التوصل إلى أن مصدر هذا الصوت هو "هزات جليدية" ناتجة عن نشاطات أرضية تسبب انهيارا في الأراضي المتجمدة. لا زال الكثيرون غير مصدقين لهذه النتيجة ولا يزال هذا الصوت مصدرا لنظريات المؤامرة في العالم.
التعليقات