ما الذي ينتظرنا في عام 2050؟

حذّر الباحثون من غرق عدد من المدن واختفائها كليًّا، مثل البندقيّة ولندن ولشبونة وبوردو وأنتروب وأمستردام والإسكندريّة

ما الذي ينتظرنا في عام 2050؟

(getty)

عندما نتحدّث عن التغيّرات المناخيّة مستقبلًا، فإنّ النتائج المتوقّعة قد تختلف كثيرًا عمّا نعرفه ونشهده اليوم، وقد تكون هذه النتائج شديدة الأثر على العالم الذي نعيش فيه، ومع ذلك، يبدو أيّ تفكير بالمستقبل فيما يخصّ التغيّرات المناخيّة، وفقًا للمعطيات الحاليّة، مثير للرعب أكثر من أيّ وقت مضى، كما يحذّر علماء ومختصّون، من أمور كثيرة يمكن أن تشكّل منعطفًا تاريخيًّا وخطرًا بالنسبة للوجود الإنسانيّ، من رياح عاصفة وفيضانات كبيرة وجفاف وزلازل متزايدة.

وعلى الرغم، من أنّ التغيّرات المناخيّة قد تختلف من منطقة إلى أخرى، فإنّ المناطق الأكثر تأثيرًا من حيث التغيّرات المناخيّة، هي المناطق ذات الكثافة السكّانيّة العالية، والمناطق عالية الرطوبة والحرارة، إذ يمكن للتغيّرات المناخيّة، خلال خمسين سنة قادمة، أن تشكّل ضررًا هائلًا وكبيرًا فيما يخصّ البيئة والاقتصادات المحليّة والعالميّة، إلّا أنّ هناك بعض التدابير التي يوصي بها علماء، للحدّ من هذا الخطر الذي لن يوفّر أحدًا، في حال لم يتمّ التعامل بصورة منهجيّة تشمل الكوكب بأكمله، ويشترك فيها الأفراد والحكومات والشركات والمؤسّسات المختلفة.

من أبرز الخطط المطروحة لمكافحة التغيّرات المناخيّة، والتي يتمّ التعامل معها اليوم كخطوط عريضة، هي مجموعة من التدابير التي تسعى إلى تقليل الأثر الناتج عن هذه التغيّرات مثل التدخّل الحكوميّ، إذ يمكن أن تقوم الحكومات بتحديد القواعد واللوائح المشتركة للحدّ من العوامل المسبّبة للتغيّرات، مثل العبء البيئيّ الناتج عن الاستخدام المتزايد للمواد الكيميائيّة والغازات الملوّثة وغيرها من أشكال الطاقة التي نستخدمها. بالإضافة إلى اتّخاذ تدابير متقدّمة في التصنيع، وتطوير التكنولوجيا الحديثة والمتقدّمة للتصنيع الأقل تدميرًا للبيئة، واستخدام الطاقة المتجدّدة بدلًا من الوقود الأحفوريّ، والتعاون الدوليّ في تقليل أثر هذه التغيّرات المناخيّة، من خلال مشاريع تنمية مستدامة وتعاون في مجالات مثل التدابير المناخيّة والتدخّلات الحكوميّة، وهذا كلّه يضاف إلى التعليم والتوعية، إذ يمكن تعليم الأفراد الأساسيّات الخاصّة بالتغيّرات المناخيّة وكيفيّة مكافحتها.

قوانين ولوائح

(getty)

هناك العديد من القوانين واللوائح التي تمّ سنّها خلال السنوات الأخيرة، وتهدف بالأساس إلى الحدّ من العوامل المسبّبة للتغيّرات المناخيّة. تبنّت 197 دولة اتّفاق باريس الذي جرى في كانون الأوّل/ ديسمبر 2015 في باريس، وبعد أقلّ من عام، دخل الاتّفاق حيز التنفيذ، ويهدف بشكل كبير إلى الحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ العالميّة، والحدّ من زيادة درجة الحرارة العالميّة في هذا القرن إلى درجتين مئويّتين. ويتضمّن الاتّفاق التزامات من جميع الدول بخفض انبعاثاتها، ويوفّر إطارًا دائمًا بجهد عالميّ لعقود قادمة، ويمثّل هذا الاتّفاق، بداية تحوّل نحو عالم منخفض الكربون، ويعتبر تنفيذ هذا الاتّفاق، ضروريًّا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويوفّر خارطة طريق للصمود مع التغيّر المناخي.

ويؤدّي قانون التغيّرات المناخيّة الأميركيّ الغرض نفسه، إذ يهدف إلى تحديد عدد من العوامل المسبّبة للتغيّرات المناخيّة وتقليل أثرها على الولايات المتّحدة، ويمتدّ هذا القانون إلى العديد من المجالات، مثل الطاقة والتنقيب عن النفط والغاز، والمياه والنباتات والحيوانات، كما يضمّ القانون عدّة أنظمة وبرامج للتعامل مع التغيّرات المناخيّة، سعيًا لحماية المجتمعات والبيئة من الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية، وسعى الاتّحاد الأوروبيّ إلى التدابير نفسها، عبر لائحة التغيّرات المناخيّة للاتّحاد الأوروبيّ (EU ETS)، إذ يهدف هذا النظام إلى تحديد وتقليل العوامل المسبّبة للتغيّرات المناخيّة، ويعتبر هذا النظام، هو الأوّل في العالم الذي يهدف إلى تحديد هذه العوامل، ويعتمد على التحليل الاقتصاديّ للمسبّبات في التغيّر المناخي.

ماذا تقول الدراسات؟

(getty)

ومع وجود هذه التدابير، هناك كذلك عدد من العوامل التي تمنع اتّخاذها والعمل بها، ومن بينها انعدام الوعي المناخي، والذي يحذّر منه عدد كبير من المختصّين، إذ قد يكون البعض لا يعرف أو لا يؤمن بأنّ التغيّرات المناخيّة هي واقعيّة أو كبيرة الأثر، وهذا يمنعهم من التعامل مع التحدّيات المناخيّة المتوقّعة، بالإضافة إلى تكلفة هذه التدابير، والتي تكون غالبًا أكبر بكثير من إمكانيّة تنفيذها، في كثير من الدول في العالم، عدا عن العوامل السياسيّة والاجتماعيّة التي تُعيق العمل، أو تمنعه في أحيان كثيرة، بسبب المنافسة بين الشركات وشروط السوق، أو على سبيل المثال، الحرب الروسيّة الأوكرانيّة التي أجبرت ألمانيا على العودة لاستخراج طاقتها من الفحم، وقد تتضمّن هذه الأطراف المتعارضة الحكومات والشركات العابرة للقارّات والمنظّمات غير الحكوميّة وفئات أخرى كثيرة مختلفة.

وفي دراسة علميّة قام بها باحثون من منظّمة "كلايمت سنترال" الأميركيّة، وهي منظّمة غير حكوميّة، أظهرت الآثار المدمّرة للتغيّر المناخيّ على كوكب الأرض. وكما جاء في الدراسة، فإنّ أجزاء من العالم يمكن أن تغمرها المياه بحلول عام 2100 بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر.

وكان العلماء قد اعتمدوا بمساعدة برنامج كمبيوتر في دراستهم، على 51 مليون من البيانات التي تسمح بالتنبؤ في كيفيّة تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر على البحر بحلول عام 2050 و 2100.

وركّزت الدراسة على أنّ 640 مليون شخص مهدّدون بفقدان منازلهم، إذا فشل المسؤولون في الحدّ من تبعات التغيّرات المناخيّة، ووضع حدّ جذري على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وحذّر الباحثون من غرق عدد من المدن واختفائها كليًّا، مثل البندقيّة ولندن ولشبونة وبوردو وأنتروب وأمستردام والإسكندريّة ستغرق في الفيضانات المستمرّة، وعواقب هذا ستمتدّ إلى مدن مثل هامبورغ وبريمن وأولدنبورغ وجزيرة زيلت، التي يمكن أن تغمرها المياه تمامًا بحلول عام 2100.

التعليقات