كم أصبح العلم قريبًا من "إعادة إحياء الحيوانات المنقرضة"؟

استطاع الباحثون، صناعة خلايا جذعيّة جرابيّة، واستغرق هذا الأمر أكثر من 5 سنوات، ويتمّ بالفعل زرع هذه الخلايا الجذعيّة في أرحام، لرؤية ما إن بالإمكان تطويرها إلى حيوان حيّ بالكامل.

كم أصبح العلم قريبًا من

(Getty)

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، تقريرًا حول آخر ما توصّل له العلماء في مجال الحمض النوويّ، لفريق من جامعة ملبورن، يقوده عالم الوراثة في الجامعة، أندرو باسك، بالتعاون مع شركة "de-extinction"، من أجل "إعادة إحياء مخلوق يشبه الذئب".

ويعتمد هذا البحث الذي يقوده باسك، على التطوّرات الحديثة في علم الوراثة، والتقنيّات الحديثة في هذا المجال، مثل تقنيّة تحرير الجينات Crispr-Cas9، والتي تثير الكثير من التساؤلات الأخلاقيّة في السياق الأكاديميّ. ووجد العلماء أقرب الكائنات الحيّة بالنسبة لـ"النمور التسمائيّة"، وهي كائنات دنارت، حيث تشترك فيما بينها بـ95٪ من الحمض النوويّ، ومع ذلك، فإنّ معرفة الحمض النوويّ للحيوان لا يكفي ببساطة لإعادته للحياة، إذ يتضمّن "اللغز" تعديل جينات دنارت بحيث تتطابق مع النمور التسمائيّة، ويمكن فعل ذلك، من خلال العمل على تقنية Crispr-Cas9 الحائزة على جائزة نوبل.

والنمور التسمائيّة هي فصيلة منقرضة من الحيوانات الجرابيّة اللاحمة، والتي تشبه الكلاب إلى حدّ ما، وآخر ما تبقّى منها انقرض عام 1936، نتيجة الصيد الجائر.

لم تكن تقنيّة تحرير الجينات متقدّمة فيما يكفي سابقًا، لتستطيع تغيير جميع التسلسلات المختفلة للحمض النوويّ، لذلك، لم يقم أحد بهذه الأبحاث، لصعوبة العمل على إجراء ملايين وملايين التعديلات، ومع هذه التقنية، استطاع الباحثون صناعة خلايا جذعيّة جرابيّة، واستغرق هذا الأمر أكثر من 5 سنوات، ويتمّ بالفعل زرع هذه الخلايا الجذعيّة في أرحام، لرؤية ما إن بالإمكان تطويرها إلى حيوان حيّ بالكامل.

وتناقش الدراسة كذلك إعادة حيوان الماموث الصوفيّ، والذي يعتقد أنّه انقرض قبل 10 آلاف عام. وحاول علماء من جامعة هارفارد، العمل على تقنيّة Crispr-Cas9 لربط أجزاء من الحمض النوويّ للماموث، في جينيوم الفيل الآسيويّ، والذي يعتبر قريبًا من الماموث، ومع ذلك، تبقى هناك الكثير من القيود التكنولوجيّة على مثل هذه الأبحاث.

لم تكن إعادة بناء وتشكيل الجينيوم هي الطريقة الوحيدة التي استخدمها علماء في محاولاتهم لإعادة إحياء حيوانات منقرضة، فهناك من عمل على استنساخ الحيوان الميّت بشكل أساسيّ، عن طريق إيجاد نواة من خليّة سليمة، ونقلها إلى جنين اصطناعي، ولكنّ الصعوبة في هذا الأمر، تكمن في صعوبة إيجاد خليّة حيّة، إذ تتفكّك الخلايا سريعًا بعد الموت.

(Getty)

في عام 2003، استطاع باحثون استنساخ نوع من الماعز يدعى وعل البرانس، وذلك بعد مقتل آخر وعل من هذا النوع، إثر سقوط شجرة عليه، ومن الأبحاث التي يعكف عليها آرىشر حاليًّا، محاولته لإعادة الضفدع الجنوبيّ الذي انقرض عام 1983، حيث نجح في نقل النواة من ضفدع مجمّد إلى بيضة فارغة لحيوان برمائيّ، وتشكّل الجنين بالفعل.

يقول آرتشر: "حاولنا كثيرًا ولم ننجح، وفجأة رأينا هذا الجنين الهجين يبدأ بالانقسام تحت المجهر… لقد كان الأمر مثيرًا للغاية".

ويجادل عدد من الباحثين بأنّ الجهود المبذولة لإعادة الأنواع القديمة، يمكن أن تنتقص من عمليات الحفظ اللازمة للحيوانات الموجودة، ويمكن لهذه الأبحاث أيضًا أن تزيد من خطر فقدان التنوّع البيولوجي، لكن من جهة أخرى، فإنّه يمكن استخدام تقنيّة التخلّص من الانقراض البيولوجي، لإنقاذ الأنواع الحيّة التي على وشك الانقراض أيضًا، خاصّة تلك التي تحتوي على مجموعة جينيّة صغيرة للغاية، مثل وحيد القرن، يقول باحثون.

وتعتبر القوارض ذات الرأس الأسود (النمس الأسود)، إحدى الحيوانات المهدّدة بالانقراض، لذلك أخذ الباحثون في حديقة حيوان سانتياغو في تشيلي، خلايا مجمّدة من النمس الأسود قبل 30 عامًا، واستخدمت في عمليّة الاستنساخ.

وتنقسم آراء العلماء في مثل هذه الأبحاث الخاصّة بالاستنساخ والتعديلات الوراثيّة، وخاصّة عندما يأتي الأمر للأبحاث التي تعمل على الاستنساخ البشريّ. ويقول مؤيّدو الاستنساخ أنّه يمكن من خلال هذه الأبحاث، إيجاد علاجات كاملة للمرضى، وتوليد أنسجة لأعضاء كاملة كان قد افتقدها أصحابها، ويمكن تأخير أعراض الشيخوخة كذلك، بالإضافة إلى أنّها يمكن أن تساعد الأهالي غير القادرين على الإنجاب.

ويشير معارضو عمليّة الاستنساخ، إلى أنّ هذه التكنولوجيا يمكن أن يُساء استعمالها بسهولة، ممّا يؤدّي إلى تشكيل صناعة للبشر والحيوانات والكائنات الحيّة، من أجل الحصول على أنسجتها وأعضائها وربّما الإتجار بها.

التعليقات