هل يوجد نهر سري تحت القارة القطبية؟

يوجد تحت طبقات الجليد في القارة الجنوبية القطبية العديد من الأنهار وحتى البحيرات أيضا، وذلك لا يظهر للعين المجردة بسبب وجود الغطاء الجليدي أعلاها.

هل يوجد نهر سري تحت القارة القطبية؟

(توضيحية)

موقع القطب الجنوبي جغرافيا

يقع القطب الجنوبي ضمن القارة الجنوبية القطبية على بعد حوالي 480 كيلومترا إلى الجنوب من الجرف الجليدي روس وبارتفاع يصل إلى 2830 مترا عن مستوى سطح البحر، وتعد القارة القطبية الجنوبية خامس قارات العالم من حيث الحجم، وهي تتميز بالجروف الجليدية الضخمة إضافة لطيور البطريق ورحلات الاستكشاف العديدة إليها.

لعبت هذه القارة دورا كبيرا في نظم المناخ المؤثر بكوكب الأرض، وبقيت محتفظة بكثير من الأسرار غير المكتشفة، وفي هذا المقال نتحدث عن وجود نهر سري تحت تلك القارة وأهميته في التأثير على منسوب مياه المحيطات وتقلبات المناخ والطبيعة عالميا.

القارة القطبية وتغيرات المناخ

القارة القطبية وتغيرات المناخ

لطالما لعبت القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) دورا رئيسيا في مناخ الأرض، فتلك الصفائح الجليدية الكبيرة جدا والتي تغطي سطح القارة تقوم بعكس ضوء الشمس مما يسهل المحافظة على برودة هذه القارة.

ولكن بسبب الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة على الكوكب نتيجة تغيرات المناخ العائدة لأسباب كثيرة، يذوب قسم كبير من الغطاء الجليدي، وبالتالي ستتعرض كثير من الصخور للانكسار وتغير مواضعها، كما ستنعكس كمية أقل من ضوء الشمس، وعندها سيزيد الاحترار العالمي.

تمتد العديد من الصفائح الجليدية فوق المياه المجاورة للقارة كالمحيط الجنوبي (Southern Ocean) وبحر روز (Ross Sea) وبحر ويديل (Weddell Sea) مشكلة جروف جليدية قابلة للتفكك أحيانا، وفي حال تفككت وتحرر المزيد من الجليد وذاب، فإن ذلك سيضيف كميات ضخمة من الماء العذب إلى المحيطات في الكوكب.

لذا اعتمد العلماء في هذه الأيام على دراسة نشاط الجليد في القارة القطبية الجنوبية ووجود رواسب في المحيطات والبحار المجاورة لكي يستطيعوا فهم التقلبات المناخية السابقة وشرح كيفية تأثير تغير المناخ في كامل الكوكب.

الأنهار تحت القارة القطبية، وهل يوجد نهر سري؟

يوجد تحت طبقات الجليد في القارة الجنوبية القطبية العديد من الأنهار وحتى البحيرات أيضا، وذلك لا يظهر للعين المجردة بسبب وجود الغطاء الجليدي أعلاها.

وقد نشر موقع (The Conversation) مقالا علميا لكاتبه جوزيف هورجان وهو أستاذ في علم الجليد الجيوفيزيائي من جامعة فيكتوريا في ويلينغتون، وكاتب آخر هو كريغ ستيفنز أستاذ فيزياء المحيطات من المعهد الوطني لأبحاث الغلاف الجوي والمياه، وبهذا المقال شرح الباحثين كيفية تأثير وجود أنهار خفية تحت جليد القارة القطبية الجنوبية على ارتفاع منسوب مياه البحار في الكوكب.

وذكر الباحثان أن الماء يشكل مادة لتزليق الصفائح الجليدية، وبالتالي ينزلق الجليد باتجاه المحيط بسرعات كبيرة تصل إلى عدة مئات أمتار خلال السنة. وعندما يخرج الماء الخفي تحت الجليد، يعود ليدخل ضمن تجاويف مالحة وباردة تحت الصفائح الجليدية وهي ما يعرف بالامتدادات العائمة لتلك الصفائح المحيطة بالقارة.

بعد ذلك يمتزج الماء وتنطلق الرواسب والمغذيات لتذيب الجوانب السفلية للرفوف الجليدية، ومن خلال فهم تلك العمليات المعقدة على مدى قرون من الزمن نتبين أهميتها كعامل يرفع من مستوى سطح البحر.

وقد مر ما يقارب عقد من الزمن في البحث المستمر ليصل إلى ثماره أخيرا عندما حدد فريق الباحثين بشكل دقيق المكان المناسب ليتم الحفر والوصول إلى بداية النهر الخفي تحته، حيث كشفت المسوحات التي تمت عبر فتحات بالجليد عن نهر يزيد ارتفاعه عن 240 مترا، وعرضه قليل يصل إلى أقل من 200 متر، وبالتالي هو أضيق بشكل كبير مما يشير إليه مشهد الجليد على السطح.

وقال الباحثان هورغان وستيفنز إن العمل من خلال فتحة جليدية لا يمكننا من البحث إلا في نقطة واحدة ولكي نتغلب على تلك العقبة تم اللجوء إلى زملاء في جامعة كورنيل روبوت، ليتم بعد ذلك في المهمة الأخيرة تثبيت أجهزة تحت طبقات الجليد تسمح من خلالها للباحثين أن يقيسوا خصائصا كالملوحة وسرعة المياه ودرجات الحرارة في عدة أماكن ولفترات طويلة الأجل.

ثم بعد 5 أيام من استخدام المعدات الجديدة والمطورة، تم اكتشاف تسونامي ناجم عن ثوران بركان اسمه "هونغ تونغا هونغ هاباي"، وبصرف النظر عن العلم الرئيسي فإن تلك الاكتشافات يجب أن تشكل إلهاما قويا لتركيب المعدات اللازمة للمراقبة طويلة الأجل، لتتم دراسة تدفق النهر الجليدي السري بالإضافة إلى أحداث الفيضانات.

متى أصبحت القارة القطبية الجنوبية قارة منفصلة؟

من المعروف تاريخيا أن تلك البقعة المتجمدة لم تكن منعزلة تماما كما هي عليه اليوم، بل كانت جزءا من قارة كبرى، وتكشف الصخور المخفية لتلك القارة عن تاريخها الديناميكي.

وفي هذا السياق أوضح طالب دكتوراة بعلوم الأرض من جامعة ويسكونسن- ميلووكي، أن القارة القطبية الجنوبية هي كما غيرها من القارات الأخرى تحتوي على مجموعة متنوعة من السلاسل الجبلية والسهول والمناظر الطبيعية الجميلة التي تشكلت كلها خلال تاريخها الجيولوجي، ويبقى هذا التاريخ لغزا كبيرا كونه لا يوجد سوى أقل من 1% من الصخور المكشوفة لتساعدنا في شرح قصة تاريخها.

وتعد الصخور المكشوفة في هذه القارة جزءا من سلاسل عابرة للقارة الجنوبية القطبية يصل ارتفاعها إلى حوالي 4500 متر، أي أعلى من جبال روكي الشهيرة في أميركا الشمالية.

وتنقسم هذه القارة إلى قسمين شرقي وغربي وقد تبين أن الشرق في القارة هو عبارة عن كراتون التي تعد كتلة قديمة من القارات تشكلت من وشاح الأرض أو قشرتها العلوية وتتألف من صخور رسوبية ونارية ومتحولة.

وعلى العكس من ذلك فإن غرب القارة يعتبر صغيرا نسبيا ويتألف بأغلب أجزائه من صخور بركانية تشكلت ضمن حلقة نار ناشطة تكتونيا (صفائح طبقات من قشرة الأرض) خلال الوقت الذي تفككت به القارة العملاقة القديمة غندوانا في العصر الجوراسي.

ولا يزال العلماء غير متيقنين تماما حول وقت تحول القارة القطبية الجنوبية إلى قارة منعزلة رسميا، وفقدان ارتباطها البري مع أستراليا وأميركا الجنوبية.

وقد توصلت أبحاث علمية إلى أن ممر دريك بين أميركا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية وبوابة تاسمان بين أستراليا والقارة القطبية الجنوبية افتُتحا عند تحول عصر الإيوسين إلى عصر آخر وهو أوليغوسين قبل ما يقارب 34 مليون عام.

التعليقات