كانديدتس: رصد ست مجرات ضخمة تعود إلى عصور مبكرة

اكتشاف فلكي جديد يتعلق بست مجرات تشكلت في عصور مبكرة من الكون تشير إلى أنّ "النموذج الكوني الحالي يشهد تدهورًا"، بحسب علماء الفلك.

كانديدتس: رصد ست مجرات ضخمة تعود إلى عصور مبكرة

صور لست مجرات ضخمة "مرشحة"، تشكلت بعد 500-800 مليون سنة من الانفجار العظيم (أ.ب.)

رصد تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي مجموعة من المجرات الضخمة تعود إلى عصور مبكرة من الكون، ويبدو أنها تشكلت بوتيرة أسرع بكثير مما كان يتوقعه علماء الفلك، على ما أفادت دراسة نُشرت أمس، الأربعاء.

وهذا الاكتشاف الذي يتعيّن إثباته بدراسات تفصيلية، حدث بعد 500 إلى 700 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم قبل 13,8 مليار سنة، أي في كون بعيد جدًا.

واكتشف جيمس ويب، الذي دخل في الخدمة في تموز/ يوليو الماضي، هذه المنطقة بفضل أداة "نيركام" الخاصة به والتي ترصد مجال الأشعة تحت الحمراء القريبة غير الظاهر بالعين المجردة، وتتيح للتلسكوب مراقبة الكون البعيد.

ورصد التلسكوب ست مجرات أضخم بكثير مما كان يتوقعه العلماء، في مراحل الكون المبكرة، على ما ذكرت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر". وسبق لتلكسوب "هابل" أن رصد مجرتين من هذه المجرات الست، إلا أنّ الصور التي وفرها التلسكوب لم تكن واضحة لأنّ الضوء المنبعث منها كان ضعيفًا.

وتشير تحليلات الصور التي التقطها جيمس ويب إلى أنّ المجرات الست التي أُطلقت عليها تسمية "كانديدتس" (مرشحة) في هذه المرحلة، لأنّ الاكتشاف يتعيّن إثباته من خلال تقنية التحليل الطيفي، تحتوي كميات من النجوم أكبر بكثير مما كان متوقعًا، في حين يصل عدد النجوم في إحداها إلى مئة مليار نجمة.

(Getty Images)

ويقول معد الدراسة الرئيسي، إيفو لابيه، إنّ عدد النجوم هذا "يجعل المجرة مماثلة بالحجم لمجرة درب التبانة"، مضيفًا "هذا جنوني!". فمجرتنا استغرقت 13,8 مليار سنة لتكوين هذه الكمية من النجوم، في حين أنتجت المجرة القديمة الكمية نفسها في 700 مليون سنة فقط، أي "أسرع بعشرين مرة" من درب التبانة، بحسب لابيه، وهو باحث من جامعة سوينبرن للتكنولوجيا في أستراليا.

ويتناقض وجود مجرات قديمة بهذا الحجم مع النموذج الكوني الحالي الذي يسعى إلى فهم بنية الكون. ويقول عالم الفيزياء الفلكية: "استنادًا إلى النظرية السائدة، تكون المجرات في تلك العصور المبكرة، صغيرة جدًا وتشهد نموًا بطيئًا. ومن المرجّح أنها تحوي كميات نجوم أقل بعشر أو مئة مرة مما تحويه مجرة درب التبانة".

وقد تكون المادة السوداء الغامضة التي تملأ الكون، السبب الكامن وراء تشكيل المجرات المُكتشفة نجومًا بهذه السرعة. ومع أنّ العلماء عاجزون عن رصد المادة السوداء، إلا أنهم يدركون جيداً كيف تعمل ويعلمون أن لها دورًا بارزًا في تكوين المجرات.

المجرات الست المرشحة (نشرتها ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية)

ويقول لابيه: "تتكتّل المادة المظلمة لتشكيل هالة تجذب إليها الغاز الذي تتولد منه النجوم". إلا أنّ هذه العملية تستغرق وقتًا طويلًا.

وقد يكون اكتشاف المجرات الست مؤشرًا على أنّ "الأمور تسارعت" في مراحل الكون الأولى بصورة "أكبر مما كان مُتوقعًا" لتشكيل النجوم، بحسب عالم الفيزياء الفلكية في لجنة الطاقة الذرية، ديفيد إلباز.

واعتبر إلباز أن "ذلك يمكن أن يُفسَّر من خلال عملية توسّع الكون التي تتسارع بشكل أكبر مما كنّا نعتقد".

ويثير هذا الموضوع جدلاً بين علماء الكون، مما يجعل اكتشاف جيمس ويب "مثيرًا جدًا للاهتمام ومؤشرًا جديدًا على أنّ النموذج الكوني الحالي يشهد تدهورًا"، بحسب ديفيد إلباز.

ويشير الباحث إلى أنّ التلسكوب الفضائي الأوروبي "يوكلد"، المقرر إطلاقه في الفضاء هذا الصيف لمحاولة كشف أسرار المادة المظلمة، من شأنه أن يساهم في توضيح هذا الغموض.

ويذكر لابيه نظرية "البجعة السوداء" التي تشير إلى أنّ وقوع حدث غير متوقع وغير محتمل، يحمل أثرًا كبيرًا. ويقول "في حال جرى إثبات حقيقة واحدة من المجرات الست، فسيتعين مراجعة النظريات" المتعلقة بالمجرات.

التعليقات