دليلك الشامل عن تحفيز الأمطار بواسطة الطائرات بدون طيار

إن إفراغ شحناتٍ كهربائية بواسطة تقنيات الهندسة البيئية قادر على تعديل أنماط المطر حيث تحمل السحب عادةً شحناتٍ سالبة وموجبة. ووفق آخر الدراسات التي تم إصدارها من قبل مجلة التكنولوجيا الجوية والمحيطية

دليلك الشامل عن تحفيز الأمطار بواسطة الطائرات بدون طيار

(توضيحية)

طالما رأينا طقوس الهنود الحمر في الأفلام والبرامج الوثائقية عن أميركا وهم يقومون بطقوس معينة بهدف حث المطر على الهطول، ومن الشائع أيضا حتى يومنا هذا أن بعض الشعوب والحضارات تقوم بطقوس معينة بهدف الاستمطار. وسواء كانت هذه الممارسات نافعة أم لا، فقد وجد العلم طريقة مضمونة لتحفيز الأمطار على الهطول حتى في الأماكن الصحراوية.

فمع أن جعل الأمطار تهطل وسط الصحراء قد يبدو أحد ضروب الخيال العلمي، استطاعت الإمارات أن تحقق هذا الهدف علما أن عدة دول أبدت اهتمامها في هذا المجال سابقا وكان لها عدة محاولات مثل الصين التي تسعى إلى التحكم بوقت هطول الأمطار والثلوج بشكل تام بحلول عام 2025.

تحدي محاربة الجفاف بالأمطار الاصطناعية

يقدّر أن أكثر من 50 دولة حول العالم تقوم بأعمال ونشاطات تهدف إلى تعديل المناخ وذلك حسب تقارير صادرة عن وكالة الفضاء الإسبانية الوطنية. عادة ما تهدف هذه الممارسات إلى تصغير حجم حبات البرد بهدف تقليل الضرر الذي يمكن أن ينتج عنه وإلى تشتيت الضباب أو مضاعفة حجم الأمطار بنسبة 10% إلى 20%.

قد يكون أهم أهداف هذه الممارسات هو مضاعفة حجم أو كمية الأمطار فيما يعتبر مفيدا لقطاعات الزراعة خصوصا مع شبح الجفاف العالمي في العقود الأخيرة بسبب تغير المناخ.

إن سيناريوهات تغير المناخ المتنوعة أدرت، مؤخرا، إلى ارتفاع عام في فترات الجفاف الجوي ويعود ذلك إلى التأثيرات المجتمعة من قلة الأمطار وتزايد التبخر وفق ما يقول خبراء المناخ.

وبهدف محاربة الجفاف قامت الإمارات بتجريب أساليب متعددة لجلب الأمطار خلال سنوات طوال. فخلال فترة ستة أشهر فقط، قامت الإمارات بتنفيذ 219 عملية تهدف إلى خلق الأمطار الاصطناعية وذلك عبر طريقة تدعى "زرع الأمطار" وهي تتضمن جعل الغيوم الموجودة في الجو بشكل طبيعي تمطر أكبر قدر ممكن بغض النظر عن الظروف البيئية المحيطة.

بالرغم من عقودٍ من الأبحاث التي تتناول هذه التقنيات، فلا زال هناك الكثير من الانتقادات التي تدور حول زرع الأمطار وذلك يعود جزئيا إلى صعوبة تأكيد فعالية هذه التقنيات والاعتماد عليها كليا مع الأخذ بالاعتبار تعقيد وتنوع أنظمة الطقس. ويجب تذكر أنه ليس هناك غيمتان متماثلتان وأن هناك الكثير من العوامل التي يمكن أن تؤثر في ظهور الأمطار.

طائرات بدون طيار لشحن الغيوم بالأمطار

طائرات بدون طيار لشحن الغيوم بالأمطار 

تقوم الإمارات بمراقبة الطقس على مدار الساعة باستخدام شبكة من الرادارات ومحطات الطقس. كل هذه البيانات يتم تحليلها لتحديد إذا ما كانت ظروف الطقس مناسبة لزراعة الأمطار.

تعتمد التقنية الجديدة في هذه الدولة حيث تتجاوز الحرارة في بعض الأحيان 40 درجة سلسيوس على أسلوب جديد تماما حيث تستخدم الطائرات بدون طيار لإفراغ شحنات كهربائية تسبب تكاثف قطرات الماء في السحب فينهمر المطر.

إن إفراغ شحناتٍ كهربائية بواسطة تقنيات الهندسة البيئية قادر على تعديل أنماط المطر حيث تحمل السحب عادةً شحناتٍ سالبة وموجبة. ووفق آخر الدراسات التي تم إصدارها من قبل مجلة التكنولوجيا الجوية والمحيطية فعندما يتم شحن قطرات الماء كهربائيا يتغير سلوكها مما يحفز التصادم والتبخر والهطول. وهذا هو بالضبط ما يتم الوصول إليه في الإمارات مؤخرا على الأقل بشكل نظري.

تعمل الطائرات المسيرة بدون طيار على إرسال نبضات من الكهرباء في الغيوم لجعل قطرات الماء تندمج وتلتصق ببعضها البعض. وعندما تندمج مجموعة من قطرات الماء لتصبح كبيرة بما فيه الكفاية فإنها تتساقط على شكل قطرات المطر.

من المرجح أن شحن الغيوم كهربائيا لن يستبدل تقنيات الاستمطار الأخرى التي أثبتت نجاحها في المستقبل القريب ولكن يمكن أن يرفد تقنيات زراعة المطر المتنوعة ويعزز فعاليتها.

تاريخ أبحاث التحكم بالمطر

كما ذكرنا سابقا فدولة الإمارات ليست الدولة الوحيدة أو الأولى التي تطرق باب التحكم بالطقس حيث يعود تاريخ محاولات العديد من الدول في هذا المجال إلى عقود سابقة.

المحاولات الأميركية الأولى للتحكم بالمطر

يمكن القول إن أولى التجارب تعود لعام 1946 حين حاول عالم الكيمياء فينسنت جاي. شايفر زرع الأمطار بواسطة الطائرات والصواريخ والمدافع كذلك.

وتم استخدام عدة مواد كيماوية لهذا الغرض مثل ثاني أوكسيد الكربون الصلب (الجليد الجاف) واليود الفضي.

الصين والتحكم بالمناخ

يذكر التاريخ أنه كان بحوزة الصين 30 طائرة و4000 صاروخ و7000 سلاح مضاد للطيران مجهزة جميعها لمنع هطول المطر في العاصمة بكين خلال الألعاب الأولمبية في عام 2008.

وفي العام 2009 انتشرت تقارير عن أن حكومة الصين تسببت بهطول ثلجي استمر لمدة 11 ساعة في العاصمة بشكل مقصود.

تصل مطامح الصين من حيث التحكم بالمناخ إلى التحكم التام بالهطولات المطرية والثلجية على مساحة تبلغ 5.5 مليون كيلومتر مربع في السنوات القليلة القادمة.

من وجهة نظر الحكومة الصينية فإن التحكم بالأمطار من شأنه أن يكون مفيدا للغاية لري المحاصيل في القطاع الزراعي ولإخماد الحرائق في الغابات حتى في فصل الصيف لتلافي الكوارث الطبيعية.

لماذا تعتبر تقنيات الاستمطار محدودة؟

يقول خبراء البيئة والمختصون بتقنيات الأمطار الصناعية إن المطر لا يمكن توليده أو تحفيزه بدون وجود غيوم بالدرجة الأولى، وحتى الآن لم تتوصل أي جهة علمية بعد إلى توليد أو خلق الغيوم من لا شيء.

أي أن هذه الأساليب بالرغم من كونها نافعة بعض الشيء، ليست حلا جذريا لمشكلة الجفاف.

بالإضافة إلى ما سبق فالكثيرون يعتقدون أن التلاعب بالمجرى الطبيعي للبيئة لا يمكن أن يكون شيئا إيجابيا وأن تبعاته سواءً على المدى البعيد أو القريب ستكون وخيمة.

على سبيل المثال من المعروف أن استخدام اليود الفضي له آثار بيئية سيئة إذا استخدم بإهمال أو دون وعي للكميات المستخدمة، ولكن بعض الدراسات البيئية أثبتت أن مدى التلوث الناتج عن استخدام هذه المادة الكيميائية لتحفيز هطول الأمطار ليس بالسوء الذي نظنه. ومع ذلك تبقى هناك مخاوف حول دخول هذه المواد الكيميائية في المياه الجوفية وغيرها من الموارد الطبيعية.

التعليقات