التغيّرات المناخيّة: متى بدأ الحديث عنها؟

في عام 1957، نشر الفيزيائيّ روجر ريفيل والكيميائيّ هانز سويس ورقة بحثيّة اقترحت أنّ حرق الوقود الأحفوريّ يمكن أن يؤدّي إلى زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّيّ، ممّا قد يؤدّي بدوره إلى الاحتباس الحراريّ

التغيّرات المناخيّة: متى بدأ الحديث عنها؟

(Getty)

يعدّ تغيّر المناخ أحد أكثر القضايا إلحاحًا في عصرنا، وآثاره محسوسة في جميع أنحاء العالم، من ارتفاع مستويات سطح البحر والظواهر الجوّيّة المتطرّفة إلى ذوبان الأنهار الجليديّة وتقلّص الغابات، ويمكن إرجاع الفهم المبكّر لتغيّر المناخ إلى القرن التاسع عشر، عندما بدأ العلماء لأوّل مرّة في مراقبة التغيّرات في مناخ الأرض. ومع ذلك، لم يبدأ المجتمع العلميّ في التعرّف على الصلة بين الأنشطة البشريّة وتغيّر المناخ حتّى منتصف القرن العشرين.

في عام 1957، نشر الفيزيائيّ روجر ريفيل والكيميائيّ هانز سويس ورقة بحثيّة اقترحت أنّ حرق الوقود الأحفوريّ يمكن أن يؤدّي إلى زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّيّ، ممّا قد يؤدّي بدوره إلى الاحتباس الحراريّ، ومنذ ذلك الحين، تمّ إجراء العديد من الدراسات لتعزيز فهمنا لتغيّر المناخ وأسبابه، ومع مرور الوقت، وتحديدًا في عام 1988، تمّ إنشاء الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC) لتقديم تقييم علميّ لمخاطر تغيّر المناخ، ولإعلام الحكومات والسياسيّين حول كيفيّة معالجة هذه القضيّة، ومنذ إنشائها، نشرت الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ سلسلة من التقارير الّتي وثقت الأدلّة العلميّة لتغيّر المناخ وتأثيراته.

وكانت إحدى النتائج الرئيسيّة الّتي توصّلت إليها الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ هي أنّ مناخ الأرض آخذ في الاحترار بمعدّل غير مسبوق، وأنّ هذا يرجع إلى حدّ كبير إلى الأنشطة البشريّة، فوفقًا لتقرير التقييم الخامس للهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC) ، فقد ارتفع متوسّط ​​درجة الحرارة العالميّة بمقدار 0.85 درجة مئويّة منذ عام 1880، ومن المتوقّع أن يرتفع بمقدار 1.5 درجة مئويّة أخرى إلى 4.5 درجة مئويّة بحلول نهاية هذا القرن، اعتمادًا على مستوى انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ…

وازداد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّيّ بنسبة 47% منذ عصر ما قبل الصناعة، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى الأنشطة البشريّة، ووفقًا للهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC)، من "المحتمل جدًّا" أن تكون الأنشطة البشريّة هي السبب الرئيسيّ لتغيّر المناخ منذ منتصف القرن العشرين.

وبدأت آثار تغيّر المناخ محسوسة بالفعل في جميع أنحاء العالم، ومن أهمّ التأثيرات ارتفاع منسوب سطح البحر، الناجم عن ذوبان الأنهار الجليديّة والصفائح الجليديّة، والتوسّع الحراريّ للمحيطات، ووفقًا للهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ، فقد ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 0.19 مترًا منذ عام 1901، ومن المتوقّع أن يرتفع بمقدار 0.26 مترًا إضافيًّا إلى 0.82 مترًا بحلول نهاية هذا القرن، اعتمادًا على مستوى انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ.

ويمكن أن يتسبّب ارتفاع مستوى سطح البحر في آثار كبيرة على المدن والمجتمعات الساحليّة بحسب علماء، مثل فيضانات وتآكل البنية التحتيّة الساحليّة، ويمكن أن يزيد من مخاطر هبوب العواصف وأمواج تسونامي، وبالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن يتسبّب في زيادة تواتر وشدّة موجات الحرّ والجفاف وحرائق الغابات، والّتي يمكن أن يكون لها آثار مدمّرة على الزراعة والنظم البيئيّة الطبيعيّة وصحّة الإنسان.

وعلى الرغم من الأدلّة العلميّة الدامغة على تغيّر المناخ، لا يزال هناك من ينكر وجوده، أو يجادل بأنّه ليس بسبب الأنشطة البشريّة. ومع ذلك، فإنّ الإجماع العلميّ واضح: تغيّر المناخ حقيقيّ، وهو ناجم عن الأنشطة البشريّة، وهو تهديد كبير لكوكبنا وسكّانه. ونشرت الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC) سلسلة من التقارير الّتي وثقت الأدلّة العلميّة لتغيّر المناخ وتأثيراته، وقدّمت توصيات حول كيفيّة معالجة هذه القضيّة.

وعلى الرغم من ذلك، فقد كان هناك نقص في الإجراءات من قبل العديد من الحكومات والصناعات للحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراريّ والتخفيف من آثار تغيّر المناخ، ويرجع هذا إلى حدّ كبير إلى عوامل اقتصاديّة وسياسيّة، فضلًا عن نقص الوعي العامّ وفهم هذه القضيّة.

التعليقات