دليلك الشامل عن تأثير تغير المناخ على الصحة العالمية

يوجد آثار مباشرة لظاهرة تغير المناخ على صحة الفرد ومن أمثلتها ارتفاع الجهد الحراري وحدوث الفيضانات في مناطق والجفاف بأماكن أخرى وزيادة حدوث العواصف الكبيرة والبراكين، كما يوجد آثار غير مباشرة على الصحة

دليلك الشامل عن تأثير تغير المناخ على الصحة العالمية

(توضيحية)

يزداد التغير المناخي بشكل سنوي بسبب عدة عوامل ويؤثر هذا التغير على الصحة العالمية للأفراد والمجتمعات عبر تأثيره على محددات الحياة البيئية والاجتماعية وهي المياه الصالحة للشرب والهواء النقي والغذاء الصحي والكافي.

يتوقع الكثير من خبراء المناخ أن يسبب تغير المناخ في الفترة القادمة ما بين عامي 2030 و2050 زيادة في أعداد الوفيات كل عام لتصل إلى 250 ألف نتيجة سوء الغذاء وانتشار الملاريا والجهد الحراري والإسهال.

ما هي تغيرات المناخ العالمية؟

إن جميع ما يشهده العالم في هذه الأيام من حرائق الغابات إلى موجات الصقيع ليست إلا شكلا صغيرا مما تسببه ظاهرة تغير المناخ، وبحسب مصادر الهيئة الدولية الحكومية الخاصة بتغير المناخ (ipcc) ستزداد وتيرة هذه العوامل وقوتها لتسبب أضرارا ضخمة على مستوى العالم.

ومن المعلوم أن تبدلات الطقس والحرارة على اختلاف الفصول أمر طبيعي، ولكن عندما تزداد شدة تلك التغيرات وتصبح طويلة الأمد وغير عادية تسمى تلك الحالة بتغير المناخ. وبشكل عام يسبب تغير المناخ ارتفاعا في درجات الحرارة وتفاوتا في نسب هطول الأمطار وما ينتج عنها من ذوبان جليد القطبين مما يؤدي لارتفاع منسوب مياه البحر، بالإضافة لفترات من العواصف الشديدة أو الجفاف في مناطق مختلفة.

كانت هذه التأثيرات قد بدأت بالفعل في الظهور، حيث أن أكثر الشعوب تأثرا بتلك الحالات هم سكان البلدان النامية والجزر الصغيرة كشمال إفريقيا وسكان الشرق الأوسط. وعلى الرغم من وجود أسباب طبيعية للتغير المناخي العالمي كتغيرات دورة الشمس والأنشطة البركانية، إلا أن الأنشطة البشرية بدأت تساهم بشكل كبير في تفاقم هذه الظاهرة ولا سيما بعد أواسط القرن العشرين وتحديدا عند بدء الثورة الصناعية العالمية، حيث أدّت إلى ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب الانبعاثات في الغازات الدفيئة وتراكمها في الغلاف الجوي.

تأثير تغيرات المناخ على الصحة العالمية

يوجد آثار مباشرة لظاهرة تغير المناخ على صحة الفرد ومن أمثلتها ارتفاع الجهد الحراري وحدوث الفيضانات في مناطق والجفاف بأماكن أخرى وزيادة حدوث العواصف الكبيرة والبراكين، كما يوجد آثار غير مباشرة على الصحة ومنها تلوث الهواء وانتشار الأمراض وناقلاتها والنقص في الواردات الغذائية مع انعدام أمن الغذاء واعتلالات الصحة العقلانية.

وضمن سياق هذه الحالة صدر في العام 2019 مسودة عن جمعية الصحة العالمية بنسختها الثانية والسبعين، بعنوان "الإستراتيجيات العالمية الصادرة حول البيئة والصحة وتغيرات المناخ وعن التحول اللازم خلقه في تحسين حياة الأفراد وعافيتهم لإيجاد بيئة صحية"، وهدف هذه الإستراتيجية هو طرح تصورات ورؤى حول كيفية استجابة النظام الصحي وحكومات الدول لمخاطر البيئة والمناخ على الصحة العامة بالإضافة للتحديات التي تشكل عائقا أمام النظم الصحية حتى عام 2030.

وجرى تعريف المخاطر البيئية بما فيها المناخية على صحة الأفراد بأنها مجموع عوامل خارجية تتعلق بجوانب كيميائية وفيزيائية وبيولوجية مع جوانب العمل تؤثر على الأشخاص وسلوكياتهم اليومية إجمالا، ويأتي هذا التعريف في إطار الإستراتيجية السابقة للصحة العالمية.

وتعتبر البيئة الصحية أمرا حيويا هاما لضمان صحة وسلامة الإنسان ونموه السليم، فمثلا يسبب تلوث الهواء لوحده سنويا حوالي 7 ملايين حالة وفاة بالإمكان تجنبها، وتأتي أساليب تأثير تغير المناخ على الصحة العالمية في عدة محاور وهي كما يلي:

الأمراض المتأثرة بالمناخ (Climate Diseases) والأمراض المنتقلة بواسطة نواقل (Vector- Borne Diseases)

ومن أمثلة تلك الأمراض الليشمانيا والملاريا وحمى الضنك، وغيرها العديد من الأمراض التي تنتقل بواسطة النواقل حيث أدت تغيرات المناخ إلى تغيرات بيئية وتغير أماكن انتشار تلك النواقل مما سبب حدوث تغيرات عالمية في الأوبئة المتعلقة بتلك الأمراض.

انتشار الأمراض القلبية والتنفسية

عند حدوث التغيرات المناخية ستؤدي إلى تغير في سلامة الهواء وجودته وزيادة ملوثاته، مما يؤثر سلبا على جهاز التنفس والدوران لدى الإنسان، وهذا الأمر يفاقم من أمراض التنفس كالحساسية والربو بالإضافة إلى المشاكل القلبية عند الفئات الأكثر عرضة مثل كبار السن والمرضى بأمراض مزمنة.

تداعيات الجهد الحراري (الإنهاك الحراري)

إن ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير يؤدي إلى حدوث إنهاك حراري لدى الأفراد بمضاعفاته المختلفة، والتي قد تؤدي إلى الوفاة بحال لم يتم التعامل مع الحالة بشكل إسعافي، ولا سيما عند الفئات الأكثر خطورة كالأطفال أو الكبار بالسن، ومن المعروف أن الجهد الحراري هذا يسبب بشكل عام انخفاض إنتاجيّة الأفراد.

تغييرات الصحة النفسية

إن التغير في جودة الهواء والمناخ يؤثر بشكل هام على صحة الفرد النفسية، وهذا يعني التأثير على كافة مناحي حياتهم، سواء كانت شخصية أو اجتماعية.

التسمم الغذائي والأمن الغذائي

يشهد العالم تطورات خطيرة على كميات المحاصيل وجودتها والإنتاج الزراعي بشكل عام، وهذا الأمر يؤثر على توفر المواد الطعامية ولا سيما عند الأشخاص الأكثر فقرا، حيث أدت التغيرات بدرجات الحرارة إلى تسريع نمو كائنات دقيقة تسبب أمراضا معدية عديدة كحالات التسمم الغذائي.

كيفية التعامل حيال تغير المناخ وتأثيره على الصحة

يمكن للحكومات والدول اتباع مجموعة من العوامل التي تساعد في التخفيف من آثار تغيرات المناخ على صحة الأفراد والمجتمع وذلك عبر ما يلي:

زيادة الاستثمار في برمجيات المراقبة والبحث

ويفيد هذا الأمر في فهم تأثيرات تغير المناخ على الصحة العالمية بشكل أعمق، وهذا يعني فهم حاجيات التكيف والفوائد الصحية للتخفيف من أثر تغير المناخ على المستويات المحلية والوطنية.

توسيع نطاق الأنظمة الصحية المرنة

إن القيام بتوسيع نطاق النظام الصحي في البلدان وجعله مرنا يساعد على تكيف المجتمع مع تغيرات المناخ، حيث أن الدول المسببة لحدوث التغيرات المناخية تحمل مسؤولية تأمين الدعم اللازم فنيا وماليا من أجل تقليل آثار تغيرات المناخ على صحة الإنسان عالميا، وذلك عبر تعزيز النظم الصحية في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض.

التخلص بشكل تدريجي وسريع من الفحم ومشتقاته

التخلص بشكل تدريجي وسريع من الفحم ومشتقاته

بعد التخلص من استخدام الفحم وغيره من أنواع الوقود الأحفوري، سيشكل هذا الأمر تخفيضا كبيرا في نسب الأمراض الوعائية والقلبية والتنفسية، مما ينعكس إيجابا على الصحة العامة للفرد والمجتمع عالميا.

التعليقات