"القرد البحار" قام بهجرة هائلة قبل 21 مليون عام

حقق القرد البحّار، الذي يشبه النسناس الحالي، إنجازًا مثيرًا بعبوره مياه المحيط المفتوحة لمسافة 160 كيلومترًا على الأقل، قبل 21 مليون سنة انطلاقا من أميركا الجنوبية ووصولا إلى أميركا الشمالية، وذلك قبل دهور من التحام القارتين.

حقق "القرد البحّار"، الذي يشبه النسناس الحالي، إنجازًا مثيرًا بعبوره مياه المحيط المفتوحة لمسافة 160 كيلومترًا على الأقل، قبل 21 مليون سنة انطلاقا من أميركا الجنوبية ووصولا إلى أميركا الشمالية، وذلك قبل دهور من التحام القارتين.

وقد قال العلماء أمس، الأربعاء، إنهم خلصوا لهذا الاستنتاج بناء على اكتشاف سبع أسنان صغيرة خلال عمليات حفر لتوسيع قناة بنما، حيث أوضح الاكتشاف أن هذه القِرَدَة وصلت إلى قارة أميركا الشمالية، منذ وقت أقدم كثيرًا مما كان يعتقد من قبل.

وتخص هذه الأسنان القردة من نوع "بنماسيبوس ترانزيتوس"، وهو نوع متوسط الحجم غير معروف من قبل، فيما كانت أميركا الجنوبية، آنئذٍ، منفصلة تماما عن بقية القارات، إذ كانت تعيش بها طوائف عجيبة من الثدييات، التي نشأت وتطورت على نحو وصفه عالم الكائنات الحية القديمة في القرن العشرين، الأميركي جورج جيلورد سيمبسون، بأنها "عزلة مدهشة".

ولا يزال قدر من الغموض يكتنف كيفية نجاح هذه القردة في إتمام هذا الإنجاز. وبعد كل هذا العمل البطولي، يبدو أن شكوكًا لا تزال تحيط بقدرتها على اجتياز البحار.

وقال مدير متحف فقاريات العصور القديمة بمتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي في جامعة فلوريدا، جوناثان بلوتش، "تمثل بنما أقصى الطرف الجنوبي لقارة أميركا الشمالية، في ذاك الوقت".

وأضاف "ربما تمكنت القردة من العبور سباحة، لكن ذلك يستلزم قطع مسافة تزيد على 100 ميل وهو عمل شاق يقينًا، والأرجح أنها عبرت دونما قصد على أطواف من الرقعة النباتية".

وقال بلوتش إنه على قدر علم الجميع فإن هذه القردة كانت الثدييات الوحيدة التي تمكنت من عبور البحر من أميركا الجنوبية، وصولا إلى بنما الآن.

وفيما تمكن حيوان الكسلان العملاق بأميركا الجنوبية، من الوصول إلى أميركا الشمالية منذ نحو تسعة ملايين عام، إلا أن برزخ بنما لم يتكون إلا منذ نحو 3.5 مليون عام، ما أتاح للحيوانات البدء في الارتحال بين القارتين بأعداد كبيرة في واحد من أضخم عمليات الاختلاط بين الأنواع في التاريخ.

وقال بلوتش إن التأكد من أن هذه القردة عاشت في أميركا الشمالية آنذاك، اكتشاف بالغ الغرابة بالنسبة للعقل، لأنه كان من المسلم به منذ فترة طويلة أنها لم تكن موجودة هناك في ذلك الوقت.

ويشبه ذلك معرفة أن حيوانات الكنغر والكوالا في أأالستراليا تعيش في البرية بقارة آسيا، الآن.

نشأت القردة في بادئ الأمر في أفريقيا ثم ارتحلت بعد ذلك إلى مناطق أخرى من العالم، ويعتقد العلماء أنها قطعت رحلة بحرية أطول عبر مياه المحيط، ربما منذ 37 مليون عام، عندما انتقلت من أفريقيا إلى أميركا الجنوبية، وربما، أيضًا، على أسطح عائمة.

وقال بلوتش في الدراسة التي أوردتها دورية "نيتشر" إن الأسنان السبعة، التي يصل طول أكبرها إلى نحو خمسة ملليمترات، تنتمي، بما لا يدع مجالا للشك، لقردة أميركا الجنوبية، لكن شكلها يوضح أن قرد "بنماسيبوس ترانزيتوس"، كان يتغذى على الفاكهة المنتشرة في بيئة غابات المناطق الحارة.

التعليقات