كيف يمكن أن يؤثر نظامنا الغذائي على العالم؟

كيف يمكن أن تؤثر أصناف الطعام التي نتناولها دونًا عن غيرها على العالم؟ هل هناك علاقة بين الاحتباس الحراري والنظام الغذائي للبشر؟

كيف يمكن أن يؤثر نظامنا الغذائي على العالم؟

توضيحية (pixabay)

كيف يمكن أن تؤثر أصناف الطعام التي نتناولها دونًا عن غيرها على العالم؟ هل هناك علاقة بين الاحتباس الحراري والنظام الغذائي للبشر؟ على ما يبدو، فإنّ هناك علاقة وثيقة بين العاملين، فقد حذّرت دراسة بريطانية حديثة نشرت في العدد الأخير من مجلة "نيتشر" العلمية، من زيادة تأثير النظام الغذائي الذي يستلزم العمليات المختلفة في الإنتاج والبنية التحتية المستخدمة لتغذية العالم، على البيئة.

وأكّدت الدراسة أنّ النظام الغذائي العالمي الحالي، يساهم في زيادة الدفيئة العالمية، مضيفةً أنّ "رحلة المواجهة تستوجب اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التغيرات المتوقعة في تعداد السكان ومستويات الدخل"، وفق ما ذكره البحث.

وخلال الدراسة صمم الباحثون نموذجًا للنظام الغذائي العالمي يتم تفصيله على البلدان لدراسة التأثيرات البيئية المرتبطة بالطعام، إذ تمكّنوا بمساعدة هذا النموذج من تحديد خمسة مؤشرات رئيسية تعكس تأثير النظام الغذائي على البيئة، وهي انبعاثات الغازات الدفيئة المرتبطة بالتغير المناخي، والتوسع في استخدام الأراضي الزراعية، واستخدام المياه العذبة والمياه الجوفية، واستعمال النيتروجين والفوسفور.

وأشار الباحثون إلى أن غياب توظيف التكنولوجيا وعدم اتخاذ إجراءات للحد من تأثير تلك المؤشرات الخمسة سيؤدي إلى زيادة التأثير السلبي لكل مؤشر على البيئة بنسب تتراوح بين 50% إلى 92%.

وتوقّعت المعطيات التي توصّل إليها البحث، أن يتغير إنتاج الطعام واستهلاكه بين 2010 و2050 كنتيجة للتطورات الاجتماعية الاقتصادية، التي تشمل تزايد سكان العالم من 6.9 مليارات في 2010 إلى ما بين 8.5 مليارات إلى 10 مليارات نسمة بحلول 2050، وارتفاع الدخل العالمي من 68 تريليون دولار في 2010 إلى ما بين 180-290 تريليون دولار في 2050.

وبناءً على هذه المعطيات، رأى الباحثون أنّ هذه التغيرات ستؤدي إلى ارتفاع المؤشرات الخمسة، وفي مقدمتها انبعاثات الغازات الدفيئة بنحو 87%، وزيادة الطلب على الأراضي الزراعية بمعدل 67%، واستخدام مياه الشرب بنسبة 65%، واستعمال الفوسفور بنسبة 54% والنيتروجين بنسبة 51%.

ما علاقة هذه المعطيات إذًا بالنظام الغذائي بالضبط؟

لقد تم تصميم نموذج النظام الغذائي العالمي بحيث يتتبع مكان إنتاج الطعام الذي يتم استهلاكه والتأثير البيئي على الإنتاج الغذائي في كل منطقة. كما جرى رصد المراحل الأساسية في حلقة الغذاء، ومنها تجارة المحاصيل وتصنيع السلع الأولية وتحويلها مثلًا إلى زيوت نباتية أو سكر مكرر، وكذلك استخدام جزء من المحاصيل لتغذية الماشية.

وتعكس الحسابات البيئية اختلاف التأثير البيئي للإنتاج الزراعي على مستوى البلدان من حيث انبعاثات الغازات الدفيئة، واستخدام الأراضي الزراعية والمياه العذبة، واستعمال النيتروجين والفوسفور في صورة أسمدة، إذ يؤدي الإفراط فيهما إلى نتائج سلبية على البيئة البرية والبحرية.

وأشارت الدراسة إلى أن التوسع الدولي في الأراضي الزراعية يمثل أعباءً إضافية على الغابات، وأنه تسبب في الماضي في إزالة بعض الغابات، وهو أمر قادر على إحداث تغيرات كبيرة في النظام البيئي، إذ يسمح بإطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، ويقلص مأوى السلالات البرية، وبالتالي يهدد بشكل كبير التنوع الحيوي.

ماذا يقترح الباحثون للتقليل من هذه التأثيرات؟

عمل الباحثون خلال الدراسة على تحليل عدة خيارات، أهمها تغيير العادات الغذائية إلى نظام صحي نباتي وتطوير التكنولوجيا وأساليب الإدارة لزيادة المحاصيل الزراعية وحسن إدارة المياه وتقليل الهدر في الغذاء. وتوصل الباحثون إلى أن هذه الإجراءات مجتمعةً يمكنها أن تخفف الأثر البيئي المتوقع للنظام الغذائي على البيئة عام 2050.

كذلك بيّن الباحثون أنّ النظام الغذائي الأكثر اعتمادًا على النبات يُعَد أفضل للصحة، كما أنه مطلوب لتجنُّب تصاعُد حدة التغيرات المناخية، والعالم يحتاج إلى تطوير التكنولوجيا وتقليل الفاقد في الطعام لتخفيف الأثر البيئي المرتبط بالتوسع الزراعي واستخراج المياه العذبة واستخدام الأسمدة.

ووضّحت الدراسة أنّ بعض خيارات التكنولوجيا والإدارة تُستخدم حاليًّا في بعض أنحاء العالم، مثل أنظمة الري الفعالة وتتبُّع الأسمدة وتدويرها، ولكن الأهم أن تصبح هذه الخيارات في متناول المزارعين في المناطق الأكثر فقرًا في العالم. وهناك خيارات أخرى مثل الاهتمام بزراعة المحاصيل الأعلى إنتاجًا مثل الخضراوات والفاكهة والبقوليات.

 

التعليقات