10/10/2021 - 23:48

أعمال تجريف في المقبرة اليوسفيّة: مواجهات في أحياء القدس واعتقالات

جرفت آليات تابعة للاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، أجزاءً من المقبرة اليوسفية الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الشرقية، ما تسبّب باندلاع مواجهات مع عناصر قوات الاحتلال في المكان، والتي استهدفت محتجّين بقنابل الغاز المدمِع.

أعمال تجريف في المقبرة اليوسفيّة: مواجهات في أحياء القدس واعتقالات

عناصر الاحتلال في منطقة المقبرة

جرفت آليات تابعة للاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، أجزاءً من المقبرة اليوسفية الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الشرقية، ما تسبّب باندلاع مواجهات مع عناصر قوات الاحتلال في المكان، والتي استهدفت محتجّين بقنابل الغاز المدمِع، وقنابل الصوت، لتندلع عقب ذلك، مواجهات في عدد من أحياء المدينة، تخلّلت اعتقال شابّين.

وقال رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالأوقاف الإسلامية في القدس، مصطفى أبو زهرة، إن "قوات الاحتلال جرفت قبرا من مقبرة الشهداء التابعة للمقبرة اليوسفية حيث ظهرت عظام أحد الموتى، وقد قمنا بعد ذلك بإخراج الجرافة التي قامت بتجريف القبر، وترميمه وإعادته إلى ما كان عليه، وأجبرنا الجرافة وقوات الاحتلال على مغادرة المكان".

واعتقلت قوات الاحتلال الشابين قيس شرحة، ونعيم العموري، من منطقة "المصرارة" في المدينة، كما انتشرت قوات الاحتلال، بكثافة في ساحة باب العامود، واعتدت على المقدسيين هناك.

وقالت مصادر في جمعية "الهلال الأحمر"، إن شرطة الاحتلال منعت طواقمها من تقديم الاسعاف الأولي لمصابين في باب العامود.

وفي غضون ذلك، اندلعت مواجهات في عدد من أحياء بلدتَي سلوان والطور، أطلقت قوات الاحتلال خلالها القنابل الغازية السامة والصوتية تجاه المقدسيين.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أن عمليات التجريف تأتي "بعد أن استجابت المحاكم الإسرائيلية لطلب بلدية الاحتلال في القدس، وما تعرف بـ’سلطة الطبيعة’، باستئناف أعمال التجريف في المقبرة، ويشمل القرار كذلك السماح بتحويل قطعة الأرض إلى حديقة عامة من أجل ضمان منع المسلمين من استحداث قبور جديدة فيها، ضمن مساعي تهويد القدس وتغيير تاريخها وجغرافيتها".

وعقب عمليات التجريف التي نفّذها الاحتلال، اجتمع أهال من المدينة في المقبرة، مندّدين بالاعتداءات المستمرّة للاحتلال، لتعتدي عليهم قوات الاحتلال، عقب ذلك.

وتسبّبت عمليات التجريف في ظهور أجزاء من رفات كان في مدفونا في المقبرة، بينهما عظام. وفي هذا الصدد ذكر رئيس لجنة رعاية المقابر بالقدس المحتلة، مصطفى أبو زهرة، إنّ "سلطات الاحتلال قامت بتكسير الجماجم وعظام الموتى المسلمين، سنتوجه للمحاكم مرة أخرى لوقف العمل في المقبرة"، بحسب ما نقل عنه مركز معلومات وادي حلوة- القدس.

فيما شدّدت امرأة مقدسية تواجدت في المكان، عقب الاعتداء على المقبرة، على مدى جُرم الاحتلال، وقالت: "حتى الأموات مش خالصين منكم... إنتو إطلعوا (اخرجوا) برا المقبرة".

وأفادت جمعية "الهلال الأحمر"، بأن طواقمها، "تعاملت مع إصابتين بقنابل الصوت"، مشيرة إلى أنه "تم علاجهم ميدانيا خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في باب الأسباط".

كما ذكرت الجمعية أنّ إحدى الإصابات، تعود لأحد أفراد الطواقم الطبية.

وأضرم شبّان، النيران، في مخزن حديدي متنقّل (كونتينر)، يتبع لبلدية الاحتلال وسلطة الطبيعة وضع داخل مقبرة مقبرة اليوسيفية في القدس رفضا لمخطط لتحويل المقبرة لحديقة توراتية.

وهتف العشرات بشعارات من قبيل؛ "هاي المقابر إلنا"، و"مستوطن برّا برّا"، و"يا شهيد ارتاح ارتاح إحنا منكما كفاح، و"هاي الأرض ما بتموت... عليها المقدسيّة (المقدسيون)".

كما وصل أهال دُفنت جثامين أقربائهم بالمقبرة، إليها، ليطمئنوا بأن قبورهم لم تُنبَش، فيما استدعت سلطات الاحتلال، الشاب فراس الأطرش للتحقيق معه في مركز الشرطة، وهو كان أحد المتواجدين في المقبرة.

"المجتمع الدولي وهيئاته في مرمى الاتهام"

بدوره، شدّد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد التميمي، في بيان على أنّ تجريف أجزاء من المقبرة، "جريمة وانتهاك لحرمة الموتى بنبش القبور"، محذرا من عواقبها.

وقال إن "حرمة الموتى مُصانَة لدى الديانات السماوية والقوانين الوضعية وفي مقدمتها القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين دول العالم، والتي تنتهكها سلطات الاحتلال بشكل صارخ وعلني".

وأضاف التميمي أن هذا الانتهاك "يضع المجتمع الدولي وهيئاته في مرمى الاتهام والمشاركة فيه، كونه يسكت ويتغاضى عن ردع ومساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي".

محافظة القدس: جريمة حرب بشعة

من جانبها، شدّدت محافظة القدس على أن "ما جرى و يجري في مقبرة اليوسفية من استهداف واضح لمقابر المسلمين؛ لا يمكن اعتباره غير أنه جريمة بشعة ومقززة من أطراف طالما تباكوا على ظلم واضطهاد الشعوب الأخرى لهم و لمعتقداتهم ولشعبهم".

ولفت البيان إلى أن "تهويد المدينة المقدسة وتغيير معالمها أصبح يطال حتى الأموات في قبورهم، التي نهت عنه كل الأديان والشرائع والكتب السماوية".

وقالت المحافظة في بيانها: "متى ستكترث الأسرة الدولية لحقوق الفلسطينيين وتوفر لهم الحماية الدولية لحفظ حقوق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا وأحيائنا وأمواتنا من جرائم الاحتلال؟ وهل يعتقد العالم أن القوة القائمة بالاحتلال يمكن أن تجلب الهدوء والاستقرار والأمن لأحد في العالم، في ظل هذه الحلقة الجديدة من مسلسل العدوان الذي يستهدف مقابر المسلمين في اليوسفية و باب الرحمة و مقبرة ’مأمن الله’ و’المجاهدين’ وكافة المقابر الإسلامية في جميع الأراضي الفلسطينية".

وذكرت المحافظة أن "منطق البلطجة والقمع لن يجدي نفعا، داعية كل الحقوقيين أفرادا ومؤسسات وجماعات إلى تضافر كل الجهود، لملاحقة الاحتلال قانونيا على كافة المستويات لوقف هذه الجرائم والعدوان المستمر على أبناء شعبنا".

ودعا البيان "أبناء الشعب الفلسطيني بكل فصائله وقواه الوطنية والإسلامية ومؤسساته و فعالياته الرسمية والشعبية، إلى نبذ الفرقة والتخندق معا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، البيت الجامع للكل الفلسطيني، من أجل الدفاع عن مقدساتنا وأحيائنا وكرامة أمواتنا وشهدائنا وجرحانا وجبال من التضحيات"، متسائلة: "ماذا يمكن بعد كل هذا أن يوحدنا؟ ألا تكفي هذه الصرخة التي انطلقت اليوم وتنطلق كل يوم من كل بيت وحي وزاوية وشاب وعجوز وامرأة؟ أليس من مجيب لصرخة أوجاع وألم وحلم الشباب الذي يضيع وتندثر طموحاته بفعل شرذمتنا و تشتت صفوفنا؟ أليس من مجيب لصرخات القدس بحجارتها وأشجارها وأهلها؟ أما آن لنا أن نتوحد من أجلها و لأجل مسرى رسولنا الكريم والأرض التي بارك الله حولها".

وفي البيان ذاته، توجهت المحافظة "بمناشدتها لكل وسائل الإعلام والكتاب والصحافيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، إلى توحيد خطابها والدعوة من أجل وحدة الصفوف ورصها، ونبذ الخلافات والترفع عن صغائر الأمور، والعمل معا من أجل الهدف الأسمى وهو الانعتاق من الاحتلال وتحرير الأرض والإنسان والمقدسات".

الشاب الأطرش

وكانت قوات الاحتلال قد هدمت سور المقبرة والدرج في المدخل المؤدي إليها مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، وواصلت بعدها أعمال الحفر والتجريف في مقبرة الشهداء، والتي تضم رفات شهداء من الجيشين العراقي والأردني، لصالح "مسار الحديقة التوراتية".

وتقع مقبرة اليوسفية شمالي مقبرة باب الرحمة، وبمحاذاة سور القدس الشرقي، وتتعرض منذ سنوات إلى هجمة من قبل سلطات الاحتلال وحفريات، وصلت إلى مداميك أثرية قريبة من عتبة باب الأسباط.

وفي إطار ذلك، هدمت قوات الاحتلال سور المقبرة الملاصق لباب الأسباط وأزالت درجها الأثري أيضا، إضافة للدرج المؤدي إلى امتدادها من مقبرة الشهداء، تنفيذا لمجموعة مخططات إسرائيلية متداخلة أعدت منذ فترة طويلة.

وفي عام 2014 منع الاحتلال الدفن في جزئها الشمالي وأقدم على إزالة عشرين قبرا تعود إلى جنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول.

وتعتبر المقبرة، أحد أهم وأبرز المقابر الإسلامية في مدينة القدس، وتعج برفات عموم أهل المدينة المقدسة وكبار العلماء والمجاهدين، إلى جانب مئات الشهداء.

وتعمل بلدية الاحتلال منذ فترة طويلة على محاصرة المقبرة وإحاطتها بالمشاريع التهويدية والمسارات والحدائق التلمودية على امتداد السور الشرقي لمدينة القدس وبمحاذاة المقبرة، بهدف إخفاء معالم الممرات والمواقع التاريخية الأصيلة المحيطة بالمقبرة.

التعليقات