31/10/2010 - 11:02

النص الكامل لخطاب ابو مازن امام المجلس التشريعي

النص الكامل لخطاب ابو مازن امام المجلس التشريعي
إن الزيارات الأخيرة التي قمت بها للدول الشقيقة مصر والأردن والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وقطر والمغرب وتونس تأتي في هذا السياق وضمن هذا الاتجاه الأصيل في سياستنا وخياراتنا.

أما فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة، فإننا ومنذ بدايات تأسيس العلاقات الأميركية الفلسطينية الرسمية ونحن نرى بواقعية شديدة أن هذه العلاقات الوليدة تأتي في سياق علاقات أميركية إسرائيلية أكبر وأعمق.

ومع إدراكنا للبعد الاستراتيجي للعلاقات الأميركية الإسرائيلية، فإن الحرص على استمرار العلاقة الفلسطينية-الأميركية وتطورها ظل عنصراً ثابتاً من عناصر السياسة الواقعية لمنظمة التحرير والسلطة، لما للولايات المتحدة من تأثير لا يخفى على أحد.

ولقد تعرضت هذه العلاقة لشد وجذب، ومد وجزر بفعل التدهور المتسارع للوضع الأمني، وما أفرزه من معطيات.

إن موقف الولايات المتحدة الأميركية من الرئيس ياسر عرفات والذي بلغ في مرحلة معينة حد التماثل مع الموقف الإسرائيلي، هو أمر مرفوض من جانبنا، ولقد عملنا وعبر لقاءات عديدة مع الأميركيين في إنهاء هذه القضية، أولاً بتغيير موقف الإدارة، وثانياً، ببذل جهود مع الجانب الإسرائيلي ورفع الحصار عنه وقد أثيرت هذه القضية الهامة مع الجانب الإسرائيلي غير أننا لم نصل إلى نتيجة سنظل نواصل العمل من أجل حل هذه القضية التي نواجه تأثيراتها السلبية في كل مجالات عملنا أن الرئيس ياسر عرفات هو الرئيس الدستوري والشرعي والتاريخي للشعب الفلسطيني وليس
منطقياً ولا أخلاقياً ولا سياسياً أن يظل قيد الحصار.

ولعلكم تذكرون أنني أعلنت موقفاً واضحاً بعدم استعدادي للسفر إلى أي مكان مع استمرار حصار الرئيس وبالفعل التزمت بذلك إلى أن اتخذ الرئيس والقيادة قراراً بالسفر، تحت دافع عملي، وهو عدم تجميد الحركة السياسية ورهنها بقرار إسرائيلي على هذا الصعيد، ومع ذلك فقد ظلت هذه
القضية وستبقى شغلنا الشاغل إلى أن تحل.

كما تعلمون فقد قمت بزيارة هامة لواشنطن، وأجريت سلسلة من اللقاءات مع الرئيس بوش وأركان إدارته، وكذلك مع زعامة الكونغرس وقادة المجتمع الأميركي، وقد أسفرت هذه الزيارة عن النتائج التالية:

تجديد التعهد الأميركي بالعمل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية بحلول العام 2005 وإنهاء الاحتلال الذي وقع في العام 1967.

رفض أميركي صريح للجدار العنصري مع دعوة صريحة كذلك إلى تفكيك البؤر الاستيطانية وتجميد الاستيطان.

دعوة مترافقة مع جهود مباشرة لإزالة الحواجز ورفع الحصار والتسريع في الانسحابات وإطلاق سراح الأسرى.

ترتيب علاقة اقتصادية ثنائية اشتملت وللمرة الأولى على تقديم دعم مالي مباشر للسلطة الوطنية، وفي هذا السياق تقرر إرسال وزيري الخزانة والتجار الأمريكيين لدراسة احتياجاتنا الحالية والمستقبلية.

غير أن الإدارة الأميركية للأسف لم تمارس ما يكفي من الجهود والتأثير على إسرائيل لوقف استفزازاتها أثناء فترة الهدوء التي نتجت عن اتفاق الهدنة، ولتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب خارطة الطريق لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وحين خرق الإسرائيليون الهدنة، تقدم السفير جون وولف بعدة مقترحات تشكل خطوات أولية لمحاصرة التدهور يمكننا تلخيصها بما يلي.

-منع إطلاق صواريخ القسام والهاونات .

-إغلاق أنفاق التهريب .

-إغلاق ورش لتصنيع السلاح والعتاد.

-جمع الأسلحة عن طريق الحواجز العسكرية .

-وبالمقابل فقد طلب السيد وولف من الجانب الإسرائيلي:-

-وقف العمل بجدار الفصل العنصري.

-تجميد النشاط الاستيطاني.

-إطلاق سراح المزيد من الأسرى .

-القيام بإجراءات عملية للتخفيف من معاناة المواطنين الفلسطينيين.

في هذه الأثناء وقعت عملية القدس التي أدناها ونددنا بها- وبدأنا استعدادات جدية لمباشرة العمل من أجل تنفيذ التزاماتنا في محاولة لوقف التدهور وقطع الطريق على انهيار الهدنة.

غير أن الجانب الإسرائيلي سارع إلى إفشال هذه الجهود فبادر إلى اغتيال الشهيد إسماعيل أبو شنب ثم تلته سلسلة اجتياحات واغتيالات أحبطت جهودنا وجهود أجهزتنا لاحتواء التدهور ووقف النزيف.

إننا ورغم الأجواء التي أوجدتها عملية القدس وهى سلبية من كل الوجوه إلا أننا نواصل سعينا لإعادة الهدوء توطئة لاستعادة المسار السياسي والعودة إلى تطبيق خارطة الطريق.

وفى هذا السياق يستمر العمل مع كافة أطراف اللجنة الرباعية الذين نقدر دورهم عاليا للوصول إلى هذا الهدف .

وأخيراً بالنسبة للمفاوضات فإنها وكما تعملون وحسب الاعتراف المتبادل من اختصاص منظمة التحرير الفلسطينية وعليه فقد قمت مؤخرا بنقل كافة صلاحيات ومسؤوليات دائرة شؤون المفاوضات إلى كبير المفاوضين الأخ صائب عريقات الذي يحظى بكامل ثقتي ودعمي

أيتها الأخوات أيها الاخوة

بالإضافة إلى ما تم علي المستوي السياسي، تم التركيز فيالمجال الداخلي على مأسسة دور مجلس الوزراء بصفته الجهةالتنفيذية ذات الاختصاص ببرنامج الحكومة وعليه استمرت الحكومة بمهامها المعتادة في مجال تقديم الخدمات للمواطنين ضمن إطار البرنامج الحكومي الذي نالت الثقة على أساسه وذلك في ظل الوضع الصعب الذي لا يخفى عليكم وتحت ضغط العراقيل التي يفرضها الاحتلال والحصار. فعلي سبيل المثال استمرت العملية التربوية ضمن خطة الطوارئ هدفت من جهة إلى مراعاة الصعوبات التي تفرضها الظروف الحالية علي المعلمين فتم ما يزيد علي 6.000 عملية إجراء نقل لتسهيل وصول الموظفين إلى أماكن عملهم ومن جهة أخري إلى انتظام التدريس وبالفعل انتهي العام الدراسي الماضي في موعده المحدد وأنجزت امتحانات الثانوية العامة وأعلنت نتائجها .

وبالتوازي استمر العمل لتلبية الحاجات التربوية من إتمام للمناهج الفلسطينية الجديدة للصفين الرابع والتاسع وافتتاح 77 مدرسة جديدة وتجهيزها بما يلزم من أدوات تعليمية حيث تم تجهيز 126مختبر حاسوب جديداً ليصبح عدد مختبرات الحاسوب 622 مختبراً.كما استمرت جهود الحكومة بالتصدي لآثار العدوان الإسرائيلي علي أرضنا ومؤسساتنا وشعبنا فقامت الحكومة بإنشاء 600 وحدة سكنية في كافة المحافظات لمساعدة من تضررت منازلهم من القصف الإسرائيلي، والانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع الشيخ زايد للاسكان، ونستعدالآن للبدء في مشروع إعادة بناء مخيم جنين الصامد بدعم من دولة الإمارات العربية الشقيقة، كما قامت الحكومة بأعمال شق وصيانة الطرق وإزالة الحواجز وفتح وتسوية الطرق التي أغلقها جيش الاحتلال أينما تسنى لها ذلك، واستمر العمل علي دعم المواطنين و الأكثر تضرراً فتم تقديم الدعم لـ 45.000 أسرة في حالة فقر وثلاثة آلاف عائلة لعاطلين عن العمل و10.000 أسرة من أسر الشهداء والجرحى من قبل المملكة العربية السعوديةالشقيقة، وتم صرف مخصصات بشكل منتظم للأسرى من خلال وزارة المالية لتحسين أوضاعهم داخل الأسر. وفي حين احتل التركيز علي القطاعات المتضررة حيزاً كبيراً من جهد الحكومة، إلا أن الجهد استمر للنهوض بالاقتصاد الوطني بالحد الذي تسمح به الأحوال الراهنة ووضع الأسس القانونية والتنظيمية لانطلاقة قوية لاقتصادنا حال تحسن الظروف فتمت إجراءات لتعزيز الشفافية حيث جرى تشكيل لجان والعمل من خلال المجلس الاقتصادي المشترك، ومن خلال انشاء اللجنة الوطنية العليا لوضع السياسات الاقتصادية والتجارية لفلسطين بمشاركة القطاع الخاص. وتم تقديم مشاريع قوانين الملكية الفكرية والصناعية، والغرف التجارية والصناعية، والمنافسة إلى المجلس التشريعي، ويجري الآن إعداد مشاريع قوانين التجارة، والشركات، والتجارة الخارجية.

كل ذلك ومثله في مختلف القطاعات، تم لضمان انتظام العمل الحكومي والذي يشكل المسؤولية الأولى لأية حكومة،التي ننشد، كل ذلك على أساس سيادة القانون ومحاربة الفساد.

فعلى صعيد الإصلاح الإداري، قامت الحكومة منذ اجتماعها الأول بتشكيل اللجنة الوزارية للإصلاح وتكليفها بوضع وتطوير برامج الإصلاح في كل مجالات العمل الحكومي ومتابعة تنفيذها. و في هذا الإطار، اقترحت اللجنة ترشيد الإدارة العامة والخدمة المدنية عن طريق إخضاع كافة المؤسسات والهيئات الحكومية للمساءلة أمام المجلس التشريعي من خلال وزير في الحكومة، وعليه،بدأت الحكومة بضم عدد من المؤسسات إلى الوزارات ذات الاختصاص الأقرب فتم ضم الهيئة العامة للتبغ والهيئة العامة للبترول، واللجنة العليا للتمويل والاستثمار لوزارة المالية، وضم سلطة الموانئ وسلطة الطيران لوزارة المواصلات، وربط هيئة المدن الصناعية وهيئة المواصفات والمقاييس بوزير الاقتصاد الوطني،ومازالت عملية ضم وإلغاء وترشيد المؤسسات والهيئات جارية. وانتهت اللجنة الوزارية للإصلاح من إعداد مسودة لمشروع قانون الانتخابات وإرسالها إلى مجلسكم الموقر لدراستها والبدء بالإعداد لهذه العملية بشكل جاد. كما أن لجنة الإصلاح تعكف حالياً على تطوير اللائحةالداخلية لقانون المنظمات الأهلية. وتم تكليف وزارة التخطيط بإعداد رسالة وأهداف وبرنامج عمل وهيكليات والأسس القانونية لعمل الوزارات، وتم البدءفي دراسة وتطوير وإعادة هيكلة خمس وزارات رئيسة ضمن برنامج أولي، وهي التخطيط والثقافة والعمل والحكم المحلي والشؤون الاجتماعية، وتم إنجازهذه الهيكليات ويجري الآن العمل على تنفيذها. وكما تعهدنا في خطاب الثقة أمامكم، ومن باب تعزيز الشراكة بين كافة قوى المجتمع الفلسطينية الرسمية منها وغير الرسمية، تم تشكيل اللجنة الوطنية للإصلاح والتي تضم، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة الوزارية للإصلاح ممثلين عن مجلسكم الموقر والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
إضافة إلى ذلك، اتخذت خطوات من أجل تحسين عمل وزارةالعدل وتحديد الفواصل بينها وبين مجلس القضاء بتشكيلهالجديد، ضماناً لاستقلال القضاء وتعزيز دور القانون فيحياة المجتمع، كما تمإلغاء محاكم أمن الدولة وتحويلقضاياها إلى المحاكم العادية.في مجال الأمن الداخلي، دأبت وزارة الداخلية على تحقيقما التزمنا به أمام مجلسكم الموقر من التزام الحكومةبأمن الوطن والمواطنوتطوير بنى وهيكليات المؤسساتوالأجهزة الأمنية والاهتمام بالكفاءات المهنية لقادة
ومنتسبي الأجهزة الأمنية، وذلك من خلال إعداد وتنفيذ خطةعلى المستويين الأمني والإداري بهدف تحقيق الأمن والنظامفي المجتمع الفلسطيني، وكان من أهم الإنجازات التيحققتها الحكومة في هذا المجال: دمج فعاليات الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية طبقاًللاختصاصات المقررة لضمان تنفيذ الخطة بعيداً عنالتعقيدات الإدارية، وتوفير كافة المتطلبات اللازمة للنهوض بأداء الوزارة.

- كما تم تحويل جميع المخصصات المالية للعاملين في الوزارة من مدنيين وعسكريين من رواتب وموازنات ومصروفات مباشرة إلى مالية الوزارة التي تتولى بدورها توزيعها على أجهزة الوزارة وتقوم بتسديدها إلى وزارة المالية حسب النظام المتبع، وكذلك الأمر بالنسبة للوازم والمشتريات والتجهيزات وأية احتياجات أخرى.

- وفي سياق تنظيم عمل أجهزة الأمن الداخلي، تمت إعادة هيكلة قوات التدخل وحفظ النظام وإدارات شرطة المحافظات والمباحث والمخدرات، وتحديد الاختصاصات لكل منها. وفي هذا السياق تنظر إدارة الفتوى والتشريع بوزارة العدل في قانون جديد لشرطة يتضمن تشكيل المجلس الأعلى للشرطة تمهيداً لعرضه على مجلسكم الموقر. كما وتم تقديم مشروع بضم العاملين بالوزارة إلى صندوق التأمين والمعاشات إلى وزارة المالية.

- ولإصلاح ما دمره الاحتلال من إمكانات وزارة الداخلية، لا يزال العمل جارياً لإعادة بناء مقرات الشرطة والأمن الداخلي التي دمرته الهجمات الإسرائيلية وإعادة تجهيز المعمل الجنائي وإنشاء وتجهيز الأرشيف الجنائي وربط أذرع الوزارة بشبكة حاسوب مركزي وإنشاء غرفتي العمليات المركزية في غزة ورام الله.

- وفي إطار الجهود المتوخاة لفرض القانون والنظام، تم تكثيف التواجد الأمني على مدار الــ 24 ساعة بالإضافة إلى تنظيم حملات مستمرة لشرطة المرور ومعالجة المخالفات والتعديات والقبض على المطلوبين للنيابة العامة والقضاء وتنفيذ أحكام القضاء. كما تم إنشاء الآليات لوضع حد لأية تجاوزات تصدر عن أي مسؤول يستغل نفوذه في الاعتداء على حقوق المواطنين.

وكما لا يخفى عليكم، فإن جهودنا هذه في توفير الأمن والأمان للمواطن الفلسطيني لا تزال تواجه الكثير من العقبات، خاصة في المحافظات الشمالية من الوطن، حيث استمر الاحتلال الإسرائيلي في وضع العراقيل أمامنا، غير أننا سنستمر بالعمل بأقصى ما يمكن في هذه المحافظات إلى حين زوال الاحتلال.

وعلى صعيد الإصلاح المالي، قامت الحكومة بعدة إجراءات تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين، فتم تخفيض الرسوم المفروضة على المركبات العمومية، تنفيذاً لتوصيات المجلس التشريعي في سياق إقراره لموازنة العام الحالي.
كما تم إلغاء استقطاعات الطوارئ من رواتب كافة الموظفين المدنيين والعسكريين، والتي يعود بعضها إلى العام 1996.
وإدراكاً من الحكومة للدور المهم الذي لعبته هذه الاستقطاعات في التكافل الاجتماعي في ظل الظروف الصعبة التي عاشها الشعب الفلسطيني الصامد الصابر، فإن هذا القرار المركزي الذي طال انتظاره من قبل الكثيرين من أبناء شعبنا العاملين في القطاع العام لم يأتِ إلا بعد توفير الموارد التي مكنتنا من الاستمرار في التعامل مع احتياجات الطوارئ.

وفي ذات السياق وتلبية لاحتياجات موظفي القطاع العام، فقد قطعت الحكومة شوطاً بعيداً في مجال الإعداد لتنفيذ الشق المالي من قانون الخدمة المدنية، والذي سيبدأ العمل به اعتباراً من رواتب هذا الشهر.

وفي سياق تطبيق قانون الخدمة المدنية، اتخذت الحكومة قراراً جعل تنفيذ البند الذي يوجب إنهاء خدمة الموظف الذي يبلغ الـ 60 ممكناً، فقد قررت الحكومة منح مخصص شهري يعادل الحد الأعلى للراتب التقاعدي المقرر في قانون التقاعد الذي يشمل الموظفين الذين بلغوا السن القانونية للتقاعد ولا يتوفر لهم مخصص تقاعدي بموجب القانون الساري، وذلك كخطوة انتقالية لسد الفجوة القانونية التي تنشأ بخصوص هؤلاء، إلى حين سن قانون تقاعدي عصري يكفل الوفاء باحتياجاتهم ويكرس حقهم في سنوات الخدمة التي سبقت انضمامهم إلى السلطة الوطنية الفلسطينية. وقد بدأ العمل بهذا القرار في شهر مايو بمجرد إقراره. وقد وجهنا إلى مجلسكم الموقر مذكرة توضيحية استجابة إلى ما أثير في المجلس حول الموضوع في شهر أغسطس بهذا الشأن، نأمل أن تكون قد أجابت على أسئلتكم واستفساراتكم في هذا الخصوص، بما في ذلك ما يتعلق بإمكانية الاستثناء وكيفية تنفيذه في الحالات الموجبة لذلك.

أما فيما يتعلق برواتب العسكريين، فقد تمكنا وبالإضافة إلى وقف الاستقطاعات من زيادة هذه الرواتب بنسبة 8% إدراكاً منا لأهمية دورهم وضرورة تحسين أوضاعهم المعيشية. وكما تمكنا من تطبيق نظام الدفع المباشر من خلال البنوك لـ23 ألفاً من العاملين في هذا القطاع، ويأتي هذا في سياق تنفيذ قانون الموازنة العامة لهذا العام، ونأمل أن يستكمل الجهد في هذا المجال بتطبيق هذا النظام العصري على كافة العاملين في الخدمة العسكرية.

كما قامت الحكومة بتطبيق الشق المالي في "قانون استقلال القضاء" والذي انطوى على تحسين ملموس لأوضاع القضاء في هذا القطاع الحيوي وفي ذلك دلالة على الاهتمام الذي توليه الحكومة لهذا القطاع لما له من دور مركزي في بناء الدولة العصرية ومؤسساتها وترسيخ سيادة القانون.

وفي خطوة لا تدع مجالاً للشك في مدى جدية وعمق الجهد الإصلاحي للحكومة، قامت الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة في مجال إعداد وتنظيم العمل في قطاع المحروقات من خلال تنظيم عمل الهيئة العامة للبترول، منهية بذلك وبشكل قطعي كافة مظالم الخلل التي اعترت الأداء لهذا القطاع الحيوي الذي يمس حياة كافة المواطنين، بما في ذلك من ارتفاع غير مبرر في الأسعار وتباينها المرفوض بين محافظات شمال الوطن وجنوبه وتدني جودة المحروقات وغيرها من أوجه الخلل. وقد نتج عن هذا الإصلاح الهام تحسن كبير في إيراداتنا الضريبية بلغ حوالي 6 ملايين دولار في شهر تموز بالقياس مع ما كان يتحقق في الأشهر التي سبقت هذه الخطوات، وانخفاض ملحوظ في أسعار المستهلك.

وأود في هذا السياق التذكير بإجراءات أخرى ذات دلالة خاصة من حيث انسجامها مع ما أعلناه من توجه عام فيما يتعلق بدور الحكومة في إدارة الاقتصاد. إذ قمنا بإلغاء الرسوم المفروضة بشكل غير قانوني على الزيوت المعدنية وحللنا مصنع الزيوت الوطني في الخليل من الالتزام بالتوزيع من خلال الهيئة الهامة للبترول، منهين بذلك وإلى غير رجعة، دور الهيئة في الاتجار بالزيوت المعدنية.

وفي سياق زيادة فعالية النظام المالي الفلسطيني، تم إصدار قرار بمركزة كثافة الأموال العامة القادمة من الخارج عن طريق وزارة المالية، وعدم صرفها إلا بموجب القانون، كما تم استكمال الجهد الذي بذل لتوحيد الأنظمة المحاسبية بين قطاع غزة والضفة الغربية، وربط هذه الأنظمة بشكل إلكتروني سيمكن وزارة المالية، ابتداء من مطلع الشهر القادم، من نشر تقارير تفصيلية عن أدائنا المالي ضمن معايير فنية ترقى لأعلى المستويات بالمقاييس الدولية.

كما وتمكنا بحمد الله من الانتهاء من تسديد كافة مستحقات مجالس الحكم المحلي على الحكومة والتي يعود بعضها إلى عام 1998، مما ساعد هذه المجالس على تدبر شؤونها في ظل الظروف المالية الصعبة التي تواجهها، وقمنا أيضاً بالاستمرار بسداد ما استحق على هذه المجالس من التزامات،
خاصة لضمان استمرار التزويد بالكهرباء، وبالإضافة إلى ذلك فقد انتهينا من سداد معظم ما علينا من مستحقات تجاه القطاع الخاص، وبدأنا بتنفيذ نظام جديد لدفع الرديات الضريبية يكفل إيصال الحقوق إلى أصحابها ضمن مهلة قياسية بالمعايير الدولية. وقد أسهم هذا كله فيما اعتقد أنه بات واضحاً من تحقيق للمصداقية وبناء للثقة في النظام المالي الفلسطيني.
وفي صعيد عمل الحكومة في المجال الخارجي، استمرت وزارة الشؤون الخارجية في إجراء الاتصالات المكثفة مع كافة الدول لحشد الدعم لقضيتنا ولتدعيم العلاقات الثنائية، حيث قام السيد وزير الشؤون الخارجية بزيارات للعديد من الدول الأوروبية والأسيوية، كما قام بزيارة العديد من الدول العربية الشقيقة، وبزيارة ذات أهمية خاصة إلى كل من لبنان وسوريا ساهمت في بدء عودة العلاقات مع هاتين الشقيقتين إلى وضعها الصحيح، كما ساهمت في بدء تعامل الحكومة اللبنانية إيجاباً مع طلبنا لمعالجة الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا في مخيمات لبنان. غير أن بعض الصعوبات لا تزال تعتري عمل الوزارة في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بتضارب الصلاحيات بينها وبين الدائرة السياسية في منظمة التحرير وفي حين أن قراراً من اللجنة التنفيذية قد صدر لحل هذه المشكلة قبل ما يزيد عن العام غير أن هذا القرار لم يجد طريقه للتنفيذ على أرض الواقع.

وللاستزادة من أي من الأمور التي تخص إنجازات أي من الوزارات الأخرى، فإنني أدعوكم لمخاطبة الوزير المختص، والذي سيضع بتصرفكم كافة المعلومات التي تريدونها، حيث أن جميع الوزراء أعدوا تقارير مفصلة عن أعمال وزاراتهم ستوزع عليكم وتعتبر جزأ لا يتجزأ من هذا البيان وهي تتضمن إنجازات هامة تستحق الالتفات إليها ومناقشتها.

أيتها الأخوات أيها الأخوة،

في ختام التقرير أود التحدث إليكم بكل صراحة
لقد ظهرت في حياتنا السياسية مصطلح غريب اسمه حكومة أبو مازن…لقد راق هذا المصطلح للكثيرين ممن وجدوا مكاناً أو مشجباً يعلقون عليه أوزارهم، إنني أرفض هذا المصطلح وأرفض هذا الفهم الباهت لمسؤوليتي ومسؤولية الحكومة.
كذلك…سمعت ومنذ اليوم الأول لعمل هذه الحكومة، وحتى الآن…أن هناك جهوداً حثيثة لإنقاذ هذه الحكومة من السقوط، أو أنها في مهب الريح، أو أنها تواجه مأزق الإخفاق في إيجاد المخارج لكافة الموضوعات الفلسطينية.

إنني، وافترض أنكم تعرفون ذلك، لست متمسكاً بالموقع…ولم ولن أبذل أي جهد يهدف إلى الاحتفاظ به إنها مهمة شاقة وصفها كثيرون بالمستحيلة، ولقد قبلت الإقدام عليها، لأنني رأيت إمكانات جدية لمعالجة أوضاعنا، وبلوغنا حالة أفضل، على صعيد حياة المواطنين وكذلك على صعيد فتح الأبواب لانطلاقة عملية سياسية لتحقيق قيام الدولة المستقلة على كافة الأراضي التي احتلت عام 1967، وحل كافة قضايا الوضع الدائم وفي مقدمتها قضيتا القدس واللاجئين على أساس القرار 194 والمبادرة العربية. ودون تعاون الجميع، ودون تكامل الجميع، ودون دخول عوامل تأثير إقليمية ودولية، قد لا يكون هنالك إنجازات تذكر.

بصراحة أكثر، إن الأمر هنا ليس أمر حكومة تأتي وتذهب بل هو متعلق بقرار أعمق وأهم، فبدون وحدانية السلطة ووحدانية مرجعية قرارها، ودون سيادة مطلقة للقانون على الجميع، ودون سلاح واحد شرعي في يد سلطة واحدة ودون التعددية السياسية، لن نتقدم خطوة تذكر على المسار السياسي.
إنني أقول هذا- بعد قراءة لتجربة المائة يوم الأولى من عمل هذه الحكومة إنني لا أوافق على بيع الشعب الفلسطيني أوهاماً وخيالات ولا وجود لها على أرض الواقع.

إن هذا الشعب الذي لم ولن يرفع الراية البيضاء بحاجة لمن يوقف تدهور شارون حياته..وليس من يتاجر بها، بحاجة إلى أن يعزز صموده بتوفير كل إمكانات النمو والتقدم في كافة نواحي حياته وليس بحاجة لمن يعتبر كل بيت ينسف أو كل شهيد يسقط هو مطلب بحد ذاته، لذا عملت وفق هذا الفهم
وأدعو كل من سيتحمل المسؤولية أن يسير في هذا الاتجاه.
هذه أمانتكم، فإما أن توفروا إمكانات قوة ودعم للوفاء بها وإما أن تستردوها وسأدعم كل توجه تتوصلون إليه بكامل طاقتي، وسأستمر من أي موقع كنت في بذل كل ما أوتيت لخدمة هذا الشعب وهذه القضية….فهذه سنة الحياة الديمقراطية التي اخترناها طريقاً لا رجعة عنه لشعبنا الفلسطيني.

وفي الختام أتوجه بالتحية لكل معتقل في سجون الاحتلال ينتظر منا أن لا نتوقف عن العمل لتحريره.

وأتوجه لكل أسرة شهيد غاب عنها أعزاؤها لأقول أن أي إنجاز على الصعيد الوطني تحقق أو يمكن أن يتحقق فهو منسوب لأرواح شهدائنا الطاهرة.

وأتوجه لكل مواطن في كل مدينة وقرية ومخيم بالتحية وبكل مشاعر الإجلال والاحترام مؤكداً أن كل ما فعلناه إنما كان من أجلكم وانتم جديرون بكل الجهد وكل العمل.

وأخيراً فإن هناك أموراً هامة أخرى وملاحظات حساسة أرجو نقاشها معكم في جلسة مغلقة بعد هذه الجلسة.

ومثلما بدأت حديثي بكلام عز وجل أنهي
بسم الله الرحمن الرحيم،

وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.

صدق الله العظي

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وقل اعملوا فيسرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"

صدق الله العظيم

السيد أحمد قريع رئيس المجلس التشريعي

السيدات والسادة أعضاء المجلس

أيها الحضور الكريم

يسعدني أن أقف أمام مجلسكم الموقر كما تعهدت لكم لتقديم تقرير عن إنجازات الحكومة على الصعيد السياسي والداخلي، بعد مضي مائة يوم على تشكيلها، وإننا بذلك نرسي تقليداً ديمقراطياً ينبغي أن يستمر مع أية حكومة وأي مجلس، وفي أي وقت. . ذلك أن الصلة المنهجية والمنتظمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تظل إحدى الضوابط الهامة لعملنا المشترك، وتطلعنا نحو تحقيق أهدافنا الواحدة.

وانطلاقاً من تقاليدنا الوطنية، وتراثنا الديمقراطي الثري، فقد بدأت حكومتنا عملها على الصعيد السياسي الداخلي، بتعميق التفاهم بين كافة القوى السياسية الفعالة على الساحة الفلسطينية وتطوير آليات العلاقة بين السلطة والمعارضة وسائر القوى بما في ذلك قوى المجتمع المدني مما فتح الأبواب أمام مبادرة فلسطينية هامة وذات دلالات عميقة تجسدت بتفاهم الهدنة ووقف إطلاق النار.

ولقد كان ذلك بمثابة رسالة للشعب الفلسطيني أولاً، وللأمة العربية والإسلامية ثانياً وللمجتمع الدولي ولإسرائيل بأن إمكانات التفاهم والانسجام على الساحة الفلسطينية يمكن بلوغها بقرار فلسطيني، وأن مقومات تنفيذ الالتزامات المترتبة على السلطة عبر الاتفاقيات والمبادرة إمكانات متاحة ومضمونة.

وفي فترة الهدنة التي طال أمدها قياساً بالرهانات الإسرائيلية على فشلها، بدأ الجميع يشعر بأن فرصة جديدة قد منحت لوقف النزيف والدمار وبدأ العالم من جهته يوجه جهده نحو الانتقال إلى المسار السياسي .. وظهور إمكانيات عملية لتنفيذ خطة خارطة الطريق.

وفي سياق الهدنة، التي وفرت أمناً كان يبدو مستحيلاً بالنسبة للإسرائيليين، ولمدة تزيد عن الخمسين يوماً كنا نراقب جيداً السلوك الإسرائيلي في التعامل مع الوضع الجديد، وكنا نلمس مؤشرات واضحة وصريحة تنم عن عدم رضى الحكومة الإسرائيلية عن الهدنة، ليس بسبب ما وفرته من هدوء وأمن، وإنما لأنها وضعت الحكومة الإسرائيلية أمام استحقاقات يتعين تقديمها وعلى الفور.

كانت محاولات الجانب الإسرائيلي للالتفاف على الهدنة تبدأ بالتشكيك في جدواها، وتتواصل عبر الإحجام الظاهر عن تقديم المبادرات الملموسة لقاءها. ورأينا كيف كانت إزالة نقطة تفتيش واحدة تشغل بال العالم كله، والتفكيك الصوري لبعض الكرافانات وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين يتم بصورة مسرحية لا تقنع أحداً وكيف تباطأ الإسرائيليون في الانسحاب من المدن، وكيف مارسوا أفظع أنواع الأذى بالشعب الفلسطيني وأرضه وحقوقه، ورمز ذلك الاستمرار في إقامة الجدار العنصري، الذي حمل عنواناً أمنياً، غير أنه ظهر أمام العالم على حقيقته، كجدار يذّكر بجدار برلين، وكحيلة للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية وتحويل الكثير من مدننا وقرانا إلى معتقلات وسجون جماعية.

وحين وضعنا الحقائق بالمعلومات والأرقام أمام العالم وخاصة أمام الحليف الاستراتيجي لإسرائيلي "الولايات المتحدة" توصل الرئيس بوش وكبار مساعديه إلى يقين باستحالة إقامة دولة فلسطينية مع وجود الجدار ووجود كثافة استيطانية قديمة وجديدة على الأراضي الفلسطينية. .

ولقد أعلنوا ذلك صراحة، مما وضع الحكومة الإسرائيلية في موقف حرج دفعها وعلى نحو مفاجئ إلى استئناف عمليات الاغتيال في نابلس والخليل، أي إلى تدمير الهدنة بقرار سياسي عسكري.

إننا نستخلص العبر من الهدنة، ليس باتجاه القيام بعمليات ثأرية يمارسها كل فصيل وفق اجتهاده رداً على الأفعال الإسرائيلية، مما يوفر لإسرائيل غطاء لنسف كل شيء ..

وإغلاق طرق الحل السياسي لمصلحة فتح طريق التصعيد العسكري، ولا بالتغاضي عن معادلة مدمرة، قوامها ردود أفعال انفعالية قد تسفر عن تحطيم زجاج منزل في مستوطنة لقاء تدمير حي فلسطيني بكامله.. وقتل عشرات الفلسطينيين الأبرياء وتجريف الآلاف من الدونمات المزروعة.

إننا نستخلص العبر بدراسة المزايا والمحاذير، بدراسة حجم الفعل ورد الفعل، وعلى ضوء ذلك نتخذ قراراتنا ومبادراتنا، فالهدف ليس مصلحة فرد أو فصيل أو فريق، وإنما مصلحة شعب بأسره، لن نسمح لكائن من كان أن يبيعه أوهاماً مستحيلة أو أن يسوقه نحو مغامرات غير محسوبة تصر على رفض رؤية المتغيرات الدولية وتواصل استخدام بعض الأساليب التي تجلب العزلة لقضيتنا العادلة وتوفر الغطاء لنهج التنكيل والحصار العنصري وسلب الأراضي التي يمارسها الاحتلال.

إننا في الحكومة نطرح وبكل صراحة ووضح رؤيتنا لكيفية التعامل مع هذا الأمر وهي رؤية تقوم على أساس عدم انفراد كل طرف في ممارسة استراتيجيته الخاصة مما يمزق وحدتنا الوطنية ويتيح المجال أمام ضعف وانهيار الجبهة الداخلية، وإنما بالاستفادة من إنجازات الصمود الشعبي العظيم وتحويلها إلى حقائق سياسية، والتحلي بالرؤية الدقيقة للواقع المحلي والتوازنات الدولية، وإبراز قضيتنا كقضية شعب في مواجهة احتلال ظالم وليس كأنها صراع وتقاتل بين جيوش وقوى عسكرية متكافئة.

وفي مسيرتنا النضالية الطويلة، اتخذت القيادة الفلسطينية الكثير من قرارات وقف إطلاق النار، وتغاضت عن استفزازات إسرائيلية عديدة، حين كانت ترى مصلحة وطنية في ذلك، وقد كنا دائماً في هذه السياسة على حق، فهذا ما يحمي الكفاح الوطني الفعال والمستنير من الانتحار، وما يفتح الأبواب أمام تلبية مطالبنا العادلة، في عالم رغم قسوة اعتباراته يجمع على حقنا في إقامة دولتنا المستقلة.

إنني أعرف أن هذا المنطق الذي أتحدث به له من يتفهمه وله من يعارضه، ولكنني لا أريد أن أخدع أحداً، فليس هناك ما أراه أفضل منه للعمل ووضع وتنفيذ السياسات اليومية التي تنسجم معه.

وفق هذا المنطق كانت الهدنة .. ووفق هذا المنطقة أدعو الجميع إلى العمل للخروج من دوامة الفعل ورد الفعل.

إنني وأنا أوجه دعوتي هذه لآمل أن تتم الاستفادة من تجربتنا السابقة وأود أن أؤكد من جديد أن هذه الدعوة يجب أن تقترن بتنفيذ جميع الالتزامات المتبادلة المنصوص عليها في خطة خارطة الطريق إنما تأتي في محاولة جدية وجديدة لإعادة الحياة إلى المسار السياسي بعيداً عن الدمار والاغتيال والاستيطان والاعتقال والحصار.

إن الحكومة سيدي الرئيس، أيتها الأخوات أيها الأخوة الكرام، لم تتعامل مع المعارضة بمنطق بوليسي وإنما حواري، فأرسلنا لهم الوزراء والنواب رجال المجتمع وكنا نرسم أمامهم صورة ما يمكن أن نواجه جميعاً، لو تخلينا عن حساباتنا الدقيقة، لقد استمعوا وتعاونوا، غير أن كمائن شارون السياسية والعسكرية لا يجب أن توقف العقلانية الفلسطينية والحسابات الدقيقة والمسؤولة عن التحكم في جميع أفعالنا وردود أفعالنا، ومن هنا فإنني أتطلع إلى مجتمع مدني وسياسي فلسطيني تتعايش فيه الأفكار والأيديولوجيات والآراء والمواقف السياسية في جو ديمقراطي يتمتع فيه الجميع بحرية الرأي والتعبير.

وأعود إلى التأكيد بأن استمرار احتجاز الرئيس ياسر عرفات هو مساس خطير بكرامتنا الوطنية وبدور مؤسساتنا كافة، وقد أكدنا على ذلك في جميع المناسبات واللقاءات مع مختلف الأطراف، كما أن استمرار اعتقال الآلاف من أبناء شعبنا وزج المزيد منهم يومياً في السجون يهدد دائماً كل اتجاه نحو الاستقرار والانفراج.

وقبل أن انتقل من الشأن الفلسطيني السياسي في هذا التقرير، فإنني أتوقف لأتحدث بصراحة عن تلك الفرية المقيتة التي يحاول كثيرون جعلها حقيقة في حياتنا الفلسطينية- وهي ما يسمى بالانشقاق الداخلي وازدواجية السلطة.

إنني لا أنفي وجود ظواهر خلل في العلاقة الوظيفية بين مؤسسات السلطة الواحدة، بين الحكومة والرئاسة، بين السلطة والمنظمة.. وهذا الخلل يحتاج إلى معالجة منهجية ووفق أحكام القانون الأساسي، ولكنه يجب أن لا يتحول في أي حال من الأحوال إلى حافز للاستقطاب وخدمة للمصالح الخاصة على نحو يحول الخلل إلى انشقاق. إن أحد مصادر الخلل هو وجود تقاليد وأنماط عمل استمرت وعشنا معها لعقود عديدة وتحتاج منا جميعاً بذل الجهود لتطويرها بما يأخذ في الاعتبار حاجات الوطن ومقومات بناء دولة عصريةحديثة ديمقراطية في منهجها وتقاليدها وأسلوب عملها.

إن رؤيتنا في الحكومة حيال هذا الجانب الحيوي والحساس في حياتنا الداخلية، يتلخص على النحو التالي:

إن الشرعية الفلسطينية كل لا يتجزأ ويقف على رأس هذه الشرعية، رئيس منتخب هو الرئيس ياسر عرفات.

وإن منظمة التحرير بكافة مؤسساتها، هي الإطار السياسي الذي يمثل كل الشعب الفلسطيني، وهي القيادة السياسية العليا للشعب الفلسطيني.

وإن السلطة الوطنية ومجلسها التشريعي المنتخب وحكومتها وجميع مؤسساتها العاملة على أرض فلسطين هي جزء من منظمة التحرير وملتزمة بسياستها وقراراتها.

أما فيما يخص العمل الوظيفي والشأن الحكومي الداخلي، فإن القانون الأساسي الذي أقره مجلسكم الموقر هو الحكم في شأن الصلاحيات والمسؤليات التي تضطلع بها الحكومة مثلما هو الحكم بشأن صلاحيات المجلس وباقي المؤسسات.

إننا وجدنا وسنجد صعوبات عديدة في أدائنا للعلاقات الوظيفية خاصة بعد استحداث منصب رئيس الوزراء وتعديل القانون الأساسي، وبقدر ما تقلقنا هذه الصعوبات بقدر ما تطمئننا قدرتنا على وضع كل شؤوننا داخل المؤسسة وفق معايير القانون، وقبل هذا وذلك، تحكيم المصلحة الوطنية العليا عبر تفاهم لا مناص منه بين كافة مكونات الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها وتعبيراتها السياسية.

الأخ الرئيس

أيتها الأخوات والأخوة

منذ بداية عمل الحكومة ورغم قسوة السنوات الثلاث ودمويتها، ترفعنا عن كل الجراح لنبدأ محاولة جديدة وجدية لإعادة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، كعامل موضوعي لسعينا نحو تطبيق خطة خارطة الطريق التي رأت فيها القيادة السياسية مزايا كبيرة تدعم جهودنا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس مع حل جميع قضايا الوضع الدائم وعلى رأسها قضية اللاجئين.

وعلى هذا السبيل، أجرينا العديد من اللقاءات مع الجانب الإسرائيلي بعضها على مستوى رئيس الوزراء والبعض الآخر على مستويات أخرى.. وفي خط مواز كانت هناك جهود عربية وإقليمية ودولية للبدء بمحاولة سياسية، لوضع حد للصراع الدائر وفتح باب للحوار السياسي، بما يفضي إلى مفاوضات جدية.

وفي هذه الأثناء جاءت القمة العربية الأمريكية في شرم الشيخ، وتلاها لقاء العقبة، والتي نظر إليها العام على أنها تمثل أفاقاً وبوادر انطلاقة عملية سياسية جادة وفق ما تضمنته خارطة الطريق، وبضمانات للإشراف الدولي والإقليمي على تطبيقها لم تشهدها خطة سابقة من قبل.

إنني أقول لكم صراحة وإن محاولتنا الجادة لترتيب آلية لإعادة المسار السياسي مع الجانب الإسرائيلي، لم تحظ بالاستجابة الكافية، ولم تتقدم على نحو ملموس إلى الأمام، ولا أظن أن أحداً في العالم لا يشاركني الرأي بأن الجانب الإسرائيلي، هو من يتحمل المسؤولية عن هذا الأمر.

وهنا أود التأكيد على أن ضوابط حركتنا باتجاه العلاقات على أي مستوى مع إسرائيل..هي على النحو التالي:

أولاً: أن تكون في الإطار السياسي وبقرارات من القيادة السياسية أي منظمة التحرير الفلسطينية.

ثانياً: التبادلية في الالتزامات والمسؤوليات وعلى أساس متواز، وليس على أساس الاشتراطات المسبقة التي تستخدم كذرائع لتحميلنا المسؤولية عن التهرب من تنفيذ الالتزامات.

ثالثاً: الاحتكام إلى نصوص خطة خارطة الطريق والى الاتفاقات الموقعة والشرعية الدولية، وفي هذا السياق فإن تفعيل دور اللجنة الرباعية الدولية وتطوير آليات الرقابة والإشراف، وإبداء تصميم دولي أكثر حزماً تجاه تطبيق خارطة الطريق هي السبل الكفيلة بإنقاذ الوضع ومنع انهيار هذه الخطة التي حظيت بأوسع إجماع حولها.

وعلى الرغم من أن اللوائح العملية للمحاولة مع الجانب الإسرائيلي كانت محدودة إلا أننا كنا وما نزال نحاول العمل بجدية كاملة، ويجب أن لا نتخلى عن الجدية والدأب والمثابرة في جهدنا بهذا الاتجاه.

السيد الرئيس

أيتها السيدات والسادة

إننا نظل أوفياء لانتمائنا العربي، ملتزمين بمضامين وآليات العمل العربي المشترك، ولعل أحد مشجعاتنا في قبول خارطة الطريق ورود المبادرة العربية والصادرة عن قمة بيروت كإحدى مرجعياتها، وهذا إنجاز هام يسجل للدبلوماسية الفلسطينية والعربية، ولقد عملت الحكومة على استمرار التنسيق والتفاعل مع الأشقاء العرب وتكامل الجهود معهم، وللحق فإن مكانة منظمة التحرير وتراثها الغني في العلاقات مع العرب، يشكل ضمانة لتفعيل جهودنا، ومشجعاً على تطوير علاقاتنا خاصة إلى مستوى الدعم السياسي والمالي.. إننا حريصون ونجدد حرصنا على أن يظل هذا التنسيق منتظماً وفعالاً سواء من خلال جامعة الدول العربية، أو من خلال العلاقات الثنائية أو أية صيغة عربية نرى فيها مصلحة وطنية وقومية، وهنا يجدر بنا القول إن القمة الإسلامية قد تبنت المبادرة العربية مما يعطيها زخماً وقوة عند تطبيقها.

التعليقات