31/08/2013 - 14:41

المنتدى النسويّ الفلسطينيّ: ورقة موقف من التركيز على تصرفات النساء في تظاهرة رام الله

"انشغل غالبية المتابعين عن أسباب التظاهرة بشيء واحد لا غير، تم التركيز عليه واجتراره بأبشع الطرق وأغربها: تصرفات النساء المشاركات ولبسهن. فهناك من انتقد مباشرة تواجد نساء في هذه المظاهرات وفعل الاختلاط، ولم يعجبهنّ تقدم النساء المسيرات..

المنتدى النسويّ الفلسطينيّ: ورقة موقف من التركيز على تصرفات النساء في تظاهرة رام الله

صورة من المظاهرة قبل ثلاثة أيام

أصدر المنتدى النسوي الفلسطيني ورقة موقف من "التركيز على تصرفات النساء في تظاهرة رام الله". وأكدت الورقة على أن التظاهرة خرجت لتندد بمقتل شاب من مخيم عسكر على يد قوات الأمن الوقائي، وتندد بمقتل 3 شبان في قلندية على يد قوات الاحتلال. وفي المقابل، بحسب الورقة، فإن غالبية المتابعين انشغلوا بتصرفات النساء المشاركات ولبسهن وتواجدهن في التظاهرة.

واعتبرت الورقة أن المجتمع الفلسطيني لا يزال يشترط وقوفه مع حقوق المرأة ومساندتها بالالتزام بحدود الإجماع الوطني، أي "مقارعة الاحتلال ضمن شروط وقيود اجتماعية يحكمها الفكر الذكوري"، خلافا لما تفهمه الحركات النسوية على أنه مجابهة كل ظلم وتهميش، ودفاع عن الناس بكونهم بشرا، وعن حقهم في التعبير عن إرادتهم الحرة.

ووجهت الورقة التحية للنساء المناضلات في جميع ساحات النضال.

فيما يلي النص الكامل للورقة:

تناولت طيلة الأيام القليلة الماضية، عدّة وسائل إعلام محليّة أخباراً حول التظاهرة التي خرجت في رام الله تندد بمقتل شاب في مخيّم عسكر على يدّ قوات الأمن الوقائيّ الفلسطينيّ، وتندد أيضاً بمقتل ثلاثة شبان على يد قوات جيش الاحتلال، وتطالب السلطة الفلسطينيّة بوقف التفاوض مع إسرائيل فوراً. وقد تابعنا بقلق شديد ردود أفعال الكُثر على تغطيّة التظاهرة. فقد انشغل غالبية المتابعين عن أسباب التظاهرة بشيء واحد لا غير، تم التركيز عليه واجتراره بأبشع الطرق وأغربها: تصرفات النساء المشاركات ولبسهن. فهناك من انتقد مباشرة تواجد نساء في هذه المظاهرات وفعل الاختلاط، ولم يعجبهنّ تقدم النساء المسيرات مما يعني أنهنّ أول من يواجهن رجال الأمن، وآخرون وصفوهنّ علناً بقلة الأدب، والعهر وعدم الاحتشام، تارة بوصف ملابسهن وطوراً لأنهن واصلن إصرارهن على المرور رغماً عن الرفض الذي قابلهن. وبين هذا وذاك، هناك من ترك صورة ضرب المتظاهرات والمتظاهرين وقمعهن، ليطالب الحركات النسوية، "برفع قضية مستعجلة" ضد تصرفات المُشاركات.

لا يسعنا إلاّ أن نعلن يقيناً، أنه لو التقطت العدسات ذاتها، المشاهد عينها ولكن تم استبدال الشرطة الفلسطينية بالشرطة الإسرائيلية، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولأصبحنّ ذات "الساقطات" بنظر البعض، بطلات قوميّات ومناضلات من دون ذرة شك. إن إزدواجيّة المعايير الصارخة هذه هي ما يجب حقاً أن يستدعينا إلى أن نعيد حساباتنا. إن هذه الإزداوجيّة تعني من بين ما تعنيهِ أن مجتمعنا الفلسطيني، ما زال، للأسف الشديد، يشترط وقوفه مع حقوق المرأة ومساندتها بالالتزام بحدود "الإجماع الوطنيّ"، كما يُعرّف بشكله الأكثر ضيقاً: مقارعة الإحتلال وفقط وذلك ضمن شروط وقيود اجتماعية يحكمها الفكر الذكوري. ولا يتم استيعاب الإجماع الوطني الفلسطيني، بشكله الأوسع، وكما نفهمه نحن كحركات نسويّة: على أنه مجابهة كل ظلم وتهميش ودفاع عن الناس نساء ورجالا  بكونهم بشراً وعن حقهم في التعبير عن إرادتهم الحرّة وأن يكوّنوا رأياً حتى لو تناقض هذا مع آراء وتوجهات الأغلبيّة ويدافعوا عنه في كل المحافل.

بأدواتيّة منقطعة النظير، طالب البعض المؤسسات النسويّة أن تتنصل من تصرفات المتظاهرات، وأن تعلن أن "نساء فلسطين" لسن هكذا. للوهلة الأولى نتفاجأ من كم الاعتراف المجتمعيّ هذا بالحركات النسويّة ودورها وفعلها وهو اعتراف لم نعهده من قبل. ولكن هذا الإعتراف يأتي متناغما مع الفكر الذكوري السلطوي ويتضمن سحب الوكالة منّا فوراً واستدعاءنا إلى أن نتحوّل إلى سلطة قمعيّة اضافيّة. وهكذا نطالب بنفي تعدديّة نساء فلسطين، واختلافهنّ، كما اختلاف انتماءاتهن، لنجزّ بهنّ جميعاً تحت عنوان واحد يرى مقارعة الاحتلال وحده، من  دون مواجهة باقي أشكال القمع والعنف، نضالاً. ومن ثم نطالب أيضاً بأن نضع معايير "تصرفات لائقة" لنساهم في إعادة إنتاج منظومات مجتمعيّة صارعنا، وما زلنا جاهدات للتخلص من ناموسها.

ونحن بغنى عن القول إن أحداً لم يتحدث عن تصرفات الرجال المشاركين ولا أقوالهم ولا حدود حريتهم. وأن الغضب، ممن يبدو أنهم أصلا معارضون لمحتوى التظاهرة ذاتها، قد صُبَّ على النساء المشاركات فيها، محاولين كالعادة اعتبارها الحلقة الأضعف التي يتم الاستقواء عليها بكافة الطرق. ومن هنا فمطالبة المشاركات ومن ثم الحركات النسوية بـ"شجب السباب" ما هو إلا أداة قمعيّة بحدّ ذاتها، تهدف إعلان الاتهام من جهة، دون إمكانيّة الاستئناف على التهمة، ومن جهة أخرى التغطيّة على الجريمة الأهم والأكبر والأشنع وهي الاحتلال، واستمرار المفاوضات واستمرار التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، كما العنف السياسي الذي يرمي بظلاله علينا جميعاً كفلسطيين وفلسطينيات: منعنا من أن نشارك في تحديد مصائرنا وسدّ الأفق عنّا وتحويل السياسة إلى قاعات ضيقة يشارك فيها أفراد القيادة وليس إلاّ.

ومن هنا نتوجه، نحن نشطاء ونشيطات فلسطينيات، بالتحية للنساء المناضلات في جميع ساحات النضال - دمتن ذخرا للحركة الوطنية وللحركة النسويّة ونشد على أيديكن في نضالكن ضد الاحتلال وضد جميع أنواع القمع.

التعليقات