09/05/2018 - 12:31

انتخابات بيرزيت: بين الطابع الرمزي النضاليّ وانعكاسِ رأي الشارع الفلسطيني

وتُعتبر جامعة بيرزيت الواقعة على مقربة من مدينة رام الله حيث مقر قيادة السلطة الفلسطينية، من أبرز الجامعات الفلسطينية، وتحظى باهتمام كبير من الفصائل الفلسطينية، وتحديدا من حركتي فتح وحماس اللتين تتنافسان للسيطرة على مجلس طلبتها.

انتخابات بيرزيت: بين الطابع الرمزي النضاليّ وانعكاسِ رأي الشارع الفلسطيني

من المناظرة التي سبقت الانتخابات بيوم (تصوير محمد أبو زيد)

افتتاحُ صناديق الاقتراع

افتُتِحَتْ صباح اليوم الأربعاء، صناديق الاقتراع لانتخابات مجلس اتحاد طلبة جامعة بيرزيت، شمالي رام الله، في الضفة الغربية المُحتلّة.

ويتنافسُ على رئاسة مجلس الطلبة أربع كتل طلابية وهي: كتلة الوفاء الإسلامية، وهي الجناح الطلابي لحركة حماس، وكتلة الشهيد ياسر عرفات الجناح الطلابي لحركة فتح، وكتلة القطب الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتلة الوحدة الطلابيةالذراع الطلابي للجبهة الديمقراطية .

وتتنافس الكتل الأربع على مقاعد مؤتمر المجلس البالغ عددها 51 مقعدًا، إذ يبلغ عدد الطلاب الذين يحق لهم الاقتراع 12068 طالب في برنامج البكالوريوس.

بدء الاقتراع

جامعة ليبراليّة ورمزيّة مُتجذِّرة

وتُعتبر جامعة بيرزيت الواقعة على مقربة من مدينة رام الله حيث مقر قيادة السلطة الفلسطينية، من أبرز الجامعات الفلسطينية، لذلك فإنها تحظى باهتمام كبير من الفصائل الفلسطينية، لا سيّما من حركتي فتح وحماس اللتين تتنافسان للسيطرة على مجلس طلبتها.

وتنبعُ الأهميّة الخاصة لانتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، لأنها مُرتبطة بالنسبة للكثيرين بالطابع الرمزي الذي تحمله الجامعة، حيث يُنظرُ إليها كجامعة ليبرالية أُسِّسَت قرب رام الله في وسط الضفة الغربية، الأمر الذي ساهم في تحويلها ولفترة طويلة إلى مركز جذب للطلبة من بقية مناطق الضفة الغربية والقدس، نظرا للعوامل الجغرافية التي ميّزتها، إذ أنها قريبة نسبيا من بقية المناطق، بالإضافة لسمعتها الأكاديمية التي تُخرِّج نُخبا من الطّلّاب المتميّزين سياسيا ونضاليا، إن على مستوى السجال الداخلي، أو على مستوى المواجهة مع الاحتلال.

انعكاسٌ للرأي العام؟

لطالما قيل إن الأهمية الفعلية لانتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، تأتي من قدرتها المعقولة على قياس اتجاهات الرأي العام الفلسطينيّ، في الضفة والقدس تحديدا، والكشف عن التحولات المكتومة في قلب هذه الساحة الكبيرة.

في السنوات العشر الأخيرة، تغير الأمر قليلا، فلم تعُد الانتخابات الطلابية في الضفة الغربية تملك القدرة ذاتها على قياس اتجاهات الرأي العام، بعدما استغرقها التراجع العام المرتبطُ بالحالة السياسية التي سحبت الاهتمام الوطني من الجمهور، متوسلة بأدوات اقتصادية وثقافية وأمنية؛ لإعادة صياغة الوعي.

الاقتراع بعد السجالات السياسية والمناظرة

وتأتي عملية الاقتراع، بعد ساعات من استعراض المُرشحين عن الكتل الطلابية لبرامجهم الانتخابية أمام طلبة الجامعة في مناظرة نقابية، طغى عليها الجانب السياسي، ولم يغِب عنها التوتّرات السياسية التي تشهدُها الساحة السياسية الفلسطينية خارج أسوار الجامعة.

يُذكر أن الكتلة الإسلاميّة، فازت بانتخابات المجلس على مدار الثلاثة أعوام الماضية، بينما فازت الشبيبة في جامعات أخرى في الضفة الغربية وفي مقدمتها جامعة النجاح الوطنية، كُبرى الجامعات الفلسطينية، في وقت تتعطل الانتخابات الطلابية في أغلب الجامعات في قطاع غزة.

من المُناظرة الانتخابية

أهميّة بالنسبة للفصائل

استندت العديد من الفصائل الفلسطينية تاريخيا إلى انتخابات الطلبة في تحديد مطالبها وحصصها من مؤسسات التمثيل الفلسطيني، ففي العام 1992 طالبت حماس بما نسبته 40% من مقاعد منظمة التحرير؛ معتمدة على نتائج انتخابات الطلبة في حينها. وتُعتبر الشبيبة الطلابية والكتلة الإسلامية أفرع طلابية لحركتي فتح وحماس، حيث تحظى كلتا الكتلتين بدعم مادي ولوجستي من حركتيهما.

انتخابات بير زيت وآراءُ طلبة

لِرصد الأجواء عن كثب، وللاطّلاع على الوضع بشكل دقيق، تابع "عرب 48" كل ما يتعلّق بالانتخابات، وأجرى مُقابلات مع بعض طلبة الجامعة، كي يرى القارئ الانتخابات بِعَيْن الطالب الذي يؤكّد أن انتخابات بيرزيت، تُمثِّلُ فعلا تجرية استثنائيّة، ففي حديثهِ لـ"عرب 48" قال فراس السّعدي، وهو أحد طلبة الجامعة: "كطالب في جامعة بيرزيت، في الحقيقة أعيش في جو حقيقي للديمقراطية و الأجواء الانتخابية التي تسري بشكل شفّاف وعادل في كل سنة، ذلك يعود لما توفره الجامعة من ترتيبات خاصة تُساهم في سير العملية الانتخابية بشكل سليم".

وأضاف السعدي: "كغيرنا من طلبة الجامعات في الضفة، هنا يتولد شعور الفخر بجامعة بيرزيت و أجوائها الانتخابية، الأمر الذي يفتقده طلاب جامعات قطاع غزة الحبيب، في جامعة بيرزيت كتل طلابية خدماتية نقابية سياسية؛ ترتقي بالحركة الطلابية إلى المستوى الذي يتطلع إليه الطلبة فتشمل النشاطات كل الطلبة، وتُنقَلُ فكرة كل إطار بصورة واضحة، وبناءً عليه يختار الطلبة بكل حرية، الكتلة التي يرغبون لتمثيلهم في مجلس الطلبة".

وقال الطالب محمد أبو زيد لـ"عرب 48": "إن انتخابات بيرزيت تُمثِّلُ انعكاسا للشارع الفلسطينيّ، وتعكسُ الصورة في الخارج، وقوة الأحزاب السياسيّة".

بدورها، أشادت الخريّجة نتالي جوني إلى المساحة التي تُعطيها الجامعة لطلبتها قائلة: "في الحقيقة، إن إدارة الجامعة وعمادة شؤون طلبتها، تُعطي لكل الطلاب مساحة كبيرة من الحرية، وتسعى من خلال توجهها للطلاب إلى حثّهم على ضرورة المشاركة في الانتخابات، وعيش التجربة الديمقراطية الاستثنائية، دون التأثر بأي ضغط خارجيّ".

تنظيم دخول الطلاب للاقتراع

وأوضحت الطالبة دينا فتيحة لـ"عرب48" أن "الأجواء الانتخابية العامة في هذا العام، تبدو أقل وهجا وحماسا من الأعوام التي سبقت" مُضيفة: " أعتقد أن السبب يعود إلى الطابع الهجومي الذي اتسمت به انتخابات هذا العام، أنا أرى أن انتخابات السنوات السابقة كانت أكثر رقيًّا، أما اليوم فلا يوجد روح تنافس حقيقية بين الطلّاب".

اهتمام كبير لوسائل الإعلام
أوضح الصحافيّ علاء صبيحات، في حديثٍ لـ"عرب 48" سبب الاهتمام الخاصّ الذي تحظى به انتخابات جامعة بيرزيت قائلا: " الناظر بعين الموضوعية والمراقب لوضع الشارع الفلسطيني، يرى انعكاسا للشارع الفلسطينيّ في انتخابات جامعة بيرزيت تحديدا، دون باقي الجامعات. نقطة قوتها أساسا هي المساحة الحُرة إلى حد ما، بحيث أنها الجامعة الوحيدة في الضفة، التي تسمح رفع بيارق الكتلة الإسلامية التي يتم التعامل معها في أي جامعة أخرى على أنها أكبر الجرائم مثلا".

وفيما يخصّ نقاط ضعف انتخابات بيرزيت قال صبيحات: "نقطة ضعفها الأساسية هي ما بعد الانتخابات، فعمليات الاعتقال من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية من جهة والاحتلال من جهة أخرى؛ تجعل الطلبة جميعا يخافون إلى حد كبير من التعبير الصريح والحر والكامل عن رأيهم".

واعتبر صبيحات أن "الدعاية الهجومية، وشتم الآخر"، هي نقط ضعفٍ كانت جليّة وواضحة هذا العام، مُضيفا: "لا أنفي أن ذلك يتكرر كل عام، لكن هذه المرة كانت أشد ضراوة وقسوة دون مبرر، وطبعا ذلك يعود للإشكالية في الشارع الفلسطيني، حول قضية انعقاد المجلس الوطني، فالأحزاب الفلسطينية انقسمت خارج الجامعة وشتمت بعضها بشكل هستيري".

واستعرض الصحافيّ عصمت منصور، الأسباب التي ساهمت في تفرُّد واستثنائية انتخابات جامعة بيرزيت عن سواها قائلا: "أول ما يتبادر إلى الذهن حينما نذكر جامعة بير زيت، أنها جامعة الشّهداء، فلطالما اتّسمتْ بدورها النضاليّ الكبير ضد الاحتلال الإسرائيلي، والتنافس فيها يأخذ طابعا سياسيا أكثر من الطابع الطّلابيّ، ولذلك رأينا أكثر من مرة تعليقات أبو مازن وخالد مشعل وغيرهما، على نتائجها لاعتبارهما أن هذه النتائج تقيسُ الرأي العام الفلسطينيّ، ومقدار قبول الشارع لقرارات وسياسات الحزب خارج الجامعة".

وقال منصور إن "اهتماما إسرائيليا كبيرا ينصبّ حول انتخابات بيرزيت، لنفس الاعتبارات التي ذكرتُها، فهي تُعدّ بالنسبة لهم مقياسا لجسّ نبض الشارع الفلسطينيّ وميوله، كما أنها تتدخل ما استطاعت في الانتخابات، حيث تعتقلُ طلابا، وتمنع وصول أموالِ تمويلٍ لبعض الحركات الطّلابيّة، وتتخذُ من نتائج الانتخابات مؤشرا تستخدمه في بناء سياسات، ووضع خطط، وتقدير موقف، وما إلى ذلك".

التعليقات