16/01/2021 - 08:48

الانتخابات الفلسطينية.. بين التفاؤل والحذر

أعرب محللون فلسطينيون من تحديد موعد الانتخابات العامةالفلسطينية، محذرين من "تحديات" قد تواجه المشهد السياسي الفلسطيني في مرحلة ما بعد الانتخابات وسط تخوفات من أن تقتصر الانتخابات المعلنة على كونها "استجابة لمطالبة دولية"

الانتخابات الفلسطينية.. بين التفاؤل والحذر

(من الأرشيف)

أعرب محللون فلسطينيون عن تفاؤلهم من إصدار الرئيس محمود عباس، الجمعة، المرسوم الخاص بتحديد موعد الانتخابات العامة المعطلة منذ سنوات، محذرين من "تحديات" قد تواجه المشهد السياسي الفلسطيني في مرحلة ما بعد الانتخابات مثل طبيعة الحكومة، وسط تخوفات من أن تقتصر الانتخابات المعلنة على كونها "استجابة لمطالبة دولية" بهدف التعامل مع قيادة فلسطينية مُنتخبة، "دون أن ترتبط بترتيب البيت الداخلي".

ويرى سياسيون فلسطينيون، أن تحديد مواعيد الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير الفلسطينية) خطوة جيدة تبعث على التفاؤل، لكنها "غير كافية" ويجب أن يتبعها خطوات أخرى في الطريق قبل الوصول إلى الوحدة.

مواعيد الانتخابات

وحدد الرئيس عباس موعد إجراء الانتخابات التشريعية في 22 أيار/ مايو، والرئاسية في 31 تموز/ يوليو، والمجلس الوطني في 31 آب/ أغسطس من العام الجاري.

والإثنين، أصدر الرئيس الفلسطيني تعديلا على قانون الانتخابات رقم (1) لسنة 2007، يسمح بإجرائها بشكل متتال، وليس بالتزامن، كما نص القانون قبل التعديل.

وتخلت حركة "حماس"، مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، عن شرط تمسكت به طوال الحوار مع حركة "فتح"، وهو "التزامن" في إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني. وقالت الحركة إنها تلقت ضمانات من عدة دول عربية ودولية بعقد انتخابات بالتتابع خلال ستة أشهر.

مدخل لإنهاء الانقسام

وفي هذا السياق، أعرب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، عن تفاؤله بتحديد الرئيس عباس مواعيد الانتخابات، كخطوة مهمة باتجاه تحقيق الوحدة الفلسطينية.

وقال أبو يوسف: "لا بد أن نمضي قدما من أجل إنجاح الانتخابات التي ربما تشكل مدخلا لإنهاء الانقسام عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات".

وشدد على أنه بعد هذه الخطوة يجب تحقيق التوافق الوطني الشامل في "مواجهة التحديات والمخاطر الناتجة عن الاحتلال أو التطبيع أو الانحياز الأميركي لإسرائيل".

وأضاف أبو يوسف أن "الخطوة التالية بعد صدور مراسيم تحديد مواعيد الانتخابات هي إجراء مشاورات وطنية حول كيفية بناء حوار فلسطيني شامل لإنجاح الانتخابات، وترتيب الوضع الداخلي".

اختراق بعد جمود طويل

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين، أيمن يوسف، إن "مرسوم إجراء الانتخابات اختراق جيد بعد انقسام طويل في المشهد الفلسطيني".

لكن يوسف، أوضح أن "عقد الانتخابات لا يعني نهاية الانقسام، لكنه بداية لعمل شاق لحل كل نقاط الخلاف بين الطرفين (فتح وحماس)".

وأعرب عن أمله أن يتم تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية في نهاية المطاف. ونوه الأكاديمي الفلسطيني إلى "ضرورة وضع آليات تضمن عدم تكرار المشهد السابق من الانقسام بعد الانتخابات".

وقال إن "المرسوم الرئاسي ترجمة للجهود التي بذلت من دول إقليمية أبرزها قطر، ومصر، وتركيا، أقنعت الجانبين بأن لا بديل عن تجديد الشرعية الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام".

واعتبر أن "الانتخابات تطور إيجابي لتجديد المؤسسات وضخ دماء جديدة بالقيادة الفلسطينية".

لكن الخبير السياسي، رأى أن "عقبات وصعاب ربما تواجه المشهد السياسي في مرحلة ما بعد الانتخابات مثل طبيعة الحكومة التي ستتشكل إن كانت حكومة وحدة أو تكنوقراط أو يشكلها حزب واحد، إضافة لإشكاليات المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي".

وذكر أن إسرائيل ستكون معيقا رئيسيا أمام النظام السياسي الفلسطيني الجديد. ولفت إلى أن الحكومة الجديدة بعد الانتخابات ربما تواجه صعوبات في اعتراف العالم بها وتعامله معها.

استجابة لمطالب دولية

من جانبه، أعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، بلال الشوبكي، عن خشيته من أن تكون الانتخابات "استجابة لمطالبة دولية" بهدف التعامل مع قيادة منتخبة "دون أن ترتبط بترتيب البيت الداخلي".

ولم يستبعد الشوبكي أن "تكون الانتخابات مرتبطة بالحاجة إلى شرعنة النخبة السياسية الحاكمة، خلال مرحلة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، الذي قال إنه لن يتعامل مع أنظمة سلطوية".

ومن ناحية أخرى، رأى الشوبكي، أن "إصدار المراسيم لا يعني بالضرورة إجراء الانتخابات بصورة كاملة"، مستدركا: "حتى لو جرت الانتخابات التشريعية، فهذا لا يعني بالضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية".

وأضاف: "حتى لو جرت الانتخابات، فإنها لا يمكن أن تكون جزء من عملية ديمقراطية، لأنه لم يسبقها إصلاحات في الضفة وغزة، على مستوى الأفراد والجماعات".

كما تساءل الشوبكي حول إمكانية قبول نتائج الانتخابات إقليميا وعربيا ودولية، إن كانت ستقف إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام تشكيل قوائم انتخابية محظورة من قبلها، في إشارة لحركة "حماس".

وأُجريت آخر انتخابات فلسطينية للمجلس التشريعي مطلع 2006، وأسفرت عن فوز "حماس" بالأغلبية، فيما كان قد سبق ذلك بعام انتخابات للرئاسة وفاز فيها عباس.

ويأمل الشارع الفلسطيني أن يكون الإعلان عن إصدار مرسوم الانتخابات الفلسطينية المعطلة، تطورًا إيجابيًا قد يفضي إلى إنهاء الانقسام، لا سيما في ظل الظروف المعقدة إقليميًا وعربيًا ودوليًا، المدعومة بتنامي حالة التطبيع ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية.

وكانت حركتا حماس وفتح اتفقتا نهاية الصيف على تنظيم انتخابات في غضون ستة أشهر، في خطوة برزت في سياق جهود فسلطينية - فلسطينية "لمواجهة" تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية.

غير أن إعلان السلطة الفلسطينية عودة التنسيق مع الجانب الإسرائيلي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، دفع حماس نحو توجيه انتقادات للسلطة، واصفة قرارها بأنّه "طعنة للجهود الوطنية نحو بناء شراكة (...) لمواجهة الاحتلال والضم والتطبيع وصفقة القرن (خطة السلام الأميركية)".

وفي بداية الشهر الجاري، قالت "حماس" إن رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، تلقى رسالة خطية من محمود عباس، رحب خلالها بموقف الحركة من استئناف الطرفين للحوار تمهيدا لإجراء الانتخابات.

وسارعت حماس، الجمعة، إلى الترحيب، مؤكدة في بيان "الحرص الشديد على إنجاح هذا الاستحقاق".

كما دعت إلى "تهيئة المناخ لانتخابات حرة نزيهة (...) مع ضرورة المضي دون تردد في استكمال العملية الانتخابية كاملةً في القدس والداخل والخارج وصولاً إلى إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني والاتفاق على استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال".

التعليقات