في ظلّ الحرب على غزّة: تزايد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة

تسجّل يوميًّا ثمانية حوادث عنف ضدّ الفلسطينيّين من بينها الترهيب والسرقة والاعتداء وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانيّة ومكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة (أوتشا)، في حين أنّ حجم الاعتداءات الحقيقيّ اليوميّ على الفلسطينيّين أعلى من ذلك بكثير...

في ظلّ الحرب على غزّة: تزايد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة

من هجمات المستوطنين في الضفّة الغربيّة (Getty)

في 12 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، غادر 200 من البدو في خربة وادي السيق شرق مدينة رام اللّه أراضيهم، ولجأوا إلى قرية الطيبة القريبة بعد أن أمهلهم الجيش الإسرائيليّ ساعة واحدة لتركها.

ترك الرعاة البدو منازلهم، وغادروها سيرًا على الأقدام مع الماشية بعد أن وصل عشرات المستوطنين يرافقهم شرطيّون وجنود إسرائيليّون إلى القرية، ويقول ممثّلون عن الخربة إنّ الجيش لم يستجب لعدّة طلبات قدّمت لتأجيل الإخلاء.

ويؤكّد أبو بشّار الّذي لجأ مع عشرات العائلات إلى الطيّبة وسط الضفّة الغربيّة "ندفع ثمن ما يحدث في بلدهم" في إشارة إلى الحرب الدائرة منذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر بين إسرائيل وحركة حماس.

وشنّت حركة حماس هجومًا برّيًّا وجويًّا وبحريًّا مباغتًا على البلدات الإسرائيليّة على الحدود مع قطاع غزّة أسفر عن مقتل 1400 شخص سقطوا في اليوم الأوّل من الهجوم، حسب السلطات الّتي أفادت أنّ مقاتلي حماس احتجزوا أيضًا حوالي 230 أسيرًا، وردّت إسرائيل بقصف مكثّف على غزّة، واستشهد منذ ذلك الحين أكثر من ثمانية آلاف شخص في القطاع نصفهم من الأطفال، وفق آخر حصيلة أعلنتها وزارة الصحّة الفلسطينيّة في غزّة.

(Getty)

وتشهد الضفّة الغربيّة أيضًا تصاعدًا في وتيرة العنف، إذ استشهد أكثر من 100 شخص في مواجهات بين شبّان فلسطينيّين وجيش الاحتلال، ويعيش في الضفّة الغربيّة أكثر من 490 ألف مستوطن في مستوطنات تعتبر غير شرعيّة بموجب القانون الدوليّ.

وتسجّل يوميًّا ثمانية حوادث عنف ضدّ الفلسطينيّين من بينها الترهيب والسرقة والاعتداء وفقًا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانيّة ومكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة (أوتشا)، في حين أنّ حجم الاعتداءات الحقيقيّ اليوميّ على الفلسطينيّين أعلى من ذلك بكثير

أمّا علياء مليحات الّتي تسكن قرية المعرّجات البدويّة بين رام اللّه وأريحا فتؤكّد "لم نعد ننام، هذا كابوس"، وتخشى مليّحات على سكّان قريتها من التهجير، وتقول "منذ بداية الحرب أصبحنا نرى المستوطنين يحملون المزيد من الأسلحة (...) الأمر صعب جدًّا".

وتضيف "نسأل أنفسنا ماذا سيحدث (...) نعيش نكبة ثانية بسبب المستوطنين والجيش"، وتنحدّر مليحات من صحراء النقب الّتي هجروا منها أو تركوها في 1948 إلى الضفّة الغربيّة.

وفي الضفّة الغربيّة الّتي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967، نزح منذ بدء الحرب الحاليّة 7607 أشخاص أكثر من نصفهم من الأطفال وفق مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة، كما هجّر نحو 1100 شخص من أراضيهم خلال العام ونصف العام الماضيين.

وبالنسبة لأبي بشّار الّذي لا يريد سوى العودة إلى بيته "ليس لديّ مكان آخر أذهب إليه (...) كلّ أغراضنا هناك، المونة الّتي نشتريها بكمّيّات كبيرة والجرارات والألواح الشمسيّة"، وبعد أسبوع على تهجيرهم، سمح الجيش للسكّان بالعودة لجمع أمتعتهم، لكن عند وصولهم، وجدوا كلّ شيء مدمّرًا.

ويقول أبو بشّار "دمّروا كلّ شيء (...) أكياس علف الحيوانات مرميّة على الأرض".

(Getty)

ورصدت وكالة فرانس برس منازل منهوبة وخزائن ملابس فارغة وأسرة أطفال محطّمة وستائر ممزّقة وأوراق وأحذية وألعاب متناثرة على الأرض، وأشار طاقم فرانس برس إلى وجود سيّارات مدنيّة في الخربة وحولها وقد رفع العلم الإسرائيليّ على عدد منها.

ويؤكّد أبو بشّار أنّ كلّ ما يريده هو أن يتركوه يعيش بسلام إذ أنّه لم يعد يحتمل، ويضيف "هناك خطّة طويلة الأمد لطردنا والاستيلاء على أرضنا. انتهزوا هذه الفرصة للقيام بذلك بينما كان الجميع يراقب ما يحدث في غزّة".

ويوضّح الناشط الإسرائيليّ في مجال حقوق الإنسان غاي هيرشفيلد لفرانس برس أنّ المستوطنين يكثفون جهودهم لطرد الفلسطينيّين من أراضيهم منذ بداية الحرب.

ويضيف "يستغلّ المستوطنون الحرب لإنهاء تطهير المنطقة (ج) من غير اليهود" في إشارة إلى الأراضي المصنّفة (ج) أو (سي) وفق اتّفاقيّة أوسلو الموقّعة في 1993 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، إذ تشكّل تلك الأراضي 61% من أراضي الضفّة الغربيّة.

ويشير هيرشفيلد إلى إفراغ ما مساحته 150 كيلومترًا مربّعًا في الضفّة الغربيّة من السكّان بالفعل، ويضيف "هنا قاموا بتطهير 150 ألف دونم من غير اليهود" معتبرًا ذلك "تطهيرًا عرقيًّا لهذه المنطقة".

ويحظى المستوطنون بدعم قويّ من الائتلاف الحكوميّ اليمينيّ المتشدّد الّذي يتزعّمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.

(Getty)

وتقول رئيسة تحالف حماية الضفّة الغربيّة أليغرا باتشيكو إنّ جيش الاحتلال الّذي ينتشر بأعداد كبيرة في الضفّة الغربيّة "لا يتدخّل دائمًا في عنف المستوطنين"، وتضيف رئيسة التحالف وهو مجموعة من المنظّمات غير الحكوميّة تنسّق المساعدات الإنسانيّة إنّ "وجود المستوطنين عادة ما يؤدّي إلى تصاعد العنف".

وكانت قوّات الاحتلال قد هدمت محلًّا تجاريًّا في القدس بحجّة عدم الترخيص في بلجة صور باهر جنوبيّ القدس، بالإضافة إلى منزل في بلدة جبل المكبّر، كما هدمت منزلًا في الشيخ جرّاح.

وضمن هذه الانتهاكات المتزايدة، أجبرت قوّات الاحتلال مواطنًا فلسطينيًّا على هدم منزله في بلدة بيت حنينا بحجّة عدم الترخيص، كما قام مستوطنون بمهاجمة أهالي حيّ الصوانة.

وفي الخليل، أخطرت سلطات الاحتلال بموجب أمر عسكريّ بوضع اليد والاستيلاء على ما يزيد عن دونمين من أراضي بلدة صوريف، كما جرّفت اراضٍ واقتلعت ما يزيد على 25 شجرة، كما قام مستوطن برفقة جيش الاحتلال بإطلاق الرصاص الحيّ صوب المواطنين، كما أصيب عدد من المواطنين بعد اعتداء المستوطنين عليهم في مسافر يطّا، بالإضافة إلى عشرات الاعتداءات الأخرى في أماكن مختلفة من الضفّة الغربيّة، وذلك بحسب تقرير الاستيطان الأسبوعيّ الصادر عن المكتب الوطنيّ للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.

التعليقات