واشنطن تتبنى رواية تل أبيب: مشافي غزة في مرمى الاحتلال

فيما يواصل الاحتلال منذ أيام محاصرة ومهاجمة مشافي شمالي قطاع غزة التي تأوي المئات من الجرحى والنازحين والطواقم الطبية، واشنطن تتبنى رواية سلطات الاحتلال التي تسعى إلى تبرير هجوم محتمل على المشافي، بأنها تُستخدم بواسطة فصائل المقاومة الفلسطينية.

واشنطن تتبنى رواية تل أبيب: مشافي غزة في مرمى الاحتلال

يوم مستشفى الشفاء، يوم الجمعة الماضي (Getty Images)

تبنت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، رواية الاحتلال الإسرائيلي بشأن المشافي في قطاع غزة، وادعى البيت الأبيض أن الولايات المتحدة "لديها معلومات عن استخدام حركتي حماس والجهاد الإسلامي المستشفيات في غزة لإخفاء العمليات واحتجاز الرهائن"، ما يعزز من الخطر الذي يحيط بالمستشفيات التي باتت متوقفة عن العمل وتأوي مئات الجرحى والنازحين وطواقم طبية، باتت جميعها في مرمى الاحتلال.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

وزعم المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، اليوم الثلاثاء، أن حركتي حماس والجهاد الاسلامي لديهما "مركز قيادة ومراقبة انطلاقا من مستشفى الشفاء" في قطاع غزة. وزعم كيربي أمام الصحافيين أن الولايات المتحدة تأكدت من هذا الأمر استنادا إلى مصادرها الاستخباراتية الخاصة.

وادعى المتحدث الأميركي، أن موقع المستشفى الذي تحاصره قوات الاحتلال منذ أكثر من 5 أيام، وتمنع عنه الكهرباء والغذاء والإمدادات الطبية، "يستخدم لتخزين الأسلحة"، يأتي ذلك فيما يمهد جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أسابيع لمهاجمة مشافي المناطق الشمالية في قطاع غزة ومحاولة تبرير ذلك بأن المقاومة تتخذها مركزا لأنشطتها العسكرية.

ويتعرض مستشفى الشفاء ومحيطه، وسائر مستشفيات القطاع، لاستهداف مستمر بالقصف من جانب الجيش الإسرائيلي فيما تعود معارك عنيفة في محيطها، بزعم احتوائها على مقرات لفصائل المقاومة الفلسطينية، وهو ما نفاه مكتب الإعلام الحكومي في غزة مرارا.

من مستشفى الرنتيسي (Getty Images)

وقال كيربي إن "استخدام حماس مستشفى الشفاء في غزة مركزا للقيادة والتحكم جريمة حرب"، مستدركا بالقول إن "أفعال حماس لن تقلل من مسؤولية إسرائيل عن حماية المدنيين"، علما بأن وزارة الصحة في غزة أكدت أنه "خلال الأيام القليلة الماضية ارتقى 40 شهيدا داخل أسوار مجمع الشفاء الطبي منذ أن بدأ حصاره فعليا (قبل 5 أيام) من قبل جيش الاحتلال واستهداف كل شيء يتحرك بداخله، وبسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود".

وأكد كيربي أن واشنطن لا تدعم التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، معتبرا أن ذلك "سيفيد حماس" وقال "لكننا ندعم فترات هدنة إنسانية"، وأضاف أن "الولايات المتحدة الأميركية تبحث بنشاط مع الشركاء في المنطقة مسألة الرهائن الذين تحتجزهم حماس".

حماس: "ضوء أخضر أميركي لارتكاب مزيد من المجازر الوحشية بحق المستشفيات"

بدورها، قالت حركة حماس في بيان صدر عنها في وقت متأخر من مساء الثلاثاء: "ندين بشدة ونرفض تصريحات البنتاغون والبيت الأبيض التي يتبنون فيها أكاذيب الاحتلال الصهيوني حول استخدام حركة حماس المستشفيات لإخفاء جنود الاحتلال الأسرى أو مراكز للقيادة والسيطرة".

وأضافت: "نعد تلك التصريحات بمثابة ضوء أخضر أميركي لارتكاب الاحتلال لمزيد من المجازر الوحشية بحق المستشفيات، بهدف تدمير القطاع الصحي والضغط على شعبنا لتهجيره من أرضه، تنفيذا لمخططات يروّج لها النازيون الجدد أمثال (رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين) نتنياهو و(وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل) سموتريتش".

وجدّدت دعوتها "للأمم المتحدة بتشكيل لجنة لجنة دولية للتجوال والإطلاع على كافة المستشفيات للوقوف على كذب رواية الاحتلال، وحليفته واشنطن التي تتحمل مسؤولية مباشرة عن حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة".

"تمثيلية سمجة"

وفي وقت سابق اليوم، نددت وزارة الصحة في قطاه غزة المحاصر، بما وصفته بـ"تمثيلية سمجة"، بعدما زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن لديه "مؤشرات" تظهر أن مقاتلي الحركة احتجزوا رهائن داخل مستشفى للأطفال في قطاع غزة.

وأمس، الإثنين، ظهر المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي، دانيال هغاري، في مقطع مصور، قال فيه إنه موجود في مستشفى الرنتيسي للأطفال في مدينة غزة، وادعى أن الجيش الإسرائيلي جمع "مؤشرات" مثل زجاجة لرضاعة الأطفال وقطعة حبل موصولة بكرسي.

مدخل مجمع الشفاء، الليلة الماضية (Getty Images)

وردت وزارة الصحة في غزة في بيان أكدت من خلاله أن "ما عرضه الاحتلال حول مستشفى الرنتيسي للأطفال هو تمثيلية سمجة لا يوجد عليها دليل واحد يستحق الرد". وأضافت أن "الاحتلال اعتبر وجود حفاضات أطفال في مستشفى للأطفال وبه نازحون على أنها أدلة استثنائية، فأي استخفاف هذا بعقول الناس وعقول العالم".

وتابعت أن مستشفى الرنتيسي "تم إخلاؤه تحت فوهة الدبابات وبنادق الاحتلال، فلماذا لم يتم اعتقال أحد من المقاومين المزعومين أو المحتجزين المزعومين؟". كذلك، زعم الجيش الإسرائيلي في المقطع المصور أنه عثر على "بنية تحتية لحماس في الطابق السفلي" للمستشفى المذكور.

وردت حماس بالتأكيد على أن "القبو الذي تحدث عنه ضابط الاحتلال الظاهر بالفيديو، موجود ضمن تصميم المستشفى ويضم الإدارة ومخازن المستشفى وأصبح مكان إيواء للنازحين الهاربين من القصف للاحتماء به".

الخارجية الأميركية: سندعم طرفا ثالثا مستقلا لإخلاء مستشفيات غزة

وعلى صلة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، مساء الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تريد إجلاء مرضى مستشفيات غزة بأمان لتجنب تعرضهم للأذى وستدعم طرفا ثالثا مستقلا لإجراء عمليات الإخلاء.

وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن واشنطن لا تريد رؤية أي مدنيين، "وبالتأكيد ليس الأطفال في الحاضنات" وغيرهم من السكان المعرضين للخطر، في مرمى تبادل إطلاق النار.

وقال إن الولايات المتحدة تجري حاليا محادثات مع منظمات إغاثة وأطراف ثالثة بشأن الإخلاء المحتمل.

يأتي ذلك فيما أكدت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، بأن نقل المرضى الأكثر عرضة للخطر من مستشفى الشفاء في غزة بات "مهمة مستحيلة".

ساحة مستشفى الأهلي المعمداني، الإثنين (Getty Images)

وقالت الناطقة باسم المنظمة، مارغريت، إن "السبب الذي دفعنا للقول إنه لا يمكن إجلاء الناس هو قبل كل شيء.. أن الناس في المستشفيات معرّضون للخطر بشكل كبير، إنهم يعانون من المرض الشديد. لذا فإن نقلهم مهمة مستحيلة".

وأضافت أن ذلك سيكون بمثابة "الطلب من الأطباء والممرضين نقل أشخاص رغم معرفتهم بأن الأمر سيقتلهم".

وتابعت "ولم ستحتاجون لنقلهم؟ يجب ألا يتعرّض مستشفى للهجوم إطلاقا. المستشفى ملاذ آمن. إنه أمر متفق عليه بموجب القانون الإنساني الدولي".

"وصمة عار"

واتهم القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، الثلاثاء، الجيش الإسرائيلي باستهداف القطاع الصحي في غزة لدفع الشعب الفلسطيني إلى "الهجرة قسرا"، مشددا على أن "المقبرة الجماعية" في ساحة مجمع الشفاء تمثل "وصمة عار على جبين كل مَن لم يتحرّك لوقف مجزرة القرن" بحق المدنيين.

المستشفى الإندونيسي، الإثنين (Getty Images)

وخلال مؤتمر صحافي في بيروت، قال حمدان: "بات واضحا للعالم أن هدف الاحتلال من استهداف المستشفيات والمراكز الصحية والبنى التحتية في قطاع غزة هو حرمان شعبنا من الخدمات الأساسية ومستلزمات الحياة الطبيعية، لدفعهم إلى الهجرة قسرا، في تكرار لمشاهد نكبة عام 1948".

وتابع: "وكعيّنة صغيرة، لتوضيح مستوى التدمير والإجرام الصهيوني في غزة، فقد تم خروج 25 مشفى عن الخدمة من أصل 35، وخروج 53 عيادة صحية من أصل 72، هذا بالإضافة إلى تدمير 94 مقرا حكوميا، و253 مدرسة، و71 مسجدا، و3 كنائس".

واعتبر حمدان أن "اضطرار الأطباء (الثلاثاء) لدفن جثامين 179 شهيدا بمقبرة جماعية، في ساحة مجمع الشفاء بمدينة غزة، هو وصمة عار على جبين كل من لم يتحرّك لوقف مجزرة القرن بحقّ المدنيين والأبرياء والمستشفيات في غزة".

التعليقات