الاحتلال يطالب سكان شرق خانيونس بإخلاء مناطقهم: غزة تواجه "مجاعة واسعة النطاق"

تلقى فلسطينيون في أجزاء من جنوب قطاع غزة إنهم تلقوا إخطارات بضرورة الإخلاء، في إشارة إلى أن العملية العسكرية الاسرائيلية على وشك التوسع جنوبا، في ظل تصريحات غالانت حول "الانتقال إلى المرحلة التالية" في العمليات العسكرية البرية.

الاحتلال يطالب سكان شرق خانيونس بإخلاء مناطقهم: غزة تواجه

سكان شمال قطاع غزة يفرون جنوبا من القصف الإسرائيلي المتواصل عبر شارع صلاح الدين، الجمعة الماضي (أ.ب.)

أسقطت القوات الجوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، منشورات خلال ليل‭ ‬الأربعاء وصباح اليوم، الخميس، على مناطق شرق خانيونس في جنوب قطاع غزة تطالب السكان بإخلائها "حفاظا على سلامتهم"، مما يشير إلى عمليات عسكرية وشيكة في المنطقة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

ويتزامن ذلك مع إعلان وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، بأن جيش الاحتلال أكمل "احتلال وتطهير" غرب مدينة غزة، مشيرا إلى الانتقال إلى المرحلة التالية في العمليات البرية التي يتوغل جيش الاحتلال من خلالها في شمال قطاع غزة المحاصر.

وأكد السكان في أجزاء من جنوبي قطاع غزة إنهم تلقوا إخطارات بضرورة الإخلاء، في إشارة إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية على وشك التوسع جنوبا، بعد يوم من قيام القوات الإسرائيلية باقتجام مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث زعمت أن نشطاء حماس يتخذون منه مقرا، وهو ادعاء تنفيه حماس والعاملون في المستشفى.

وكانت منشورات مماثلة قد أُسقطت قبل نحو أسبوعين، لكن هذه المرة أعقبها قصف عنيف بالدبابات الإسرائيلية للأحياء الشرقية، علما بأن مدينة خانيونس تقع في النصف الجنوبي من قطاع غزة الذي لجأ إليه عشرات الآلاف من النازحين من الشمال الذين باتوا يحتمون بالمدارس والخيام مما تسبب في اكتظاظ شديد وسط نقص في الغذاء والمياه.

وجاء في المنشورات "من أجل سلامتكم، عليكم إخلاء أماكن سكنكم فورا والتوجه إلى مراكز الإيواء المعروفة"، مع تحديد أحياء خزاعة وعبسان وبني سهيلا والقرارة. كما جاء في المنشورات أن "أي شخص يقترب من الإرهابيين أو منشآتهم يعرض حياته للخطر، وسيتم استهداف كل منزل يستخدمه الإرهابيون".

وتلك البلدات (خزاعة وعبسان وبني سهيلا والقرارة) الواقعة على المشارف الشرقية لمدينة خانيونس، يسكنها إجمالا أكثر من مئة ألف نسمة وقت السلم، لكنها تؤوي حاليا أعدادا إضافية تقدر بعشرات الآلاف ممن فروا من مناطق أخرى، فيما تواصل سلطات الاحتلال قطع الغذاء والماء والوقود عن القطاع وسط الضربات المتواصلة والمدمرة.

وصار ثلثا سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى بسبب الحرب، واكتظت جميع الأماكن المتاحة في خانيونس ومدن أخرى جنوب القطاع بالفعل. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن تفشي الأمراض والجوع يبدو "حتميا" في غزة بعد الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ أسابيع.

واستخدمت إسرائيل أيضا إسقاط المنشورات في شمال غزة للضغط على المدنيين للتحرك، وهو ما قام به مئات الآلاف في نزوح جماعي تحت القصف والاستهداف، فيما يخشى الكثيرون من الفلسطينيين أن يصبح دائما، فيما باتت إسرائيل تتعرض لضغوط دولية متزايدة لتغيير نهجها في غزة مع تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع.

وعارض رؤساء 18 وكالة أممية ومنظمة إنسانية دولية الفكرة المحتملة لإنشاء "منطقة آمنة" في غزة ما لم تتفق جميع الأطراف وتُهيأ الظروف المناسبة لإنشاء مثل هذه المنطقة، وذلك مع عرض جيش الاحتلال منطقة في جنوب غزة تسمى "المواصي"، وتبلغ مساحتها بضعة كيلومترات مربعة فقط، كـ"منطقة آمنة".

وقال رؤساء منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ومنظمات ميرسي كور، وأنقذوا الأطفال، وكير الدولية وغيرها، إنه "في ظل الظروف الحالية، تخاطر المقترحات الخاصة بإنشاء مناطق آمنة بشكل أحادي الجانب في غزة بإلحاق الضرر بالمدنيين، ويتضمن ذلك خسائر كبيرة في الأرواح، ويجب رفض هذا المقترح".

نازحون في خانيونس (Getty Images)

وأضافوا "بدون تهيئة الظروف المناسبة، قد يزيد تركز المدنيين في مثل هذه المناطق وسط الأعمال العدائية النشطة من خطر تعرضهم للهجوم، وإلحاق أضرار إضافية بهم. لا توجد منطقة آمنة حقا عندما يعلن عنها من جانب واحد أو تفرض من خلال وجود قوات مسلحة". وأشارت المنظمات الـ18 إلى "النزوح الجماعي" لنحو 1.6 مليون شخص في غزة.

ولم يقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي تفاصيل حول كيفية استيعاب نحو مليوني مواطن في غزة في مثل هذه المنطقة الصغيرة، واعترضت وكالات أممية ومنظمات إنسانية دولية على هذه الفكرة. وفي الوقت نفسه طالبت منشورات أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على جنوب غزة، السكان بالتحرك جنوبا.

يأتي ذلك في ظل انقطاع الاتصالات عن قطاع غزةن إذ أعلنت شركتا الاتصالات الرئيسيتان في قطاع غزة، بالتل وجوال، في بيان أن جميع خدمات الاتصالات في قطاع غزة تعطلت بعد منع إدخال الوقود ونفاد كافة مصادر الطاقة الاحتياطية لتشغيل عناصر الشبكة الرئيسية.

غزة تواجه "مجاعة واسعة النطاق"

وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم، من أن قطاع غزة يواجه "مجاعة واسعة النطاق" مضيفا أن جميع السكان تقريبا في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية.

وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج، سيندي ماكين، في بيان، إن "إمدادات الغذاء والمياه معدومة فعليا في غزة ولا يصل سوى جزء صغير مما هو مطلوب عبر الحدود".

وأضافت "في ظل اقتراب فصل الشتاء بسرعة، والملاجئ غير الآمنة والمكتظة، ونقص المياه النظيفة، يواجه المدنيون احتمالا فوريا بحدوث مجاعة".

خيارات إخلاء مستشفى الشفاء في غزة محدودة

وعلى صلة، قال مسؤول رفيع في منظمة الصحة العالمية، اليوم، إن الأمم المتحدة تبحث عن سُبُل لإخلاء مستشفى الشفاء في غزة، لكن الخيارات محدودة بسبب القيود الأمنية واللوجستية.

وقال مسعفون إن عشرات المرضى توفوا في الأيام القليلة الماضية في مستشفى الشفاء، بسبب الحصار الإسرائيلي، من بينهم ثلاثة رضع حديثي الولادة في حضانات فقدت فاعليتها بسبب انقطاع الكهرباء.

وبعد يوم من دخولها مستشفى الشفاء، لم تقدم إسرائيل أدلة بعد تظهر ما زعمته عن أنه يشكل مقرا موسعا لحماس في شبكة أنفاق تحت المنشأة، وهو ما ادعت أنه يبرر اعتبار المستشفى هدفا عسكريا.

وفي تصريحات لوسائل إعلام أجنبية من بينها شبكة "بي بي سي"، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن عمليات البحث والتفتيش في مستشفى الشفاء قد تستمر لأسابيع، وأضاف أن الاحتلال يركز على كشف شبكة أنفاق حماس والبنية التحتية تحت المستشفى، على حد زعمه.

وأضاف مدير برنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، ريك برينان، أن إحدى العقبات تتمثل في أن الهلال الأحمر الفلسطيني يفتقر إلى الوقود الكافي لتشغيل سيارات الإسعاف داخل غزة لإجلاء المرضى.

وأوضح أن القاهرة منفتحة على عبور سيارات إسعاف مصرية إلى غزة للمساعدة في إجلاء الناس طالما يمكن توفير الضمانات الأمنية والمرور الآمن.

وقال برينان إن منظمة الصحة العالمية علمت أنه لا يزال هناك نحو 600 مريض، من بينهم 27 في حالة حرجة، في مستشفى الشفاء، الذي دخلته القوات الإسرائيلية هذا الأسبوع بعد حصار استمر أياما.

وأضاف "نحن ننظر في مسألة الإخلاء الطبي الكامل ولكن هناك الكثير من المخاوف الأمنية، والكثير من القيود اللوجستية. خياراتنا محدودة إلى حد ما ولكننا نأمل في تلقي بعض الأخبار الأفضل خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة أو نحو ذلك".

وأشار إلى أن الأولوية في عملية الإخلاء تشمل المرضى المصابين بأمراض خطيرة و36 طفلا حديثي الولادة لا يجدون حضانات بسبب نقص الوقود اللازم لتوليد الطاقة.

وقال برينان إن خطط الإخلاء تعقدت بسبب انقطاع الاتصالات مع المستشفى معظم الوقت. وأضاف "الفكرة هي أن ننقل غالبية المرضى على مدى أيام أو أسابيع من مستشفى الشفاء".

وتابع "كنا سننقل الجزء الأكبر منهم إلى المستشفيات في جنوب غزة، لكن تلك المستشفيات مكتظة بالفعل، وهذا عامل تعقيد آخر. والخيار الآخر بالطبع هو نقل عدد منهم إلى مصر".

التعليقات