الحرب على غزة واستهداف الصحافيين محاور ملتقى "أريج" الـ16

خلال الحرب على غزة، استشهد نحو 80 صحفيًا وصحفية في الحرب، وهو أعلى عدد من الصحافيين الذين يتم قتلهم خلال أسابيع منذ أكثر من 4 عقود، بحسب اللجنة الدولية لحماية الصحافيين.

الحرب على غزة واستهداف الصحافيين محاور ملتقى

(ملتقى "أريج" الـ16 / عمّان/ تصوير محمد وتد / عرب48)

خصص ملتقى "أريج" الـ 16 الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان على مدار 3 أيام، فعالياته وجلساته الحوارية للحرب الإسرائيلية على غزة واستهداف الصحافيين والصحافيات، واستعرض دور التحقيقات الاستقصائية في توثيق جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

وناقشت جلسات ملتقى "أريج" الذي انطلق الجمعة وتواصل حتى مساء الأحد، وكان تحت شعار: "التعاون العابر للحدود في عالم منقسم"، التحقيق الاستقصائي في جرائم الحرب، وسبل حماية، وإعادة التفكير في سلامة الصحافيين، في أعقاب استهداف الجيش الإسرائيلي بشكل متعمد للصحافيين وعائلاتهم خلال الحرب على غزة، حيث استشهد نحو 80 صحفيا وصحفية في الحرب، وهو أعلى عدد من الصحافيين الذين يتم قتلهم خلال أسابيع منذ أكثر من 4 عقود، بحسب اللجنة الدولية لحماية الصحافيين.

جرائم الحرب وقتل الصحافيين

ووثق موقع "عرب 48" فعاليات وجلسات ملتقى "أريج"، وسجل أبرز الانطباعات والمحاور والجلسات التي سلطت الضوء على الحرب الإسرائيلية على غزة والاستهداف المباشر للصحافيين والصحافيات من قبل الجيش الإسرائيلي، والتي عبر عنها الصحافي وائل الدحدوح في رسالته إلى الملتقى، كما بثت مقاطع فيديو لصحافيين وصحافيات في غزة كشفت حجم الدمار والخراب بالقطاع، جراء الحرب.

وبإرادة لا تلين، يواجه الصحفيون والصحافيات في غزة بعزيمة وإقدام التهديدات الإسرائيلية، التي تستهدف سلامتهم، من أجل توثيق جرائم الحرب بالقطاع.

(روان الضامن/ تصوير محمد وتد / عرب48)

وقالت المديرة العامة لأريج روان الضامن، إن "نسخة هذا العام تأتي في ظروف استثنائية مع قتل إسرائيل عشرات الصحافيين والصحفيات في غزة بفلسطين وفي جنوب لبنان، وأهمية إعلاء الصوت للمطالبة بمحاسبة القتلة وإنهاء الإفلات من العقاب".

وشددت الضامن على أهمية التحقيق الاستقصائي في جرائم الحرب، مشيرة إلى أن "عقد مثل هذا الملتقى في هذا الظرف هي صرخة وتحد معا".

قطع الاتصالات لحجب الحقيقة

وخلال جلسة التحقيق الاستقصائي في جرائم الحرب، تحدثت مانيشا غانغولوي، وهي صحفية متخصصة في جرائم الحرب عن القصف الإسرائيلي على غزة واستهداف المدنيين، مشيرة إلى المخاطر التي يتعرض لها الصحافيين خلال الحرب، وكذلك الخطر والاستهداف لمصادر المعلومات، وتباعات ما بعد الصدمة التي ترافق الطواقم بعد توثيقها وإنجازها للتحقيق الذي يوثق جرائم الحرب، خصوصا وأن جمهور الصحافيين في دائرة الاستهداف والقتل.

وأوضحت أن الصدمة ترافق فريق العمل حتى ما بعد التوثيق الميداني وجمع الأدلة والإفادات، وعند تحضير التحقيق وتجهيزه، حيث يتم مشاهدة كم هائل من الصور والفيديوهات ويتم تحليلها ومشاهدتها باستمرار، وهو ما يعني مشاهدة كم هائل من التفجيرات ومشاهد الضحايا للوصول إلى الأدلة والبراهين التي تثبت ارتكاب جرائم حرب.

ولفتت إلى أن إسرائيل قتلت عشرات الصحافيين خلال الحرب وتعمدت على قطع الاتصالات وحجبت شبكات الإنترنيت عن قطاع غزة، بهدف إخفاء وحجب الحقيقة والمعلومات ومنع فضح ما يرتكب الجيش الإسرائيلي من عمليات عسكرية خلال الحرب باستهداف المستشفيات ومراكز الإيواء والمدنيين وقصفهم بشكل متعمد من أجل دفعهم على النزوح والهجرة القسرية، وعليه فأن الكثير من المعلومات والأدلة ستبقى مبهمة ومجهولة بسبب قطع الاتصالات واستهداف وقتل الصحافيين بهدف إخفاء أي أدلة تؤكد ارتكاب جرائم حرب أو إبادة جماعية.

غزة دروع بشرية

وخلال أيام المؤتمر عرض الفيلم الوثائقي "غزة: دروع بشرية" للمخرج الفيلم الفلسطيني من قطاع غزة أشرف مشهراوي، الذي تحدث عن تحديات إنتاج الفيلم الذي وثق كيف يستخدم الجيش الإسرائيليين الفلسطينيين في غزة دروع بشرية خلال حروبه وعملياته العسكرية على القطاع.

وأوضح مشهرواي أن الفيلم يكشف حقيقة الرواية من يستخدم المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، هل المقاومة أم أن الجيش الإسرائيلي هو من يستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية، قائلا: "لقد أظهر الفيلم الوثائقي وأثبت بشكل قاطع أن الجيش الإسرائيلي هو من يستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية لتنفيذ مخططات وعملياته العسكرية وجرائمه في القطاع.

وأشار المخرج الفلسطيني إلى أن الفيلم الذي صور ووثق خلال الحرب على غزة بالعام 2014، لم يحظ بالتفاعل العالمي الواسع وغلا لما عاد الجيش الإسرائيلي بالعام 2023 إلى شن حربا على قطاع غزة تستهدف المدنيين والصحافيين وعائلاتهم، وما زال يستعمل الفلسطينيين كدروع بشرية في التوغل البري للقطاع، ويرتكب جرائم حرب وإبادة جماعية للفلسطينيين.

(أشرف مشهراوي / تصوير محمد وتد / عرب48)

ويعتقد مشهرواي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وخلال الحرب الحالية على غزة يستعمل نفس السياسية والأساليب في استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، مشيرا إلى أن من يشاهد الفيلم للمرة الأولى يعتقد أن هذه المشاهد صورت ووثقت في الحرب الحالية على غزة وليس قبل 10 سنوات.

ووجه المخرج الفلسطيني دعوة إلى منتجي الأفلام وللصحافة الاستقصائية ولرجال القانون حول العالم، لتوثيق ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من جرائم حرب واستهداف للصحافيين، وتحريك الدعاوى الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل أن يدفع ثمن جرائمه ومحاسبته حتى لا يبقى يكرر هذه الجرائم مستقيلا.

حرب على الصحافة

وتعليقا على الحرب على غزة وما يتعرض له الصحافيين من استهداف وقتل، قالت رئيسة لجنة حماية الصحافيين، جودي جينسبيرغ: "في عالمنا الممزق هذا، لم يسبق للصحافة أن كانت في يوم أكثر أهمية أو كانت تحت التهديد كما هو الحال عليه الآن في الحرب على غزة، فقد كانت الأسابيع الثماني الماضية من أسوأ الفترات التي شهدها مجتمعنا الصحفي على الإطلاق، لذا علينا أن نفكر كيف سنتعافى معا كمجتمع صحفي".

وأضافت رئيسة لجنة حماية الصحافيين: "لا بد من الإشارة إلى فظاعة ما يحدث في هذه المنطقة في قطاع غزة، فلم يسبق أن قتل هذا العدد الكبير من الصحافيين في فترة قصيرة كهذه وفي حرب واحدة فقط منذ تأسيس لجنة حماية الصحافيين قبل 42 عاما".

وتابعت: "هؤلاء هم أصدقاؤنا ومثل عائلتنا. وعليه، انضم اليكم في الحداد على فقدان زملائنا، الذين يتحمل الكثير منهم العبء المستحيل في توثيق الحروب دون التمتع بأي وسيلة حماية أو أي ضمانات للسلامة حتى ولو لم تكن كافية، مثل التي تمنح عادة للمراسلين في الحروب".

ليس ذلك فحسب، تقول رئيس اللجنة لحماية الصحافيين: "بل اضطر عدد كبير من زملائنا في غزة والمنطقة، إلى تحمل عبء إثبات إنسانيتهم والقيام بتبرير مكان تواجدهم وعملهم للعالم الخارجي، فهم يتعرضون للشك والاحتقار والتجرد من إنسانيتهم. إلا أنه وبدونهم، لن تتشكل الرؤية الواضحة والجلية حول هذا الحرب، بل سنبقى معدومي البصيرة من جهة وسيبقى العالم صامتا من جهة أخرى".

ولفتت إلى أن عنوان مؤتمر هذا العام هو "التعاون العابر للحدود في عالم منقسم". وقد أكد الشهران الماضيان مدى شرذمة هذا العالم، قائلة: "لقد اندلعت الحرب الأخيرة في قطاع غزة في وقت تتأجج فيه الصراعات والأزمات على جبهات عدة حول العالم، لذلك، تبرز الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى وجود مراسلين يوثقون الانتهاكات والأضرار الناجمة عن الحروب".

معرض شهداء الصحافة في غزة

ونظمت على هامش أيام الملتقى، سبعة معارض، هي: معرض سلامة الصحافيين والصحفيات، وفيه صور عشرات الصحافيين والصحفيات الذين استشهدوا في الحرب على غزة في أكتوبر ونوفمبر 2023، ومعرض ابتكار طرق جديدة للسلامة عبر تقنية الواقع الافتراضي،

كما نظم معرض تجهيز فني لتحقيقات استقصائية حول البيئة والمناخ، وجناح الأمن والسلامة الرقمي، ومعرض تحقيقات أريج، واستراتيجية أريج للذكاء الاصطناعي، ومعرض منصة دليل لمكافحة الأخبار المضللة. بالإضافة إلى عيادات فردية للأمن والسلامة الجسدية والرقمية والنفسية والقانونية، وعيادات لدعم تمويل المؤسسات الإعلامية المستقلة.

وكشف ملتقى "أريج" عن سلسة من مشاريع وأعماله للعام 2024، حيث أعلن عن فتح باب التقديم لزمالة شيرين أبو عاقلة للصحافيين من أصول فلسطينية، ودليل أدوات تدقيق المعلومات، والنسخة الخامسة من دبلوم صحافة البيانات، ودليل الأمان والسلامة لمدققي/ات المعلومات في العالم العربي، وجائزة التعاون العابر للحدود في تدقيق المعلومات 2024، ومكتبة AFCN لتدقيق المعلومات، ودبلوم أريج للذكاء الاصطناعي للصحافة، وكورس "اكتشاف الذكاء الاصطناعي في الصحافة باللغة العربي".

جائرة الصحافة الاستقصائية

وحضر فعاليات الملتقى حوالي 600 صحافي وصحافية، إلى جانب نحو 1300 للمشاركة عبر العالم الرقمي، من أكثر من 60 دولة، فيما شارك أكثر 100 متحدث/ة في 40 جلسة خلال أيام الملتقى، الذي أختتم مساء يوم الأحد، بإعلان نتائج جوائز مسابقة أريج للسنة الرابعة عشرة على التوالي لأفضل التحقيقات الاستقصائية العربية، إذ تقدم للجائزة هذا العام أكثر من 149 تحقيقا استقصائيا.

وحصل على الجائزة الذهبية رمضان يونس، عن تحقيقه المتلفز "رحلتي السرية لكشف الأطباء الذين يستغلون المرضى مثلي"، وكشف عن حالات احتيال تقوم بها عيادات في روسيا والولايات المتحدة والشرق الأوسط؛ تستهدف المرضى العرب.

ومنحت لجنة التحكيم الجائزة الفضية إلى تحقيق "سجناء التدوير.. تعطيل ممنهج لمجرى العدالة في مصر"، للصحافي المصري إيزيس قاسم (اسم مستعار). وكشف التحقيق عن خمس حالات تدوير لسجناء من قضية إلى أخرى، من دون أن توجه لهم اتهامات بارتكاب وقائع محددة، ما أدى إلى إطالة حبسهم شهورا أو سنوات، خلافا للقوانين.

الجائزة البرونزية ذهبت مناصفة للصحافية جيهان نصري، عن تحقيق "خط أنابيب غاز الجزائر-إيطاليا يُهدر حق فلاحي تونس"، الذي كشف عن عدم استجابة شركة "سيرغاز" لمطالب الفلاحين بزيادة سعر إيجار الأراضي التي يمر عبرها خط أنابيب الغاز نحو إيطاليا، وأدى لأثر على الأرض في المساءلة.

وتقاسم البرونزية حمزة همكي، عن تحقيق "أملاك مسلوبة.. كيف يستولي نافذون على عقارات المغتربين بالقامشلي؟". وركز على معطيات تزوير عشرات عقود البيع في سورية.

يذكر أن أريج دربت منذ نشأتها أواخر عام 2005 أكثر من 7000 صحافي ومحرر ومدقق معلومات. وأشرفت على إنتاج ونشر قرابة 1000 تحقيق استقصائي، ومئات التقارير المعمقة، وأسست في عام 2020 الشبكة العربية لتدقيق المعلومات التي تدعم أكثر من 38 مؤسسة ومبادرة من 12 دولة عربية بالتدريب والتشبيك والابتكار.

(تصوير: محمد وتد/عرب48)
(تصوير: محمد وتد/عرب48)
(تصوير: محمد وتد/عرب48)
(تصوير: محمد وتد/عرب48)
(تصوير: محمد وتد/عرب48)
(تصوير: محمد وتد/عرب48)

اقرأ/ي أيضًا | 73 صحافيا استشهدوا بغارات للاحتلال منذ بدء الحرب على قطاع غزة

التعليقات