جنوب غزة: أطفال نازحون مع أمهم ينتظرون عودة والدهم ويتساءلون.. "حي أم ميت"؟

"تقلب الطفلة بمقاطع فيديو لوالدها داخل هاتفها المحمول، وبصور له وهو يلاعبها في محاولة لاستعادة ذكرياتها السعيدة معه وحاجتها الشديدة لوجوده بجانبها في هذه اللحظات الصعبة..."

جنوب غزة: أطفال نازحون مع أمهم ينتظرون عودة والدهم ويتساءلون..

نازحون فلسطينيون في رفح (Getty images)

تتوق الطفلة الفلسطينية ماجدة أبو سالم لحضن والدها الذي اعتقلته قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على أحد الحواجز في قطاع غزة، أثناء نزوحهم من منطقة الزهراء إلى جنوب القطاع.

وتشعر ماجدة (9 سنوات) بالحزن الشديد لغياب والدها في شهر رمضان وعيد الفطر، حيث كانت تتمنى بشوق تواجده معهم على مائدة الإفطار وفي أول أيام العيد، في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ذكريات واستقرار

تظل الصغيرة تتذكر كيف كان والدها يداعبها ويحضنها، ما كان يضفي عليها شعورًا بالأمان والاستقرار، بينما في هذه الأوقات الصعبة، يخيم الخوف عليها وتشعر بالضياع والحيرة.

تقلب الطفلة بمقاطع فيديو لوالدها داخل هاتفها المحمول، وبصور له وهو يلاعبها في محاولة لاستعادة ذكرياتها السعيدة معه وحاجتها الشديدة لوجوده بجانبها في هذه اللحظات الصعبة.

الاحتلال اعتقل الوالد قبل ما يزيد عن شهرين، أثناء نزوحه مع عائلته من منطقة الزهراء وسط قطاع غزة، إلى مخيم النصيرات قبل المغادرة إلى مدينة رفح، حيث مكثوا في خيمة تفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية.

تقول الطفلة: "كنا جالسين في البيت، سعداء ثم جاءت الحرب واعتقل الجيش والدي عند الحاجز، ونحن لا ندري ماذا نفعل". وتضيف: "لقد مرّ على اعتقاله أكثر من شهرين، ولا نعرف مصيره، هل هو حي أم ميت؟ أتمنى أن أراه وأعود لحضنه من جديد".

تتمنى ماجدة أن تعود الأيام الجميلة وأن يعود والدها ليكون بينهم مرة أخرى، وتصبو بشوق لرؤية وجهه الدافئ واستعادة لحظات السعادة والأمان بوجوده بجانبها.

أم تكافح من أجل أطفالها

بجانب ماجدة، تحاول والدتها سها أبو سالم (37 عاما) إسكات طفلها الرضيع، حيث وضعته في سريره داخل الخيمة التي تبرع بها أهل الخير في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

تعيش الأسرة المكونة من خمسة أطفال وأمهم ظروفًا إنسانية ومعيشية صعبة للغاية، حيث يفتقرون إلى المال والطعام في ظل استمرار الحرب واعتقال والدهم.

ولا تستطيع الزوجة في تلك الظروف توفير لقمة العيش لأطفالها الخمسة الذين يحتاجون إلى غذاء ودواء وحليب لا يتوفر بكثرة.

تعاني الأم من مرارة اعتقال زوجها، ومرت بتجارب عديدة من النزوح، حيث نزحت ثلاث مرات: أولا من منزلها في أبراج الزهراء التي تم تدميرها، ثم إلى مدرسة في مخيم النصيرات وسط القطاع، وأخيرًا انتقلت إلى مدينة رفح.

تقول: "طلب الجيش منا المغادرة من أبراج الزهراء في ساعات المساء قبل أكثر من شهرين، وخلال المغادرة اتجهنا نحو مخيم النصيرات، لكن واجهنا حاجزا إسرائيليا حيث تم اعتقال زوجي واستدعائي للتحقيق".

وتضيف الأم: "خلال التحقيق (من جيش الاحتلال الإسرائيلي)، تم إجباري على خلع ملابسي وتقييد يديّ ووضع لثام على عيني".

ولا تزال الفلسطينية تتذكر صرخات المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب على يد الجيش الإسرائيلي بعد اعتقالهم من الحاجز الذي وضع في طريقهم.

وتؤكد: "نحن نعيش في مدينة رفح بخيمة في ظروف صعبة، لا أستطيع توفير احتياجات أطفالي من حليب وطعام وماء".

وتعتبر رفح حاليا من أكثر المناطق اكتظاظا في قطاع غزة، بعد إجبار الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من شمال ووسط وجنوب القطاع على النزوح إليها، حيث يتواجد فيها حاليا نحو 1.4 مليون فلسطيني، حسب بيانات أممية وفلسطينية.

ويشن الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حربا مدمرة على قطاع غزة بدعم أميركي، خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، ما أدى لمثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

التعليقات