من يعوض أطفال غزة حرمانهم من التعليم؟

جدة الطفل عاطف: "أكثر شيء فقدناه هو مستقبل أطفالنا وتعليمهم. يمكن إعادة بناء المنازل والجدران، ويمكن كسب المال مرة أخرى... ولكن كيف أعوض تعليمه؟"

من يعوض أطفال غزة حرمانهم من التعليم؟

(طلاب غزة معرضون لخطر أن يصبحوا "جيلاً ضائعًا" / أ.ب)

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، أغلقت المدارس كافة في غزة أبوابها، وترك مئات الآلاف من الطلاب بدون تعليم رسمي أو مكان آمن لقضاء أوقاتهم.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

تسعون بالمئة من المباني المدرسية تدمرت وفقًا لتقديرات منظمات الإغاثة، والأطفال هم من بين الأكثر تضررًا، حيث تقدر الأمم المتحدة أن حوالي 19000 طفل قد تيتموا، وأن ما يقرب من ثلثهم تحت سن الثانية، يواجهون سوء التغذية الحاد.

جماعات إغاثة تسعى لاقتناص أي فرصة تتيح إبعاد الأطفال عن الشوارع ومحاولة تركيز أذهانهم على شيء آخر غير الحرب، خاصة مع امتدادها إلى مدينة رفح الجنوبية، واشتدادها، مجددًا، في الشمال.

التعليم، في حالات الطوارئ، يأتي في المرتبة الثانية بعد السلامة والصحة والصرف الصحي، كما يقول خبراء التعليم، لكن العواقب وخيمة.

إرادة إسماعيل، جدة الطفل عاطف، تقول لوكالة "أ.ف.ب": "أكثر شيء فقدناه هو مستقبل أطفالنا وتعليمهم. يمكن إعادة بناء المنازل والجدران، ويمكن كسب المال مرة أخرى... ولكن كيف أعوض تعليمه؟"

سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية في مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، وهي منظمة خيرية تركز على التعليم في العالم العربي، تقول للوكالة الفرنسية: "إن التركيز المباشر أثناء الصراع لا ينصب على التعليم، ولكن هذا الاضطراب له تأثير طويل المدى على نحو يصعب تصديقه. التكلفة في هذه المرحلة لا تقدر بثمن".

قبل حرب الإبادة الإسرائيلية، كانت غزة موطنًا لأكثر من 625 ألف طالب ونحو 20 ألف معلم من بين سكانها ذوي التعليم العالي، وفقًا للأمم المتحدة، وفي صراعات أخرى، يمكن لمنظمات الإغاثة إنشاء مساحات آمنة للأطفال في البلدان المجاورة. فبولندا، على سبيل المثال، توفر لهم المأوى والتعليم خلال الحرب في أوكرانيا.

هذا غير ممكن في غزة، وهي منطقة مكتظة بالسكان ومحاصرة ومنذ 7 أكتوبر لم يسمح للفلسطينيين من غزة بالعبور إلى إسرائيل، بينما سمحت مصر لعدد صغير من الفلسطينيين بالمغادرة.

تقول تيس إنغرام، المتحدثة باسم اليونيسف: "إنهم غير قادرين على الفرار، ويبقون في منطقة لا تزال تتعرض للقصف. ومن الصعب للغاية تزويدهم بخدمات معينة، مثل الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي أو التعليم المستمر".

جماعات الإغاثة تأمل، ينقل عنها التقرير أنف الذكر أعلاه، أن تُستأنف الدراسة بحلول سبتمبر/أيلول، "ولكن حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فلابد من إزالة الألغام من جزء كبير من غزة، وقد تستغرق إعادة بناء المدارس سنوات".

في غضون ذلك، تحاول منظمات إغاثة توفير أنشطة ترفيهية من الألعاب والرسم والدراما والفنون..الخ، وليس من أجل التعليم القائم على المناهج الدراسية، بقدر ما هو لإبقاء الأطفال منخرطين في روتين، بهدف جعلهم يعيشون حياة طبيعية، بشكل أو بأخر.

يُعدُّ العثور على مساحة خالية من بين أكبر التحديات. بعض المتطوعين يستخدم الهواء الطلق، أو يعملون داخل الخيام التي يعيش فيها الناس، أو يجدون غرفة في المنازل التي لا تزال قائمة.

استغرق الأمر من المعلمين المتطوعين أكثر من شهرين لتطهير غرفة واحدة في مدرسة في دير البلح لإعطاء دروس مخصصة للأطفال. وتقول المنظمات إن إدخال الإمدادات البسيطة مثل كرات القدم والأدوات المكتبية إلى غزة يمكن أن يستغرق شهورًا أيضًا.

المتحدثة باسم اليونيسف، إنغرام، توضح: "إن توفير مساحات آمنة للأطفال للتجمع من أجل العب والتعلم يعد خطوة مهمة، ولكن في النهاية يجب أن يتمكن أطفال غزة من العودة إلى المناهج التعليمية التي يتم تلقيها من المعلمين في الفصول الدراسية، مع المواد التعليمية وجميع أشكال الدعم الأخرى التي يوفرها التعليم المدرسي".

في هذا الشهر، خططت اليونيسف لإقامة ما لا يقل عن 50 خيمة لنحو 6000 طفل من مرحلة ما قبل المدرسة حتى الصف الثاني عشر من أجل تعلم القراءة والكتابة والحساب في رفح. لكن اليونيسف تقول إن هذه الخطط قد تتعطل بسبب العملية العسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلية هناك.

يحاول بعض الآباء إيجاد طرق صغيرة لتعليم أطفالهم، فهم يبحثون عن دفاتر وأقلام ويصرون على أن يتعلموا شيئًا صغيرًا مثل كلمة جديدة كل يوم. لكن الكثيرين يجدون الأطفال مشتتين بسبب الحرب التي تدور رحاها من حولهم.

تقول صابرين الخطيب، وهي أم نزحت عائلتها من مدينة غزة إلى دير البلح، إن الأمر صعب بشكل خاص على الكثيرين الذين رأوا أقرباءهم يموتون. وتضيف: "عندما تتحدث أمام الطفل، ما الذي تعتقد أنه سيفكر فيه؟ هل سيفكر في التعليم؟ أم عن نفسه وكيف سيموت؟"

التعليقات