الملوح: الحوار ضرورة وطنية قبل ان يكون مطلبا لاي طرف آخر

موقع "عرب 48" يتحدث مع نائب الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المناضل عبد الرحيم الملوح في سجنه* ويؤكد ان اضراب الاسرى كان رسالة الى ادارة السجن والشعب الفلسطيني والسياسة الاسرائيلية

الملوح: الحوار ضرورة وطنية قبل ان يكون مطلبا لاي طرف آخر
في حديث لعرب 48 مع نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين السيد عبد الرحيم ملوح في سجنه ، في سجن مجيدو العسكري ، أجرينا معه الحوار التالي:


عرب 48: كيف تقيّم الإضراب عن الطعام والإنجازات التي تم تحقيقها؟

ملوح: الإضراب بحد ذاته كان رسالة بعدة إتجاهات؛
أولاً: رسالة إلى إدارة السجن، حيث رفضت في البداية إجراء أي مفاوضات مع السجون، وكلنا نذكر عنجهية وزير الأمن الداخلي في حينه عندما قال: "فليضرب السجناء حتى الموت"، ولكنه اضطر في النهاية الى قبول مبدأ التفاوض ولكن مع ممثلي المعتقلين في كل سجن لوحده. وتعهدت إدارة السجن بالإلتزام بتنفيذ بعض المطالب التي تتعلق بالتفتيش العاري والفورة ونوعية الطعام والزيارة. وتعهدت ببحث القضايا العالقة مستقبلاً مثل الزجاج الفاصل والهاتف والتعليم في الجامعات الفلسطينية. هذه الإنجازات هي خطوة أساسية نحو الأمام بالنسبة للأسرى.
ثانياً: كان الإضراب بمثابة رسالة الى الشعب الفلسطيني والى السلطة الفلسطينية والقوى الوطنية. فقبل الإضراب كان هناك الكثير من الإشكالات الداخلية وجاء الإضراب ليوحد الشعب الفلسطيني خلف الأسرى بصفتهم قضية توحد الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، وبالفعل فقد تراجعت الإهتمامات والإنشغالات الداخلية لصالح الأسرى وإضرابهم وشهدنا المسيرات وخيام الإعتصام وفعاليات التضامن والتحركات السياسية.
ثالثاً: جاء الإضراب ليفضح طبيعة السياسة الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني وأسراه وتناقض هذه السياسة مع الأعراف والقوانين الدولية. فإسرائيل عندما وقعت على إتفاقيات جنيف، كان توقيعها شكلياً ولم يطبّق على الأرض ولذلك فهي تتعامل مع الأسرى باعتبارهم أسرى أمنيين وليسوا أسرى حرب.
هذه المحصلات الثلاث وما تحقق في كل سجن لوحده باعتقادنا أنها كانت خطوة نضالية في الإتجاه الصحيح.


عرب 48: تتوجه الأنظار الآن إلى حوار القاهرة ، فهل تعلق أية آمال على الحوار، وماذا بشأن باقي الفصائل الفلسطينية ؟

ملوح: لقد جرى الإتفاق على الحوار عند زيارة وزير الخارجية المصري، احمد أبو الغيط، ورئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء عمر سليمان، الى رام الله على أساس أن مصر هي المستضيفة للحوار والراعية له، وعلاوة على اللقاءات الثنائية السابقة بين كل فصيل والإدارة المصرية، فقد ارتأوا، الإخوة في مصر، أن يكون هناك حوار مع خمسة فصائل هي: فتح وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامي، وفي حينه لم يحدد جدول زمني للحوار ولكن كان يفترض أن يبدأ في هذا الشهر، على أن يتم لقاء لجميع الفصائل في الشهر القادم.
موضوعات الحوار معروفة وتتركز حول تنظيم أوضاع السلطة الوطنية والأجهزة الأمنية والدور الفلسطيني في أعقاب الإنسحاب من غزة وحول موضوع خطة شارون ومراميها والإحتمالات والتحديات التي تطرحها.
والحوار مع الفصائل لم يخرج عن هذا الإطار بالإضافة الى موضوعة وحدة الفصائل ودورها في المرحلة المقبلة وتكاملها مع السلطة.
المشكلة الرئيسية تكمن في أنه لا يوجد لدى المصريين أو الفلسطينيين على حدٍ سواء أي تصور عملي عن خطة شارون وما الذي يريد القيام به وكيف، خاصة وأن شارون يصر على أن هذا المخطط هو اسرائيلي محض.
أعتقد أن الحوار هو ضرورة وطنية فلسطينية قبل أن يكون مطلباً لأي طرف آخر. ويجب أن تكون وحدة الساحة الفلسطينية على أساس إستراتيجية عمل واحدة وعلى أساس قيادة فلسطينية واحدة تكون مسؤولة عن القرار السياسي الوطني وعن تنفيذه، وهذا مطلب فلسطيني وضرورة فلسطينية.
والمؤسف أنه رغم أن عناصر هذه الإستراتيجية قائمة فإن الفلسطينيين لم يستخلصوا الإستنتاجات النهائية، والمطلوب فلسطينياً إظهار هذه الإستراتيجية وتقديمها بشكل مشترك كسياسة فلسطينية واحدة للشعب الفلسطيني وللعالم.


عرب 48:كيف تحلل خطة فك الإرتباط، وماذا يكمن وراء إنسحاب شارون من قطاع غزة؟

ملوح: تتلخص وجهة نظرنا في تقييمنا لسياسة شارون أنه لا يريد التفاوض مع الشعب الفلسطيني بل يريد إنهاء التعامل مع أي طرف فلسطيني باعتباره ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وهو يرى أن الظرف السياسي مناسب لفرض رؤيته السياسية ومشروعه بالإعتماد على التفوق العسكري الإسرائيلي والمساندة الأمريكية غير المشروطة له واستغلال إنكفاء الوضع العربي.
فشارون قضى على إتفاق أوسلو ودفنه بالدبابات من رفح حنوباً حتى جنين شمالاً، وحفر قبر خارطة الطريق عندما وضع 14 تحفظاً عليه، وبعد أن أعلن عن خطة ارتباط أحادية الجانب صرح (قبل يومين) أن خارطة الطريق لم تعد قائمة.
إن شارون بالتالي لديه خطة ويدعو العالم الى التعامل معها وهي إنفصال من جانب واحد، وتقوم الخطة على مقايضة غزة بالضفة الغربية ليشرعن ممارساته واستيطانه في الضفة. إن إدراكنا لهذه الخطة وأهداف شارون، يجعلنا نقول إذا أراد شارون الإنسحاب من غزة فلينسحب اليوم قبل الغد، لأننا نعلم جيداً أن شارون، أبا الإستيطان والتوسع، لم يكن لينسحب من قطاع غزة إلا بفعل الصمود الفلسطيني وفي الوقت نفسه لا نقبل بمقايضة أي متر في غزة بأي متر في الضفة الغربية. فمن وجهة نظرنا هذه أرض الدولة الفلسطينية المستقلة وفق الشرعية الدولية وقراراتها.
وفي حال الإنسحاب من قطاع غزة فنحن نؤكد أن المقاومة الفلسطينية سوف تستمر في الضفة الغربية والقدس، وفي الوقت نفسه يتحمل الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية المسؤولية عن تنظيم أوضاع القطاع وإدارة شؤونه بشكل مشترك.


عرب 48:نحن نعلم أن الأسير الذي استشهد كان في نفس السجن الذي أنت فيه ، فهل يمكن أن نقف على حقيقة ما حدث بالضبط؟

ملوح: نحن نحمل إدارة السجن المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير "فواز محمد حسان البلبل"من قرية عتيل قرب مدينة طولكرم بالضفة الغربية، ونحن نؤكد أن الأسير قد اشتكى من وخزة في صدره خلال النهار فطلب زيارة الطبيب في عيادته، إلا أن الطبيب لم يقم بدوره ولم يشخص المرض بشكل صحيح وإنما أعطاه بعض المضادات لعلاج القصبة الهوائية، وحال عودته الى الغرفة ازدادت حالته سوءًا ولم يقدر على التحمل ففقد الوعي وسقط أرضاً وقد استشهد قبل وصوله الى المستشفى.
وقد طالبنا بإقامة لجنة تحقيق بالأمر بمشاركة الصليب الأحمر وأن تقوم منظمة "أطباء بلا حدود" بفحص الجثة لتحديد المسؤولية. وقد استجابت إدارة السجن لهذا الأمر بعد مفاوضات جرت ليلة أمس بين الإدارة وبين لجنة الحوار في السجن.
هذا التقصير الطبي في علاج الأسير يجعلنا نرجح أنه كان يمكن إنقاذ حياته لو توفر العلاج المناسب، ولذلك جرى الحديث مع إدارة السجن عبر سلسلة حوارات للإتفاق على آلية تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب مستقبلاً وخاصة للحالات المرضية المستعصية.

التعليقات