نيويورك تايمز": الاخوان المسلمون يضغطون على "حماس" لاتمام المصالحة وان تكون اكثر اعتدالا

ويعمد المسؤولون في جماعة الاخوان المسلمين للضغط على حركة "حماس" المؤيدة لها والتي تسيطر على قطاع غزة، لتقديم تنازلات جديدة في اطار المصالحة مع "فتح"، التي تحظى بدعم غربي وتلتزم بالسلام مع اسرائيل وتتولى ادارة الضفة الغربية.

نيويورك تايمز

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية عن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى ابو مرزوق قوله ان نهوض الاخوان المسلمين في مصر اثلج صدور "حماس". وقالت في مقال بعث به مراسلها ديفيد كيركباتريك من العاصمة المصرية انه في الوقت الذي تستعد فيه جماعة الاخوان المسلمين لاستلام زمام السلطة في مصر فانها تعمد الى اعادة تقييم علاقاتها مع فصيلين فلسطينيين رئيسيين في محاولة للضغط على اسرائيل لاعلان قيام دولة فلسطين المستقلة.:

ويعمد المسؤولون في جماعة الاخوان المسلمين للضغط على حركة "حماس" المؤيدة لها والتي تسيطر على قطاع غزة، لتقديم تنازلات جديدة في اطار المصالحة مع "فتح"، التي تحظى بدعم غربي وتلتزم بالسلام مع اسرائيل وتتولى ادارة الضفة الغربية.

ويعتبر التدخل في شؤون القضية الفلسطينية اوضح مؤشر حتى الان على انها (جماعة الاخوان) تتحرك نحو موقع السلطة. وتنوي جماعة الاخوان، التي تحظى باكبر عدد من النواب في مجلس الشعب المصري، ان تنطلق نحو مواقع معتدلة في السياسة الخارجية واعادة تشكيل مكانة مصر.

ويقول مسؤولون في جماعة الاخوان المسلمين انهم تخلوا عن تأييدهم السابق لـ"حماس" ولالتزامها بالنضال المسلح ضد اسرائيل بهدف فتح قنوات اتصال مع "فتح"، التي كانت جماعة الاخوان قد نددت بها في السابق لتعاونها مع اسرائيل واتهمتها ببيع القضية الفلسطينية. ويقول قادة الجماعة انه اذا امكن اقناع الفلسطينيين على العمل سوية مع مصر الحازمة الجديدة، فانه ستكون لديهم فرص اكبر لنجاح جهودهم لاجبار اسرائيل على التفاوض بجدية على شروط الدولة.

وقال رضا فهمي، احد المسؤولين في الجماعة الذي يتولى مسؤولية الاشراف على العلاقات مع الفلسطينيين ويرأس حاليا لجنة الشؤون العربية في مجلس الشورى المصري، ان "علينا ان نتعامل مع الفلسطينيين كمظلة للطرفين، وعلينا ان نقف على مسافة متساوية من كليهما". واضاف ان "أي حركة بحجم الاخوان المسلمين، فان الجماعة تكون في وضع مختلف تماما عندما تقف في صفوف المعارضة عما تكون عليه عندما تكون في السلطة".

وقد يؤدي تغيير موقف الاخوان من حيث الحيادية بين "حماس" و"فتح" – وهو ما يقر به المسؤولون في كلا الطرفين – قد يكون سببا في تخفيف العبء عن صانعي السياسة في الولايات المتحدة الذين ظلوا لفترة طويلة يشعرون بالقلق تجاه علاقة الاخوان مع "حماس" الاكثر تشددا. وتنظر الولايات المتحدة الى الحركة الفلسطينية على انها منظمة ارهابية. ويمكن للتغيير في السياسة المصرية ان يثير اعصاب اسرائيل، نظرا لانها خطوة بعيدة عن الدعم الحصري للرئيس السابق حسني مبارك لحركة "فتح" التي تحظى بدعم غربي والتزامه بمسيرة السلام. وقال مسؤولون اسرائيليون انهم لن يتفاوضوا مع حكومة فلسطينية تضم افرادا من "حماس".

وقال فهمي ان الاخوان يعتقدون ان الوحدة الفلسطينية قد تكسر الحاجز في وجه المحادثات مع اسرائيل. "سيذهب المفاوض الفلسطيني الى الطاولة وهو يدرك ان كل الشعب الفلسطيني يدعمه. وسيكون هذا تغييرا كبيرا ومهما جدا لكلا الجانبين". وقد تحدث فهمي اليوم من احدى قاعات البرلمان، وكانت حكومة مبارك قد اعتقلته عدة مرات لدوره في جماعة الاخوان.

وبعد عقود من التنديد والعداء – وفيما لا تزال بيانات الاخوان تشير الى الدولة العبرية باعتبارها "الكيان الصهيوني" – فان قادة الاخوان قالوا انهم سيلتزمون باتفاق السلام الموقع العام 1979 مع اسرائيل كونهم اعضاء في الكيان الحكومي لمصر. وقال عدد من زعمائهم ان هذا التعايش يمكن ان يكون مثالا يحتذى بالنسبة لـ"حماس" ايضا، اذا خطت اسرائيل نحو القبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة تماما.

واشار الى ان "حماس" اصدرت بيانات تفيد انها ستقبل بالتعايش مع اسرائيل على اساس حدود ما قبل حرب 1967. وقال: "صحيح انها مثل شخص اجبر على ان يشرب السم او يأكل لحمة جيفة، لكنهم اصدروا تلك البيانات. وهكذا فاننا ندعم ذلك، بشرط ان تكون هذه الدولة التي ستقوم ضمن حدود 67 ذات سيادة كاملة جوا وبحرا وبرا".

وقال فهمي ايضا ان الموقف الجديد لحركة لاخوان يؤكد "اختلافا جوهريا" بما في ذلك دفع محادثات المصالحة بين الفريقين الفلسطينيين الى الامام.

وكان المرشد الاعلى للاخوان المسلمين محمد بديع قد ابلغ رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" خالد مشعل شخصيا ان يتخذ موقفا "اكثر اعتدالا"، حسب قول فهمي. وخلال محادثات جرت اخيرا في الدوحة، قطر، وافقت "حماس" للمرة الاولى على السماح لرئيس فتح (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس برئاسة حكومة الوحدة في المناطق الفلسطينية المحتلة في الاشهر الستة الاولى الى حين عقد انتخابات جديدة. وقال فهمي ان "حماس لم تكن لتقبل ان يرأس عباس الحكومة. لكنها قبلت ذلك الان".

اما موسى ابو مرزوق الذي استقر الان في القاهرة بعد ان فر من دمشق، فقال ان لدى الحركة امالا حقيقية تجاه نهوض جماعة الاخوان المسلمين التي انبثقت منها حركة "حماس" قبل 25 عاما.

وتشهد سيرته بحقيقة هذه الامال. ففي العام 1995 القي القبض عليه في الولايات المتحدة وامضى سنتين يكافح ضد طلب اسرائيل لتسليمه، ولم يسمح له بدخول مصر الا اخيرا تحت رقابة دوائر الاستخبارات. وهو اليوم يتحدث بينما كان يجلس في صالة واسعة مشمسة في مكتب في الطابق الثاني فوق فيلته المحصنة تماما في ضواحي القاهرة. وأقر ان نهوض اخوانه الاسلامييين في مصر اثار نقاشا معمقا داخل "حماس".

وقد اعترض البعض على تقديم اي تنازلات لـ"فتح"، بدعوى ان موقف "حماس" التفاوضي انما يزداد قوة مع امساك حلفائهم الاسلاميين في مصر بمزيد من السلطة. اما "فتح" فقد خسرت راعيها الاقليمي الرئيسي، أي حكومة مبارك.

وقال ابو مرزوق ان من كان يظن ان مصر الجديدة تدعم "حماس" دعما كاملا سيصاب بخيبة امل. وقال ان "من الطبيعي ان يكون الاخوان اكثر واقعية مما كانوا عليه قبل أن يتولوا زمام السلطة". وقال انه يؤيد مصالحة اوسع مع "فتح". وقال ان "التوصل الى مصالحة يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني الحقيقية".

ومن جانبهم قال مسؤولون في "فتح" انهم يشعرون بالارتياح حتى الان تجاه الاسلوب الحيادي لجماعة الاخوان تجاه الفصيلين. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان"الاخوان المسلمين يبذلون قصارى جهدهم لانهاء الانقسام الفلسطيني".

وقال فهمي ان الاخوان لا يزالون يؤمنون بان قرارات الامم المتحدة لا تزال تنظر الى نضال "حماس" المسلح باعتباره حركة مقاومة مشروعة في وجه احتلال مسلح. وقال ان "جميع نصوص الديانات المختلفة تكفل حق الدفاع عن النفس".

لكنه قال ايضا ان دعم الاخوان لن يصل الى حد تزويد الاسلحة. وقال ان "من الغباء تحويل المنطقة الى سوق للسلاح فهو لا يخدم احدا. ونحن نقف ضد توزيع الاسلحة في اي مكان او دعم مثل هلاه الاعمال، حتى وان كنا نميل نحو الدفاع عن حقوق الشعوب. ونحن حريصون على استقرار المنطقة".

ولقد خطت "فتح" ابعد من كلا "حماس" و"الاخوان" في السعي وراء التعايش السلمي مع اسرائيل. الا ان عريقات يقول ان الفروقات بين الاطراف قد لا يكون كبيرة الان مثلما كانت عليه في الماضي. "فالاخوان المسلمون يمثلون حزب الاغلبية في مصر الان، وهم اسياد انفسهم. واذا طرأت على بالهم فكرة ان مصالح مصر تقضي بابطال اتفاقية كامب ديفيد، فليفعلوا ذلك. ولكني لم اسمع هذا منهم".

اما اسرائيل، فانها من جانبها ترفض حدود 1967 كحدود كافية للدفاع عنها لضمان امنها. الا ان بعض الاسرائيليين يراقبون التغيير. وقال شلومو بروم، المحلل والجنرال المتقاعد في الجيش الاسرائيلي ان "حماس اظهرت دلائل على انها تتحرك نحو موقف اكثر مسؤولية. الا انه نظرا لماضيها الدموي، فانه سيكون صعبا جدا على الحكومة الاسرائيلية قبول هذه الحقيقة. ولا ادرى كم من الوقت تحتاج اليه لتغيير موقفها".

غير ان فهمي توقع استمرار "الهدوء" بين "حماس" واسرائيل، وسبب ذلك في جزء منه يعود الى ادراك "حماس" ان الاخوان يحتاجون الى الاستقرار لادارة المرحلة الانتقالية السياسية في مصر.

وقال: "تنظر حماس الى الاخوان على انهم امتداد استراتيجي لها. وفي ظني ان هذا بحد ذاته ضمان قوي ان الوضع لن ينفجر في المنطقة".

 

التعليقات