مكونات العنف اليهودي على خلفية قومية في القدس

ظهرت في صيف 2012 في وسائل الإعلام تقارير كثيرة عن جرائم عنف وتحريض على الكراهية من قبل يهود تجاه العرب في القدس،في أواسط آب قام عشرات من الشبان اليهود بمهاجمة ثلاثة فتيان فلسطينيين في ساحة(هحاتوليم) في مركز القدس، لاحقوهم حتى ساحة تسيون، أحد الفتيان (جمال جولاني) انهار وسقط، ورغم ذلك واصل المهاجمون ضربه حتى فقد وعيه،جمال جولاني احتاج إلى عملية إحياء في المستشفى، وبقي وضعه خطيرًا لعدة أسابيع، وقد استغرق أيامًا حتى رد رئيس البلدية(بركات) رغم خطورة ما حدث على خلفية قومية. والكاميرات التي من المفروض أنها صورت مهاجمي جمال جولاني مُحيت محتوياتها.

مكونات العنف اليهودي على خلفية قومية في القدس

اعتداء على مقدسية من قبل مستوطنين قبل بضعة أشهر

نشرت حركة(عير عميم) اليسارية التي تنشط في القدس على موقعها رصدًا لأعمال العنف ضد الفلسطينيين في السنتين الأخيرتين،وترى أن هناك ست بؤر هي السبب الأساسي لتزايده في السنتين الأخيرتين. "فصل المقال" تنشر ملخصًا لأهم ما جاء في هذا التقرير، علما أن الإحتلال كله هو أساس البلاء، ولكن هذا التقرير يظهر هذا الجانب من الخطر اليومي الذي يتعرض له عرب القدس في حياتهم.
 

ظهرت في صيف 2012 في وسائل الإعلام تقارير كثيرة عن جرائم عنف وتحريض على الكراهية من قبل يهود تجاه العرب في القدس،في أواسط آب قام عشرات من الشبان اليهود بمهاجمة ثلاثة فتيان فلسطينيين في ساحة(هحاتوليم) في مركز القدس، لاحقوهم حتى ساحة تسيون، أحد الفتيان (جمال جولاني) انهار وسقط، ورغم ذلك واصل المهاجمون ضربه حتى فقد وعيه،جمال جولاني احتاج إلى عملية إحياء في المستشفى، وبقي وضعه خطيرًا لعدة أسابيع، وقد استغرق أيامًا حتى رد رئيس البلدية(بركات) رغم خطورة ما حدث على خلفية قومية.    والكاميرات التي من المفروض أنها صورت مهاجمي جمال جولاني مُحيت محتوياتها.

في 11 كانون ثاني 2013 صادقت المحكمة المركزية في صفقة ادعاء لتخفف عن اثنين من المشبوهين في الهجوم على جولاني   وبدلا من توجيه تهمة "الهجوم في ظروف خطيرة" اتهما فقط بمخالفات تحريض.  

ويصاعد العنف ففي 1-6-2012 هوجم ابراهيم أبو عطا من قبل يهود وذلك عندما رأوه برفقة فتاة يهودية، تلقى على إثره العلاج لخمسة أيام في المستشفى، وفي  7/6/12 هوجم (نسيم أبو رامز) وهو عامل فلسطيني في محطة وقود في حي (بيت هكيرم)في القدس على يد ستة من اليهود بدون سبب، تسبب بدخوله إلى المستشفى لستة أيام.

وتتواصل الإعتداءات في القدس  في 11-11-2012 هوجم حارس يدعى (محمد سعيد) من قبل سبعة إسرائيليين بعد أن منعهم من دخول موقف سيارات في ساعة متأخرة في مكان عمله. وفي 6-12-12- هوجم فلسطيني في كريات موشيه.  

وتتكرر الإعتداءات، فقد تم الإعتداء على طفل فلسطيني في 21 -12 -12 في الحادية عشرة من عمره حيث تم نقله الى المستشفى  وفي 24-1-2013 هوجم اثنا عشر طفلا فلسطينيا من أبناء المدرسة المشتركة (التي يتعلم فيها يهود وعرب) وذلك خلال عودتهم من المدرسة في حافلة باتجاه بسجات زئيف.

طبعا الجميع سمع الخبر في 21-2-13 حيث هوجمت السيدة الفلسطينية (هناء مطير) وهي حامل وأم لثمانية أبناء على يد ثلاث نساء يهوديات في محطة القطار الخفيف في (كريات منشه) فسحبن الحجاب بالقوة عن رأسها، وحسب شهود عيان لم يتدخل رجل الحراسة الذي كان واقفا في المكان.
وفي 1-3-13- هوجمت المعلمتان (ريفتال فولكوف وسهاد ابو زميرا) في (كريات منشه) عندما وصلتا لتقديم العزاء في الحي لصديقة لهما، وذلك على يد طلاب متدينين يهود بصقوا عليهما ورموا عليهما أغراضا ثم خزقوا إطارات سيارتهما وكسروا زجاجها.

مهاجمة الفلسطينيين ليست ظاهرة جديدة في القدس، ولكن لا يتم النشر عن جميع الحوادث، مثلا في الشهر الذي سبق (اللينش) الذي تعرض له جمال جولاني، وقعت عدة حالات تخريب في سيارات الفلسطينيين ومهاجمة ثلاثة عشر عابر سبيل منهم في الحي اليهودي في البلدة القديمة، هذا لم تذكره وسائل الإعلام.

حظيت حادثتان في السنتين الأخيرتين بتغطية إعلامية جيدة وهما حادثة طعن (حسام رفيدي)حتى الموت والثانية عندما قامت عصابة من واحد وعشرين شابًا يهوديًا في شباط 2011 بمهاجمة شابين فلسطينيين بعد استجابة الشابين لتوجه فتاة يهودية بادرت بالحديث معها كانت بمثابة طًعم لهما، قاتل (حسام رفيدي) أدين وحكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات فقط.

في 12-11-13 قام يهود بمهاجمة فلسطيني في حي روميما أصيب برأسه ونقل للمستشفى، هذه الإصابة لم يتم التعامل معها في وسائل الإعلام. بالإضافة للحوادث التي ذكرت فقد سجل اعتداءان على عربيين على خلفية مرافقتهما يهوديتين، واحدة في ساحة تسيون والأخرى في بيت دجان، وكلتاهما في أيار 2012.

هذا البحث يهدف فقط  لتحليل بعض المركبات الأساسية للعنف القومي اليهودي في القدس والعناصر المشجعة له لا بل التي تنظمه. 

أولا: مهاجمة رجال فلسطينيين على خلفية علاقة مع نساء يهويات

هناك أفراد وتنظيمات يسعون لتوتير العلاقة بين اليهود والعرب وخلق أجواء عدائية للعرب باستغلال مسألة علاقة فلسطينيين مع يهوديات، في أحيان تسمى هذه العلاقات( -هتبوللوت- انصهار)وهو زواج اليهودية بواحد من الأغيار. وأحيانا يطلقون عليها تحرشا، ويعتبرونها ظواهر غير شرعية وخطيرة. وبشكل واضح تقوم هذه الأجسام بنشاطات إعلامية تذكي التحريض العنيف ثم  العدوان.      
 
أحد الأجسام البارزة في هذا النشاط العدواني هي منظمة(لاهافا) لمنع ال(الإنصهار-الزواج المختلط) أسست قبل ثلاث سنوات ،مديرها العام بينتسي غوفشتاين من أتباع الراب كاهانا ويشغل منصب عضو مجلس في كريات أربع.

ينشر هذا التنظيم خطابًا حادًا ضد علاقات بين رجال فلسطينيين بنساء يهوديات. ويبرر غوفشتاين إباحة الدماء حتى القتل بسبب الزواج المختلط، ويهدد من خلال إعلانات كثيرة ويدعو لمقاطعة محلات العمل التي تشغل عربا إلى جانب يهوديات، وتهدد الفلسطينيين الذين لهم علاقة مع يهوديات. في مقابلة معه في موقع (ماينت) يقول: نحن نتكلم معهم فقط باللغة التي يفهمونها، نحن نهددهم".

ويتحدث غوفشتاين بوضوح عن ضرورة منع الفلسطينيين من التواجد في أمكنة عامة مثل ساحة تسيون" ويقول "ليس لهم ما يفعلونه هناك".
في المقابلات التي ينشرها غوفشتاين يحرض على العنف وهذا أوصل إلى شجار كبير بين عمال فلسطينيين يعملون في شبكة (ييش) وسكان من الحي الذي عملوا فيه. ووصف محاولة قتل جمال جولاني بأنها دفاع عن الشرف.

بعد تصريحات غوفشتاين العنصرية والتحريضية  تقدمت منظمة(عير عميم) بشكوى للشرطة بسبب تهديد بمهاجمتها من قبل منظمة (لهافا)، ولكن الشرطة قررت إغلاق الملف لعدم وجود مخالفة جنائية، وحتى اليوم لم تتلق(عير عميم) ردًا مكتوبا من الشرطة. 

هذا وقام نشطاء يمين بحملة لمقاطعة شبكتي(رامي ليفي) و(ييش) على خلفية تشغيلهما لعرب إلى جانب يهوديات.

كذلك بمبادرة تنظيم(لاهف) وقّعت زوجات (رباينيم) على نداء للنساء اليهوديات بالامتناع من التواجد بين العرب في أمكنة الترفيه أو العمل أو الخدمة الوطنية.
توقيع زوجات الربانيم المركزيين على النداء منح شرعية لعمل منظمة(لاهف) وغطاءً للتحريض الخطير.

العامل الثاني هو تصدير العنف من مستوطني الضفة الغربية إلى القدس

إذا كانت الكتابة المعادية على الجدران وتدنيس المساجد وتخريب أملاك فلسطينيين والهجوم الجسدي عليهم قد حدثت بشكل عام في القرى القريبة من المستوطنات في الضفة الغربية،فقد تغير الأمر منذ السنوات 2011، حيث انتقلت هذه الأعمال إلى داخل إسرائيل وخصوصًا في القدس.
بين الشهرين تشرين ثاني وكانون أول 2011  وقع ثلاثة حوادث رشّ بالدهان تلويث وتخريب بيوت وأشجار زيتون وحرق سيارات في بيت صفافا.

في 11-11-11 حدث تخريب لقبور مسلمين في مقبرة مأمن الله. في 14-12-2011 أحرق مسجد في شارع شتراوس وعلى الجدران كتبت شعارات تمس بالرسول الكريم.

في كانون أول 2012 بعد هدم عدد من المباني في مستوطنة يتسهار تم تخريب 35 سيارة في شعفاط في اطار (دفع الثمن).

وحسب معطيات شرطة منطقة القدس ارتفعت أعمال (دفع الثمن) في العام 2012 حيث سُجلت 36 حادثة مقابل 28 حادثة في السنة التي سبقت ذلك.

الربانيم في هذه مدرسة(يوسف ما زال حيًا) الدينية في (يتسهار)ألفّوا كتابا اسمه(نظرية الملك) يقدم مبررات لقتل غير اليهود، الراب (يوسف أليتسور) أحد مؤلفي (نظرية الملك) نشر مقالا فيه تفصيل لتكتيكات وطرق أعمال تخريب وإيذاء، هذا أثر على حوادث مختلفة وقعت بالطريقة التي ذكرت في كتابات الراب أليتسور.

في 2011 أصدر جيش الدفاع أوامر إبعاد إدارية لعدد من اليهود من مستوطنات الضفة الغربية بسبب معلومات عن تورط هؤلاء في أعمال عنف ضد الفلسطينيين، معظمهم انتقلوا للعيش في القدس.  

أحد المبعدين تحدث في مقابلة مع القناة (7) عن نشاطه في أربعين عمل (دفع الثمن) بهدف منع وجود العرب في حي التلة الفرنسية في القدس.
في كانون ثاني 2012 هوجم فلسطيني في كريات موشيه وكُتبت كلمات عنصرية وكراهية على كنيسة في القدس وتم تخريب عدد من السيارات.
ظاهرة مشابهة حدثت أيضا قبل ذلك في سنة 2011  عندما أبعد ناشط يميني من بيته في (يتسهار)وانتقل للعيش في بسغات زئيف، هذا واصل اعتداءاته على فلسطينيين في الحي ونظم اجتماعات ومسيرات ومنشورات تحريضية وحرق سيارات.

العامل الثالث تحريض الربانيم

عامل ثالث هو تحريض الربانيم، وأحدهم الراب جينبورغ في يتساهر الذي له جمهور كبير، من بين أهداف هؤلاء الربانيم نشر أيديولوجيا عنصرية وعنيفة، النشطاء الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين يحظون بدعم معنوي وروحاني في الإجتماعات والخطب الدينية  والرسائل وتفوهات الربانيم.

عشرات الربانيم وقعوا على عرائض ضد بيع شقق للفلسطينيين أو تأجيرها أو تشغيل عرب.

في القدس عقد اجتماع للربانيم ضد المدرسة المشتركة   لليهود والعرب في بيت صفافا الحي الذي تعرض لكثير من التخريب بما في ذلك المدرسة.

في آب 2012 عقد اجتماع للربانيم في (بسجات زئيف) تحت عنوان "منع بيع أو تأجير شقق للعرب"، بين المشاركين كان ربانيم كبار ومركزيون، مثل شموئيل الياهو- يعكوب يوسف- دافيد شاليم-.وكان قد أقيم مؤتمر مشابه قبل هذا بسنة في (بسجات زئيف) بمشاركة الراب مئير بورش وميخائيل بن آريه.  

هذا نموذج فقط من عشرات النماذج والنشاطات المشابهة التي تطالب بمنع تأجير شقق للعرب أو بيعها لهم.

العامل الرابع العنف في ملاعب كرة القدم

في 21 -1-13 رفع قسم من جمهور بيتار القدس لافتات "بيتار طاهرة"على خلفية إدخال لاعبين مسلمين من الشيشان إلى فريق بيتار القدس.
وفي 1-2-13 هاجم جمهور بيتار القدس اللاعبين المسلمين في فريقهم وخرّبوا سيارة رئيس إدارة بيتار القدس، وفي 8/2/13  أشعل مؤيدون للبيتار مكاتب الفريق بسبب إحضار اللاعبين المسلمين وقرر تنظيم المؤيدين(لفاميليا) وقف نشاطه في دعم الفريق احتجاجًا على ضمهما.

سنة قبل هذا في آذار 2012 وبعد لعبة في مدرج تيدي هاجم 311 عنصرًا من مؤدي بيتار عمالا فلسطينيين في المركز التجاري (المالحة) القريب،  الحادثة حظيت بتغطية إعلامية واسعة وفيها سمعت هتافات "الموت للعرب"، تم خلالها مهاجمة عمال فلسطينيين وألقي بأجسادهم على فاترينات المحلات. الحراس في المركز التجاري لم يتدخلوا والشرطة استغرقها وقت طويل للسيطرة على الوضع.

بعد أقل من شهر أقام عشرات من مشجعي بيتار مسيرة قبل بدء مباراة لفريقهم وصاحوا فيها "الموت للعرب" وعندما خرجت سيدة يهودية من شباكها ورفعت لافتة كتبت عليها( بوز للعنصرية) بصقوا عليها وضربها أحدهم على رأسها بعصا. 

ولم يتم اعتقال أحد إلا بعد انتقادات لتصرف الشرطة ففتحت تحقيقا، تم بعده اعتقال 11 شخصًا، وتمت التسوية بتقديم واحد منهم للمحاكمة.   

العامل الخامس زيادة التطرف في مسيرة يوم القدس

العامل الخامس لزيادة الإعتداءات هو يوم توحيد القدس الذي تتخلله مسيرة تحولت إلى مناسبة لتأجيج المشاعر ضد العرب وحتى ضربهم.

تم تغيير مسار هذه المسيرة  وصارت تمر في حي الشيخ جراح بشكل استفزازي، وازدادت الهتافات ضد العرب حتى أن الشرطة طلبت من التجار الفلسطينيين في السنة الأخيرة أن يغلقوا محلاتهم التجارية أثناء مرور المسيرة كي لا يتعرضوا للعنف بدلا من القيام بواجبها.

العامل السادس أحياء التّماس والإدارات الجماهيرية فيها

في أحياء التّماس في القدس الشرقية مثل (بسجات زئيف) نيفيه يعكوب، التلة الفرنسية، هناك تماسّا كبير بين العرب واليهود، حيث يمر الفلسطينيون كي يصلوا  لتلقي الخدمات هناك،مثل البريد، صندوق المرضى، مراكز تجارية، ألعاب للأطفال وغيرها.

قي (بسجات زئيف) هناك نشاطات مكثفة ضد تواجد الفلسطينيين في الحيّ، هذه النشاطات تشمل مناشير  ،اجتماعات شعبية، مسيرات تطالب بطرد العرب، حتى وصلت في عدة حالات إلى العنف الجسدي.

في إبريل 2012  تم توزيع رسائل إلكترونية على شبان يهود للمشاركة في "تطهير" الحي من العرب، وتم تعيين الموعد والمكان حيث تجمع العشرات  وراحوا يهتفون "الموت للعرب" وهاجموا شابين عربيين بالسكاكين نقلا على إثرها للمستشفى.

هناك قائمة انتخابية(بسجات زئيف نظيفة من العرب) حصلت على أربعة مقاعد من أصل ستة في انتخاب الإدارة الجماهيرية التي أقيمت في نهاية 2011  وأهم برامجها هو عدم السماح للعرب بالتواجد في الحي. كذلك الأمر في التلة الفرنسية المحاذية للعيسوية يوجد احتكاكات كثيرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. 

مدير مجلس سكان الحي جند المال لاقتناء مكبرات صوت توجّه بالأغاني الصاخبة إلى العيسوية كرد على صوت الأذان، ومول دوريات لمراقبة الفلسطينيين.

حركة(عير عميم) تخلص الى الإستنتاج  بأنه عندما لا يستطيع ثلث سكان مدينة القدس العرب التنقل بأمان في مدينتهم بسبب هويتهم القومية فهذا الأمر يتطلب عملا حقيقيا لتغيير الوضع.

التعليقات