في الذكرى الستين للنكبة../ باسم حماد

-

في الذكرى الستين للنكبة../ باسم حماد
بعد أن استقرت اتفاقات الهدنة عام 1949 وساد الهدوء اتجهت إسرائيل بكل طاقاتها تبني نفسها على أنقاض الشعب الفلسطيني ولتستوعب أضعاف أضعاف عددها من يهود العالم ولتصبح أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط عسكرياً واقتصادياً وعلمياً وذلك بمساندة متواصلة من الغرب الذي زرعها في هذه المنطقة لتكون رأس حربة لسياساته ومخططاته".

ولتحقيق هذه الغايات سنّت إسرائيل قانونين هامين في تاريخها هما قانون "أملاك الغائبين" و "قانون العودة لليهود".

1. قانون أملاك الغائبين:

سنّ البرلمان الإسرائيلي هذا القانون بتاريخ 14/3/1950 ويمنح هذا القانون صلاحيات واسعة لجسم أقيم بموجبه يدعى "الوصي" (أبوتروفس) أو "القيّم" على أموال الغائبين. والمقصود بالغائبين هم الفلسطينيون الذين تركوا قراهم ومدنهم وبيوتهم عنوة وقسراً أو نتيجة لخوف من المنظمات الصهيونية وغادروا هذه الأماكن إلى الدول العربية المجاورة أو إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. وحتى الفلسطينيين الذين بقوا داخل حدود إسرائيل ولم يغادروها اعتبروا غائبين بموجب هذا القانون ولم يسمح لهم بالعودة إلى قراهم والذين يسمّون "بالمهجّرين" والذين أصبح عددهم اليوم وبعد (60) عاماً من النكبة أكثر من ربع مليون شخص.

وقد تمّ التوجه إلى المحكمة العليا بشأن هذا القانون لكن المحكمة الإسرائيلية العليا صادقت عليه وأعطت صلاحيات واسعة "للقيّم" على أملاك الغائب وردّت على سبيل المثال دعوى مواطن فلسطيني كان يعيش في لندن خلال حرب 1948 وليس في دولة عدوة لإسرائيل وطالب باسترداد أملاكه لكن المحكمة العليا الإسرائيلية ردّت دعواه.

ثم أقيمت سلطة سميت "سلطة التطوير" (رشوت هبيتوح) وسمح للقيّم على أملاك الغائب بنقل هذه الأملاك إلى سلطة التطوير بهدف تركيز ممتلكات "الغائبين" "لتطوير البلاد"، حيث تمتعت هذه السلطة بصلاحيات واسعة جداً وتشمل صلاحية شراء الأراضي، استئجارها واستبدالها والتصرف بها تصرّف المالك.

بعد الإعلان عن قيام سلطة التطوير بدأت عملية نقل الأراضي لصالح "سلطة التطوير" ثم أصدرت الحكومة الإسرائيلية قراراً بنقل ممتلكات وأموال الغائبين إلى "الكيرن كييمت ليسرائيل" وبموجب هذا القرار اتفق القيّم مع سلطة التطوير بتاريخ 29/9/1953 على تحويل ما تبقى تحت سيطرته لصالح سلطة التطوير التي قامت بدورها بتحويل كميات كبيرة من هذه الأملاك لصالح "الكيرن كييمت".

وقد أقامت إسرائيل قرى تعاونية أو قرى زراعية على أراضي الـ 531 قرية فلسطينية التي تم تدميرها خلال أحداث 1948 وتهجير أهلها ومنحت الأراضي الزراعية التابعة لها لهذه المستوطنات اليهودية لتستثمرها. وهكذا تكون إسرائيل قد ألغت عملياً القرار (194) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والقاضي بالعودة الفورية للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وألغت هذا القرار منذ ذلك الحين لذلك من الوهم التصوّر بأن إسرائيل ستقبل به مجدّداً وذلك بعد أن ساعدتها الدول الكبرى على التنكر لهذا القرار وإدارة ظهرها له.

2. قانون العودة لليهود والجنسية الإسرائيلية:

صدر هذا القانون يوم 5/7/1950 أي بعد أشهر قليلة من صدور "قانون أملاك الغائبين" ويعطي هذا القانون الحق لكل يهودي في العالم بالهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية الإسرائيلية بموجب قانون الجنسية الذي صدر في تلك الفترة أيضاً. وقد قال دافيد بن غوريون أوّل رئيس وزراء لإسرائيل أثناء مناقشة هذا القانون في الكنيست الإسرائيلي: "إن القانون يعطي كل يهودي في (المنفى) الحق في الهجرة إلى وطنه القومي والإستيطان فيه. وأكد بن غوريون أن القانون هو بمثابة إضفاء صبغة شرعية على الفكرة الصهيونية الأساسية التي تذهب إلى أن حقّ العودة هو حقّ جوهري لكل يهودي بصفته يهودياً أن يعود إلى وطنه والإستقرار فيه كمواطن".

وفي الواقع فإن هذين القانونين اللذين سنّهما الكنيست الإسرائيلي في فترة متقاربة من عام 1950 يكمّلان بعضهما بعضاً. فالقانون الأول سمح باستعمال أراضي الفلسطينيين الذين هجروا من وطنهم لصالح اليهود الذين سيتم جلبهم من الخارج لملء الفراغ الحاصل بموجب القانون الثاني.

إسرائيل تربط نفسها بالغرب وتبتعد عن المعسكر الشيوعي:
في تلك الفترة ومع تكوّن المنظومة الشيوعية في أوروبا الشرقية بقيادة الإتحاد السوفييتي مقابل الدول الغربية الأعضاء في حلف الأطلسي جرى نقاش حاد داخل إسرائيل لتحديد ولاء إسرائيل. وكانت هناك مجموعات وأحزاب داخل إسرائيل تتبنى الفكر الإشتراكي تميل إلى الإلتحاق بالمعسكر الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفييتي. وقد سارع الإتحاد السوفييتي بالإعتراف بدولة إسرائيل بعد الإعلان عنها وكان الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة. كما أوعز لدولتين شيوعيتين هما تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا بتقديم العون العسكري لإسرائيل خلال حرب 1948 كما ذكرنا سالفاً وكان لهذا الدعم العسكري ولصفقات السلاح التي قُدّمت لإسرائيل الأثر الكبير في ترجيح الكفة العسكرية لصالح إسرائيل بعد دخول الجيوش العربية إلى فلسطين التي أحرزت انتصارات سريعة رغم قلة عددها وعتادها.

وكان الإتحاد السوفييتي ومعه المنظومة الشيوعية يتطلع في أن تكون دولة إسرائيل الفتية موالية للمعسكر الإشتراكي وهذا ما كان يوحيه له الإشتراكيون والشيوعيون الإسرائيليون. لكن القوى المؤيدة للغرب في داخل الحركة الصهيونية وعلى رأسها رئيس الوزراء آنئذٍ دافيد بن غوريون حسمت الأمر لصالح الإنتماء للمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

وقد أدّى ذلك إلى شبه مواجهات داخل إسرائيل لكن الأمر استتبّ في النهاية لصالح المعسكر الذي يتزعمه بن غوريون.
وكان لذلك نتائج سلبية على إسرائيل من ناحية الهجرة اليهودية إليها، فقد أغلقت الدول الشيوعية والإتحاد السوفياتي أبواب الهجرة اليهودية منها إلى إسرائيل. وأدّى ذلك إلى أن إسرائيل حوّلت أنظارها نحو يهود العالم العربي في الشرق وفي شمال أفريقيا وقد تمكنت إسرائيل فعلاً من تهجير يهود الدول العربية العراق وسوريا ومصر وليبيا والجزائر والمغرب واليمن بحيث تضاعف عدد سكانها من اليهود خلال ثلاث سنوات فكيف تمّ ذلك؟

هجرة يهود اليمن:

يهود اليمن كانوا جزءاً من نسيج الشعب اليمني وكانوا منتشرين في أرجاء اليمن وليس في العاصمة صنعاء فقط التي كان بها حيّ خاص بهم وعرفوا بممارسة التجارة وبامتهان الحرف المهمة كصياغة الذهب والفضة والنجارة والحدادة. وقد كانت حكومة الإمام في اليمن شبه معزولة عن العالم ولم يكن الشعب اليمني على اطلاع على ما جرى ويجري في فلسطين وكان اليهود اليمنيون بسطاء ومتدينون بطبيعتهم، الأمر الذي سهّل على الوكالة اليهودية إقناعهم بالهجرة إلى فلسطين وبالفعل تمّ ذلك وبمساعدة بريطانيا التي كانت تستعمر اليمن الجنوبي وميناء عدن وخلال العامين 1949-1950 تم نقل (47) ألف يهودي يمني إلى إسرائيل ولم يتبق هناك سوى ثلاثة آلاف يهودي رفضوا الهجرة بشكل قاطع. وما زال قسم منهم يسكنون في اليمن حتى يومنا هذا.


هجرة يهود العراق:

الطائفة اليهودية في العراق هي طائفة ضاربة الجذور في بلاد الرافدين ويمتد تاريخها إلى عهد سبي بابل أيام نبوخذنصر الملك الآشوري الذي هدم الهيكل الأول عام 587ق.م وسبي اليهود إلى بابل. وفي العهد الإسلامي وخاصة في العصر العباسي بلغ اليهود في العراق ذروة مجدهم وازدهارهم الإقتصادي والحضاري ضمن الدولة العباسية. وبعد انتهاء العهد العثماني ودخول بريطانيا إلى المنطقة العربية بما فيها العراق بدأت الحركة الصهيونية تمارس نشاطها في العراق ابتداء من عام 1920 وحاولت نشر الأفكار الصهيونية وإقناع اليهود هناك بالهجرة إلى فلسطين غير أن التجاوب مع هذه الدعوات كان شبه معدوم من قبل يهود العراق. وفي عهد الملك غازي عام 1935 حظرت الحكومة العراقية النشاط الصهيوني وخلال الحرب العالمية الثانية وثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 ضد الوجود البريطاني في العراق تعرّض اليهود إلى بعض الإعتداءات باعتبارهم موالين لبريطانيا، لكن الأمور عادت إلى الهدوء مرة أخرى حتى صدور قرار التقسيم يوم 29/11/1947 الذي كان له أثر سيء على العلاقات الطيبة بين أفراد الطائفة اليهودية والسكان العرب هناك. ثم كانت مشاركة الجيش العراقي في حرب 1948 والذي استشهد العديد من أفراده على أرض فلسطين ودفنوا فيها وعند عودة هذا الجيش إلى العراق بعد انتهاء الحرب أخذت مشاعر العداء تتزايد بين العرب واليهود في العراق.

دور الحركة الصهيونية في تأجيج المشاعر:

وبعد قيام إسرائيل أرسلت العديد من عملائها إلى العراق بهدف تحريض يهود العراق على الهجرة إلى إسرائيل واستعملت أساليب مختلفة لترهيب اليهود من العرب وإجبارهم على التفكير بترك العراق إلى إسرائيل ومن هذه الأساليب إلقاء القنابل على الكنس والمؤسسات اليهودية على اعتبار أن العرب هم الذين يقومون بهذه الأعمال وقد أدّى هذا الوضع إلى إثارة جدل داخل الجالية اليهودية في العراق بين مؤيد للهجرة ورافض لها.

في هذه الأثناء تمكنت الوكالة اليهودية وحكومة إسرائيل وبمساعدة بريطانيا من إقناع الحكومة العراقية برئاسة نوري السعيد الموالي لبريطانيا من تمرير قانون في البرلمان العراقي يقضي بالسماح ليهود العراق بالهجرة – إن أرادوا ذلك – بشرط التنازل عن الجنسية العراقية وعن كافة ممتلكاتهم للدولة وفي عيد الفصح اليهودي عام (1950) كانت هجرة اليهود من العراق في قطار جوي ولم يبق من بين (120) ألفاً سوى بضعة آلاف رفضوا الهجرة قطعياً.

وقد سيق العديد من اليهود وأجبروا على ترك العراق قسراً وبعكس رغبتهم. وأذكر عندما كنت طفلاً صغيراً (كاتب هذه السطور) كنت أرافق والدي إلى المدينة اليهودية القريبة من قريتنا حيث كان لوالدي صديق يهودي عراقي صاحب حانوت في هذه المدينة وكان يتكلم العربية بلهجة عراقية وهو من مدينة الموصل، وكان يحدث والدي عن الأيام الجميلة التي أمضاها في العراق وكان يتحدث والدموع تنهمر من عينيه ويقول: "لقد جلبونا إلى هنا غصباً " .وكان يحتفظ بميزان من الحديد جلبه معه من الموصل ويحافظ عليه كما يحافظ على أحد أبنائه لأنه يذكـّره بالأيام الجميلة والأوقات السعيدة التي أمضاها في دكانه في مدينة الموصل العراقية التي ولد وترعرع ونشأ فيها.

يهود المغرب العربي:

عاش اليهود في بلاد المغرب العربي وهي المغرب والجزائر وتونس وليبيا بيُمنٍ وأمان منذ الفتح العربي الإسلامي لهذه البلاد في القرن السابع الميلادي وقسم كبير من يهود شمال إفريقيا هم من يهود الأندلس الذين هربوا من اضطهاد الإسبان بعد سقوط الأندلس. وفي الأندلس كما يعرف الجميع عاش اليهود عصرهم الذهبي من الناحية الإقتصادية والإجتماعية والعلمية تحت الحكم العربي الإسلامي. واستمرّ عيش اليهود في بلدان المغرب العربي كجزء من النسيج الإجتماعي لغاية دخول الإستعمار الفرنسي والإيطالي هذه البلاد. ففي عام 1832 احتلت فرنسا الجزائر واستعمرتها، وفي عام 1881 بسطت فرنسا نفوذها على تونس أما المغرب فقد بسطت فرنسا عليه استعمارها عام 1912.

وقد حاولت الحركة الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى وحتى عام 1947 سنة صدور قرار التقسيم، التأثير على يهود البلدان الثلاث الواقعة تحت الإستعمار الفرنسي بالهجرة إلى فلسطين إلا أنها لم تنجح إلا بتهجير ألف يهودي مغربي فقط.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية كان هناك حوالي (400) ألف من اليهود يعيشون في الدول الثلاث المغرب والجزائر وتونس الواقعة تحت الإحتلال الفرنسي.

وكعادة الإستعمار في تطبيق سياسة فرّق تسد فقد عملت فرنسا على استمالة اليهود وخصّتهم بمعاملة ورعاية خاصة بحيث أصبحوا من المقربين إلى الدولة المستعمرة فرنسا وتبنوا لغتها الفرنسية التي أصبحت لغة التخاطب الرئيسية بينهم بالإضافة إلى اللغة العربية باللهجات المحلية.
وعندما احتلت ألمانيا فرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية وأقامت حكومة موالية لها في باريس هي حكومة فيشي أصبحت دول المغرب العربي الثلاث المغرب والجزائر وتونس تحت سيطرة حكومة فيشي الموالية للنازية. فلوحق اليهود في تلك الحقبة وتعرضوا إلى الإضطهاد من حكومة فيشي. لكن هذا الوضع لم يستمر كثيراً فقد سقطت حكومة فيشي بعد أن استعاد الحلفاء فرنسا في عام 1944 وعاد الإستعمار الفرنسي إلى سابق عهده بتقريب اليهود ورعايتهم.

وبعد قيام إسرائيل عام 1948 وبتنسيق مع السلطات الفرنسية المستعمرة تمكنت إسرائيل من استقدام أعداد كبيرة من يهود شمال إفريقيا إلا أن الهجرات الكبيرة ليهود شمال إفريقيا كانت بعد حصول المغرب وتونس على الإستقلال عام 1956م وكذلك حصول الجزائر على استقلالها عام 1962. ومع رحيل الإستعمار الفرنسي رحل معظم اليهود قسم منهم إلى فرنسا والقسم الأكبر إلى إسرائيل.

أما يهود ليبيا فقد وصلت أول دفعة منهم إلى إسرائيل في نيسان (إبريل) 1949 وخلال ثلاث سنوات وصل إلى إسرائيل (32) ألف يهودي ثم توالت الهجرة بمعدل (600) يهودي كل شهر وقد حرص الكثيرون منهم على بيع ممتلكاتهم قبل المغادرة وعندما حصلت ليبيا على استقلالها منعت دخول السفن الإسرائيلية إلى موانئها في كانون الأول ديسمبر (1952). لكن هجرة اليهود استمرت عن طريق أوروبا.

يهود مصر:

مع بداية حكم أسرة محمد علي باشا في بدايات القرن التاسع عشر عملت حكومة محمد علي ومن بعده أبناؤه على تشجيع اليهود بالقدوم والإستثمار في مصر. وقد تمتع اليهود الذين زادت هجرتهم إلى مصر في عهد الخديوي إسماعيل بكل الإمتيازات التي حظي بها الرعايا الأجانب، وحسب تعداد السكان لعام (1917) فقد بلغ عدد أفراد الجالية اليهودية في مصر قرابة (60) ألفاً، وكان التطور الإقتصادي الذي أحدثته قناة السويس هو عامل الجذب الأساسي لقدومهم واستيطانهم فيها. وقد سيطر اليهود على فرع البنوك وعلى قطاعات أخرى في الإقتصاد المصري مثل البترول وتجارة الأقمشة والملابس والأثاث كما احتكر اليهود صناعات أخرى مثل صناعة السكر وتجارة الأرز كذلك سيطروا على قطاع الفنادق. واستطاع اليهود في مصر تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت أقصاها في الفترة من (1940) وحتى (1946). واستطاع يهود مصر أن يصبحوا أغنى طائفة يهودية في الشرق الأوسط.

لكن أحداث حرب 1948 في فلسطين والتي شارك فيها الجيش المصري جعل اليهود يتخوفون من المستقبل وكان عددهم قد تعدى المائة ألف فقام معظمهم بتصفية أعماله وأملاكه وهاجروا إلى إسرائيل وأمريكا وأوروبا.

وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952 ازداد الموقف اضطراباً مع تزايد العداء بين مصر وإسرائيل ثم زاد الطين بلة "فضيحة لافون" عام 1955 وهي تلك العملية التي قام بها الموساد الإسرائيلي بتفجير منشآت دول أجنبية مستعيناً ببعض اليهود المحليين للإيقاع بين حكومة الرئيس جمال عبد الناصر وهذه الدول الأجنبية. وبعد انفضاح الأمر فيما سمي بـ "فضيحة لافون" و (لافون هو الوزير الإسرائيلي الذي أشرف على هذه العملية) وقد أدى ذلك إلى هرب الكثير من يهود مصر إلى فرنسا وإيطاليا ثم إلى إسرائيل.

يهود تركيا وإيران الدولتين الإسلاميتين:

هرب اليهود من إسبانيا باتجاه الدولة العثمانية بعد سقوطها بيد الإسبان وملاحقة اليهود والمسلمين هناك في نهاية القرن الخامس عشر. وفي الدولة العثمانية تمتع اليهود بكامل الحقوق وحققوا إنجازات اقتصادية مشهودة.

أما في إيران فإن الجالية اليهودية قديمة جداً هناك ويرجع وجودها إلى أيام الملك كورش في القرن السادس قبل الميلاد وأيضاً هناك عاش اليهود باحترام وأمان وحققوا إنجازات اقتصادية كبيرة.
وبعد قيام إسرائيل وجّهت الوكالة اليهودية والحكومة الإسرائيلية جهودها لاستقدام يهود تركيا وإيران أيضاً.

إسرائيل تضاعف عدد سكانها اليهود خلال ثلاث سنوات:
كان المخزون الرئيسي الذي استقدمت منه إسرائيل مهاجريها في الفترة التي تلت إنشاءها مباشرة هو العالم العربي والإسلامي كما أسلفنا. فخلال ثلاث سنوات (1948-1951) تضاعف عدد اليهود بهجرة (687) ألف يهودي جاء منهم (442) ألفاً من بلدان العالم العربي والإسلامي.

وقد أسهمت هجرة يهود العرب في توفير المادة البشرية واليد العاملة التي رسّخت وجود الدولة العبرية وأمدتها بعناصر النمو والحماية وشكلت أحد أعمدة المشروع الصهيوني. وعلى أثر هذه الهجرة أصبح في إسرائيل مليون وثلاثمائة ألف يهودي و (160) ألف من الفلسطينيين العرب الذين بقوا ا وتسللوا عائدين الى وطنهم من الدول المجاورة .

وقد استمرت هجرة اليهود من الدول العربية والإسلامية عن طريق أوروبا لكن جاليات يهودية بقيت في المغرب واليمن حتى يومنا هذا. أما في تركيا فهناك جالية يهودية حتى يومنا هذا يبلغ تعدادها ثلاثون ألفاً وكذلك الحال في إيران فما زالت هناك جالية يهودية تعدّ بالآلاف.

التعليقات