ثماني سنوات على انتفاضة الاقصى- فلسطين على اعتاب انتفاضة ثالثة؟!!../ نواف الزرو

-

ثماني سنوات على انتفاضة الاقصى-  فلسطين على اعتاب انتفاضة ثالثة؟!!../ نواف الزرو
قبل ثماني سنوات اندلعت انتفاضة الأقصى مطالبة برحيل الاحتلال والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فاندلعت المواجهات مع قوات الاحتلال التي شنت موجات من الاجتياحات التدميرية والدموية التي قادها شارون في إطار حملات السور الواقي.

واليوم- وفي الذكرى السنوية للانتفاضة، ووفقا لأحدث التقارير الميدانية الفلسطينية، تحولت أنظار الفلسطينيين في الضفة وغزة عن الاحتلال إلى النكبة الفلسطينية الجديدة التي ألمت بهم بأيد فلسطينية، وباتوا يتطلعون ليس إلى رحيل الاحتلال، وإنما إلى إنهاء حالة الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني ما بين الضفة وغزة، وعودة الوحدة الوطنية الداخلية، لـمواصلة الكفاح في سبيل تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها انتفاضة الأقصى.

يقول الـمواطن الفلسطيني محمد أبو غانم (32 عاماً): "عندما انطلقت الانتفاضة كانت من بين وسائلها الـمقاومة ضد الاحتلال بهدف نيل الاستقلال، لكن الظروف قادت الشعب إلى انقسام داخلي عكس سلبيات كبيرة على الـمصلحة الوطنية". ويضيف:"إنه بعد مرور هذه السنين يجب إعادة ترتيب الأوراق وتحديد أولويات العمل الوطني والسياسي، وعلى رأس ذلك إنهاء الانقسام الداخلي".

أما الشاب سعيد حمدونة (22 عاماً) من مخيم جباليا، فيقول:" إن ثماني سنوات على بدء الانتفاضة انقضت دون تحقيق الأهداف الـمرجوة"، مشيراً إلى" أنه كان يشارك الفتية في الـمواجهات مع قوات الاحتلال عند معبر بيت حانون". وأضاف حمدونة وهو طالب جامعي "إن هذه الـمدة شهدت تحولات كبيرة في حياة الشعب دون تحقيق الطموح الوطني والاستحقاقات السياسية"، مؤكداً أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتم دون إنهاء الانقسام وعودة الوحدة الوطنية".

وتقول الفتاة أحلام (24 عاماً): "يجب أن يحقق الفرقاء الـمصالحة الوطنية الـمنتظرة في العاصمة الـمصرية القاهرة"، معتبرة "أن ما يواجهه الشعب من أزمات بسبب حالة الانقسام أصعب بكثير من الاحتلال والتعرض للقصف والتدمير".

ويؤكد الـمسن أبو عماد "إن دعواته من أجل تحقيق هذه الأهداف لا تنقطع"، معتبراً" أن بقاء الأحوال على ما هي عليه بمثابة انتحار وطني".

وقال الـمواطن تحسين أبو خاطر (62 عاماً) من مشروع بيت لاهيا: "أصبح الوضع لا يطاق في غزة والظروف الاقتصادية صعبة جداً، لكن أكثر ما يفاقم معاناة الـمواطنين تأثيرات الانقسام الداخلي على حياتهم، مشيراً إلى ما يواجهه الناس عند ذهابهم إلى العيادات والـمستشفيات وعدم انتظام العمل، إضافة إلى غياب معظم الـمعلـمين عن الـمدارس".

وأعرب الـمواطنون عن أملهم بـ"أن يسمعوا قريباً أنباء عن إنهاء حالة الانقسام والاحتفال بهذه الـمناسبة ضمن فعاليات إحياء الذكرى الثامنة لانتفاضة الأقصى".

إذن -هكذا هو المشهد الفلسطيني الراهن بينما اليوم في ذكرى مرور ثماني سنوات على اندلاع انتفاضة الأقصى، ولكن- في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر فلسطينية رسمية "أن لا عودة لانتفاضة جديدة"، و"أن السلطة لن تسمح بانتفاضة ثالثة"، فان المعطيات على الأرض في الضفة الغربية تنبئ بغير ذلك، فالشعب الفلسطيني الذي فجر تلك الانتفاضة الكبرى الأولى عام 1987، وألحقها بالانتفاضة الكبرى الثانية/2000، احتجاجا على الأوضاع المأساوية وعلى المفاوضات العقيمة وعلى الاستيطان وجرائم الاحتلال، يبدو انه في ذروة الغليان وهذه المرة ليس فقط على الاحتلال، وإنما على الفساد المستشري حتى النخاع، وعلى حالة الانقسام النكبوي الذي يدمر المشروع الوطني التحرري الفلسطيني يوما عن يوم، والاهم من كل ذلك أن الشعب الفلسطيني قد ضاق ذرعا وصبرا من الأفق السياسي المغلق تماما، وضاق ذرعا وصبرا من قيادة المفاوضات الفلسطينية الفاشلة ، وضاق ذرعا وصبرا من العقلية الفصائلية الكارثية التي تودي بالمشروع الوطني والاستقلال إلى الهاوية...!

والمؤشرات التي تتحدث عن احتمالات اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة تتزايد من يوم ليوم، والتقديرات الاستخبارية الإسرائيلية ترجح ذلك أيضا...!

- الاحتلال يواصل حصاراته وأطواقه ويغلق بوابات القطاع...!

ففي غزة اليوم وبعد ثماني سنوات على الانتفاضة وثلاث سنوات على "فك الارتباط"، وحسب التقارير والشهادات الفلسطينية والحقوقية المختلفة، فان شهر رمضان المبارك على سبيل المثال لا يطل على الفلسطينيين في غزة كما يطل على أي شعب من شعوب العالم، فرمضان الفلسطيني يأتي دائما على وقع الحصارات والأطواق التجويعية المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين، يضاف إليها سيطرة قوات الاحتلال على كافة المعابر والبوابات الغزية.

فبينما زعمت دولة الاحتلال وصفق لها العالم، بأنها انسحبت من قطاع غزة في إطار "فك الارتباط "في 2005/8/15 وانه أصبح مستقلا، إلا أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر يعلن اليوم بعد أكثر من ثلاث سنوات على "فك الارتباط" قائلا:
"أن "إسرائيل لا يمكن لها بأي حال من الأحوال السماح بوجود سلطة نعتها بالإرهابية في غزة"، مؤكدا:
" غزة بالنسبة لإسرائيل ليست مدينة في لبنان أو إيران فهي مدينة تخصنا ، وأي زعيم إسرائيلي قادم لا ينجح في معالجتها فلن يبقي على كرسي الحكم لفترة طويلة/المصادر الإعلامية العبرية/14 / 09 / 2008 ".

ناهيك عن أن الاحتلال لا ينتهي عند حدود الانسحاب من غزة الذي لم يكن وفقا للمصادر والتحليلات الفلسطينية المختلفة "فك ارتباط" سياسيا وسياديا بمستوى "الطلاق الاستراتيجي الشامل والكامل"، حيث هناك ما يمكن أن نطلق عليه اسم "البوابات الإسرائيلية" برا وبحرا وجوا، ولذلك من المنتظر أن تتواصل المعركة الفلسطينية ضد استمرار هذه "البوابات" لتغدو في نهاية الأمر "بوابات فلسطينية" بالكامل.

فالاحتلال هناك فكك مستوطناته ولكنه يبقي على حصار القطاع برا وبحرا وجوا ويمنعه عمليا من الاتصال والتواصل الحر مع الضفة ومع العرب والعالم، فالمياه الإقليمية تحت الهيمنة العسكرية الاحتلالية وكذلك فضاء القطاع، بينما لم تحسم في الوقت نفسه وبحسب تصريحات أقطاب السلطة مسألة السيطرة على المعابر الحدودية مع مصر وكذلك مع فلسطين 1948.

* سكان القطاع نزلاء سجن كبير


قال خليل أبو شمالة: " إن 1.5 مليون فلسطيني في القطاع أضحوا اليوم نزلاء سجن كبير، حيث أن حركة الأفراد والبضائع متوقفة والحياة مشلولة بالكامل، فيما الأوضاع تزداد تدهوراً، في ظل استمرار انتهاكات الاحتلال وجرائمه وصمت العالم المشجع له وعجز الدول العربية حيال معاناة الفلسطينيين وموت الآلاف منهم جراء الحصار الإسرائيلي/ فلسطين اليوم- 11 / 8 / 2008".

وقد عزز ذلك مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة حينما قال:"أن سجن غزة الكبير لا يختلف عن سجن نفحة الصغير إلا في الاسم ، مضيفاً أن سجن غزة أصعب ظروفاً من أي سجن في دولة الاحتلال".

والى جانب كل ذلك أصدرت منظمة "بتسيلم"الحقوقية الإسرائيلية بيانا في الذكرى الثالثة للانسحاب الإسرائيلي قالت فيه:"إن إسرائيل لم تنه احتلالها لقطاع غزة على الرغم من تنفيذ خطة فك الارتباط"، وأضافت المنظمة التي تعنى بحقوق الإنسان:"أن إسرائيل لا تزال تتحكم في حياة الفلسطينيين في قطاع غزة".

وكانت صحيفة يديعوت احرونوت قد أشارت أيضا إلى "أن الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة ستكون "الحدود الأوتوماتيكية" الأولى في العالم، إذ ستستخدم إسرائيل على الحدود جواً وبحراً وبراً أسلحة حربية أوتوماتيكية/ يديعوت احرونوت".

*اسرائيل" تنفذ خطوات تعزل غزة عن الضفة

ولا تكتفي دولة الاحتلال بكل هذه الإجراءات الإجرامية ضد غزة، بل تطارد أهل غزة في الضفة الغربية أيضا، إذ قال تقرير أصدرته منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان، الأربعاء – 10.9.2008، "إن إسرائيل تنفذ خطوات بهدف عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية". وجاء في تقرير أصدرته منظمتا "بتسيلم" و"المركز للدفاع عن الفرد": "أن إسرائيل تعمل منذ بداية الانتفاضة الثانية، بطرق شتى، من أجل إنشاء حالة من العزل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتقسيم الفلسطينيين فيهما إلى مجموعتين سكانيتين منفصلتين، ووصلت هذه السياسة أوجها في العام الأخير من خلال مطالبة الفلسطينيين المسجلين بأنهم من سكان قطاع غزة بحيازة تصريح للتواجد في الضفة الغربية وقيام السلطات الإسرائيلية بإبعادهم من الضفة إلى القطاع بذريعة أنهم 'متواجدون غير قانونيين' في الضفة".

ليتبين لنا في ضوء كل هذه المعطيات والحقائق والخلفيات الكامنة وراء "فك الارتباط" أن مرحلة ما بعد "الفك" وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية كانت اشد احتداما واشتباكا وصراعا قد يصل قريبا إلى نقطة الصفر لـ: "الاحتلال الثالث" الإسرائيلي للقطاع كما حدث مؤخرا بإقامة ما يسمى "الحزام الأمني "شمالي القطاع، والمسألة تبقى مسألة وقت، فحسب تقديرات عدد كبير من الجنرالات والباحثين الإسرائيليين أيضا فان الأوضاع تسير باتجاه ربما"احتلال جديد للقطاع" وربما باتجاه"انتفاضة فلسطينية "ثالثة ...!


• عرابة –"إرادتنا أقوى من إرهابكم"

وفي عرابة الفلسطينية نظم التجمع الوطني مظاهرة تحت شعار " إرادتنا أقوى من إرهابكم "، عند دوار الشهداء في مدخل قرية عرابة، رفع فيها المتظاهرون الأعلام الفلسطينية والإعلام السوداء، وصور لشهداء هبة القدس والأقصى، وشارك فيها والدا الشهيد أسيل عاصلة، والأمين العام للتجمع الوطني عوض عبد الفتاح، وعضو اللجنة المركزية داهش عكري وقيادة التجمع في قرية عرابة.

ورأى عوض عبد الفتاح، أمين عام التجمع"أن إحياء ذكرى هبة القدس والأقصى واجب وطني في ظل استمرار المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تبديد إنجازات الهبة السياسية والمعنوية، التي تعمدت بالدم قبل ثماني أعوام"، وقال "أن هذه المناسبة هي فرصة للتأكيد مجددا على ترابط الشعب الفلسطيني ووحدته ولتأكيد على الهوية الفلسطينية.

*قبيل انتفاضة اخرى؟

واسرائيليا –كتب عكيفا الدار في هآرتس-2008-08-28 يقول:"
"إن استمرت الطريقة المتبعة اليوم في عملية المفاوضات حتى النهاية، فسيسير الرئيس بوش أيضا في اثر سلفه بيل كلينتون الذي ألقى بفشل نموذج 2000 على ياسر عرفات، ويلقي بفشل نموذج 2008 على أبو مازن. 'ليس هناك شريك رقم واحد' هذا الشعار كان ضوءاً اخضر للانتفاضة الثانية. لا غرابة أنهم يتحدثون في المناطق عن الانتفاضة الثالثة".

اما المحلل غي بخور فكتب في معاريف:" هناك مخرج شبه وحيد من الضائقة الفلسطينية من شأنه أن يكون انتفاضة من نوع جديد او نشاط عسكري آخر ضد إسرائيل يمكنه أن يوحد القوى الفلسطينية من جديد".

وحسب التقديرات / المعطيات العسكرية / الأمنية الإسرائيلية الاحتلالية منذ مطلع /2006 فـ"إن انتفاضة الحجارة الفلسطينية قد تعود –مرة أخرى – " وأشارت تلك التقديرات إلى تصاعد العمليات الفلسطينية خلال المسيرات والمظاهرات ورشق الحجارة وإلقاء الزجاجات الحارقة "، وأضافت "أن هذه الظاهرة ستتصاعد في الشهور القادمة–صحيفة هآرتس ".

وكان المحلل العسكري في صحيفة يديعوت العبرية اليكس فيشمان قد كتب أيضا يقول: "إن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة ".
فهل نحن إذن في ضوء كل ذلك على أعتاب انفجار كبير مجدداً.. وان الانتفاضة الفلسطينية الثالثة قادمة لا محالة....؟!!
الأراضي الفلسطينية المحتلة حبلى بانفجار بركاني آخر أعتى وأشد وأوسع غضبا من كل ما سبقه من انفجارات...!

وتراكمات الغضب والقهر تصل إلى ذروة جديدة وعلى فوهة انفجار بركاني حقيقي إذا لم تتغير المسارات والأمور التي يبدو أنها على خلاف المنشود تتكرس...!.
وليس من شك أن ديناميكية الأحداث على الأرض الفلسطينية وفي قلب المشهد الفلسطيني هي الأقوى والأشد وطأة وتأثيراً، فهي أقوى من مليون اتفاق أو تفاهم أو تهدئة على الورق..!.

التعليقات