استشهدوا على باب البيت...

-

استشهدوا على باب البيت...
صدى انفجار يوم الجمعة الدامي ما زال يدوي، وما غاب الشهداء... ، والدموع لم تتوقف، والدم لم يجف .. والجرحى ما زالوا يئنون..... في شارع صلاح الدين قرب مستشفي الدرة شرقي مدينة غزة، وفي الساعة الثانية عشر ظهراً من يوم الثلاثاء، شهد الفلسطينيون جريمة أخرى لا تقل بشاعة. .

طائرة إسرائيلية قصفت سيارة من نوع فولكس كانت تقل مجموعة من المقاومين التابعين لسرايا القدس " الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " مما أدى إلى استشهادهم على الفور...

وبعد أن تجمهر الأهالي وشرعوا في انتشال جثث الشهداء وإخلاء الجرحى إلى جانب الطواقم الطبية التي هرعت إلى المكان ... أطلقت نفس الطائرة صاروخاً آخرا على نفس المكان....

أحد عشر شهيدا بينهم ثلاثة أطفال وأربعة من الطواقم الطبية وأكثر من عشرين جريحا حصيلة مجزرة الثلاثاء الدامي...

أربعة شهداء هم من عائلة المغربي، أدى الصاروخ الأول إلى خلع باب بيتهم المجاور لمكان القصف، شدة الانفجار أفزعت أهالي البيت والبيوت المجاورة، وفيما يحاول الأب تبين ما يحدث في الخارج، أطلق الصاروخ الثاني، فسقط شهيدا هو وابنه وابن أخيه اللذان لحقا به إلى باب البيت..

الأب أشرف المغربي وابنه ماهر وابن أخيه هشام وقريب لهم أحمد المغربي 7 أعوام، استشهدوا سوية كما عاشوا سوية وقتلوا في نفس المكان وبنفس آلة القتل، وعلى يد نفس القاتل...

عمل أشرف حلاقا وأعال أسرته المكونة من زوجته وأربعة أولاد، أحدهم استشهد معه، كان يفترض به أن يكون في مكان عمله في هذا الوقت، ولكنه تأخر على غير عادة، كي يلقى مصيره، وكأن القدر كان ينتظره من وراء الباب.

في خيمة العزاء التي أقامتها العائلة في ضاحية التفاح بغزة حضر مئات المعزين، والجثامين لم تحضر بعد، في خيمة العزاء التي لا يمكنها أبدا أن تتسع للحزن والأسى والغضب الذي ساد المكان وتملك الحاضرين.

تحدث أيمن المغربي شقيق أشرف وقال بسخرية المتألم:" الطيارون الإسرائيليون يمكنهم رؤية كل شيء بواسطة المناظير المتطورة المثبتة في طائراتهم، يمكنهم رؤية النملة وما تقوم به، ولكن حينما يتعلق الأمر بحياة الفلسطينيين، تتوقف التكنولوجيا عن العمل ويقتل الأبرياء هكذا بسهولة"!

نعم حينما يتعلق الأمر بالدم الفلسطيني تتغير كل المعادلات... لماذا لا يتوقف الإعلام الفلسطيني والعربي عند كل شهيد ويصنع منه حدثا جللا.. ولماذا تمر قوافل الشهداء دون أن تأخذ حقها ولو بالتغطية الإعلامية.. ولماذا لا نتوقف عند عالم كل واحد منهم؟

حينما يجرح إسرائيلي واحد تنبري كل وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى نشر صوره وإعداد تقارير عنه وإجراء مقابلات معه ومع ذويه ومع جيرانه ومعارفه ومع من مر عنه .....

ويتلقف الإعلام العالمي والعربي تلك الصور والمقابلات والتقارير ويبدأ ببثها ونشرها، وتأتي بثمارها، فما بال الجرحى الفلسطينيين وشهدائهم لا نعلم عنهم سوى عددهم؟

الأم، تلك الأم التي تصدرت صورتها أخبار المجزرة وهي ترفع يديها إلى الله، صورة قد تعبر عن الهم الفلسطيني أكثر من ملايين الكلمات، تلك الصورة كانت "عنوان الحدث"، تماما كما كانت هدى غالية " عنوان حدث يوم الجمعة الدموي".

والذي لا نعرفه بعد، أي صورة فلسطينية ستكون عنوان حدث الغد أو بعد غد؟

التعليقات