اعتداءات المستوطنين على فلسطينيي الخليل واقع يومي..

-

اعتداءات المستوطنين على فلسطينيي الخليل واقع يومي..

لا يعتبر الجزء الذي يصل إلى وسائل الإعلام من اعتداءات المستوطنين في الخليل استثناء، بل هو نمط حياة اضطر الفلسطينيون في الخليل للعيش مع مرارته وحول حياتهم إلى جحيم. معظم الاعتداءات على الفلسطينيين تحصل أمام أنظار جنود الاحتلال وأفراد شرطته، ويتعرضون لشتى صنوف التنكيل والتضييق والترهيب لجعل حياتهم شبه مستحيلة ودفعهم إلى الرحيل. في حين تمنح الامتيازات إلى "المارقين"، بقوة وسطوة جيش الاحتلال وقوانينه الجائرة، والذي من غير المتوقع أن يكون أقل شراسة من المستوطنين، وما الشكوى إليه حول ممارسات المستوطنين إلا مزيد من العبثية.

أضرم المستوطنون يوم الأربعاء الماضي النار بسيارة هاني أبو هيكل في حي تل الرميدة في اعتداء هو الرابع على سيارات العائلة خلال عدة أشهر، ويحدث ذلك على بعد أقل من عشرين مترا عن موقع عسكري لجنود الاحتلال وأمام أنظارهم.

إلى جانب استيلاء جنود الاحتلال على منازل الفلسطينيين في الأزمات وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، يستولى المستوطنون على المنازل والمباني العربية ويحولونها إلى بؤر استيطانية، وكان آخر هذه الاعتداءات الاستيلاء بالقوة على منزل عربي في الخليل قبل أسبوعين ونصف.

ورغم إعلان وزير الأمن الإسرائيلي يوم أمس، الخميس، عن قراره بإخلاء المستوطنين، إلا أن مصادر عسكرية إسرائيلية أوضحت أن وزارة الأمن ستسعى إلى العمل على إقناع المستوطنين بإخلاء المبنى بالتراضي والاتفاق حتى الثامن عشر من الشهر القادم. وبما أن ذلك لن يحصل أمام موقف المستوطنين المتصلب، لا يعول على قرار بيرتس ومثله مثل قراره بإخلاء البؤر الاستيطانية الذي ما زال حبيس الأدراج ولم يجرؤ على إخراجه إلى حيز التنفيذ. كما وأن المستوطنين لم يحترموا في الماضي قرارا للمحكمة العليا الإسرائيلية بإخلاء أحد المنازل فكيف سيلبون طلبا خجولا من وزير أمن تشير كل الدلالات على أنه لن يكون في منصبه بعد شهرين أو ثلاثة.

قبل عدة أسابيع التقطت عدسة أحد المصورين فتاة صغيرة (مستوطنة) تقترب من طفل فلسطيني وقف على باب منزله ينظر إلى مسيرة عيد المساخر اليهودي في الخليل، وبصقت عليها وواصلت مسيرها. وما المشهد الذي عرض في وسائل الإعلام حول اعتداء المستوطنة، يفعات ألكوبي،على امرأة فلسطينية إلا تعبير عن ممارسات يومية تدل على درجة الانحطاط والسقوط لدى المستوطنين في الخليل ويجري التعبير عنها يوميا أمام مرأى ومسمع جنود الاحتلال.

أحرقت سيارة هاني أبو هيكل في حي تل رميدة في الخليل يوم الأربعاء الماضي. ويقول أبو هيكل أنه أوقف سيارته قرب كرم الزيتون القريب من بيته لأنه يمنع على الفلسطينيين إدخال سياراتهم إلى الحي. وبعد فترة قصيرة من دخوله إلى منزله اتصل جيرانه وأبلغوه أن سيارته تشتعل فيها النيران وأنهم رأوا مستوطنين قرب السيارة عندما بدأت بالاشتعال..

ويوضح أبو هيكل أنها السيارة الرابعة للعائلة التي يضرم المستوطنون بها النار خلال الأشهر الأخيرة، والمرة الثانية خلال عام 2007. ويقول"بعد أن وصلت البيت قال لي الجيران أن المستوطنين أحرقوا لي السيارة. ولم أصدق أن ذلك سيحدث بهذه السرعة. على بعد 29م من مكان توقف السيارة هناك موقع عسكري للجيش الإسرائيلي يتواجد به حوالي 20 جنديا بشكل دائم. وعلى مقربة من المكان هناك منزل لعائلة فلسطينية عادة ما يقوم الجنود باحتلاله في الأزمات أو في الأعياد اليهودية ويحولونه إلى ثكنة عسكرية. لقد رأيت الجنود بأم عيني، ولا يمكنهم أن لا يروا المستوطنين الذي أحرقوا السيارة.

وقام أبو هيكل على عجل باستدعاء سيارة الإطفاء لإنقاذ سيارته، ولكنه فوجئ أن الجنود رفضوا السماح لسيارة الإطفاء بالاقتراب من مكان الحريق بزعم أن "المنطقة إسرائيلية" ويمنع على سيارات الإطفاء الفلسطينية الدخول إلى المكان. ويضف: انتظروا إلى أن التهمت النار السيارة بشكل كامل ثم وافقوا على دخول سيارة الإطفاء أي حينما لم يعد أي داع لدخول الإطفاء..

ورغم أن مركز شرطة الاحتلال في الخليل صد محاولة شقيقته تقديم شكوى بحجج واهية وأغلق الشرطي سماعة الهاتف زاعما أنه لا يوجد في القسم من يمكنه تلقي شكوى باللغة العربية، لجأ أبو هيكل إلى جمعيات لحقوق الإنسان وللصليب الأحمر الدولي، من أجل أن يتمكن من تقديم شكوى. شكوى مصيرها مجهول كمصير شكاوي كثيرة سبقتها واعتداءات كثيرة على السكان وممتلكاتهم .

ويعبر أبو هيكل عن مرارته: هذه هي السيارة الرابعة الذي أحرقت لنا في الأشهر الأخيرة، ودائما المستوطنون هم من يقومون بذلك أمام أنظار الجنود، دون أن يحركوا ساكنا..
وقال أبو هيكل رغم الاهتمام الإعلامي، تنكيل المستوطنين في منطقة تل الرميدة هو أمر يومي ودائم ولم يتوقف ذات يوم. المشكلة أن كل ذلك يحدث أمام أعين الجنود ودون أي رد فعل من قبل الشرطة. لا يمكن بأي حال من الأحوال ألا يرى الجنود المستوطنين حينما يشعلون النار في السيارة.

أبو هيكل حالة واحدة، والمآسي كثيرة. لا يوفر المستوطنون أي وسيلة اعتداء ضد الفلسطينيين إلا ويمارسونها، أشياء قد تخطر على البال وأخرى من عالم الشياطين والوحوش البشرية. الشتائم وكتابة العبارات العنصرية على الجدران ورشق الفلسطينيين بالحجارة والزجاجات الفارغة والنفايات القذرة والقضبان الحديدية والتبول في خزانات المياه .. وإرهاب ليلي يطرد النوم من عيون الأطفال... كل هذا هو فقط جزء من واقع الفلسطينيين اليومي في وسط الخليل؛ ويحدث أمام عيون، بل تحت حماية جنود الاحتلال..




التعليقات