بمشاركة د.بشارة ود.زحالقة: اختتام مؤتمر لندن حول اليسار في فلسطين..

د.بشارة: أزمة اليسار قيمية وقيادية في جوهرها * د.زحالقة: يجب مقاومة تجزئة شعبنا والتمرد عليها * عرين هواري: الصهيونية فكر وممارسة كولونيالية وعنصرية ضحيتها جميع أبناء شعبنا..

بمشاركة د.بشارة ود.زحالقة: اختتام مؤتمر لندن حول اليسار في فلسطين..
اختتم يوم أمس، الأحد، في العاصمة البريطانية مؤتمر حول اليسار في فلسطين، نظمته الجمعية الفلسطينية في جامعة "سواس" (أكاديمية الدراسات الشرقية والأفريقية).

استمر المؤتمر يومي السبت والأحد، وقدم العشرات من الناشطين السياسيين والأكاديميين مداخلات حول الموضوع. وغصت القاعة الكبرى بحشد كبير من الطلاب، يزيد عن 500 مشارك، بالإضافة إلى الأكاديميين المحاضرين في الجامعات والناشطين السياسيين وحركات التضامن مع الشعب الفلسطيني.

د.عزمي بشارة: ما يجب أن يميز اليسار هو منظومة القيم التي تعطي اليسار مبرر ومعنى الوجود وبوصلة لعمله ودوره

افتتح المؤتمر بكلمة عبر الفيديو من المفكر د.عزمي بشارة، تطرق فيها إلى مفهوم اليسار ودور اليسار عموما، وتحديدا في الحالة الفلسطينية. ووجه د.بشارة انتقادات للموقف المحايد أو المساواة بين سلطة تتعاون مع الولايات المتحدة وتنسق مع إسرائيل أمنيا، وبين من يقاوم الاحتلال.

وقال د.بشارة إن ما يجب أن يميز اليسار ليس ما يسمى بـ"المنهج التحليلي العلمي"، وإنما منظومة القيم التي تعطي اليسار مبرر ومعنى الوجود، وهي بوصلة عمله ودوره.

وقال بشارة إن أزمة اليسار هي في جوهرها قيمية قيادية.

وأثارت كلمة بشارة أصداء واسعة في المؤتمر، وتطرق معظم المتحدثين إلى ما جاء فيها، وتحولت القضايا التي طرحها بشارة إلى محاور نقاش مركزية في المؤتمر.

بعد كلمة د.بشارة عقد في المؤتمر 7 ندوات، استمرت يومين. وكانت الجلسة الأولى حول اليسار في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني، تحدث فيها موسى البديري ولينا الصافي ولينا دلاشة.

ليلى خالد تتحدث بواسطة الفيديو بعد أن منعتها السلطات البريطانية من الوصول

وكانت الجلسة الثانية حول اليسار الفلسطيني في الشتات، افتتحتها ليلى خالد، عبر الفيديو بعد منعها من الوصول من قبل السلطات البريطانية، بمداخلة حول دور اليسار في الحراك الاجتماعي والسياسي في مخيمات اللاجئين، استعرضت فيها تاريخ عمل اليسار في المخيمات ونشاطه السياسي والاجتماعي فيها، وتجنيده للشباب الفلسطيني في صفوف الثورة منذ عام 1967 حتى مطلع القرن الحادي والعشرين.

وقدم الباحث جميل هلال مداخلة حول إعادة صياغة اليسار الفلسطيني، واستعرض أبحاثه في هذا الموضوع، واستطلاعات ومقابلات قام بها في صفوف قيادات وكوادر فصائل اليسار الفلسطيني.

ثم قدم المحاضر اللبناني جيلبرت أشقر حول استراتيجيات اليسار عبر العقود الأربعة الماضية، وتجربته في العلاقة مع اليسار الفلسطيني.

د.زحالقة: هناك حاجة لملء الفراغ السياسي بتيار وطني ديمقراطي مركزي يكون لليسار دور هام فيه

أما الجلسة الثالثة فقد خصصت لليسار الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. ترأست الجلسة دينا مطر، وتحدث فيها محمد جرادات حول دروس الانتفاضة الأولى، وتوفيق حداد حول اليسار في مرحلة ما بعد أوسلو، واعتماد مهنا من قطاع غزة حول صعود حماس وتراجع الفكر اليساري.

وتحدث د.جمال زحالقة، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديمقراطي، حول العلاقة بين اليسار الفلسطيني في الداخل، وفي الضفة الغربية بين الفصل والتواصل.

وقال زحالقة في كلمته إن الشعب الفلسطيني هو الشعب الوحيد في العالم الذي يقع ضحية تقسيم وتجزئة مستمرة منذ النكبة. فالشتات مفصول عن الوطن، وغزة محاصرة ومفصولة عن الجميع، والقدس معزولة عن الضفة الغربية، والضفة الغربية مجزأة ومفصولة عن القدس وقطاع غزة، وفلسطينيو الداخل محرومون من التواصل مع أبناء شعبهم وأمتهم.

وأكد زحالقة على أن "دورنا الوطني هو في عدم الخضوع لهذا التقسيم، فالكل مسؤول عن الكل، وكل موقف يتخذ وكل عمل يقام به يجب أن يأخذ بعين الاعتبار إسقاطاته على باقي أبناء الشعب الفلسطيني. وهنا يجب أن نبحث عن وسائل لمقاومة التجزئة والتمرد عليها".

وتطرق زحالقة إلى وضع اليسار الفلسطيني في الضفة الغربية وعموم أبناء الشعب الفلسطيني، قائلا إن هناك فراغا سياسيا كبيرا، وإن أغلبية الشعب الفلسطيني لا ترى في حماس أو في السلطة الفلسطينية ممثلا لطموحاتها السياسية والوطنية، وأن هناك حاجة لملء هذا الفراغ بتيار وطني ديمقراطي مركزي يكون لليسار دور هام فيه، بما يشابه المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي شكل جبهة وطنية عريضة، وكان لليسار دور مركزي وحاسم فيها.

وأضاف إن استمرار القمع الإسرائيلي واستمرار خنق الشعب الفلسطيني سيؤدي إلى انفجار انتفاضة ثالثة. وإذا أراد اليسار أن يلعب دورا عليه أن يوحد صفوفه بسرعة، ويبني جبهة وطنية عريضة قادرة على ملء الفراغ القائم.

يذكر أن الإذاعة البريطانية قد نشرت مقاطع واسعة من كلمة د.زحالقة خلال الجلسة الثالثة.

عرين هواري: المعركة الاستراتيجية هي ضد الصهيونية

أما الجلسة الرابعة فدارت حول اليسار الفلسطيني في الداخل، وترأسها المحاضر بشير المغني، وتحدثت فيها باسم التجمع السيدة عرين هواري، وقدمت عرضا لتاريخ ومواقف التجمع تحت عنوان "الديمقراطية في مواجهة الصهيونية". وأكدت هواري على أن المعركة الاستراتيجية هي ضد الصهيونية، منوهة إلى أن الصهيونية ليست فكرا فقط، وإنما ممارسة كولونيالية وعنصرية، ضحيتها كل أبناء الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن مواقعهم ومواقفهم.

ومن جهته استعرض السيد عصام مخول مواقف الحزب الشيوعي الإسرائيلي تحت عنوان "أجوبة أممية في صراع قومي حاد". أما د.أحمد سعدي فاستعرض بحثا قام به بعنوان "الشيوعية والصهيونية: إشكالية العلاقة".

د.أحمد سعدي: الحركة الصهيونية تثق بالحزب الشيوعي الإسرائيلي وتاريخ العلاقة والوثائق يؤكدان ذلك

وتطرق د.سعدي إلى بحث حول دور الحزب الشيوعي في إقامة إسرائيل في الفترة ما بين أواسط الأربعينيات حتى الخمسينيات من القرن الماضي، مستندا إلى وثائق من الأرشيف. وقال في محاضرته إن الحركة الصهيونية تثق بالحزب الشيوعي لأسباب تاريخية وأيديولوجية، وإن استعراض تاريخ العلاقة والوثائق يؤكدان ذلك.

"اليسار المعادي للصهيونية وليس اليسار الإسرائيلي"

وافتتحت جلسات اليوم الثاني بندوة حول اليسار المعادي للصهيونية في إسرائيل. وقد تغير عنوان الجلسة بناء على طلب د.موشي مخوبر الذي مؤسس حركة "متسبين"، والذي رفض تسمية "اليسار الإسرائيلي المعادي للصهيونية". وقال في مداخلته إن السلام مستحيل بدون التخلص من الصهيونية. وإن هذا يتطلب تغييرا جذريا في المشرق العربي، وعدم الخضوع للتقسيمات الاستعمارية من "سايكس بيكو" وما تلاها.

وتلاه الدكتور شالوم شطريت مؤكدا بأنه يعرف نفسه كعربي يهودي، وأن جذوره العربية، بوصفه مهاجرا من المغرب، هي مكون مركزي في وعيه لذاته. وأكد شطريت على أن اليهود الشرقيين هم ضحية الصهيونية الأشكنازية التي هي حركة كولونيالية استغلت اليهود الشرقيين لتحقيق أهدافها. وقال "يخطئ من يظن أن اليهود الشرقيين قد اندمجوا بالكامل في إسرائيل"، مشيرا إلى أنه بات لديهم هوية منفصلة تعبر عن نفسها بشكل مشوه، من خلال دعم حركة "شاس" مثلا.

واستعرض ميخائيل فارشافسكي تاريخ حركة "متسبين"، ودورها وتأسيسها للأرضية التي أنبتت حركات شبابية متضامنة مع الشعب الفلسطيني، مثل المتظاهرين ضد جدار الفصل العنصري في بلعين.

وقدمت هدار جاريتسكي مداخلة بعنوان "من تل أبيب إلى بلعين: اليسار الراديكالي ينضم للنضال الفلسطيني الشعبي".

وتمحورت الجلسة السادسة حول اليسار الفلسطيني في الأدب، وقدمت فيها مداخلات من قبل؛ سهير داوود عن "الأدب كمقاومة"، و صبري حافظ حول "بناء الهوية والمطالبة بالأرض: الشعر الفلسطيني يفكك الأسطورة الصهيونية"، وبشير أبو منه حول "البعد الثوري في أدب غسان كنفاني".

الجلسة السابعة والأخيرة كانت طاولة مستديرة حول برنامج اليسار في النضال الفلسطيني. أدار الجلسة جيلبرت أشقر، وتحدث فيها كل من: عرين هواري وجميل هلال وعصام مخول ومحمد جرادات وجمال زحالقة. وافتتحت بمداخلة عبر الفيديو من جمال جمعة، الذي منعته السلطات الإسرائيلية من مغادرة البلاد.

د.زحالقة يفتتح أسبوع مناهضة الأبرتهايد

تجدر الإشارة إلى أن د.زحالقة يشارك في أسبوع مناهضة الأبرتهايد الإسرائيلي، ويلقي محاضرات في جامعة أوكسفورد اليوم الإثنين، وفي جامعة كامبردج يوم غد الثلاثاء، ويغادر بعدها إلى كندا حيث سيلقي محاضرة في عدد من الجامعات الكندية.
ونشرت صحيفة "هآرتس" عن في "الأسبوع الدولي للأبرتهايد الإسرائيلي" وأشارت إلى أنه من المتوقع أن تشارك 40 جامعة على الأقل في مدن مختلفة في أنحاء العالم، اليوم الإثنين، وذلك بفعاليات متنوعة تشمل المحاضرات وعرض الأفلام وعروض ثقافية، ومظاهرات أيضا.

وأشارت إلى مشاركة إسرائيليين في الأسبوع، وفي المقابل أبرزت معارضة منظمات يهودية في بريطانيا للأسبوع، وإدانة البرلمان الكندي.

كما أشارت إلى أنه منذ العام 2005 تحول "أسبوع مناهضة الأبرتهايد الإسرائيلي" إلى مناسبة عالمية مهمة جدا في التضامن مع الشعب الفلسطيني، وذلك بهدف تجنيد الرأي العام العالمي ضد الأبرتهايد الإسرائيلي، وتعزيز التأييد لحملة المقاطعة وفرض عقوبات على إسرائيل.

في المقابل، كتبت صحيفة "معاريف" تحت عنوان "النائب جمال زحالقة نجم المؤتمر ضد إسرائيل"، أن د.زحالقة سيكون ضيف الشرف والمحاضر في ثلاثة فعاليات من ضمن الفعاليات التي تستمر على مدى أسبوعين.

ونقلت الصحيفة عن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، قوله إن لم يفاجأ بدور زحالقة المركزي، واعتبر أن هذه الفعاليات تأتي بهدف التحريض ضد إسرائيل. وأضاف أن الخارجية الإسرائيلية ستواصل حربها على هذه "الظاهرة" بكافة الأدوات المتوفرة لديها، على حد تعبيره.

وعبرت مصادر في الخارجية الإسرائيلية عن خيبة أملها من كون منظمات الطلاب اليهودية غير فعالة بشكل كاف ولم تنظم أنفسها في مواجهة "أسبوع الأبرتهايد".

التعليقات