سعدات في حوار من سجنه: التشريعي مطالب بالمساءلة عن الإعتقال السياسي في أريحا

-

سعدات في حوار من سجنه: التشريعي مطالب بالمساءلة عن الإعتقال السياسي في أريحا
أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على ضرورة أن تجرى الانتخابات في موعدها المحدد 17تموز المقبل، ولا تجد الجبهة أي مبرر لتأجيل الانتخابات التشريعية وهي متمسكة بهذا الموعد، وفي نفس الوقت تتفهم الجبهة الشعبية قضية تأجيل الانتخابات إذا كان هناك أسباب فنية تستدعي التأجيل، على ان يكون التأجيل لمدة أسابيع، وترفض أن تؤجل الانتخابات إلى اجل غير مسمى.

(الريماوي) التقى مع الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين احمد سعدات في داخل سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية وأجرى الحوار التالي:

س- كيف تقرأون عدم حصول الجبهة الشعبية على مقاعد في مجالس البلديات في قطاع غزة ؟

سعدات: الأمر مربوط بقانون الانتخابات، وقانون الانتخابات الذي لا يعتمد على التمثيل النسبي، ويعتمد على الأغلبية النسبية، هذا لا يعكس النسب الحقيقية لتواجد الفصائل الفلسطينية، فالجبهة الشعبية حصلت في الانتخابات الأولى للبلديات في قطاع غزة على ما نسبته 17.5% من أصوات الناخبين في المناطق التي قدمت فيها الجبهة قوائم لانتخابات البلدية، وحصلت على مقعد واحد. والخلل يكمن في القانون الانتخابي، الذي يتطلب الان إجراء تعديله واعتماد قانون التمثيل النسبي، والقانون النسبي هو القادر على ان يعطي كل قوة اجتماعية او سياسية ما تمثله عمليا على الأرض.

س- طالب الرئيس الفلسطيني بالتمثيل النسبي مئة بالمئة، والفصائل الفلسطينية اتفقت بالقاهرة على نسبة 50% و50% دوائر لانتخابات التشريعي، وهناك من يشير الى تغيير موضوع الدوائر الى ثلاث دوائر في الضفة الغربية ودائرتين في غزة، في إطار قانون انتخابي جديد؟

سعدات: الجبهة الشعبية منذ البداية دعت الى ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية على أساس قانون التمثيل النسبي، لقدرة هذا القانون على ملائمة الوضع الفلسطيني السياسي وإعطاء الانتخابات مضمونها السياسي الحقيقي. المهم هو العمل على إجراء تعديل القانون على أساس التوافقات التي تم تحقيقها في حوارات القاهرة، والنظام المختلط بين "نظام التمثيل النسبي ونظام الدوائر" يعكس تفاهمات حوارات القاهرة. الجبهة مع أي نظام يعتمد على التمثيل النسبي سواء تم اعتبار الوطن دائرة واحدة وهذا الجبهة ما تفضله، او باعتبار الوطن مجموعة دوائر، وكلما تقلص عدد الدوائر كلما كان هناك فرصة أفضل لعكس التمثيل الحقيقي لنسب القوى، وتوفير فرصة أفضل لمشاركتها في القرار السياسي وفي عضوية المجلس التشريعي الفلسطيني.

س- بغض النظر عن إجراء الانتخابات في تموز القادم او في مرحلة لاحقة، ما هي رؤية الجبهة الشعبية لصيغة التحالفات وان كان ذلك في الإطار العام، وهل تعتبرون تحالف قوى اليسار له الأولوية ام تحالف في إطار منظمة التحرير؟

سعدات: هناك ثلاث قوى موجودة على الأرض الفلسطينية "قطب السلطة الفلسطينية وما تمثله من رؤية سياسية وبرنامج، التيار الإسلامي وما يمثله من واقع ومن برامج، التيار الديمقراطي الثالث الذي يتمايز عن موقف السلطة الفلسطينية وموقف التيار الإسلامي. والتيار الثالث متمايز في موقفه من القضايا الاجتماعية وعملية البناء الداخلي الفلسطيني، الجبهة الشعبية حددت موقفها وطرحت رؤيتها في الانتخابات الرئاسية، وترتكز الجبهة على ضرورة ان تقود المعركة الانتخابية وفق أوسع تحالف يساري ديمقراطي على قاعدة وضوح البرنامج السياسي والديمقراطي المجتمعي.

س- هل هناك إمكانية لإجراء انتخابات المجالس البلدية التي تبقت وفق قانون انتخابي جديد يأخذ بعين الاعتبار التمثيل النسبي؟
سعدات: القانون الانتخابي للمجالس البلدية والمحلية يقرره المجلس التشريعي، فإذا رأى المجلس التشريعي ان القانون الانتخابي الراهن الذي جرت بموجبه انتخابات المرحلة الأولى والمرحلة الثانية للمجالس المحلية، لا بد من تعديله، فالمطلوب ان يأخذ هذا المنحى ويجري المجلس التشريعي تعديل القانون، ومن ناحية عملية فمن الممكن تعديل القانون، فمن قرر القانون القديم يستطيع ان يعدل القانون وبالتالي ان يعتمد التمثيل النسبي كأساس للانتخابات.

س- الانتخابات تهدف الى تغيير الوضع الفلسطيني الداخلي، لماذا ينشغل الفلسطينيون بعضهم ببعض بخصوص الانتخابات؟

سعدات: الانتخابات تشكل ضرورة وطنية ملحة وديمقراطية من اجل بناء وتصليب الوضع الداخلي، والوضع الفلسطيني الداخلي يحتاج الى تغيير وإعادة بناء، وهناك طريقتان لإعادة البناء، إما الحرب الأهلية وهذا المنطق مرفوض لانه لا يستجيب لمصلحة الشعب الفلسطيني ولا تعكس المصلحة الوطنية العليا، ولا يضع الشعب الفلسطيني على الطريق الذي تقوده لتحقيق تطلعاته، والدم الفلسطيني محرم والاقتتال الداخلي أيضا محرم. فتبقى الطريقة الثانية وهي طريقة الانتخابات، طريقة حضارية والتي يمكن عن طريقها إجراء التغييرات وان يقوم الشعب الفلسطيني باختيار من يمثله ،جهة سياسية او أفراد.

س- هل بالامكان طرح فكرة انتخاب المحافظين؟

سعدات: الجبهة لن تدخل في قضية انتخاب المحافظين، فإذا كان هناك سلطة تنفيذية منتخبة على أساس صحيح، وإذا توفر المنهج السياسي، ومنهج للإدارة يعتمد على سلطة المؤسسات، تصبح مسـألة انتخاب المحافظ او عدم انتخابه مسألة شكلية، ومسألة انتخاب المحافظ او أي فرد في أي موقع مسؤول ليست هي المسـألة الأساسية، فالجبهة ترى الأساس بالنظام السياسي، وطالما كان النظام السياسي يعتمد في نظام عمل المؤسسة على "شفافية مستندة الى المساءلة والمحاسبة" ومنتخب ديمقراطيا (التشريعي، التنفيذية) على أساس الانتخاب المباشر من الشعب وعلى أساس نظام انتخابي سليم، فان مسألة تعيين هذا المسؤول او ذاك في هذا الموقع او ذاك تبقى عملية شكلية.

س- المجلس التشريعي ناقش قضية المعتقلين السياسيين في سجن أريحا متطرقا الى قرارات محاكم سابقة بضرورة الإفراج عن بعض المعتقلين؟

سعدات: الجديد هو الذي تم طرحه في المجلس التشريعي الفلسطيني، ونقاش قضية معتقلي سجن أريحا جاءت متأخرة ، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح، وكان على المجلس التشريعي ان يناقش هذه القضية منذ فترة طويلة "وقت الاعتقال او بعد اتخاذ قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية"، وكان على المجلس ضرورة مساءلة السلطة التنفيذية عن سبب الاعتقال أولا، عن الخلفيات القانونية ومبرراته من زاوية وطنية، وهذا ما لم يقم به المجلس التشريعي في حينه. وكان من الضروري على المجلس التشريعي ان يقف ويسأل السلطة التنفيذية لماذا لم تقم بتنفيذ قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية، وكان على المجلس التشريعي ان يدفع ويضغط باتجاه تنفيذ قرار محكمة العدل العليا الفلسطينية.
والمعتقلون في سجن أريحا يطالبون بان يعرفوا وان يعرض عليهم مضمون التفاهم او الاتفاق السياسي الذي شكل أساسا لصفقة أوسلو، ويرغبون بمعرفة لماذا يعتقلون في سجن أريحا تحت إشراف دولي أمريكي وبريطاني، وسئل العديد من المسؤولين الفلسطينيين ولم يتلق المعتقلون أية إجابة. ويطالب المعتقلون السياسيون المجلس التشريعي ان يواصل ويتابع عملية المساءلة حتى يكرس في الواقع الفلسطيني عملية مساءلة حقيقية ومنهجية في المجتمع كأساس لبناء سليم لكل مؤسسات الشعب الفلسطيني وتصويب الأداء بما في ذلك السلطة الفلسطينية.

س- شارون يصف الاتفاقات العربية لا تساوي ثمن الورق الذي كتبت عليه؟

سعدات: هكذا تفكر إسرائيل دائما. وينظر شارون إلى هذا الإتفاق أو ذاك بحسب قربه او بعده عن موقفه السياسي ومشروعه، شارون يسعى لفرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني وعلى المجتمع الدولي، ويسعى لتطبيق مشروعه سواء كان عبر شريك فلسطيني كما يسميه او بدون شريك. في رأس شارون مشروع واحد هو مشروع الحل الانتقالي طويل الأمد، والجدار الفاصل الذي يستكمل بناءه على الرغم من قرار محكمة لاهاي وتوصيات المحكمة، وعلى الرغم من قرار الجمعية العامة الذي ثبت توصيات محكمة لاهاي، ورغم أن العالم يعترض على الاستيطان وبناء الجدار يستمر شارون في بناء الجدار وتوسيع المستوطنات.

وقال سعدات ان الاتفاقات والتفاهمات التي يبرمها شارون مع السلطة الفلسطينية فهي لا تساوي الحبر الذي كتبت به بالنسبة للشعب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني غير معني بمواقف شارون، بل بوقوف العالم وقفة جدية وصحيحة، ويضع إسرائيل تحت رقابة القانون الدولي وليس فوق القانون الدولي. والشعب الفلسطيني يناضل من اجل تثبيت القانون الدولي حتى يستطيع العالم أن يأخذ الموقف الصحيح باتجاه تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وإنصاف الشعب الفلسطيني بإعطائه حقوقه الوطنية المشروعة.

س- شارون يربط تطبيق خطة خارطة الطريق بوقف المقاومة وتفكيكها وجمع الأسلحة؟

سعدات: الجبهة لها موقف واضح بخصوص المقاومة الفلسطينية عندما طرح موضوعة التهدئة، فالجبهة لم تجد ان مجمل التفاهمات التي عقدت مع العدو الصهيوني تشكل أساسا صالحا لبناء موقف فلسطيني عام للتهدئة، فوقف المقاومة والهدنة يجب ان يرتبطا بطرح مشروع سياسي متوازن يستجيب لقررات الشرعية الدولية ويعمل على تنفيذها، وليس وضعها على طاولة النقاش من اجل النقاش في مضامينها ونصوصها كما جرت العادة في منهج اوسلو، فالمشروع السياسي المطروح حاليا هو خارطة الطريق، وبعد ان وافق العالم على خطة شارون ودعا الى اعتبارها جزءا من خارطة الطريق، نسفت خارطة الطريق وأصبحت تعديلات شارون على خارطة الطريق هي الأساس، وما ينوي تطبيقه شارون على الأرض "خطة الفصل أحادي الجانب" وهي خطة شارون لفرض الحل الانتقالي طويل الأمد على الشعب الفلسطيني، وسلخ 50% من مساحة أراضي الضفة الغربية وضمها للكيان الصهيوني وتحويل غزة لسجن كبير بعد إعادة الانتشار منه وتفكيك المستوطنات.

س- القدس تئن تحت ضربات الاحتلال كيف يمكن إنقاذ القدس؟

سعدات: القدس يتم إنقاذها من خلال الاستمرار بالمقاومة ورفض الإجراءات الإسرائيلية والاستمرار بالنضال ضد جدار الفصل العنصري والسعي الى تطبيق توصيات محكمة لاهاي، التي اعتبرت القدس جزءا من المناطق العربية التي احتلت عام 1967 ، والقدس منطقة محتلة لا يجوز ضمها حسب قرارات الشرعية الدولية، ولا يحق لأحد ان يسلخها عن الضفة الغربية، ولا يمكن للشعب الفلسطيني ان يقبل بتغيير واقع مدينة القدس، والشعب متمسك بقرارات الشرعية الدولية الخاصة بمدينة القدس وبالقضية الفلسطينية، والتعاطي مع خطة شارون سيؤدي الى فرض منطق شارون على الوضع الدولي، وقد تصبح القدس جزءا من الحقائق التي يتعاطى معها الوضع الدولي. لذلك على الفلسطينيين مقاومة مشروع شارون وبرنامجه الاستيطاني الذي يستند على موازين القوى الدولية الحالية. والمطلوب فلسطينيا هو العمل على إيجاد مشروع سياسي متوازن يستند لمنهج المقاومة الشعبية، بإدارة سياسية ودبلوماسية لفضح جرائم العدو الصهيوني، وفضح الإجراءات العملية التي يقوم بها شارون على الأرض وتعدياته على الأرض من خلال الاستمرار بالاستيطان والاستهتار بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، وعلى الفلسطينيين لعب دور دبلوماسي وسياسي على المستوى الدولي لاتخاذ مواقف دولية جريئة تلزم العالم على توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومن جهة أخرى تلزم إسرائيل بالانصياع لإرادة المجتمع الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.


(عبد الرحيم الريماوي- القدس المحتلة)

التعليقات