مساحة المستوطنات ازدادت بنسبة 173% خلال العقدين الماضيين وتضاعف عدد المستوطنين..

المساحات العمرانية للمستوطنات في 5 محافظات من أصل 11 أكثر من مساحة العمران الفلسطيني وهي محافظات القدس، أريحا والأغوار، قلقيلية، سلفيت وطوباس..

مساحة المستوطنات ازدادت بنسبة 173% خلال العقدين الماضيين وتضاعف عدد المستوطنين..
أكدت دراسة ميدانية أعدها معهد الأبحاث التطبيقية القدس "أريج" إن كيان الاحتلال عزز المخطط الاستيطاني في الضفة الغربية من خلال تكثيف البناء غير الشرعي وفرض السياسات المجحفة بحق الفلسطينيين، وخاصة في مدينة القدس التي كانت وما زالت الهدف الرئيس للسياسات الاستيطانية الإحتلالية، إذ تفاقم الاستيطان في العقدين السابقين بشكل مضاعف فقد كانت المساحة العمرانية للمستوطنات في العام 1990 (69) كيلومترا مربعا من مساحة الضفة الغربية في حين بلغت في العام 2008 نحو 188 كلم مربع أي بزيادة قدرها 173%.

وينطبق هذا التضاعف على عدد المستوطنين حيث بلغ في العام 1990 حوالي 240 ألف مستوطن في حين وصل عددهم اليوم إلى أكثر من 500 ألف أي بزيادة قدرها 109%.

وأشارت الدراسة الى ان الكثافة الفلسطينية وهي 2.5 مليون نسمة تفوق بشكل كبير كثافة السكانية للمستوطنين بمجموع 8537 شخصا لكل كيلومتر مربع واحد، مقابل 1025 مستوطنا ضمن مناطق السيطرة للمستوطنات الإحتلالية بحسب المخططات الهيكلية لتلك المستوطنات.

وأوضح معهد "أريج" أنه في أعقاب اتفاقية أوسلو في العام 1994 تم تقسيم مناطق الضفة الغربية إلى ثلاثة تصنيفات هي "أ" وتشكل 17.8% من مساحة الضفة الغربية، ويتمتع فيها الفلسطينيون بسيطرة إدارية وأمنية، و"ب" وتشكل 18.2% من مساحة الضفة الغربية، ويتمتع الفلسطينيون بسيطرة إدارية فقط، وأما السيطرة الأمنية فهي لدولة الاحتلال، ومناطق "ج" وتشكل ما نسبته 61% حيث يحظى الفلسطينيون بسلطة خدماتية فقط، أما فيما يتعلق بالسيطرة الإدارية للأراضي والأمن فهي للاحتلال، هذا بالإضافة إلى ما مساحته 3% وهي مناطق طبيعية يفترض أنها تحت السيطرة الفلسطينية.

وبحسب الاتفاقية الموقعة كان على دولة الاحتلال أن تقوم بإعادة تصنيف الأراضي "ب" إلى أراضي "أ" وتحويل معظم الأراضي المصنفة "ج" إلى أراضي "أ" تحت السيطرة الفلسطينية بحلول العام 1999 باستثناء قضايا الحل الدائم منها القدس والمستوطنات. غير أن دولة الاحتلال رفضت مرة أخرى التسليم بما تم الاتفاق عليه وشرعت وبشكل آحادي بإعادة بلورة الاتفاق ليتماشى وما قد فرضته على الأرض من بناء استيطاني وسيطرة على الموارد الطبيعية وصولا إلى بناء جدار الفصل العنصري.

وأكدت الدراسة أن دولة الاحتلال نجحت بفرض الوجود الاستيطاني في الضفة الغربية بشكل كبير وتحديدا في المحافظات التي تعتبر ذات أهمية إستراتيجية لإسرائيل حيث بلغت المساحات العمرانية للمستوطنات في 5 محافظات من أصل 11 أكثر من مساحة العمران الفلسطيني وهي محافظات القدس، أريحا والأغوار، قلقيلية، سلفيت وطوباس، وبالرجوع إلى العام 1991 حين قامت الإدارة المدنية الإحتلالية بتحديد مخططات هيكلية للمستوطنات بما في ذلك القدس لتكون مناطق التوسع والبناء الإحتلالي، اتضح بان المساحات المحددة لتلك المستوطنات تفوق تلك الموجودة للفلسطينيين في 8 من أصل 11 محافظة وبمجموعها العام.

الجدار الفاصل وقرار محكمة لاهاي

وتطرقت الدراسة إلى قرار محكمة لاهاي الصادر بتاريخ 9 تموز/يوليو من العام 2004 بشأن جدار الفصل العنصري الذي لم يكن إلا تعبيرا عن استياء ورفض المجتمع الدولي لما تقوم به دولة الاحتلال من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي والإنساني بحق الفلسطينيين وأرضهم، ودعا القرار الاحتلال إلى هدم ما قامت به من إنشاءات وبناء لمقاطع الجدار الفاصل وجبر الضرر عن ما قامت به من أضرار في الأراضي الفلسطينية، كما اعتبر القرار أن بناء الجدار غير شرعي وأن كافة النشاطات الاستيطانية غير قانونية وتتنافى والقانون الدولي، لكن دولة الاحتلال لم تأبه لما دعت إليه المحكمة الدولية، ومضت قدما في بناء الجدار الفاصل وقامت منذ صدور قرار المحكمة بزيادة طول الجدار من 645 كيلومترا إلى 770 كيلومترا أي بزيادة قدرها 125 كيلومترا (20%). وزيادة مساحات الأراضي الفلسطينية المعزولة وراء الجدار مما كانت عليه في العام 2004 من 633 كيلومترا مربعا إلى 733 كيلومترا مربعا أي بزيادة قدرها 100 كيلومترا مربعا (16%). واقتلاع ما يزيد عن 650 ألف شجرة مثمرة. وزيادة عدد الحواجز العسكرية من 383 حاجزا في العام 2004 إلى 742 حاجزا. وإصدار عطاءات لبناء استيطاني وإضافة وحدات سكنية جديدة تزيد عن 200 ألف وحدة سكنية إلى ما يزيد عن 2.5 مليون متر مربع من البناء، وهدم ما يزيد عن ألف منزل فلسطيني معظمها في مدينة القدس المحتلة، وإصدار أوامر هدم لآلاف المنازل، والاستمرار في تطوير (البؤر) الاستيطانية في القدس الشرقية حيث تشرع إسرائيل حاليا ببناء وتطوير 17 بؤرة استيطانية في المدينة المحتلة، وزيادة عدد البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية عما كانت عليه في العام 2004 من 86 إلى 232 في العام 2009.

وفي نهاية الأمر وحسب معهد "أريج" فإن الجدار الفاصل سيعمل على عزل قرابة ألـ 13% من مساحة الضفة، بما في ذلك قلب مدينة القدس لتقع تحت السيطرة الإسرائيلية، حيث تسعى دولة الاحتلال لإعلان الجدار الفاصل حدودا لها على الجانب الشرقي، ولا تزال ترفض التسليم بأن المناطق المصنفة "ج" هي مناطق محتلة يتوجب عليها كدولة احتلال تسليمها لأصحابها الفلسطينيين، مؤكدا أن دولة الاحتلال ماضية في نهج تهويد كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وليس مدينة القدس فحسب، وتغيير المعالم الجغرافية والديمغرافية بشكل صارخ، وإصدار عدد كبير من أوامر الاستهلاك للأراضي الفلسطينية بإعلانها أملاك دولة خلال السنوات الماضية وتحديدا في المناطق المصنفة "ج" وذلك استباقا لأية نتائج قد تخرج بها أية مفاوضات مستقبلية مع الجانب الفلسطيني حول تلك المناطق واستخدامها للمشاريع التوسعية.

وبناء على ما تقدم فان كل ما تقوم به حكومة الاحتلال يندرج تحت سياسة مستمرة منذ بدا الاحتلال وهي فرض الوقائع على الأرض وإملاء الحلول أحادية الجانب حيث أضحت هذه الممارسات تشكل تهديدا فعليا على مستقبل العملية السلمية برمتها وعقبة كبيرة أمام قيام دولة فلسطينية مستقبلية قابلة للحياة، وتمتلك مقومات البقاء والسيادة والتواصل الجغرافي، الأمر الذي يشكل خرقا صريحا وواضحا للمعاهدات والمواثيق الدولية وللاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي غير آبهة بالانتقادات الدولية لسياستها الاستيطانية والتوسعية من بناء وتوسع وإقامة الجدار وما إلى ذلك.

التعليقات