القدس تحت القبضة الأمنية الاسرائيلية

شهدت القدس المحتلة في ذكرى إحياء النكبة ال65 حراكا شعبيا ومواجهات عنيفة بين سلطات الإحتلال وقوى الاحتجاج الشعبي وذلك بعد فترة طويلة اتسمت بالركود نتيجة للقبضة الأمنية الشديدة التي تفرضها إسرائيل وجهاز استخباراتها. لشرح تداعيات التطور اللافت، وتحدي أهالي القدس للقبضة الأمنية، التقت صحيفة "فصل المقال" مع ناشطين وطنيين ومحللين مقدسيين.

القدس تحت القبضة الأمنية الاسرائيلية

من أحداث يوم النكبة في القدس 2013/ تصوير: عمر عبد القادر

شهدت القدس المحتلة في ذكرى إحياء النكبة ال65 حراكا شعبيا ومواجهات عنيفة بين سلطات الإحتلال وقوى الاحتجاج الشعبي وذلك بعد فترة طويلة اتسمت بالركود نتيجة للقبضة الأمنية الشديدة التي تفرضها إسرائيل وجهاز استخباراتها.

لشرح تداعيات التطور اللافت، وتحدي أهالي القدس للقبضة الأمنية، التقت صحيفة "فصل المقال" مع ناشطين وطنيين ومحللين مقدسيين.

شحادة: المطلوب توحيد المرجعية الوطنية للمدينة في اطار استراتيجية وطنية تحررية ديمقراطية..

عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورئيس تحرير مجلة الهدف عمر شحادة ردا على اسئلة "فصل المقال" استعرض في قراءة سريعة للمشهد وقال: "إن احياء المناسبات الوطنية وشكل وحجم المشاركة الشعبية فيها مقياس لدرجة الوعي والتنظيم والاستعداد الجماهيري لخوض النضال، ورغم اتسام مظاهر الاحتجاج الشعبي لفترة طويلة في مدينة القدس بالصعود والهبوط على شكل موجات تخبو وتعلو بين فترة وأخرى ، إلا ان ما ميز الحراك الشعبي في الذكرى 65 للنكبة هو التصعيد المميز والملحوظ لمظاهر الاحتجاج والانتفاض الشعبي ، والسخط الشبابي الذي يمثل بمظهره السائد رداً عفويا ومباشراً يعكس تأخر القوى الوطنية والإسلامية عن نمو الحراك الشعبي واتساعه المتزايد، والذي يأتي رداً على الإنفلات غير المسبوق للاستيطان وارهاب المستوطنين واستباحة ساحات المسجد الأقصى واستفزازات المستوطنين ورجال الدولة والكنيست والمنظمات الدينية المتطرفة وعلى سياسات التطهير العرقي وتهويد الاقصى والمدينة المقدسة وتغيير طابعها الديمغرافي.

مطلوب استراتيجية وطنية تحررية وديمقراطية بديلة  لنهج اوسلو

أما حول قدرة الحركات السياسية وجهوزيتها لتبني وتطوير هذا الحراك الشعبي الذي شهدته مدينة القدس وأنحاء فلسطين قال: ان مظاهر الرفض والاحتجاج وأشكال الحراك الشعبي والنضال المتنوع الذي يخوضه أبناء وبنات المدينة المقدسة، يتراكم يوماً بعد يوم وتعتبر جرائم الإحتلال المتصاعدة بحق الأرض والإنسان والمقدسات وقوانين التمييز والإفقار والتنكيل بالمقدسيين، مصدراً ودافعاً للتمرد على الاحتلال وسلطاته ، ويكتمل فعلها ومفعولها حين تكون جزءاً لا يتجزأ من كفاح الشعب الفلسطيني وبرنامجه الوطني وقيادته الموحدة.

واضاف شحادة هذا يتطلب توحيد المرجعية الوطنية للمدينة في اطار استراتيجية وطنية تحررية وديمقراطية بديلة  لنهج اوسلو ومدريد ونتائجه، تضع حداً لحالة الإنقسام ، وتنظم شتى اشكال النضال الوطني والمقاومة من أجل دحر الاحتلال والاستيطان وتحرير الأسرى والظفر بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وحق شعبنا في العودة وتقرير المصير .

وحول التحديات المتزايدة وما هو المطلوب من التجمعات الفلسطينية وكذلك دور فلسطينيي الداخل قال: كما اعتقد فإن القيادات الوطنية في الوطن المحتل عام 1948 باعتبارها تمثل ابناء شعبنا هناك، تعتبر موضوعياً جزءاً  لايتجزأً من قيادة الشعب الفلسطيني المتجذر في ارضه من البحر الى النهر والمنتشر في المنافي ومناطق اللجوء والشتات، ما يستدعي تصحيح الخطأ التاريخي المتجسد بتوقيع واستمرار اتفاق اوسلو والالتزامات التي قامت على أساسه، وتحطيم أغلاله التي تكبل وحدة الشعب والأرض والقضية وتشل نضاله في مختلف الميادين وعلى كافة المستويات المحلية والقومية والإقليمية والدولية، فنحن أبناء قضية واحدة رغم خصائص ومهام التجمعات الفلسطينية المختلفة.

من هنا، ينبغي أن يحتل رأس جدول الأعمال الوطني الداخلي التأكيد  على التناقض الرئيسي مع الاحتلال وانتخاب مجلس وطني جديد لكافة ابناء شعبنا داخل الوطن المحتل وخارجه يسلح شعبنا باستراتيجية سياسية واجتماعية تحررية وقيادة وطنية موحدة لمرحلة ما زالت تتسم بطابعها التحرري الوطني والديمقراطي .

السلطة الفلسطينية على مفترق طرق

وحول واقع السلطة الفلسطينية من هذا التوجه وماهو المطلوب منها بعد مأزق التسوية قال:" السلطة هي المطالبة بالجواب على هذا السؤال التاريخي ، فهي باتت على مفترق طرق لا طائل من التهرب والهروب من الإجابة عليه بعد انتهاء المرحلة الإنتقالية لإتفاق اوسلو منذ ايار عام 1999 وتوظيف المفاوضات الثنائية بالمرجعية الأمريكية لخدمة الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة وغطاءً للمضي في المشروع الصهيوني القائم على نهب الأرض واقتلاع الإنسان  ونفي وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وفرض الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي".

جهود  إسرائيلية لتحويل الصراع إلى نزاع حدودي

وتابع شحادة..هذا في وقت يمضي فيه الاحتلال في عملية حصار وعزل وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وتحويله لسجن مفتوح لمليون ونصف المليون فلسطيني، ويسعى لتحويل احتلاله هناك الى نزاع حدود تقوم على ضبطه حكومة غزة فيما يمعن في التعامل مع حكومة رام الله كوكيل أمني. ويكتوي الناس بنار الاحتلال وجرائم حربه وبنار البطالة والفقر المدقع فيما تنعم بفضلات الاحتلال  والدول المانحة فئة قليلة من الفاسدين وتجار الأنفاق وبيروقراطية السلطة بشقيها والمنظمة والأجهزة الأمنية،  وبعض منظمات الأنجزة المدعومة  من"يو . س . أيد "، وشركائهم من القطط السمان التي تتغذى على الاقتصاد الطفيلي والخدماتي المتشابك والتابع لسوق واقتصاد الاحتلال.  وهو الأمر الذي يعني استمرار تعزيز مظاهر الانقسام وتغليب المصالح الفئوية والذاتية على المصالح الوطنية والتناقضات الثانوية على التناقض الرئيسي مع الاحتلال، ما يدمر مقومات الصمود الوطني والمناعة الوطنية المكتسبة ويضع القضية الوطنية في مهب الريح ويعيدها الى مجاهل الإلحاق والوصاية والضياع، ما يضع كل فلسطيني وكل حزب وكل القوى السياسية والاجتماعية امام مسؤوليات لاتقبل التأجيل بوضع حد لحالة الجمود والانتظار الراهنة التي يسعد بها الاحتلال ، وتعزيز النزوع المجتمعي لبناء قطب وطني ديمقراطي يعكس التيار الثالث الجماهيري الواسع المنظم وغير المنظم صاحب المصلحة في التغييروالتحرير والمنتشر في كل تجمعات شعبنا في مناطق 48 والضفة والقطاع وخارج الوطن، بما يكسرالاستقطاب الثنائي الذي يشل النضال الوطني والاجتماعي ويرهنه للمصالح الأنانية الضيقة وللضغوط والإملاءات الخارجية .

الحراك الأخير حمل طابع تحدٍ

الناشط والإعلامي علي عبيدات، أكد لـ "فصل المقال"  أن القدس تشهد دائما حراكات شعبية، وهناك احتكاكات ومواجهات مع الاحتلال بشكل شبه يومي في أزقة البلدة القديمة، وبلدات العيسوية وأبوديس ورأس العامود وسلوان وغيرها، سواء ضد الاستيطان أو التهويد أو الأسرله أو مصادرة الأراضي أو ملف الأسرى، لكن الحراك الأخير حمل طابع تحدٍ واضح للاحتلال الإسرائيلي ولقبضته الأمنية الحديدية على المدينة المقدسة، واستطاع أن يثبت للقاصي والداني أن في القدس رجالا لا زالوا يستطيعون حمل رايتها وإن كانوا لوحدهم، ولم يتأثروا بكل محاولات الاحتلال إغراقهم بكل الآفات الاجتماعية، ولم يتأثروا بحالة التدجين السائدة منذ نحو عشرين عاماً، ولا شك أن مشاركة الشباب من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48 لرسالة قوية للاحتلال على وحدة الهم الفلسطيني على امتداد التراب الوطني، ولا فرق بين مناطق احتلت عام 48 أو عام 67.

دور قيادات العمل الوطني أن تلبي طموحات الشارع

  وحول إمكانية اتساع وتطور الحراك، قال عبيدات: " اعتقد أن مثل هذه الحراكات كفيلة إن تراكمت على تغيير المعطيات على الساحة الفلسطينية، وحراك القدس في النكبة سيراكم عليه حراك آخر في ذكرى النكسة، تحت نفس العنوان، ودور قيادات العمل الوطني أن تلبي طموحات الشارع في خلق حالة ثورية تخرج الشارع الفلسطيني من الوضع الراهن، الكل مستاء، والكل غاضب، من هذا التراجع المخيف في الحالة الفلسطينية، وتحديدا على المستوى الرسمي، والتنازلات المجانية للاحتلال، فلسطينيا وعربيا، والمقلق أن الجميع ينتظر في أن يعلق لهم أحد ما الجرس.

وعن أوجه التعاون مع مناطق الـ 48، قال عبيدات: " نلمس مشاركة من القيادات الوطنية في الداخل الفلسطيني من مختلف التيارات في الأنشطة والفعاليات التي تحصل في القدس والضفة، لا سيما في مواجهة الاستيطان والجدار وقضية الأسرى.

ونحن نتعامل بشكل أساسي مع شباب وناشطين منخرطين أصلا في هذه الأحزاب، ويقاسمونا ذات الأهداف".

وعن  توجهات السلطة الفلسطينية، قال عبيدات: "السلطة الفلسطينية لا تدري إلى أين تذهب الآن، فهي في منتصف طريق خاطئ سارت به منذ اتفاقيات أوسلو، ورغم كل التنازلات التي تقدمها إلا أن الاحتلال لا يريد العودة إلى طاولة المفاوضات، وهناك العديد من قيادات السلطة اعترفت بلا حرج بفشل هذا الخيار، إلا أن المستوى الرسمي لا زال متمسكا به ويدافع عنه، لأنه كان واضحا منذ البداية بأنه لا يريد طريقا آخر.

السلطة تراقب عن كثب الحراكات الشعبية في الشارع الفلسطيني، وتتابعها، وتضيق على بعضها، سواء كان في الضفة أو في غزة، لأنها أعلنت بشكل واضح، أنها لا تريد انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثه، وإن جئنا لموضوع ما المطلوب منها، المطلوب منها ان تترك الشارع يذهب حيث يريد لا حيث تريد هي.
 

التعليقات