"معبر الطيبة" ورواية الخبز المر الفلسطينية على حواجز الذل

محافظ طولكرم: هذا المعبر هو معبر إذلال للشعب الفلسطيني، وأن المحافظة منذ البداية تتابع الوضع وهي في الميدان وأن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الإسرائيليين الذين أتوا بشركة أمنية لإدارة المعبر

شأنها شأن كافة المدن الفلسطينية الأخرى مطوقة بالمعاناة ومحاصرة بالألم، كما هم أبناؤها الشاردون من أحياء الحاجة إلى حقول الشوك. مدينة طولكرم الواقعة شمال الضفة الغربية المحاصرة بتكدسات استيطانية على أراضيها المصادرة يسري أبناؤها العاملون في المستوطنات والمرافق الإسرائيلية لأخذ دور في الطابور الطويل على بوابات حاجز الطيبة الذي يعتبر أحد ما اطلق عليها 'المعابر' التي تفصل الأراضي المحتلة عام 67 عن نظيرتها المحتلة عام 48.

ويوم أمس، الأحد، قرّر العمّال الفلسطينيون من منطقة طولكرم وجنين القيام بخطوة تصعيدية بشكل جماعيّ، إعلان الإضراب وعدم الوصول للعمل في الداخل احتجاجاً على المعاملة المذلة التي يلقاها الفلسطينيون على الحاجز والتأخير.

وجاء قرار العمّال الفلسطينيين أمس بالإضراب بعد معاناة طويلة ويومية يعانون منها جراء سياسات الشركات الأمنية الإسرائيلية التي بدّلت حرس الحدود على جزء من الحواجز.

محافظ طولكرم الدكتور عبد الله كميل اعتبر في حديث لموقع عرب48 أن هذا المعبر هو معبر إذلال للشعب الفلسطيني، وأن المحافظة منذ البداية تتابع الوضع وهي في الميدان وأن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الإسرائيليين الذين أتوا بشركة أمنية لإدارة المعبر.

وأضاف أن الحجة الإسرائيلية، بأنهم غير قادرين أو لا يمتلكون للقدرتين التشغيلية والمالية لإدارة المعبر، لا تحصل في الصومال.

وأشار كميل إلى أن الإذلال على هذا الحاجز يصل لحد الحط من كرامة الإنسان الفلسطيني عند إجباره على خلع ملابسه سواء كان رجلا أم امرأة.

واعتبر كميل عدم وجود قوة شرطية فلسطينية تنظم حركة الناس والعابرين وتحافظ على كرامتهم من أسباب ما يتعرض له العمال ويواجهونه على هذا المعبر من متاعب، خاصة وأن هذا المعبر يفتح من الساعة الثالثة فجرا وحتى السابعة مساء.

وقال محافظ طولكرم الذي يعتبر أعلى سلطة وطنية في المحافظة أن هناك وعودا إسرائيلية لحل هذا الموضوع 'ونحن نراقب الحركة التي على المعبر ونحن غير راضين عن الوضع الحالي وسنعمل على إجبارهم على فتح كافة البوابات'.

ودعا كميل إلى إعادة هذا الحاجز إلى الحدود مع أراضي 48 حيث أنه أقيم على أراضينا وتجاوز آلاف الدونمات التابعة للأراضي المحتلة عام 67، وعليهم إعادة الحاجز إلى الحود مع أراضي 48.

وحول إمكانية الاستعانة بشرطة مدنية لتنظيم الحركة على المعبر قال كميل 'من تجربتنا فإن وجود شرطة فلسطينية بزي مدني لا يحل المشكلة'، وهذه القضية تقع على عاتق الإسرائيليين والجدل معهم قائم منذ البداية.

وكشف كميل على أن جلسة تمت مع الجانب الإسرائيلي قبل يومين وأنه شخصيا سيقف على ما التزم به الإسرائيليون وللتأكد من فتح البوابات والتغييرات على هذا المعبر.

وفي حديث مع نقيب عمّال الشحن في منطقة طولكرم، محمد ياسين، قال لـ'عرب 48'، إن 'الإضراب جاء كخطوة احتجاجية لرفع المذلة التي يعاني منها العمّال الفلسطينيون جراء معاملة الشركة الأمنية وعدم فتحها للمعبر بشكل كامل وحصر العمّال في بوابتين من أصل سبعة'.

وأضاف بأن 'الشركة الأمنية تعامل العمّال وغير العمّال على الحاجز بحسب مزاج الحارس الموجود ممّا يثير غضب العمّال، فالموظفة ومزاجها في هذا اليوم هو ما يحدّد حجم المعاناة التي يمر بها الفلسطيني على الحاجز'.

وتابع: 'يمر يومياً قرابة ال 20 ألف عامل من الحاجز القريب من طولكرم، وهنالك 7 بوابات للتفتيش، يفتح منها بوابتان فقط ممّا يؤدي إلى ازدحام على الحاجز ومناوشات بين العمّال، وإصابات جراء الاختناق والاكتظاظ حتى وصلت الأزمة حد تحويل بعض العمّال للمشفى بسبب ما يعانوه على هذا الحاجز'.

من جهته قال عبد الخالق جبارة أحد المسؤولين في بلدية طولكرم لعرب48 إن هذه المعابر خارجة عن سلطة البلدية، وإن ما يجري عليها، وما يقع عليها من معاناة للعمال الفلسطينيين خارج عن إرادة ومسؤوليات البلدية، وإن الجهة التي يمكنها الحديث بهذا الشأن إما محافظة طولكرم أو الارتباط المدني الفلسطيني أو هيئة المعابر الفلسطينية.

ولأن العامل الفلسطيني أصبح ملما بتفاصيل اتفاق أوسلو الأمني يعلم تماما أن 'شكواه لغير الله مذلة' فارتباطه بهيئة الارتباط المدني الفلسطيني وبوزارة العمل في السلطة الفلسطينية لا يتعدى تقديم أوراقه لهذه الهيئات للحصول على تصريح يسمح له بموجبه الاحتلال الإسرائيلي بالدخول الى مناطق العمل الإسرائيلية، وما عدا ذلك ينتهي الدور المسؤول لكافة الهيئات الفلسطينية، ويصبح الأمر شأنا إسرائيليا يدخل في إطار الجانب الأمني الخاضع لكافة أشكال الاستفزاز والتعطيل والتفتيش وأحيانا الطرد والملاحقة.

يقول أسامة وهو عامل يعيل عائلة من سبعة أنفار أنه يخرج في ساعة مبكرة من صباح كل يوم، وأحيانا يصلي الفجر على بوابة الحاجز أن أحد الفلسطينيين حاول تنظيم دخول العمال والمركبات التي تصطف على مدخل حاجز الطيبة بالمئات كونه يحظر على أصحابها دخول الحاجز إلا أن السلطة اعتقلته ومنعته من القيام بهذه المهمة التي درج على أن يتقاضى شاقلا واحدا من كل سيارة مقابل عمله على تنظيم الدخول والخروج خارج الحاجز بمعنى في المنطقة التي يسمح للفلسطينيين بدخولها دون تصاريح.

ويضيف أسامة حول المشاكل التي تعترض العمال يوميا بأنها تدخل في إطار محاولة كل شخص أن يأخذ الأولوية في الدور على البوابات التي تشغلها الشركة الأمنية الإسرائيلية التي تدير الحاجز، ولو كانت البوابات الأخرى تعمل لكانت الأمور اكثر انتظاما بما يقلص حدوث إشكالات.

التعليقات