أوضاع معيشيّة خانقة في الضفة الغربيّة؛ أزمة كورونا وأنصاف رواتب

دفع استمرار تفاقم سوء الأوضاع المعيشية، الكثير من سكان الضفة الغربية المحتلّة للبحث عن عمل خارج وظائفهم الرسمية، فيما أجبرت الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، الحكومة الفلسطينية، على صرف نصف راتب للشهر الخامس، وسط تحذير أخصائيين من

أوضاع معيشيّة خانقة في الضفة الغربيّة؛ أزمة كورونا وأنصاف رواتب

في أحد شوارع نابلس (أ ب أ)

دفع استمرار تفاقم سوء الأوضاع المعيشية، الكثير من سكان الضفة الغربية المحتلّة للبحث عن عمل خارج وظائفهم الرسمية، فيما أجبرت الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، الحكومة الفلسطينية، على صرف نصف راتب للشهر الخامس، وسط تحذير أخصائيين من تداعيات نفسية واجتماعية لاستمرار الأزمة.

ودخل المدرس محمود عمارنة، من مخيم الدهيشة قرب بيت لحم، عامه الـ34 في الخدمة بقطاع التعليم، ومع الترقيات وأقدمية الخدمة يتقاضى حاليا راتبا 3500 شيكل.

لكن راتب عمارنة، إضافة إلى راتب زوجته الموظفة أيضا، بالكاد يسد الاحتياجات الأساسية للأسرة مع الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة.

ويطبق في الضفة غلاف ضريبي وجمارك واحد تقريبا مع إسرائيل، مع اختلاف الحد الأدنى للأجور في كلا البلدين، فبينما يصل إلى 5300 شيكل (1558 دولارا) في إسرائيل، فإنه يبلغ 1450 شيكلا في فلسطين.

وقال عمارنة: "منذ تعييني، زاد راتبي تدريجيا حتى أصبح على ما هو عليه الآن، لكنه لم يعد يكفي مع تضاعف أسعار السلع، إضافة إلى تراكم التزامات جديدة كأقساط المدارس والجامعات".

وأضاف: "زاد الأمر سوءا مع اضطرار السلطة الفلسطينية لصرف نصف راتب فقط، ما راكم علينا الديون".

اضطر كثيرون للعمل في وظائف غير وظائفهم (وفا)

تراكُم الديون

وللشهر الخامس على التوالي، صرفت السلطة الفلسطينية الشهر الماضي، نصف راتب لموظفيها، تحت ضغط أزمتي جائحة كورونا وعدم تسلم عائدات المقاصة من إسرائيل، والتي تقدر بنحو 200 مليون دولار شهريا.

وزاد من حدة الأزمة المالية، توقف الدول العربية عن دفع التزاماتها المالية للسلطة الفلسطينية.

ويلجأ كثير من الموظفين العموميين، للاستدانة من زملاء لهم أفضل حالا، أو من محلات البقالة، وتأجيل أقساط القروض المصرفية على أمل تسديدها بعد صرف المتأخرات من رواتبهم.

العمل خارج الوظيفة

في حين يلجأ آخرون لأعمال أخرى لدى القطاع الخاص، وحتى أن البعض يضطر للعمل في إسرائيل خلال الإجازة الأسبوعية، لكن الإغلاقات التي ترافقت مع انتشار فيروس كورونا، جعلت هذه الخيارات أكثر ضيقا.

وقال المدرس ماجد عبد إنه لا يتردد في العمل في قطاع البناء داخل إسرائيل، حيث يتقاضى في أربعة أيام أكثر من نصف الراتب الذي يتقاضاه من وظيفته في السلطة الفلسطينية.

ووفقا لبيانات وزارة المالية، فقد أدت أزمتا المقاصة وجائحة كورونا إلى تراجع إجمالي الإيرادات بنحو 70 بالمئة، ورافق ذلك تراجع في المساعدات الخارجية بأكثر من النصف.

أزمة كورونا فاقمت الأوضاع سوءًا (وفا)

تأثيرات نفسية واجتماعية

وقال المرشد الاجتماعي والنقابي السابق، يوسف أبو راس، إن الموظف يتدبر أموره عبر الاستدانة إما من الأهل والأقارب، أو من المحلات التجارية التي اعتاد الشراء منها، مشيرا إلى وجود عجز أصلا في تغطية الراتب كاملا للاحتياجات اليومية.

وأضاف: "قدرة الموظف على الصمود في هذه الظروف، مرتبطة بمدى قدرة المحلات التجارية على البيع بالدين. عشرات آلاف الموظفين يعتمدون على الاستدانة من المحلات التجارية، أي الاعتماد الكلي على القطاع الخاص".

ويبلغ إجمالي عدد الموظفين العموميين في فلسطين حوالي 136 ألفا، تصل فاتورة أجورهم الشهرية إلى 160 مليون دولار، ترتفع الفاتورة إلى نحو 250 مليون دولار بإضافة رواتب المتقاعدين والمخصصات الاجتماعية لعوائل الشهداء والأسرى والجرحى والأسر الفقيرة، فيما يعرف بـ"أشباه الرواتب".

في مخيم عايدة شمال بيت لحم (وفا)

فقر وبطالة

ووفقا لبيانات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تموز/ يوليو الماضي، فإن 29 بالمئة من الأفراد يعيشون تحت خط الفقر.

ويبلغ خط الفقر لأسرة معيارية مكونة من والدين وثلاثة أبناء حوالي 670 دولارا (أقل من 5 دولارات للفرد في اليوم)، وفق آخر تحديث في العام 2017، بينما يبلغ خط الفقر الشديد حوالي 535 دولارا للأسرة (3.5 دولار في اليوم).

ولتوفير نصف الراتب للموظفين العموميين وبعض الالتزامات الأخرى، لجأت الحكومة الفلسطينية إلى الاقتراض من البنوك، ليتجاوز دينها للمصارف 2.2 مليار دولار.

ويُضاف هذا الدين إلى قروض خارجية بنحو 1.3 مليار دولار، إضافة إلى متأخرات لموردي السلع والخدمات من القطاع الخاص تتجاوز مليار دولار، ومتأخرات لصندوق تقاعد الموظفين العموميين تقترب من ملياري دولار، ليتجاوز إجمالي الدين إلى حوالي ستة مليارات دولار.

التعليقات