وادي قانا.. محمية فلسطينية في عين الاحتلال

مساحة المحمية حوالي 10 آلاف دونم، وهي عبارة عن عدة جبال يتوسطها وادي تنبع منه 10 عيون مياه صالحة للري والشرب وري المواشي. وتكسو الجبال أشجار حرجية كالبلوط، في حين تنتشر بيارات البرتقال وحقول الزيتون والفواكه جنبات الوادي

وادي قانا.. محمية فلسطينية في عين الاحتلال

("عرب48")

-وادي قانا يقع بين محافظتي سلفيت وقلقيلية شمالي الضفة الغربية المحتلة

- تسكنه 10 عائلات فلسطينية فقط، ويسيطر الاحتلال على الموقع ويقتلع غاباته لبناء المستوطنات

كفاح زيدان (37 عامًا) شاب فلسطيني يعيش في "محمية طبيعة"، أشبه ما تكون "قطعة من الجنة" بحسب وصفه، غير أنه يواجه خطر الترحيل، والزحف الاستيطاني نحو الغابة.

زيدان يعيش في "وادي قانا" الواقع بين محافظتي سلفيت وقلقيلية شمالي الضفة الغربية المحتلة، ويقول في حديث للأناضول، بينما يرعى قطعيًا من الأغنام في الوادي: "الحياة هنا أشبه بالجنة لكن الاحتلال يحولها إلى غاية في الصعوبة".

عين على قطيعه والأخرى حيث المستوطنات

قمم جبال المحمية الطبيعة تحولت إلى مستوطنات؛ جُرفت الغاباتُ واقتُلعت أشجارُها ونباتاتها وهجر حيواناتها وحل مكانها بيوت من الأسمنت المسلح والقرميد، يوضح زيدان ويضيف: "نُمنع من الاقتراب من المستوطنات، وفي كل يوم تتمدد لتلتهم أكبر مساحة من الأراضي".

ويتابع: "نُمنع من استصلاح الأرض وزراعتها، نُمنع من الرعي في كثير من المواقع بحجة أنها محمية طبيعية في المقابل تُبنى فيها البيوت للمستوطنين".

المزارع الشاب زيدان وُلدَ في المحمية ويشدد على أنه "لن يتركها كما والده وجده". يملك قطيعًا من الأغنام يقدر بـ 350 رأسا ويعيش في بيت من الحجارة والصفيح. ولفت إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية "هدمت غير مرة سياجًا وبيوتًا من الصفيح تملكها أسرته".

عائلات قليلة

وإلى جوار زيدان تسكن عشر عائلات فلسطينية فقط، تعتمد على تربية الأغنام وزراعة الزيتون والحمضيات والحبوب.

تقدر مساحة المحمية بـ 10 آلاف دونم، وهي عبارة عن عدة جبال يتوسطها وادي تنبع منه 10 عيون مياه صالحة للري والشرب وري المواشي. وتكسو الجبال أشجار حرجية كالبلوط، في حين تنتشر بيارات (مزارع) البرتقال وحقول الزيتون والفواكه جنبات الوادي.

(كفاح زيدان)

أوسلو

تقع المحمية في المنطقة المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو الثاني 1995 الموّقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وتمنع السلطات الإسرائيلية البناء أو استصلاح الأراضي في المناطق "ج" دون تراخيص، والتي يُعد من شبه المستحيل الحصول عليها، حسبما يقول الفلسطينيون.

اتفاقية أوسلو 2 صنفت أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى 3 مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية.

منذ العهد العثماني

وفي أرض على جنبات الوادي يملك الفلسطيني، نصار منصور، نحو 10 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، مزروعة بالحمضيات الفواكه.

يجلس نصار تحت شجرة ليمون، يحتسي قهوته ويقول في حديث للأناضول: "هنا ولدنا ومن قبلنا أجدادنا، ولن نخرج منها مهما فعل الاحتلال".

(نصار منصور)

ونصار مليئة ذاكرته بالحكايات ويقول إن "الاحتلال يسعى بكل السبل لإخراج العائلات من وادي قانا، والسيطرة على المحمية والأراضي الزراعية فيها، لصالح مشاريع استيطانية".

ويذهب الرجل إلى تقديس أرضه بالقول "الأرض مقدسة، وتأتي قدسيتها بعد المقدسات الدينية".

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية "اقتلعت أشجاره عدة مرات، غير أنه أصر على إعادة زراعتها". وأضاف: "يمكن في حالة واحدة ترك المكان، عندما أموت فقط". ويعيش نصار وزوجته وأبنائه في الموقع، إلى جانب عشر عائلات أخرى.

يمتلك سكان بلدة دير استيا بمحافظة سلفيت أراضي واسعة في الوادي، تقدر بـ 10الاف دونم، تزرع في غالبيتها بالزيتون والحمضيات، وأخرى مزروعات حقلية كالقمح والشعير وغيرها.

محمية طبيعية وسياحية وزراعية

وتعد منطقة "وادي قانا"، بحسب رئيس جمعية حماية وادي قانا، نافذ منصور، "منطقة طبيعية وسياحية وزراعية".

ولد منصور في الوادي، وهو اليوم طبيب أسنان، ويسكن في بلدة دير استيا القريبة من الوادي. ويوضح أن سلطات الاحتلال "حولت الوادي إلى محمية طبيعة في العام 1983، لدوافع استيطانية بحتة، تحت حجج بيئية".

(نافذ منصور)

ويتابع: "كان الوادي يعج بالسكان، ويعد سلة غذائية للمنطقة، تزرع فيه الخضار والفواكه، والحمضيات، وفيه مساحات واسعة كمراعي.. لكن الاحتلال قرر السيطرة على الموقع، ومنع استصلاح الأراضي وزراعة الأشجار، وما زُرع منذ ذلك الحين كان بقوة وإرادة السكان الذين يملكون أوراقًا رسمية في أراضيهم".

ويشير منصور، إلى أن سلطات الاحتلال "تدعى أنه يمكن السماح للزراعة أو أي نشاط بشرط الحصول على تصريح خاص من الجهات الرسمية للاحتلال، وهو الأمر المستحيل".

ويتابع: "سلطة الاحتلال تدعى أن المنطقة محمية طبيعية وتمنع البناء أو استصلاح الأراضي لكنها حولت قمم الجبال إلى مستوطنات، وتجرف الأشجار من أجل شق الشوارع والبناء ومد خطوط المياه والصرف الصحي والكهرباء".

ولفت إلى أن "المنطقة تخضع للمراقبة الحثيثة من قبل سلطات الاحتلال الرسمية، وسلطة حماية الطبيعة".

وأوضح منصور أن الوادي "يعد متنفسًا سياحيًا للمواطنين". وفي أيام الجمعة والسبت عادة ما يعج الوادي بآلاف السياح، "ولا يعكر صفوهم إلا جنود من جيش الاحتلال ومستوطنون يحملون السلاح".

التعليقات