"عين الهوية"... متنفس فلسطيني آخر مهدد بالسلب

"أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ميزانية بـ120 مليون شيكل (33 مليون دولار) على امتداد 3 سنوات، ضمن مشروع قرار يهدف إلى "الحفاظ على الآثار وحمايتها في الضفة الغربية" قدّمه وزراء التراث والمالية والسياحة"

(نبع "عين الهوية" في بلدة حوسان / بيت لحم)

منذ ساعات الفجر الأولى يعمل محمد شوشة في مزرعته الواقعة بمقربة من نبع مياه "عين الهوية" في بلدة حوسان الأثرية بمحافظة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة.

يعتني شوشة (69 عامًا) بمزرعته التي يعتاش منها وتبلغ مساحتها نحو دونم (ألف متر)، ويسقيها من مياه نبع الهوية كما أعتاد على ذلك منذ أن كان طفلا. غير أنه اليوم يتخوف من تنفيذ قرار إسرائيلي يقضي بالسيطرة على النبع، وضمه لسلطة السياحة والآثار الإسرائيلية.

تاريخ ينابيع المياه الجوفية في بلدة حوسان، يعود إلى الفترة الرومانية، ولها مكانة تاريخية وأثرية ويتردد عليها السياح الفلسطينيين من مدن الضفة. ويقع نبع "عين الهوية" في واد بين جبال تكسوها أشجار الزيتون، وتتوسطها أراض تزرع بالخضروات وبطريقة بدائية.

"نبع الحياة"

يقول شوشة في حديث لوكالة "الأناضول" إن "الأرض والنبع يمثلان له ولسكان بلدته البالغ تعدادهم 8 آلاف نسمة، الحياة". ويضيف: "إسرائيل قادرة على فعل ما تريد بقوة السلاح، لكنهم باقون في أراضيهم، ولا حق لهم في نبع المياه". ويعتمد شوشة وعشرات المزارعين في حوسان على مياه النبع لري زراعتهم صيفًا.

(محمد شوشة / صاحب مزرعة بمقربة من نبع مياه "عين الهوية" / الأناضول)

ويتابع: "مستوطنون يهود يأتون لزيارة الموقع ويقضون أوقاتًا طويلة، والمخاوف من السيطرة عليه وعلى الأراضي المجاورة له".

يعد الموقع بطبيعته الخلابة ذا أهمية خاصة لأهالي البلدة، ويرون فيه متنفسًا لهم، وعادةً ما يزره الأهالي من مختلف مدن وبلدات الضفة الغربية، حيث تتدفق مياه من كهف ضيق من باطن إحدى جبال حوسان للتجمع في بركة مياه أُقيمت منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي.

مضايقات الاحتلال

الإثنين الماضي، صادقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في اجتماعها الأسبوعي، على إقرار ميزانية بـ120 مليون شيكل (33 مليون دولار) على امتداد 3 سنوات، ضمن مشروع قرار يهدف، وفق مزاعمها، إلى "الحفاظ على الآثار وحمايتها في الضفة الغربية"، وقدّمه وزراء التراث الحاخام عَميحاي إلياهو (عوتسما يهوديت)، والمالية بتسلئيل سموتريتش (الصهيونية الدينية) والسياحة حاييم كاتس (الليكود).

(نبع مياه "عين الهوية" / بلدة حوسان بمحافظة بيت لحم/ الأناضول)

رئيس مجلس قروي حوسان، جمال سباتين، يقول إن "مزارعي المنطقة يعتمدون على نبع الهوية لري مزروعاتهم التي يعتاشون منها". وتقسم المياه لكل مزارع وفق نظام معتمد منذ مئات السنوات. ويستخدم مزارعو البلدة نظام الري القديم والمعروف باسم القنوات "الترع".

كما وأشار إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تمنع السلطات المحلية الفلسطينية من ترميم أو تأهيل محيط النبع بحجة أنه يقع ضمن أراضي مصنفة "ج".

(جمال سباتين، رئيس مجلس قروي حوسان/ الأناضول)

ولفت إلى أن أهالي القرية يصرون على الدفاع عن ممتلكاتهم وإرثهم وتاريخهم، ولن يسمحوا لإسرائيل بالسيطرة عليها بكل السبل بما فيها المحاكم. ودعا المجتمع الدولي للضغط على السلطات الإسرائيلية، لكف يدها عن النبع وممتلكات المواطنين.

تقع بلدة حوسان، وفيها 17 نبعًا للمياه، على الخط الفاصل بين الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، وسيطرت إسرائيل على نحو 4 آلاف دونم من أراضيها لبناء مستوطنة "بيتار عليت" والتي تعد ضمن تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" جنوب بيت لحم.

اقرأ/ي أيضًا | منذ مطلع العام: الإعلان عن 13 ألف وحدة استيطانية بالضفة

(مزرعة بمقربة من نبع مياه "عين الهوية" / الأناضول)
(بلدة حوسان الأثرية بمحافظة بيت لحم / الأناضول)
( نبع مياه "عين الهوية" / الأناضول)

التعليقات