"لماذا وافقت إسرائيل على صفقة تبادل الأسرى؟"

من أسباب قبول إسرائيل بالصفقة: الطريق العسكري المسدود وموقف الشاباك والموساد ومرونة حماس والثورات في العالم العربي ومكانة عباس والخشية من عدم تكرار مثل هذه الفرصة

(رئيسا الشاباك والموساد: كوهين وباردو)
 
في تناوله للأسباب التي دفعت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانايهو إلى اتخاذ قرار بعرض صفقة تبادل الأسرى على الحكومة للمصادقة عليها، كتب المحلل العسكري لـ"يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أن الطريق العسكري المسدود لإطلاق سراح غلعاد شاليط، وموقف الشاباك والموساد، والمرونة التي أبدتها حركة حماس، وتوجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الأمم المتحدة، والتدخل التركي، والثورات في العالم العربي.. كل ذلك أدى إلى هذه النتيجة.
 
وأشارت الصحيفة إلى عقد 6 جولات مما أسمته "محادثات تقارب" في القاهرة منذ "الإشارة الأولى" في تموز/ يوليو الماضي، حين مكث المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية دافيد ميدان في غرفة، ورئيس الذراع العسكري لحركة حماس أحمد الجعبري في غرفة أخرى، يتوسطهما المصريون.
 
وكتبت أن حركة حماس قدمت الخميس الماضي عرضا لصفقة دفعت إسرائيل لاتخاذ قرار بالموافقة، وتم التوقيع الأولي على الصفقة يوم الأحد الماضي، حيث تقرر نهائيا أسماء الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم.
 
ولفتت الصحيفة إلى عدد من المسؤولين الإسرائيليين الذين كان لهم دور بارز وراء الكواليس، بينهم رئيس الشاباك الجديد يورام كوهين، يليه وزير الأمن إيهود باراك، ورئيس أركان الجيش بيني غنتس، ورئيس الموساد تمير باردو، الذين أيدوا الصفقة.
 
وأشارت إلى الجعبري من جهة حركة حماس كمن حصل على الضوء الأخضر من رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل. ومن الجانب المصري رئيس المخابرات مراد موافي بالتعاون مع الوسيط الألماني غيرهارد كونرد.
 
كما كتبت الصحيفة أن غنتس وكوهين أعلنا مؤخرا بشكل قاطع أنهما لا يستطيعان تقديم خطة عملانية عملية تتيح إطلاق سراح شاليط على قيد الحياة. كما علم أنهما مع تسلمهما لمنصبيهما أجريا فحصا مجددا وجذريا للإمكانيات العملانية لإطلاق سراح شاليط، وتوصلا إلى نتيجة مفادها أن الطريقة الوحيدة هي صفقة تبادل أسرى.
 
وأيد باراك من جهته هذه النتيجة بعد الوقوف على التفاصيل، وقدم توصية لرئيس الحكومة مفادها التمسك بما سبق وأن أكد عليه يتسحاك رابين، في حينه، أنه إذا لم تكن هناك إمكانية لعملية عسكرية لإطلاق سراح أسرى إسرائيليين، فإنه يجب القيام بذلك بواسطة صفقة تبادل أسرى، مهما كانت صعبة.
 
وبحسب "يديعوت أحرونوت" فقد لعب باراك دورا حاسما في إقناع نتانياهو بقبول الصفقة. وخلافا للسابق فقد أيد الصفقة رئيس الشاباك ورئيس الموساد.
 
ونقلت عن مصدر سياسي قوله إن يورام كوهين تعهد لرئيس الحكومة بأن يقوم الشاباك بمراقبة ما يقوم به الأسرى المحررون الذين سيتم إطلاق سراحهم إلى الضفة الغربية.
 
إلى ذلك، وبحسب شروط الصفقة، سيتم إطلاق سراح 450 أسيرا خلال أسبوع إلى مصر في المرحلة الأولى، وعندها تقوم حركة حماس بتسليم شاليط إلى السلطات المصرية ليعاد إلى إسرائيل، وبعد شهرين يتم إطلاق سراح 550 أسيرا بموجب قائمة وضعتها إسرائيل.
 
وكتبت الصحيفة أن أسماء الأسرى لم تنشر بعد، ولكن يبدو أن حركة حماس أبدت مرونة كبيرة. وأشارت إلى أنه حتى الجولة الأخيرة من الاتصالات رفضت حماس الموافقة على إبعاد عدد كبير من الأسرى من الضفة الغربية، إلا أنها وافقت في إطار الصفقة على إبعاد 203 أسرى، كما تنازلت عن إطلاق سراح القياديين وذوي المحكوميات العالية، مثل أحمد سعدات ومروان البرغوثي.
 
واعتبرت الصحيفة أن إسرائيل حققت إنجازا من جهة المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها الصفقة. حيث أشارت إلى أن الأسرى الذي يمكن أن يعيدوا بناء البنى التحتية لحركة حماس في الضفة الغربية لن يسمح لهم بالعودة إلى الضفة، وفقط 103 أسرى سيسمح لهم بالعودة إلى الضفة.
 
كما كتبت أن الوضع في العالم العربي دفع نتانياهو إلى الموافقة على الصفقة، وأن الأخير أدرك أن الوسيط الألماني قد اسنفذ طاقاته وأن مصير المفاوضات بيد السلطات العسكرية في مصر. وأشارت إلى أن إسرائيل تخشى من استبدال النظام الحالي بعد عدة شهور في مصر، والذي تجري معه حوارات بشكل متواصل، بادعاء أن الوسيط الألماني سيجد صعوبة في الوساطة وأن يكون تحت تأثير "الاخوان المسلمين"، علاوة على حاجة المجلس العسكري في مصر إلى إنجاز يعرضه على الساحة الدولية والعربية.
 
وتناولت الصحيفة أيضا ما يحصل في سورية، بادعاء أن النظام السوري أيد إنجاز الصفقة لتعزيز مكانته في الساحة الدولية، وأنه مارس ضغوطا على قيادة حماس في دمشق لإبداء مرونة في مواقفها.
 
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن هناك "شباك فرص" يجب استغلاله قبل أن ينغلق في ظل الثورات في العالم العربي.
 
واعتبرت "يديعوت أحرونوت" أن تغيير مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الفترة الأخيرة كان له تأثير على الصفقة. وأشارت إلى أن واشنطن كان تتخوف في السابق من أن صفقة تبادل الأسرى سترفع من أسهم حركة حماس، وتعرض مكانة عباس وسلطة فتح في الضفة الغربية للخطر. وفي أعقاب التوجه إلى الأمم المتحدة تعززت مكانة عباس.
 
وبحسب الصحيفة فإن حركة حماس تلقت ضوءا أخضر من داخل السجون بالموافقة على الصفقة وفقما يرى الجعبري ذلك مناسبا. وأنه من المرجح أن الجعبري ومشعل توصلا إلى نتيجة مفادها أن لا يمكن الحصول على إنجاز أكبر.
 
وفي سياق تناولها لمخاطر الصفقة، كتبت الصحيفة أن هناك مخاوف إسرائيلية من أن يقوم الأسرى المحررون بإعادة بناء ما أسمته "البنى التحتية" لحركة حماس في الضفة الغربية، خاصة في حال نشوب انتفاضة ثالثة.
 
وبحسبها فإن هذه المخاوف تلزم الشاباك والجيش باستعدادات أمنية في الضفة، الأمر الذي يتطلب قوى بشرية وموارد أكبر، كما سيضطر إسرائيل إلى تصليب مواقفها في إطار المفاوضات على الترتيبات الأمنية مع السلطة الفلسطينية.
 
وكتبت أيضا أنه على أبو مازن أن يقرر ما إذا كان ينوي التعاون مع إسرائيل في مراقبة الأسرى المحررين، خاصة في الوقت الذي يحاول التوصل فيه إلى مصالحة مع حركة حماس والاستعداد للانتخابات.

التعليقات