15/07/2015 - 15:54

الفلسطينيون في تركيا: مع "الكرتونة" وبدون حقوق

...تعرضت للضرب من الجندرما على الحدود، وكانت حواجز النظام حتى حلب قد أهانتني وسلبتني الكثير من المال، كذلك فعل الرجل الذي تولى نقلي عبر الحدود

الفلسطينيون في تركيا: مع

لاجئون فارون من سوريا إلى تركيا (أ ف ب)

ينفي مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق، أنور عبد الهادي، الأنباء عن اعتقالات تقوم بها قوات النظام بحق الفلسطينيين السوررين المتوجهين إلى شمال سوريا ومنها إلى تركيا، ويصف تلك الأنباء 'بالكاذبة والمفبركة' فيما تؤكد عائلات فلسطينية في دمشق واللاذقية أنها فقدت الاتصال مع أبنائها وهم في طريقهم باتجاه الشريط الحدودي السوري التركي.

بدووها تقوم الحكومة التركية بترحيل أبناء أسر فلسطينية سورية من أراضيها باتجاه سوريا بعد أن تلقي القبض عليهم وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا بحراً أو براً، فيما يعيش الفلسطيني السوري حياة صعبة في تركيا، البلد الوحيد الذي يرحب جزئياً بالفلسطيني على أرضه.

الطريق يزداد موتاً

وصل يوم أول من أمس الاثنين، محمد غ. (18 عاماً) إلى تركيا، بعد أن غادر دمشق قبل أكثر من 24 ساعة. دخل الأراضي التركية بيد مكسورة، وعظم وجه متضرر نتيجة لاعتداء تعرض له من عناصر حرس الحدود التركي.

يقول محمد 'تعرضت للضرب من الجندرما على الحدود، كانت حواجز النظام حتى حلب قد أهانتني وسلبتني الكثير من المال، كذلك فعل الرجل الذي تولى نقلي عبر الحدود'.

قبل أيام أعلن آل تميم'أنهم فقدوا الاتصال بابنهم البالغ 16 عاماً بالقرب من حاجز عسكري لقوات النظام يسمى حاجز الزهران في محيط اللاذقية. وكان الفتى برفقة عائلته في طريقهم نحو تركيا حين أنزلتهم القوات النظامية من الحافلة واعتقلتهم.

وسجلت حالات مماثلة بحق فلسطينيين سوريين من منطقة القطيفة القريبة من دمشق، حيث نُصب حادز لفرع المخابرات الجوية السورية.

واتتهم ناشطون فلسطينيون السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع النظام لمنع مغادرة الفلسطينيين البلاد، حفاظاً على حق العودة. وفيما ردت السلطة عبر ممثلها في دمشق بالنفي، أكد ناشطون لموقع عرب 48 أن قوات النظام تسمح للبعض بالمرور شمالاً في حال تقاضت مبالغ مالية، تصل إلى 100 دولار عن الشخص الواحد.

في هذه الأثناء تنشط شبكات التهريب التي تعمل في نقل البشر بين سوريا وتركيا، ويعمل فيها بعض من قوات النظام والمعارضة السورية، بمبالغ خيالية يدفعها الهاربون من الحرب في سوريا.

في أرض الشمال

أكمل الناشط الاغاثي معاذ محمود أكثر من عام حتى الآن في تركيا – مرسين، مثله مثل آلاف الفلسطينيين السوريين في تركيا، لا يحق له الحصول على إذن إقامة أو عمل في البلاد، وهو يلوم بشكل مباشر الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين التابعة للحكومة السورية المؤقتة والتي تتخذ من غازي عنتاب مركزاً لها.

يقول محمود إن 'الهيئة لا تقدم شيئاً لنا، ويواجه اللاجئ الفلسطيني صعوبة الحياة في تركيا، ولا يجد إلا العمل في المصانع التركية التي تستغله في دوام طويل يصل إلى اثنتي عشرة ساعة. العامل التركي يتقاضى أضعاف أجر العامل الفلسطيني أو السوري، وكذلك الأمر في تأمين السكن، حيث يتم استغلال اللاجئ بطلب سعر مرتفع مقابل منزل صغير'.

يذهب محمود إلى اتهام هئية اللاجئين بالتلاعب في توزيع المساعدات على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في المخيمات التركية. ويضيف إنني 'طردت الهيئة قبل أسابيع عدد من العائلات الفلسطينية إلى مخيمات اللجوء بعد أن كانت تتكفل بتأمين المساكن لهم في كلس في أقصى جنوب تركيا. وقد حدث ذلك لأسباب تافهة وغير منطقية وغير مقنعة'.

علق رئيس هيئة اللاجئين في الحكومة السورية المؤقتة، أيمن أبو هاشم، على حادثة كلس بالقول، إن الحكومة المؤقتة أفلست بشكل كامل في الأشهر الأخيرة، ولم تعد قادرة حتى على دفع رواتب موظفيها.

وقال: 'لم يعد هناك مال لدفع بدالات الإيجار التي كنا ندفعها في كلس، أخبرنا العائلات أن الحل الأفضل هو التوجه إلى المخيمات القريبة. هناك عائلات توجهت إلى المخيمات فعلاً، وهناك عائلات اعلنت إضراباً، ورفضت مغادرة المنازل، لكنها غادرت في النهاية'.

التزوير كحلّ

يدخل الفلسطيني السوري تركيا بطريقة غير شرعية، ولا يستطيع مغادرتها بعد ذلك إلا بشكل نهائي، بعد أن يدفع غرامات مالية عن الفترة التي قضاها في الأراضي التركية، لكن بعض الفلسطينيين وجدوا الحل في الحصول على جواز سفر سوري مزور بتلكفة تصل إلى 1500 دولار، إذ يحق للسوري مغاردة تركيا والعودة لها بشكل دوري.

يقول فايز غلايبة إنني 'حصلت على الجواز المزور بذات اسمي الحقيقي، وسافرت إلى أوروبا أكثر من ثلاث مرات، وكذلك إلى لبنان، كنت أخشى أن يكشف أمري في المطارات التركية، لكن الأمر تم. أنا سوري الآن، وهذا أفضل عملياً من الجواز الفلسطيني'.

بدوره حصل خالد ف، على جواز سفر فلسطيني. ويقول 'هو جواز سفر السلطة الفلسطينية لكن بلا رقم وطني، بموجبه هناك عدد من الدول في العالم من الممكن أن تستقبلني، بالنسبة لتركيا لا أستطيع المغادرة إلا بشكل نهائي، لكني مرتاح لحصولي على هذا الجواز'.

الكرتونة من جديد

يوثق الحقوقي أبو جهاد محمد وجود عشرات العائلات الفلسطينية السورية في الأراضي التركية، ويقول إن هذه العائلات هربت من الحرب في البلاد.

ويضيف: 'تمكنا من إحصاء أكثر من 1200 عائلة فلسطينية سورية تسكن اليوم في المدن التركية الرئيسية من أنقرة العاصمة وحتى كلس وماردين الحدوديتين، جميع هذه العائلات لا حق لها في العمل، وتعيش على مساعدات تقدمها جميعيات خيرية، تسمى بـ الكرتونة'، فيما تعيش أكثر من 140 عائلة في مخيمات اللاجئين، بحسبه.

تقدم الحكومة التركية للفلسطيني والسوري بطاقة خاصة تسمى بـ'الكملك'. ويقول عنها محمد 'هي فقط بطاقة تنقل ولجوء مؤقت وليس دائم، تبصم عليها ولا تحصل حتى على حق العمل في الأراضي التركية. الشباب يتعرضون للاستغلال في المعامل والمصانع لأنهم غير مسجلين رسمياً، تُؤكل حقوقهم المادية والصحية ويطردون تعسفيا'.

بحسب محمد، ينتظر الكثير من الفلسطينيين السوريين في تركيا، نهاية الأزمة كي يعودوا إلى مخيماتهم التي خرجوا منها، فيما وحدهم الشبان يحاولون الوصول إلى أوروبا بحراً او براً، قلة من يفكرون بالاستقرار في تركيا، فيما لا تتواجد أي مؤسسة دولية أو عربية أو فلسطينية لترعى شؤونهم وتحميهم قانونياً أو صحياً أو حتى إنسانياً.

التعليقات