تعالت ضحكات الجمهور العراقي عندما تظاهر مُهرّجان، أحدهما بدين والآخر رفيع، بمحاولة السير على حبل مشدود على الأرض.
ثم انطلقت مظاهر الفرحة وارتفع صوت التصفيق عندما قدمت مدربة حيوانات أوكرانية، رقصة شرقية قصيرة قبل أن تقدم عرضا مع حيوانات، من بينها الشمبانزي والكلاب والثعابين والقنفذ.
وجذب أوّل سيرك أجنبي في جنوب العراق منذ نحو عقود، الأنظار إليه في مدينة البصرة النفطية، وانتزع الضحكات من سكانها الذين يخشون إراقة الدماء والدموع.
ووفقا لرويترز، فإنّ مجيء سيرك "مونت كارلو" المتجول بمهرجيه ومقدمي العروض البهلوانية إلى البصرة، إشارة على تحسن الأمن في المدينة الواقعة جنوب العراق، والتي كانت العصابات والميليشيات تسيطر عليها في وقت من الأوقات عند نشوب أعمال العنف الطائفية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام .2003
وقال مهند عبد الوهاب، وهو مهندس يعمل في الحكومة، ويبلغ من العمر 50 عاما، وجاء مع ابنه وابنته لمتابعة السيرك: "هو شيء جديد، ونحن ننتظره منذ زمن، وقد استمتعنا به كثيرا ونتمنى أن يتكرر."
الهدوءُ النّسبيّ في البصرة جعلها مرشّحةً لاستضافة السّيرك
وبالمقارنة مع مناطق أخرى في العراق، ساد الهدوء النسبي الجنوب، وتتمثل التهديدات الرئيسية في جنوب العراق بزرع ميليشيات قنابل على جوانب الطرق، تستهدف 50 ألف جندي أمريكي لا زالوا في العراق قبل الانسحاب الكامل المقرر في نهاية 2011 .
ولم يكن الهدوء هو سيد الموقف دائما في البصرة، والواقعة على بعد 420 كيلومترا جنوب شرقي بغداد، فقد شهدت المدينة معارك ضارية في 2008، عندما أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الجيش العراقي باستعادة السيطرة عليها من الميليشيات الشيعية وما تصفه رويترز بـ "العصابات الإجرامية".
وقال سهيل عبيد اللبناني، والذي يملك سيرك مونت كارلو: "كان اسم العراق يخيف الفنانين"، وأوضح أنه قد أقنع أفراد سيركه بتقديم عروضهم في مدينة أربيل التي تتمتع بالحكم الذاتي في منطقة كردستان العراق، والتي كانت تحظى بالأمن والاستقرار عندما سقطت بقية أنحاء العراق في الفوضى، ثم تمت دعوة السيرك للمجيء إلى البصرة.
وأضاف عبيد: "في البداية كانت الفكرة صعبة جدا، ولكن بعد حديث طويل، تمكنا من إقناعهم (الفنانون) من أن الوضع في البصرة آمن. كانوا خائفين من الوضع الأمني، وكانوا يتصورون أنهم سيخطفون في البصرة."
وبعد أيام قليلة من مجيئهم إلى المدينة، بدأ قلق لاعبي السيرك الذين يصل عددهم إلى 32 ينحسر، وبدأوا في التجول في أسواق وشوارع البصرة، وهم من عدة جنسيات، فمن وبينهم إسبان، وكينيون، وإيطاليون، ونمساويون، وألمان، وروس، وأوكرانيون.
أوّل سيرك أجنبي في البصرة منذ السّبعينات
وقال بعض المواطنين العراقيين من سكان البصرة إنهم يعتقدون أن مدينتهم لم تستضف سيركًا أجنبيا منذ السبعينات من القرن الماضي، وقال أحمد الحسني، نائب محافظ البصرة، إنه يعتقد أن أربعين عاما مضت على مجيء سيرك أجنبي للمدينة.
ويتوقع أن يظل سيرك "مونت كارلو" في البصرة لمدة 40 يوما، وتتراوح أسعار تذاكر فقرة السيرك التي تمتد ساعتين، بين عشرة دولارات و15 دولارا.
وقال فارس شريف، وهو تاجر من مدينة الناصرية الواقعة إلى الشمال الغربي، والذي جاء إلى البصرة للتجارة، إنه أرجأ مغادرته يوما آخر بعدما علم بوجود سيرك في المدينة.
وقال: "كنت أتمنى أن أرى سيركا في الواقع، ولم أكن أتوقع أن أراه، وأريد أن يشاهده الأطفال والنساء في الناصرية، أنا أحسد البصرة على ما رأيته اليوم ."
التعليقات