09/02/2011 - 09:38

عن هوية ثوار 25 يناير..

شباب ملّوا لغة الخطابات الخشبية ومجلدات الأحزاب الرثة. انتفضوا ورموا جانباً ما ورثوه من انكسارات أجيال سبقتهم. إذاً، الثورة المصريّة شبابية بامتياز

عن هوية ثوار 25 يناير..

من هم قادة الثورة الحقيقيون في مصر حالياً؟ كثر يجهلونهم. شباب لا تتخطى أعمارهم الـ 30عاماً، تلقوا تعليماً عالي المستوى سواء داخل مصر أو خارجها، ما يعني أنهم من الطبقات المتوسطة أو الميسورة في مصر.

شباب ملّوا لغة الخطابات الخشبية ومجلدات الأحزاب الرثة. انتفضوا ورموا جانباً ما ورثوه من انكسارات أجيال سبقتهم. إذاً، الثورة المصريّة شبابية بامتياز، وإن التحق بركبها أحزاب وشخصيات سياسية مختلفة، إذ لم تأت الثورة في البدء بأجندة سياسية مطلبية لأحزاب معيّنة، بل أكملت هذه الأخيرة ما بدأته حركات الشباب المصريّة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت من: 6 أبريل، كفاية، كلنا خالد سعيد، حزب الغد، وغيرها.

أحمد ماهر

يرفض أحمد ماهر أن تسبغ عليه صفة البطل. إنه «مواطن مصري يؤمن بقدرة الشباب على الخروج بالوطن من أزمته والوصول به لمستقبل ديموقراطى يتجاوز حالة انسداد الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقف عندها». هو لم يأت من خلفية سياسية على الرغم من ولعه بالسياسة واهتمامه بها، وهذا الاهتمام بالذات هو الذي دفعه وما يزال إلى معارضة سياسات «الحزب الوطني» الحاكم وإلى فضح فساده وجرائمه.

يخبر مؤسس «حركة 6 أبريل» الشبابية ومنسقها العام في حديث لـ«السفير» تجربته مع الحركة التي انطلقت في نيسان العام 2008، تضامناً مع إضرابات العمال في منطقة المحلة الكبرى. هذه الحركة التي تحجز لنفسها اليوم موقعاً لا يستهان به في قيادة الثورة المصرية.

ماهر، المولود في العام 1980، تخرّج من كلية الهندسة في جامعة القاهرة في العام 2004، ويعمل حالياً في مكتب استشاري في مجال الهندسة. تجربته النضاليّة الأولى بدأت، بعد سنة من تخرّجه، مع حركة «شباب من أجل التغيير» التي شارك معها في العديد من التظاهرات المطلبيّة. وفي إحدى هذه التظاهرات التي كانت تنظمها الحركة أمام معسكر للأمن المركزي، تعرّض أحمد للاعتقال للمرّة الأولى. لم تكن فترة اعتقاله طويلة، إلا أنها تركت أثراً بالغاً عليه وكانت بمثابة جرعة من الإصرار على متابعة «مشوار التغيير» كما يسمّيه.

في بداية العام 2006، كان ماهر ما يزال ملتحقاً بصفوف الحركة، عندما تعرّض مرة أخرى للاعتقال خلال تظاهرة أمام مبنى القضاة. ودامت فترة اعتقاله هذه المرّة شهراً كاملا.

في العام ذاته، قرّر أن يترك حركة "الشباب من أجل التغيير" ليصبح مستقلاً عن كل الحركات السياسية «بعد أن فقد الأمل فيها جميعاً، وليس وراءه أحد، ولا يدعمه أحد لا بشكل مادي ولا معنوي» على حد قوله.

بدأت فكرة تأسيس «حركة 6 أبريل» لدى أحمد فور تلقيه رسالة دعوة للمشاركة في إضراب «6 أبريل» المعروف مع عمّال المحلّة، فقام على الفور بإرسال الدعوة إلى جميع أصدقائه، ليبدأ لاحقاً بالتحضير لإضراب عام من خلال طرح الفكرة على «الفيسبوك» للنقاش، ثم إضافة صور عديدة لتظاهرات وإضرابات سابقة.

بعد سلسلة من النقاشات باتت الحركة ناشطة جداً، وسرعان ما نمت لتضمّ أكثر من 70 ألف منتسب. وقد عرف أحمد بدوره الجوهري في استقطاب العدد الأكبر من المنضمّين إلى الحركة من خلال إرساله يومياً لعدد ضخم من الرسائل، الأمر الذي دفع إدارة «فيسبوك» إلى إيقاف حسابه لفترة ظناً منها أنه "سبامر".

تلخّص دوره في بداية التأسيس في حذف العبارات غير اللائقة والشتائم عن موقع الحركة في مواجهة المحاولات الحثيثة التي قام بها بعض أعضاء مجموعة نجل الرئيس المصري جمال مبارك و«الحزب الوطني» الحاكم الذين "حاولوا أن يدخلوا إلى موقع الحركة ويضعوا صوراً مخلّة لتشويه التجربة وتشتيت الناس".

وبعد أن حاولت مجموعة مبارك الاشتباك مع الأعضاء وإشاعة حالة من الإحباط، قرّر أحمد تمديد دوام عمل الأعضاء في موقع الحركة ليصبح 24 ساعة بنظام الورديات حتى لا يستغل أحد فرصة غيابهم للترويج لأفكار مغرضة.

في وقت لاحق، نقل أحمد دوره في الحركة من العمل «التدويني» البحت، إلى العمل «الميداني»، وتجسّد هذا الانتقال على محورين أساسيين "التحرك في الشارع ومحاولة نشر أفكار الحركة لدى الناس من جهة والتنسيق مع الأحزاب والقوى السياسية المعارضة من جهة أخرى".

لا يرحّب مؤسس "حركة 6 أبريل" بأن تسمى الحركة حزباً «فما فعلناه وصلنا إليه بقناعة أن الأحزاب المصرية ماتت وصعدت روحها إلى بارئها، وما تبقى منها تفرّغ لعقد الصفقات الحقيرة مع الحكومة من أجل مكاسب أحقر، أما الصحيح فهو أننا استطعنا أن نثبت أن هناك في مصر شباباً لا يزال قادراً على العمل والدعوة إلى التغيير وتقديم حلول حقيقية للمشاكل التي تعتصرنا وبشدة".

وتلخصت أهداف الحركة عند تأسيسها بأربعة مطالب أساسية: بناء رأي عام مؤيد للتغيير السلمي الديموقراطي، وبناء قوى شبابية فاعلة تسهم في تحقيق التغيير المنشود، وتحويل الشباب من شباب سلبي غير مهتم بقضايا بلده لشباب إيجابي يشارك في المعركة من أجل التحوّل نحو الديموقراطيّة.

"لم ترق هذه المطالب، التي بدا أننا قد نجحنا نسبيّاً في تعبئة الشباب من أجلها، لنظام مبارك فضغطوا علينا بسلسلة من حملات الاعتقالات والتعذيب والطرد من أشغالنا، إلا أننا صمدنا" يقول أحمد.

وتجلّى صمود «حركة 6 أبريل» وشبابها في أحسن صوره في «ثورة 25 يناير». يتحدّث أحمد عن ذلك اليوم «لم أكن أعلم في صبيحة يوم 25 يناير أنه سيكون يوماً مفصلياً في حياتي وحياة الشعب المصري. كنا قد استعدينا انا والشباب ليوم حافل من المواجهة مع عناصر الأمن في التظاهرة التي دُعينا لها، كما كل عام، لمناسبة عيد الشرطة». ويضيف "بعد الثورة في تونس والإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أصبحنا قادرين على تسويق فكرة التغيير في مصر. ووجدنا أن شباباً لم يكونوا مهتمين بالسياسة باتوا يتابعون ما يجري ويشحذون الهمة من أجل التغيير".

وعن رؤيته للمخرج الحالي للثورة، لا سيّما بعد اتهامها بأنها بدأت بالذبول، يجيب أحمد، بحماسة تميّزه أثناء الكلام، بأن "هناك خطوات تصعيدية باتت جاهزة، ونعمل على التحضير لها، كما ان هناك خطوات قيد الدرس. إلا ان المؤكد أن الثورة ودماء الشهداء لن يذهبا سدى، كذلك لن نسمح بحدّنا (حصرنا) في ميدان التحرير وتشويه ثورتنا بزجّها في إطار اعتصام مطلبي معيشي فقط".

أما عن شكل الحكم المطروح كما يراه، فيقول "علينا في البداية التخلص من النظام الحالي بالكامل وعدم الدخول في لعبة المساومات. المطروح الآن هو فكرة تأسيس مجلس رئاسي قد يضمّ عسكريين، بالإضافة إلى الأدوات السياسية كافة. أي تأسيس ما يشبه الجمهورية البرلمانيّة".

وفي معرض كلامه عما يُشاع من تخوّف يثيره وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم، يرد أحمد «لا يجوز أن ننسب الفضل في الثورة إلى الإخوان المسلمين. كما لا يجوز الانتقاص من حجم دورهم. هم موجودون على الساحة، ووجودهم شيء طبيعي. أنا لا أرفضه». هذا ويدعم احمد فكرة حصولهم على مقاعد في البرلمان، أما في حال استلم «الإخوان» الحكم فهو يكون مع محاكاة نموذج الدولة التركية حيث "يستلم إسلاميون الحكم في ظل وجود دستور يمنعهم من تحويل الدولة إلى جمهورية إسلاميّة".

وحول ما أشيع عن دعمه لوصول محمد البرادعي إلى الحكم فيعلّق أحمد "صحيح أنه (البرادعي) رمز من رموز التغيير وهو أحد الرموز المطروحة التي تثير حماسة الشباب، إلا أن الموضوع بات أكبر منا ومن البرادعي نفسه. إنها مصر تولد من جديد والأيام المقبلة ستكون الحَكَم".
 

التعليقات