23/06/2011 - 16:19

"قصر الرمل": نموذج غزيّ لتحدّي الحصار الاسرائيلي

في منزل الفلسطيني هاشم الفرا، في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، المشيد من الرمل، تشاهد لوحة فنية تمزج بين التراث المعماري الفلسطيني القديم، وحداثة العمران المعاصر المتحدي في الوقت نفسه للحصار الاسرائيلي على غزة.

 

في منزل الفلسطيني هاشم الفرا، في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، المشيد من الرمل، تشاهد لوحة فنية تمزج بين التراث المعماري الفلسطيني القديم، وحداثة العمران المعاصر المتحدي في الوقت نفسه للحصار الاسرائيلي على غزة.

المنزل الذي يقول عنه الغزيون إنه قصر يتوسط ساحة خضراء زرعت بالنجيل، وحولها مجموعة من الورد والزهور، وعلى يمينه مسبح للأطفال، شُكل بطريقة هندسية تحاكي البيوت الفلسطينية الأثرية، ويشمل عددا من الغرف، والصالونات، والمرفقات الخاصة، ومجهز من الداخل بكل الأدوات الحديثة.

وفي غزة التي تعيش حصارا اسرائيليا منذ أكثر من أربع سنوات، ومُنعت عنها مواد البناء، اضطر أهلها لجلب مواد البناء من الأنفاق الحدودية، لكن ثمنها مرتفع وليست بالجودة المطلوبة كما يرى البعض، غير أن ذلك لم يحد من عزيمتهم، فقد بنوا منازل طينية أيضا.

تحدّ للحصار الاسرائيليّ

وقال هاشم الفرا، صاحب المنزل، الذي يرى في تشييده تحديا للحصار الاسرائيلي، إنه كان يرغب في بناء منزل من الإسمنت على قطعة من الأرض يمتلكها، لكن غلاء الأسعار، وقلة مواد البناء قبل أشهر، جعلته يستشير مهندسين أشاروا عليه ببناء المنزل باستخدام أكياس من الرمل.

وأوضح الفرا أن اقتراح المهندسين أعجبه، وقرر تنفيذ المخطط الذي استغرق أربعة أشهر، بلغت تكاليف بنائه من الرمل مائة ألف دولار، مشيرا إلى أن العملية تمت على مراحل، بدأت بتجهيز الأكياس الصالحة للاستخدام.

وأضاف الفرا: "بعد انتهاء المرحلة الأولى، وضعنا حزاما من الإسمنت على محيط المنزل، حتى نضع غطاء (سقفا) من القرميد والأخشاب، لمنحه منظرًا في غاية الجمال"، منبها إلى أنهم كانوا ينوون بناء الغطاء بشكل قباب رملية، أقل تكلفة من الخشب والقرميد، ولكنهم لم يتمكنوا بسبب وجود خطورة، إلى جانب عدم وجود أياد عاملة متمكنة من فن القباب الرملية.

من أكياس الرمل

وعبر الفرا عن فخره بأنه أول فلسطيني يخوض تجربة بناء منزله من أكياس الرمل، وتمكن من إتمام البناء بنجاح، وقال: "الناس من حولي كانوا يعتقدون أني لن أتمكن من إتمام بنائه، ولكنهم أصبحوا يزورونني ويقضون وقتًا ممتعا فيه"، مؤكدًا أن الفكرة لاقت قبولاً في الشارع الفلسطيني.

من ناحيته، يقول المهندس المعماري، محمد صبري الفرا، إنهم بحثوا في البداية عن أبسط الأكياس لوضع الرمل بداخلها، ووجدوا أن أشهرها في غزة أكياس السكر والأرز، فتوجهوا للمصانع التي تصنعها، وبعد مشاورات توصلوا لكيس يصلح للبناء، لا يخرج منه الرمل، ومتماسك إلى حد ما.

وبين المشرف على تصميم المنزل، أن الفكرة فريدة من نوعها "ولا سيما أن المهندس يقوم برسم المسقط المعماري مباشرة على الأرض، بالحفر في الرمل، وتحديد مكان المطبخ، والغرف، والصالونات، والمرافق"، موضحا أنه يتم التعامل مع كل غرفة على حدة، بخلاف المساقط المعمارية الطبيعية.

وعن العمر الافتراضي للمنزل، قال المهندس الغزي، إنه يقارب العمر الافتراضي للمباني الطينية القديمة، "ونحن نطلق عليها مباني نبت البيئة"، والرمل والطين لا يوجد لها عمر محدد، لكنها تحتاج بشكل دوري لصيانة للمحافظة على رونقها وجمالها وصلابتها.

واعتبر محمد أن هذا "القصر" نموذج نوعي للشعب الفلسطيني، وقال إن العالم كله بدأ في الفترة الأخيرة يتوجه إلى البناء الحديث الذي أخرج الإنسان من بيئته الطبيعية، وقد طبق هذا التوجه في عدة دول في العالم.

التعليقات