23/08/2011 - 10:16

1969: نص البيان الأول للقذاقي

نص البيان الأول الذي اذاعه الملازم اول معمر القذافي من بنغازي في الأول من أيلول العام 1969، معلنا نجاح الثورة ضد النظام الملكي

1969: نص البيان الأول للقذاقي

القذافي وكاسترو

قبل اثنين وأربعين عاماً، استفاق العالم العربي عموماً وليبيا خصوصاً على مشهد سقوط النظام الليبي واستيلاء مجموعة من الضباط الشبان على السلطة. كانوا ضباطاً مدفوعين بالأحلام الناصرية وبشعارات «صوت العرب» الشاهقة عن الوحدة والتخلص من القواعد الأجنبية والاستبسال في سبيل خدمة المعركة القومية. لم تستمر القيادة الجماعية، بطبيعة الحال، بعد انتصار «ثورة الفاتح»، فالقائد أصبح «واحدا أحدا» اسمه معمر القذافي، صاحب المبادرة الأولى في تشكيل تنظيم الضباط الوحدويين الأحرار. ولم تستطع سبحة «الأحرار» الصمود بعد نجاح الثورة، فالقذافي تنكّر لمبادئ هذه الأخيرة، ما دفع بكثير من «رفاق النضال» إلى التخلي عنه. وإن كانت السبحة خسرت أولى حباتها بعد سنوات قليلة، إلا ان الضربات الموجعة تلقاها القذافي خلال ثورة «17 فبراير» الحالية، على شكل انشقاقات «رفيعة المستوى». وباختصار، لقد أثبتت خريطة الانشقاقات الزمنيّة تلك أن القذافي ظهر في البداية بصورة البطل «الشديد التأدب الذي يكره البهرجة ويلقي التحية بسؤال أتحب عبد الناصر» (حسب رفاقه) لضرورات عملية، سرعان ما نزعها عنه. 

في التالي بعض الأسماء التي برزت إلى جانب القذافي أثناء التحضير للانقلاب وبعده: 
عبد السلام جلود: كان عبد السلام من الرجال الأربعة الذين شاركوا في الاجتماع الأول الذي عقده القذافي في الكلية العسكرية في العام 1963، من أجل مناقشة إمكانية ولادة تنظيم «الضباط الوحدويين الأحرار». وأصبح جلود بعد نجاح الانقلاب الرجل الثاني في النظام، حيث استلم منصب نائب رئيس مجلس قــيادة الثورة. وتولى العديد من المناصب الرسمية، كان أبــرزها رئاســة الوزراء من العام 1972 إلى العام 1977. بقي جلود من المحيطين بالقــذافي الذين يطلــق عليهم رجال الخيمة حتى أوائل التسعينيات، حيث غضب منه الأخير واستبعده بعد خلافات حادة أبقته قيد الإقامة الجبرية لأعوام عدة. 

مع بداية ثورة «17 فبراير» الحالية، استدعى القذافي جلود وطلب منه التوجه نحو بنغازي لتهدئة الوضع، إلا أن الأخير رفض بعد اعتراضه على المجازر التي ترتكبها قوات الجيش مدعومة من المرتزقة، حتى أعلن انشقاقه عن القذافي نهائياً يوم السبت الماضي. 

عبد المنعم الهوني: هو الرجل الأول الذي فاتحه القذافي بنيته تأسيس التنظيم في العام 1963، وكان من بين الرجال الأربعة الذين حضروا الاجتماع. لعب الهوني دوراً بارزاً في قيادة ثورة الفاتح، ثم أصبح عضو مجلس قيادة الثورة الليبية ووزير الخارجية آنذاك. وفي العام 1975، انشق الهوني عن النظام الليبي وطلب اللجوء إلى مصر، وذلك بعد اعتراضه على الأسلوب الذي يدير به القذافي البلاد. 

أبو بكر يونس: كان الرجل الرابع الذي حضر الاجتماع التأسيسي. وتولى بعد نجاح الانقلاب «أمانة اللجنة العامة المؤقتة للدفاع» في ليبيا. 
وبعد ذلك الاجتماع الرباعي الذي ضمّ ما وصف بنواة حركة الضباط، انضم شخص خامس إلى الحركة هو سالم البوصير. وهكذا استمر العمل حتى العام 1965، حيث أبصرت اللجنة المركزية للضباط الوحدويين الأحرار النور. وأصر القذافي حينها على ان تكون اللجنة مكونة من 12 ضابطاً هم إلى الخمسة السابق ذكرهم، عمر المحيشي، بشير هوادي، الخويلدي الحميدي، مختار القروي، محمد المقريف، عوض حمزة ومحمد نجم. 
عبد الفتاح يونس: كان ليونس دور بارز في قيادة الانقلاب حيث تولّى مهمة اقتحام «محطة إذاعة بنغازي» الرئيسية. أسندت إليه بعد ذلك مهمات عسكرية وسياسية مختلفة، إلا أن أهمها كان تأسيس «القوات الخاصة الليبية» التي استلم قيادتها في بنغازي لمدة 42 عاما. كما أُُسندت إلى يونس وزارة الداخلية التي ظلّ فيها حتى أعلن في 22 شباط الماضي استقالته منها ومن جميع مناصبه، وانضمامه إلى ثورة «17 فبراير». وبرغم قيادته قوات الثوار في المواجهة مع القذافي، فقد قامت عناصر تابعة للثوار باغتياله في 28 تموز الماضي. 

خليفة حفتر: بقي عضواً في مجلس قيادة «ثورة الفاتح» لفترة طويلة، لكنه اختلف مع القذافي وغادر ليبيا إلى الولايات المتحدة وبقــي فيها لمدة عشرين عاماً، قبل أن يقرّر العودة إثر انــدلاع ثورة «17 فبراير» لينضم إلى جيش التحرير الوطني. قاد حفتر الحرب التي دارت بين ليبيا وتشاد، وكان ضمن مئات الضباط الليبيين الذين أسروا خلال إحدى المعارك العسكرية في العام 1987. وداخل سجنه، بدأ حفتر بقيادة مساع مع رفاقه العسكريين ضد القذافي. وقد توجت تلك المساعي في العام 1987 بالانخراط في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة للنظام الليبي، ثم تأسيس وقيادة الجيش الوطني الليبي. 


نص البيان الأول الذي اذاعه الملازم اول معمر القذافي من بنغازي في الأول من أيلول العام 1969، معلنا نجاح الثورة ضد النظام الملكي: 

«أيها الشعب الليبي العظيم.. 
تنفيذا لإرادتك الحرة وتحقيقا لأمانيك الغالية، واستجابة صادقة لندائك المتكرر الذي يطالب بالتغيير والتطهير، ويحث على العمل والمبادرة، ويحرض على الثورة والانقضاض، قامت قواتك المسلحة بالإطاحة بالنظام الرجعي المتخلف المتعفن الذي أزكمت رائحته النتنة الأنوف، واقشعرت من رؤية معالمه الأبدان، وبضربة واحدة من جيشك البطل تهاوت الأصنام وتحطمت الأوثان، فانقشع في لحظة واحدة من لحظات القدر الرهيبة ظلام العصور، من حكم الأتراك إلى جور الطليان الى عهد الرجعية والرشوة والوساطة والمحسوبية والخيانة والغدر. وهكذا منذ الآن، تعتبر ليبيا جمهورية حرة ذات سيادة تحت اسم «الجمهورية العربية الليبية»، صاعدة بعون الله إلى العمل، إلى العلا، سائرة في طريق الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية، كافلة لأبنائها حق المساواة، فاتحة أمامهم أبواب العمل الشريف، لا مهضوم ولا مغبون ولا مظلوم ولا سيد ولا مسود، بل إخوة أحرار في ظل مجتمع ترفرف عليه إن شاء الله راية الرخاء والمساواة. فهاتوا أيديكم، وافتحوا قلوبكم، وانسوا أحقادكم وقفوا صفا واحدا ضد عدو الامة العربية عدو الإسلام عدو الإنسانية، الذي أحرق مقدساتنا وحطم شرفنا، وهكذا سنبني مجدا ونحيي تراثا ونثأر لكرامة جرحت وحق اغتصب. يا من شهدتم لعمر المختار جهادا مقدسا من أجل ليبيا والعروبة والإسلام، ويا من قاتلتم مع أحمد الشريف قتالا حقا، يا أبناء البادية، يا أبناء الصحراء يا أبناء المدن العريقة، يا أبناء الارياف الطاهرة، يا أبناء القرى، قرانا الجميلة الحبيبة، ها قد دقت ساعة العمل، فإلى الأمام، وإنه يسرنا في هذه اللحظة أن نطمئن إخواننا الأجانب بأن ممتلكاتهم وأرواحهم سوف تكون في حماية القوات المسلحة، وأن هذا العمل غير موجه ضد أي دولة أجنبية أو معاهدات دولية أو قانون دولي معترف به وإنما هو عمل داخلي بحت يخص ليبيا ومشاكلها المزمنة. 
إلى الأمام والسلام عليكم ورحمة الله».

التعليقات