16/10/2011 - 11:46

تذكار من اليمن../ بسام الهلسه

إذا كان يمانيو العصر الوسيط ــ نسل "يعرب بن قحطان"، جد العرب العاربة، حسبما يروي النَّسَّابةُ والإخباريون العرب ــــ قد قاموا بأول "تحرير وطني" في الجزيرة العربية، عندما دحروا الاحتلال الحبشي واستردوا الاستقلال في القرن السادس للميلاد، فإن أحفادهم المعاصرين قد حققوا أول انتصار عربي غداة هزيمة حزيران ـــ يونيوـــ 1967، بانجازهم استقلال الشطر الجنوبي من اليمن وطرد الاحتلال البريطاني في الثلاثين من تشرين الثاني ـــ نوفمبرـــ1967م

تذكار من اليمن../ بسام الهلسه

(ثورة 14 أكتوبر 1963 في جنوب اليمن)

 

إذا كان يمانيو العصر الوسيط ــ نسل "يعرب بن قحطان"، جد العرب العاربة، حسبما يروي النَّسَّابةُ والإخباريون العرب ــــ قد قاموا بأول "تحرير وطني" في الجزيرة العربية، عندما دحروا الاحتلال الحبشي واستردوا الاستقلال في القرن السادس للميلاد، فإن أحفادهم المعاصرين قد حققوا أول انتصار عربي غداة هزيمة حزيران ـــ يونيوـــ 1967، بانجازهم استقلال الشطر الجنوبي من اليمن وطرد الاحتلال البريطاني في الثلاثين من تشرين الثاني ـــ نوفمبرـــ1967م.

 

          وإذا كان النصر اليماني الأول بقيادة "سيف بن ذي يزن" قد أحدث أثره في القبائل العربية، فتجاوبت معه بإرسال وفودها المهنئة، في علامة تشير إلى بواكير وعي قومي، حسبما رأى مثقف ومفكر لامع في أواخر القرن التاسع عشر: "فريدريك إنجلز" في إحدى رسائله، فإن النصر اليماني الثاني قد أنهى ثاني أطول احتلال لأرض عربية (بعد الاحتلال الفرنسي للجزائر)، وأزال أكبر قاعدة عسكرية بريطانية في الشرق الأوسط، بعد خسارتها لقاعدتها الرئيسة في قناة السويس إثر فشل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.

 

*    *    *

         

جاء النصر ثمرة لحرب التحرير الشعبية الوطنية التي خاضها اليمانيون بقيادة "الجبهة القومية"، الأداة العسكرية التي انشأها فرع "حركة القوميين العرب" في اليمن، بعدما أطلقت ثورة 26 سبتمبر-أيلول-1962م في الشطر الشمالي ضد حكم أسرة "حميد الدين" الذي امتد قرابة ألف سنة، قوى الشعب اليمني الحبيسة، ووفرت "القاعدة الارتكازية" لأحرار اليمن، فباشروا الكفاح المسلح انطلاقاً من جبال "ردفان" في منطقة "لحج" في الرابع عشر من تشرين أول ـــ اكتوبرـــ عام 1963م، لينهوا في غضون أربع سنوات فقط، الاحتلال الذي جثم على أرضهم طوال 128 عاماً.

 

*    *    *

         

ففي العام (1839م) احتلت بريطانيا عــدن، لتأمين سلامة خطوطها البحرية من وإلى الهند، فجعلتها مركزاً للتموين البحري، ازدادت أهميته بعد اكتشاف النفط في الخليج، وازدادت أكثر بعدما فقدت بريطانيا قناة السويس، فجعلتها قاعدة عسكرية كبرى.

 

ولتوطيد وإدامة سيطرتها، عززت الانقسام الداخلي بين أمراء وسلاطين وشيوخ مناطق وقبائل الجنوب الذين تجاوز عدد كياناتهم العشرين إمارة وسلطنة ومشيخة.

 

وأمام المد الوطني والقومي التحرري الوحدوي الذي تأجج في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حاولت بريطانيا قطع الطريق بإقامة اتحاد شكلي اسمته "اتحاد الجنوب العربي"، وهو ما جوبه برفض أحرار اليمن الذين كانوا يتوقون لتحرر ووحدة حقيقيين، وهما الهدفان اللذان أنجزتهما الثورة في نوفمبرـــ تشرين الثاني ـــ1967، لتشرع من بعد في تحقيق الهدف الأصعب المتمثل في بناء دولة عصرية حديثة عادلة على أنقاض الاحتلال والسلطنات والمشيخات العديدة المتخلفة.

         

وما زال هذا الهدف العزيز هو ما يسعى رجال ونساء اليمن، حملةُ رايات ومبادئ ثورتي سبتمبر واكتوبر وعموم أبنائها الخيِّرين لتوطيده، خصوصاً بعدما انهوا عهد "التشطير" بتوحيد شطري اليمن عام 1990م.

 

          وإذ نهنئ أهلنا اليمنيين على ما حققوه من إنجازات كبيرة بكل المعاني، في حياة جيل واحد فقط (التحرر والوحدة)، ونستذكر الدور المهم والمتميز الذي نهض به اليمانيون في التاريخ العربي والإسلامي، فإننا نشاركهم الشوق إلى اليوم الذي تحقق فيه اليمن ما يؤهلها لاسترداد اللقب الذي استحقته قديماً بجدارة منجزات حضارات أسلافها ("مَعِيْن" و"سَبَأ" و"حِمْيَر"):

"بلاد العرب السعيدة".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كُتبت هذه المقالة تكريماً لذكرى ثورة 14 اُكتوبرـــ تشرين الأول ـــ الوطنية التحررية في الجنوب العربي.

التعليقات